رياضة ولعب.. هل يحثّنا الإسلام على الترفيه والتنزّه؟!

إن الإنسان ليس آلة تستعمل في اي وقت كان وكيف كان، بل له روح ونفس ينالهما التعب والنصب كما ينالان الجسم، فكما ان الجسم يحتاج الى الراحة والنوم، كذلك الرّوح والنّفس بحاجة الى التنزّه والارتياح السليم.

التجربة ـ ايضا ـ تدل على ان الإنسان كلّما واصل عمله بشكل رتيب، فإنّ مردود هذا العمل سيقلّ تدريجيا نتيجة ضعف النشاط، وعلى العكس من ذلك فإنّ الاستراحة لعدة ساعات تبعث في الجسم نشاطا جديدا بحيث تزداد كمية العمل وكيفيته معا، ولذلك فإنّ الساعات التي تصرف في الراحة والتنزه تكون عونا على العمل ايضا.

وفي الرّوايات الاسلامية نجد هذه الواقعية بأسلوب طريف جاء بمثابة «القانون» حيث يقول الامام علي عليه‌ السلام: «للمؤمن ثلاث ساعات: فساعة يناجي فيها ربّه، وساعة يرمّ معاشه، وساعة يخلي بين نفسه وبين لذّتها فيما يحلّ ويجمل» (١).

وممّا يستجلب النظر انّ في بعض الرّوايات الاسلامية أضيفت هذه الجملة الى النص المتقدم «وذلك عون على سائر الساعات».

وعلى حدّ تعبير البعض فإنّ التنزّه والارتياح بمثابة تدهين وتنظيف اجهزة السيّارة، فلو توقفت هذه السيارة ساعة عن العمل لمراقبة اجهزتها وتنظيفها، فإنها ستغدو أكثر قوة نشاطا يعوّض عن زمن توقفها اضعاف المرات، كما انه سيزيد من عمر السيارة ايضا.

لكن المهم ان يكون هذا التنزّه صحيحا، والّا فإنه لا يحل المشكلة، بل سيزيدها، فإنّ كثيرا من حالات التنزّه هذه تدمر الإنسان وتسلب منه نشاطه وقدرته على العمل لفترة ما، او على الأقل تخفف من نشاط عمله.

وهناك نقطة تدعو للالتفات ايضا، وهي ان الإسلام اهتم بمسألة الترويض والاستراحة النفسية بحيث أجاز المسابقات في هذا المضمار.. ويحدثنا التاريخ

انّ قسما من هذه المسابقات جرت بمرأى من رسول الله صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلم، وأحيانا كانت تناط اليه مهمة التحكيم والقضاء في هذه المسابقة، وربّما اعطى ناقته الخاصّة ـ لبعض الصحابة للتسابق عليها.

ففي رواية الامام الصادق عليه ‌السلام انّه قال: «ان النّبي أجرى الإبل مقبلة من تبوك فسبقت العصباء وعليها اسامة، فجعل الناس يقولون: سبق رسول الله ورسول الله يقول: سبق اسامة (١)» (اشارة الى ان المهم في السبق هو الراكب لا المركب، حتى وان كان المركب السابق عند من لا يجيدون السبق).

النقطة الاخرى هي انّه كما ان اخوة يوسف استغلّوا علاقة الإنسان ـ ولا سيما الشاب ـ بالتنزّه واللعب من اجل الوصول الى هدفهم الغادر ... ففي حياتنا المعاصرة ـ ايضا ـ نجد اعداء الحق والعدالة يستغلّون مسألة الرياضة واللعب في سبيل تلويث أفكار الشباب، فينبغي ان نحذر المستكبرين «الذئاب» الذين يخططون لإضلال الشباب وحرفهم عن رسالتهم تحت اسم الرياضة والمسابقات المحلّية والعالمية.

ولا ننسى ما كان يجري في عصر الطاغوت (الشاه)، فإنّهم وبهدف تنفيذ بعض المؤامرات ونهب ثروات البلاد وتحويلها الى الأجانب لقاء ثمن بخس، كانوا يرتّبون سلسلة من المسابقات الرياضية الطويلة العريضة لإلهاء الناس لئلّا يطلعوا على المسائل السياسيّة.

*مقتطف من تفسير الأمثل ج 7