أفلام كارتون: لماذا يتقمّص أطفالنا أدواراً ’خارقة’؟!

أنتِ بلا شكّ تتأثرين بما ترينه حولك في الحياة، وطفلك أيضاً مثلك تماماً، فهو يدرك ما يدور حوله ويقلده، أو يحاربه، يتحداه، ويعبر عن هذا التأثر بطرق عديدة.

اشترك في قناة «الأئمة الاثنا عشر» على تليجرام

تتطور لدى طفلك القدرة على تقليد التجارب المحيطة به وبمجرد أن تنمو هذه القدرة لديه، تصبح من الأنشطة الأساسية لديه فتعتمد ألعابه على التقليد، ويقوم بعمل خطط، ويتقمص أدواراً يعبر بها عن مشاعره تجاه العالم من حوله، القصص، التلفزيون، والحكايات المصورة من مصادر الخيال والتقليد عند طفلك، جميعها تشترك في شيء واحد هو البطولة، والبطولة ليست مفهوماً واقعياً فقط، ولكنها تمتد إلى أشهر الشخصيات الخيالية في التاريخ، غالباً ما يتضمن لعب الأطفال، الذي يقوم على أساس تمثيل أدوار معينة، شخصيات خارقة من الشخصيات الكارتونية أو الشخصيات التي يرونها في أفلام الكارتون.

الشخصيات الحالية التي تسيطر على خيال أطفالنا هي رموز، مثل: سوبرمان، باتمان، سبايدرمان، كلّ هذه الشخصيات تعرفين تماماً أنّها ضارة أو خطر على طفلكِ، وعادةً ما تحاولين إبعاد أطفالكِ عن هذه النوعية من اللعب، لكن ممارسة طفلكِ اللعبة وتمثيل دور خاص لشخصية من الشخصيات الخارقة المحببة له، يمكن أن يعرفاك الكثير عن شخصية طفلك، كما يساعداك على تعليم طفلك فن أسلوب التعامل مع الآخرين، ويكتسب من خلالها القدرة على حل المشكلات، بالإضافة إلى أنّ هذا النوع من اللعب يسمح لك بمناقشة مفهوم القوة معه، وتحسين مهاراته اللغوية، وتشجيع الإبداع عنده.

لماذا يحب طفلكِ الشخصيات الخارقة؟

إنّ مشاهدة فيلم مثل سبايدرمان ممتعة لكلّ طفل، وبما أنّ طفلكِ غالباً سيشاهد الفيلم في كلّ الأحوال، اجلسي معه وشاهداه معاً، ثم تناقشي معه حول الفيلم، ركزي على الجوانب الإنسانية في البطل، ووضحي له أنّ البطولة لا تعتمد بالضرورة على القوة البدنية، علِّميه كيف ساعد سبايدرمان الطفلين على عبور الشارع، لأنّهما لم يستطيعا العبور بمفردهما، لعدم وجود شخص كبير معهما، هذا مجال جيد لزرع القيم السامية في طفلك، اطرحي عليه تمثيلية معينة يقوم بأدائها، ومن خلالها يمكنك اختبار طريقة تفكيره وأسلوبه في التصرف، وسيعطيك هذا فرصة لتعديل أو دعم سلوكياته أو مفاهيمه، يمكن أن تعرّفي طفلكِ بشخصيات إيجابية (...) اشرحي له لماذا نعتبر هذه الشخصيات خارقة، وعندما تخرجين مع طفلكِ، ابحثا عن شيء يحتاج إلى التحسين أو عن شخص يحتاج إلى مساعدة وقوما معاً بهذه الخطوة لكي يشعر طفلكِ بأنكما بطلان.

الحقيقة والخيال

 شاهدي مع طفلكِ الأفلام المناسبة، واقرئي معه القصص وساعديه على فهم الخدع الموجودة في الأفلام، اشرحي له كيف أنّ التكنولوجيا الحديثة تستخدم لإخراج مثل هذه المشاهد الرائعة، هذا قد يحفز طفلك إلى اهتمامات جديدة ليس فقط في النواحي التكنولوجية، لكن قد يحفزه أيضاً إلى اهتمامات أخرى مثل فكرة الطيران على سبيل المثال – المستوحاة من شخصية سوبرمان – وقد ينتج عن ذلك اهتمامه بالطيور (مثل العصافير، الذباب، النحل... إلخ) أو بالطائرات والصواريخ، سيفهم طفلكِ بمساعدتكِ وتوجيهك أنّ الناس لا يستطيعون الطيران، وأنّها مسألة مميتة وقاتلة إن هو حاول أن يفعلها، احرصي على توعية طفلك بأخطار اللعب العنيف.

