كيف يساعد الأهل أولادهم في أداء واجباتهم المدرسية؟

مع بدء العام الدراسي تبدأ معه المشاكل التي تحدث عند أداء الأبناء للواجبات المدرسية فيسيطر القلق على المنزل وتتصاعد وتيرة الشد والجذب بين الأهل والأبناء، فالبعض يرغم أولاده على القيام بالواجبات المدرسية، والبعض الآخر يقوم بها عنهم ليرتاح. 

اشترك في قناة «الأئمة الاثنا عشر» على تليجرام

ولكن ما الصحيح، وكيف يمكن الموازنة بين مساعدة الأولاد أو أداء الوجبات لهم؟ 

هناك نوعان من الأهل:

1- الاهل الذين يلغون دور أولادهم معتقدين انهم بهذا يتممون دورهم على أكمل وجه، فهم يستقبلون الأولاد منذ دخولهم إلى المنزل بسؤالهم عن الواجبات التي عليهم اداؤها، فلا وقت هناك للإضاعة ولا للأحاديث الجانبية أو للحوار البناء بين الأهل والأولاد، هذا كله يؤجل إلى حين انتهاء الدروس، وغالبا ما تحدد الأم الواجبات التي يجب على أبنها أن يقوم بها أولًا، وتختار ذلك حسب مزاجها، وقد لا يكتب الولد بسرعة أو لا يحفظ بسرعة مثلما تريد الأم، أو لا يركز جيدا، فهو تارة يريد اللعب وطورا الشرب والأكل فيعلو الصراخ وتتشنج الاعصاب.

2- الاهل الذين يخافون من تحمل المسؤولية هؤلاء يمنحون الولد كل الحرية متجاهلين واجباتهم فيختلقون اسبابا عديدة ليشغلوا أنفسهم بأمر معين طوال ما بعد الظهر أو وقت الدرس، فالأم تنهمك بالواجبات الاجتماعية أو بالأعمال المنزلية أو غيرها، والأب قد لا يعود إلى البيت إلا بعد انتهاء هذه الفترة فلا وقت لديهما لتمضيته مع الأولاد.

لكنهما يتذكران دورهما عند تسلم النتيجة.

فإذا كانت سيئة يعلو الصراخ أيضا وتبدأ المشاكل بين الزوجين، ويبقى السؤال: أين الحل؟

في واقع الأمر أن أكثر المدارس تتبع مبدأ إعطاء الفروض والدروس المنزلية بنسب متفاوتة من أجل منح الولد فرصة أخرى كي يعيد أو يطبق ما اكتسبه قبل الظهر في المدرسة.

دور الأهل في مساعدة الأولاد

حتى يساعد الأهل أولادكم في المدرسة، عليهم توفير ثلاثة أشياء لهم: الشعور بالأمان، وتوفير الاجواء الملائمة، وتقييم الذات.

1- الشعور بالأمان 

من المهم جدا أن يستقبل الأهل أولادهم عند عودتهم من المدرسة، حتى ولو كانت الأم موظفة أو عاملة، فوجود شخص من العائلة ينوب عنها ضروري لأنه يعطي الولد الشعور بالأمان والاستقرار، وقبلة الاستقبال ليست دلعا مثلما يخالها البعض، بل دلالة أمان قد تمحو كل ما عاناه الولد من تعب أو مشاكل مع رفاقه، أو عند الدرس، أو مع المعلمات أو مع ذاته أحيانا، وإذا كان لا بد من سؤال يطرح عليه عند عودته من المدرسة فليكن عن مشاعره كطفل أولا وليس كتلميذ.

كذلك أن جلوس الأم معه إلى المائدة لتناول الطعام لا يقل أهمية عن الاستقبال الحار، فهو مناسبة جيدة لحوار محوره الولد، وهدفه إضافة الإيجابية إلى صورته الذاتية، فيصبح هذا الحوار حافزا للعطاء، فإذا شعر الولد بالاطمئنان سيعبر تلقائيا عن مشاعره ومشاكله، من دون أن يلجأ الأهل إلى استجوابه، وهذا يرفضه عادة جميع الأولاد.

ولا بد من إعطاء الولد فترة راحة بعد الأكل أيا تكن الظروف، فالعقل الذي هو أداة التعلم يزداد نتاجه إذا توافرت له شروط عديدة، أهمها الراحة والنوم، فيغدو أكثر فعالية، ويختزن المعلومات.

