يختلفُ النَّاسُ في كثيرٍ من الأمور، واختلاف الناس في الرأي سجيَّةٌ لا تُنكر، وتفاوتهم في القناعات غير مستغرب، وبعضهم يحاول جاهداً أن يُقنع الآخر برأيه، سواءً كانت هذه المحاولة عن حبٍّ للحقيقة، أم عشقٍ للغلبة، وليس هذا ولا ذاك من وكد المحاور، فليس عليه إقناع الآخر، بل عليه التبليغ فقط "فإنَّما عليك البلاغ المبين".
وليس مجرَّد البلاغ كافياً في حدِّ نفسه، بل يجب أن يكون مبيناً إلى حدٍّ يوجب إلقاء الحجَّة على الآخر، فالبيان غير الواضح، أو الواضح ولكن ليس إلى الدرجة التي يكون فيها حجَّةً على الآخر غير مراد.
أما الإقناع فليس من وظيفة المرء؛ ولو كان وظيفةً للمرء لكان الأنبياءُ – عليهم السلام - مقصرين في وظائفهم، فكم من نبيٍّ ما آمن معه غير قليل، وحاشاهم من التقصير؛ لذا ينبغي عدم الإلحاح كثيراً في إقناع الآخر "ليس عليك هداهم" ، اقتنع المقابل كان ذلك خيراً، لم يقتنع هو من يتحمل وزر عدمه، هذا كلُّه على فرض كون قناعتك مطابقةً للواقع، مرضيَّةً عند الله تعالى.