العبي معه

قومي بدور إيجابي عندما يبدأ طفلكِ في اللعب، اشتراككِ في لعبه سيوضح له انتباهكِ واهتمامكِ وسيتيح لكما فرصة الاستمتاع معاً، هذه الخطوة ستفتح أمامه باباً للثقة بك واللعب معكِ، كما ستفيد في زيادة الترابط بينكما، اصنعي عرائس لشخصيات الأبطال التي يحبها واصنعي لوحة ألعاب، اشتري الألوان المناسبة وارسمي رمز الشخصيات أو اجعليها ملصقات حوله، إنّ اهتمامكِ بهذه الشخصيات التي يحبها طفلكِ يمكن أن يكون خطوة لممارسة أنشطة أخرى تساعد على زيادة التقارب بينكِ وبين طفلكِ وتحفز دوافعكما الإبداعية، إذا أردت التدخل حين لجوء طفلكِ إلى العنف، فإنّ أفضل طريقة أن تكوني غير مباشرة معه، مثل محاولة تخفيف حدة اللعب عند ظهور أي عنف، وتحويل انتباه طفلكِ عن الموقف العنيف، فذلك أفضل من التدخل بالقوة كتعنيفه أو الصراخ في وجهه أو شده، إنّ تحويل انتباه طفلكِ عن الموقف يفيد في تهدئته وتوجيهه إلى جوانب أخرى مفيدة للعبة.

ما الفائدة من لعبة تمثيل الأدوار؟

إنّ لعبة تمثيل الأدوار تسهم بشكل كبير في تحديد المشاكل عند طفلكِ بالنسبة إلى نموه الاجتماعي، العاطفي، أو الإدراكي، والتدخل الصحيح أثناء اللعب قد يكون له أثر كبير في مساعدة طفلكِ على التعامل مع مشاكله، ومن أهم الموضوعات التي يمكن التعامل معها من خلال اللعب الذي يعتمد على تمثيل أدوار الشخصيات الخارقة، هو موضوع القوة ومفهومها عند طفلكِ، مَن الذي يعتبره قوياً؟ وكيف يمكن استخدام القوة بالطريقة السليمة؟ هذه أمور يمكنكِ التعرف إلى وجهة نظر طفلكِ فيها والتعامل معها من خلال اللعب، كذلك يمكن الإجابة عن بعض الأسئلة من خلال الإشراف على هذا النوع من اللعب أو المشاركة فيه، مثل ما الشخصية التي يتعاطف معها طفلكِ؟ وما الشخصية التي يستنكرها؟ ما الشخصية التي يريد طفلك تقليدها؟ من خلال هذه الأسئلة تستنتجين ما الذي ينقص شخصية طفلك؟ مثل القوة، العزيمة، الإصرار.. إلخ.

كيف يحقق طفلك المعادلة بين القوة والضعف؟

 أظهري لطفلكِ تقديرك لشعوره بالمسؤولية، هذا الاهتمام بمجريات حياته اليومية وسلوكياته الإيجابية يخلق بداخله شعوراً بالاطمئنان أنّكِ تهتمين بمهاراته وأنّه مهم، سيساعد هذا على زيادة ثقة طفلكِ بنفسه وعلى تقليل العنف في اللعب.

 تقول استشارية صعوبات التعلم والتربية الخاصة خبيرة تشخيص متلازمة إيرلين منى أحمد كاظم: "توجد قنوات عديدة لأفلام الكرتون للأطفال وهي تبث مفاهيمها ورسائلها بطرق عديدة، ولقد زاد اهتمام أطفالنا بهذه الأفلام على حساب الألعاب الحرة والأنشطة في الهواء الطلق، قد يكون لهذه الأفلام تأثير إيجابي، مثل تعزيز الهوية والقدوة، وتعزيز تعليم بعض المهارات، ولكن أيضاً يجب التنبه للتأثيرات السلبية مثل العدوانية، والتأثير الصحّي والنفسي بسبب قلة الحركة غير الصحّية"، وتناشد كاظم المربين بالاستفادة من الأفلام الكرتونية، وذلك من خلال تحديد وقت المشاهدة، والموازنة بين الأنشطة المختلفة، وتفعيل دور المربي بتوضيح المفاهيم والنصيحة للأطفال متى أحس بأنّ هناك خللاً في هذا الجانب، واختيار البرامج الممتعة والمفيدة التي تثري ثقافته.

حواء