2- توفير الأجواء الملائمة

من واجب الأهل أيضا تأمين الأجواء الملائمة للدرس، كتخصيص مكان للولد يدرس فيه فهذا يعطيه شعور بالأمان والاستقرار. والأفضل أن تتوافر في هذا المكان الإنارة الجيدة والهواء النقي، ولا بأس من خلوه من الأدوات الكهربائية والمواد البلاستيكية والكمبيوتر، لأن وجودها يقلل من الأوكسجين الذي هو الغذاء الأساسي للعقل، هذه العناصر المادية ليست وحدها كافية، بل يضاف إليها دور الأهل المعنوي الذي ليس بأهميتها فحسب بل يفوقها فعالية.

ومن البديهي أن تكون العاطفة الاداة الاولى التي يسلح بها الاهل اولادهم، ويطول الحديث عنها والمقصود هو العاطفة البناءة المتوازنة التي تساعد الولد على النضوج وتزيده ثقة بالنفس، من هذا المنطلق يجب تحميل الولد مسؤوليات عدة قد تكون في تقدير الاهل غير مهمة، ولكن اهميتها تكمن في انها تساعده على ان يرى نفسه على نحو أكثر ايجابية فيرضى عن ذاته ويزداد اندفاعا وعطاء، فمثلا عودوه على فتح المحفظة وحده وترتيب اغراضه واخذ القرار بنفسه لتنظيم دروسه وايجاد خطة للعمل.

ولن ننسى بالطبع عامل الوقت الذي يجب اعطاؤه كل الاهمية لنساعد ابننا على اكتساب عنصر اساسي يسهم في تكوين شخصيته وهو اهمية عنصر الوقت وهكذا يجد لنفسه نمطا معتدلا للعمل، فلا بد للأهل ان يذكروا ولدهم بالوقت دائما، من دون الالحاح على الاستعجال بل العمل على تحديده تدريجيا.

هكذا يقتصر دور الاهل على الارشاد والاشراف فحضورهم يكون فعالا بقدر ما يساعدون ولدهم على اكتساب استقلالية تناسب قدراته، بكلام آخر يقتصر دور الاهل على الإطار الخارجي للوحة يرسمها الولد وحده، فيشجعونه على اختيار الالوان والاشكال الملائمة ويجري تنبيهه إذا خرج عن هذا الإطار.

فمثل هذه الطريقة يعطونه النصائح على الشكل الخارجي لتقويم فروضه المنزلية كالترتيب والنظافة والخط من دون تصحيحه كي يستطيع الولد ان يكشف اغلاطه في المدرسة في اليوم التالي.

3 ـ تقييم الذات

ليصبح الولد قادرا على تحمل مسؤولية نفسه لابد ان نسأله مثلا: هل انت راض عن درجة استيعابك؟ وهذا يجعله يعتاد تقييم ذاته فيمكنه المضي في التقدم، فعليه ان يعي ان الدرس من واجبه وليس مسؤولية الاهل، ولكن بإمكانه طلب مساعدتهم ونصائحهم وليس الاتكال عليهم لينجزوا الفروض بدلا منه، اذا توافرت هذه العناصر المعنوية والاجواء الايجابية فلا بد من تحقيق النجاح لكن هناك شرط آخر، وهو ان يتأكد الولد انه مهما كانت نتائجه في المدرسة فلن يخسر عاطفة اهله، وهذا لا يعني ان على الاهل التصفيق له على الدوام، فالعاطفة المتوازنة تلزم الاهل ايضا بالعقاب المناسب عند اللزوم وبالتوبيخ احيانا، ولكن مع التأكيد له ان اعماله وتصرفاته غير مرغوب فيها، وليس هو، فعاطفتهم نحوه لن تتبدل حتى عند رؤيتهم في دفتر علامته الصفر، بل سيضاعفون جهودهم لإيجاد الحلول للضعف الدراسي.

وأحيانا يحتاج الاهل أنفسهم الى مساعدة فيأتون بمدرس خاص الى المنزل ولكن شرط ان تكون هذه الدروس محدودة بالوقت والاهداف والمواد، فلا يبقى المعلم مثلا طوال السنة بمنزلة عقاب للولد لما يسببه من عبء على الاهل، فهذا الشعور خطر لأنه قد يخلق عنده احيانا الرفض والعدائية.

القبس