شهيد الطف وضحية الفضيلة!

لا أرى الموت إلا سعادة والحياة مع الظالمين إلا برما

اشترك في قناة «الأئمة الاثنا عشر» على تليجرام

وهكذا يأبى التفكير الصحيح من الخضوع لمسالمة من أراد بالأمة سوء وتحكم فيها مستبداً دون أن تثيره النخوة، فلا يفتأ أن يصرخ في وجوه المستبدين فيبني كيان أمته بكل ما يستطيعه وإن وجوده في الأمة النادر بل لا يدركه الشعور والحسين أبو الشهداء، لأنه المثل الأعلى للمجاهدين حيث ضرب المثل العليا لجميع الشهداء.

وواقعة الطف متى ذكرت تذکر مقرونة بالتعظيم والتبجيل ذلك لأنها اشتملت على مفاخر وعبر ما لم تحويه أي مأساة جرت في الوجود فحلت في قلب كل إنسان خضع لصاحب الرسالة أو لم يخضع. وحتى أخذت أثرها في قلب كل رجل كان الناس لا يظنون به إلا سوء فأسمعه يرثيه بما يتم عن أثرها العميق في نفسه فيقول:

 وعلى الأرض من دماء الشهيدين

علي ونجله  شاهدان

فهما في أواخر الليل فجران

وفي أوليائه قمران

فما سبب هذا التأثير الذي يجده كل من قدس الفضيلة وما سبب خلود هذه التضحية إلا لأنها قاومت الباطل بكل ما استطاعت من رفع الظلم عن الأمة وإزالة حلم الاستبداد الجائر عنها. يقول علي لأبيه:

ألسنا على الحق

فيقول له أبوه:

 بلى والذي إليه يرجع أمر العباد.

وهكذا كانت نية أصحابه وأهل بيته إيمانا بالحق وتفانيا إزاء المبدأ القويم. خرج من مكة عالما بمصرعه متيقنا أن تضحيته هذه ستعود بالخير الكثير على أمة جده سار في طريقه وهو يرتل

سأمضي وما بالموت عار على الفتى

إذا مانوی حفا وجاهد مسلما

نعم هان الموت عنده وعند أصحابه الأشاوس وعظم عليهم الخضوع لذلك الفاسق المستهتر، لقد خاب ظن ابن هند فيما فكر فيه من تنصيب يزيد خليفة على المسلمين وتمكينه من رقابهم ولسنا ببعيدين عن الحقيقة إذا قلنا أن إذهاب الإسلام وفل شعاعه كان أمنية في نفس معاوية فلم يستطعها في حياته فخلف ابنه من بعده وأسر إليه بها فما تربع یزید دست الخلافة إلا أخذ يجاهر بقوله: لا خبر جاء ولا وحي نزل، وبأعماله التي ينفر القلم من ذكرها فهل يا ترى يخضع الحسين لهذا الفاجر وهو سبط صاحب الرسالة والمثل الأعلى لجده القائل فيه "حسين مني وأنا من حسين"

فصرخ في وجوه المعادين لدين الله فعاد بأجمل الذكر وفل عروش الدولة الجائرة وأوضح ما انطوت عليه نفوس أمية فحصل كما قيل : من رام تفسير الحياة لقومه

قدم الشهيد يبين عن معناها

لولا الدماء تراق لم تك أمة

بلغت من المجد العريق مناها

تسمو الحياة بكل حر ماجد

وجبت عليه حقوقها فقضاها

فسلام عليك يا ضحية الفضيلة وعلى أصحابك تحيات من الله.

المصدر: مجلة القادسية - النجف - العدد-6 - السنة الرابعة - ۱۳۹۱ هـ، ص3