أمور وعوامل تؤثر في ’تربية المراهق’

نقصد بعوامل تربية المراهق كلّ المؤثرات التي تؤثر في تربيته ونشأته ونموه من النواحي الجسمية والعقلية والخلقية والدينية وهذه العوامل في الواقع ليست خاصة بتربية المراهق.

اشترك في قناة «الأئمة الاثنا عشر» على تليجرام

 بل هي عوامل مؤثرة في التربية بعامة فهي تؤثر أيضاً في تربية الأطفال حتى أنّ تأثيرها في تربية الأطفال يكون أكثر وأكبر، إذ أوّل مَن يتأثر بها هو الطفل، ولهذا فعندما نقول أنّ عاملاً ما يؤثر في تربية الطفل فإنّ هذا الحكم أيضاً ينسحب بدوره تبعاً على المراهق، ويعني الباحثون في التربية بتصنيف هذه العوامل وتعدادها إلّا أنّه يمكن رجعها إلى طائفتين اثنين:

 1- الطائفة الأولى: عوامل التربية المقصودة

وهي الوسائل المدبرة التي يقوم بها الكبار من أفراد النوع الإنساني حيال الصغار للتأثير في أجسامهم وعقولهم وأخلاقهم لإعدادهم للحياة المستقبلة، وأهم مواطن هذا النوع من التربية: الأسرة (البيت) والمدرسة، ولما كانت المساجد تقوم بوظيفة المدرسة قبل إنشائها فإنّنا نضيف هذا العامل المهم وهو المسجد، وكذلك المنهج الدراسي الذي يقوم بوظيفة كبرى في تقديم ما ينبغي للمراهق في دراسته.

 2- الطائفة الثانية: عومل التربية غير المقصودة

وهي العوامل التي تؤثر في نشأة الأطفال والمراهقين ونموهم دون أن يكون للكبار دخل في توجيهها نحو هذه الغاية، ولا في أدائها هذه الوظائف.

وتنقسم هذه الطائفة من العوامل أقساماً كثيرة أهمها ما يلي:

 1- عوامل طبيعية كالوراثة والبيئة الجغرافية.

 2- المورثات التي يقوم بها الطفل من قوى إليها بعامل ميوله الفطرية، ومن أشهر هذه العوامل الألعاب الحرة والتقليد.

 3- عوامل اجتماعية كحضارة الأُمّة المنشقة عن معتقداتها وما إلى ذلك مما تشمله البيئة الاجتماعية العامة ويندرج فيها ما يكون الرأي العام، كوسائل الإعلام ونحوها. فأهم عوامل التربية هي الأسرة والمدرسة والمسجد والوراثة والبيئة الجغرافية، والتقاليد والبيئة الاجتماعية العامة ووسائل الإعلام:

 1- المسجد: وهو أهم عوامل التربية فهو نقطة الإشعاع في المجتمع لأنّه يحمل الرسالة الدينية والاجتماعية والخلقية والسياسية والتربوية والتنظيمية، لهذا كان أوّل عامل قام به النبيّ (ص) بعد الهجرة هو بناء المسجد ولابدّ من عودة لظلال المسجد كي يؤدي دوره في التربية ولا تزال الدنيا تذكر بكلّ فخر واعتزاز الدور الذي قامت به المساجد في تاريخنا كالمسجد الحرام والمسجد النبوي والمسجد الأقصى وغيرها كثير.

 2- المدرسة: لم تكن المدرسة معروفة منذ القديم بل كان الجامع والمسجد هو المدرسة بالنسبة للمسلمين ثمّ مع الزمن بدأت نشأة المدارس وأصبحت تنازع البيت والمسجد في التربية زاوية فيها يعيش الطفل أو الشاب ساعات من يومه يتلقى فيها العلم ويمرّ بكثير من التجارب ويخالط الزملاء والمدرسين ويتأثر بهم في نواحي كثيرة من سلوكه وحياته وتصرفاته فالمدرسة لها تأثير كبير في التربية هي تقوم الآن بوظائف تربوية للتأثير في التلاميذ بما يتناسب مع عقيدة الأُمّة ومبادئها لأنّ كلّ مدرسة تسير في مناهجها ونظامها وفق سياسة الدولة التي أنشأتها.

 لذلك يجب أن تعنى المدرسة بجميع قوى الطفل وتربيته من جميع نواحيه الجسمية والإدراكية والوجدانية والإرادية، بتقويم سلوكه وأخلاقه وشخصيته وإعداده إعداداً سليماً للحياة المستقبلية من الناحيتين الفردية والاجتماعية، وتزوده بما يحتاج إليه من معرفة ومعلومات ولا تثريب بعد العناية بكلّ تلك الأمور أن تعنى المدرسة بناحية خاصة بما يتناسب مع حاجة المجتمع والأُمّة.

 3- الوراثة: حيث ينتقل إلى الكائن الحي عن طريق الوراثة عدة صفات منها ما ينتقل إليه من أصوله الخاصة القريبة والبعيدة، ومنها ما ينتقل إليه من فصيلته العامة ومنها ما هو جسمي ومنها ما هو عقلي أو خلقي ومنها ما هو صالح ومنها ما هو ضار.

ولذلك وجدنا الإسلام يعنى بحسن اختيار الرجل لزوجة بحيث تكون صاحبة خلق ودين لأنّ ذلك يؤثر في أولادها، وكذلك يمنع من الزواج من القريبات قرابة شديدة (المحرمات في النكاح) منعاً لعوامل الضعف والمرض عن طريق الوراثة.

 4- البيئة الجغرافية: وهي تطلق على مجموع ما في البقعة التي يعيش فيها الكائن الحي من قوى طبيعية كامنة في المناخ وجو السماء وعناصر الأرض وفيها يحيط بهذه البقعة وكنفها من جبال وبحار وأنهار وسيول، وهي بهذا من أهم عوامل التربية وأوضحها أثر في حياة الإنسان من مختلف نواحيه الجسمية والعقلية والخلقية.

 5- المحاكاة والتقاليد: عند الطفل دافع التقاليد والمحاكاة لمن هو أكبر منه لأنّه يشعر بتفوقه عليه فهو يقلده مثلاً في الصوت وفي الحركة وفي التصرفات، ونظر لميله للتقاليد في الحركات يجب ألا تفسره على حركات معينة قبل نضج جسمه وأعضائه كما يجب استغلال هذا الميل لتلقينه الفضيلة والأخلاق لأنّ من عوامل التقاليد عنده هو القوة الحركية للخيالات وهي عبارة عن الصورة الذهنية التي تتمثل فيها عناصر العمل المقصود.

 6- البيئة الاجتماعية العامة: ويقصد بها كلّ ما عدا المنزل والمدرسة من العوامل الاجتماعية في المجتمع التي تنظم شتى فروع الحياة الاجتماعية والعلاقات التي تربط بين الأفراد، وكالنظم والنشاط الاقتصادي والسياسي والتأليف والنشر ووسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية من صحيفة وكتاب ومجلة وإذاعة وتلفزيون.

 ومن ذلك أيضاً الوسط الاجتماعي العام الذي ينشأ فيه الطفل وأيضاً هناك بيئة اجتماعية تؤثر في الطفل أو الشاب كدور الكتب والمكتبات والنوادي ومؤسسات الوعظ والإرشاد والجمعيات الخيرية وكلّ هذه العوامل أو عناصر البيئة تؤثر في الطفل أو الشاب بمقدار اتصاله بها.

* كتاب الشباب واستثمار وقت الفراغ لـ د. طارق عبد الرؤوف عامر