أولا لا بد من أن نسجل هنا نقطة إكبار لهذا الإحساس والوفاء الزوجي!.. ولا شك أن هذه من بركات الإسلام الذي يربي أتباعه على المحبة والألفة والوفاء، حتى أن ذلك يمتد أثره للمراحل الأخرى من الحياة بما يشمل البرزخ أيضا.. ومن الواضح أن هذه الروحية في التعامل نفتقدها في الاتجاهات المادية، التي ترى انقطاع الحياة مطلقا بانتهاء هذه الأيام القصيرة.
وأما بالنسبة إلى ما تعيشينه من المشاعر، فإنني أدعوكم إلى التوسط في مجمل حركة الحياة، فإن الإفراط والتفريط كلاهما طرفان مجانبان للحكمة في السلوك العملي والشعورى.. إنا لا ندعو إلى عدم الحزن على فقد الزوج، بل إن هذه الحركة حركة مأجورة عند الله تعالى، فإن المؤمن وجود عاطفي كما هو واضح.. ولكن لا بد من صب هذه الحركة العاطفية في قالب منطقي، فمن ناحية لا بد من الاعتبار بالموت، وكيف أن الإنسان سيفارق حبيبه يوما ما، وهذا بدورة مدعاة إلى التعلق القلبي بالحي الذي لا يموت..
ومن ناحية أخرى فإننا نعتقد أن إهداء الأعمال الصالحة للميت، مما سيصل إليه قطعا لو قام بها العبد بشرائطها، فإن الله تعالى لا يضيع عمل عامل من ذكر أو أنثى، وسواء كان العمل يراد به النفس أو الغير، فإن شرف العمل عند الله تعالى، يلازم وصول آثاره إلى العبد حيا كان أو ميتا.. ومن أفضل ما يسعد الميت في حياته البرزخية، هو القيام بصدقة جارية له من: بناء مسجد، أو طبع كتاب نافع، أو ما شابه ذلك.
وأخيرا: ننصحكم بالابتعاد عن بعض الممارسات التي لم يرد بها أمر شرعي في زيارة الموتى.. وإن كنا نعتقد أنه لو ارتكب الحي خطأ في هذا المجال، فلا معنى للقول أن الميت يعذب بخطأ الحي، عملا بقاعدة: ﴿وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى﴾.