هل روى ’الكليني’ عن سفراء الإمام المهدي (ع)؟

لقد عاصر محمد بن يعقوب الكليني المتوفى سنة (329 هـ) الوكلاء الأربعة للإمام المنتظر (عجل الله تعالى فرجه) وهم:

1-      عثمان بن سعيد العمري.

2-      ابو جعفر محمد بن عثمان بن سعيد.

3-      أبو القاسم الحسين بن روح النوبختي.

4-      علي بن محمد السمري.

 وتوفي محمد بن يعقوب قبل وفاة علي بن محمد السمري، وهو آخر السفراء.

قال النجاشي رحمه الله في رجاله: محمد بن يعقوب بن إسحاق أبو جعفر الكليني وكان خاله علان الكليني الرازي شيخ أصحابنا في وقته بالري ووجههم، وكان أوثق الناس في الحديث، وأثبتهم. صنف الكتاب الكبير المعروف بالكليني يسمى الكافي، في عشرين سنة.

ومات أبو جعفر الكليني رحمه الله ببغداد، سنة تسع وعشرين وثلاثمائة، سنة تناثر النجوم.                                                   (رجال النجاشي / ص 377/ 1026).

وعلى هذا فالكليني رحمه الله معاصر لجميع السفراء، غير ان معاصرته لهم لا تعني لقاءه واجتماعه بهم، فالمعاصرة شيء واللقاء شيء آخر كما هو واضح، فإن السفراء ببغداد، والكليني رحمه الله تعالى في الري من بلاد فارس ولم يثبت أنه التقى بهم الا في أخريات حياته أي بعد ان ألّف كتاب الكافي الشريف.

مع أن روايات الكافي مأخوذة من الأصول الأربعمائة المشهورة بين الإمامية منذ عصر الإمام الصادق إلى زمن العسكريين عليهما السلام فهو قد بوب وصنف وحفظ لنا الأصول الاربعمائة من الضياع.

قال الكليني رحمه الله في ديباجة كتابه وقلت: (إنك تحب أن يكون عندك كتاب كاف يجمع [فيه] من جميع فنون علم الدين، ما يكتفي به المتعلم، ويرجع إليه المسترشد، ويأخذ منه من يريد علم الدين والعمل به بالآثار الصحيحة عن الصادقين عليهم السلام والسنن القائمة التي عليها العمل) (الكافي / ج 1/ص 8).

فهذه شهادة منه رحمه الله أن ما أودعه في كتابه الكافي قد أخذه من تلك الأصول التي عليها المعول.

بل لم يثبت لنا أن الكليني رحمه الله قد عرض كتابه هذا على أحد السفراء، لعدم الحاجة إلى ذلك لما نوهت عليه سابقا بأن الكافي أخذ من الأصول الأربعمائة المسلمة عند الشيعة، مع أنه لم يكن أمر العرض على أحد الأئمة أو وكلائهم أمرًا متعارفا، أضف إلى ذلك أنه لا يوجد داعي للعرض لعدم وجود شك في وثاقة مؤلفه ولا في مأخوذة (الأصول الاربعمائة). فلا يقاس هذا على كتب بني فضال والشلمغاني اذ الفرق بينهما شاسع.

ولو أننا أخذنا بنظر الاعتبار الظروف السياسية التي كان يعيشها الشيعة والسفراء على وجه التحديد لارتفع الاستغراب من عدم رواية الكليني عنهم، فإن هؤلاء السفراء الاجلاء كانوا يعيشون بأعلى درجات التقية ولا يقبلون بالالتقاء بهم إلا في الضرورات، قال الشيخ الطوسي رحمه الله في كتابه الغيبة عند ترجمة العمري الاول ما هذا لفظه (ويقال له: السمان، لأنه كان يتجر في السمن تغطية على الأمر وكان الشيعة إذا حملوا إلى أبي محمد عليه السلام ما يجب عليهم حمله من الأموال أنفذوا إلى أبي عمرو، فيجعله في جراب السمن وزقاقه ويحمله إلى أبي محمد عليه السلام تقية وخوفا).

فكلام الشيخ الطوسي رحمه الله واضح في أن السفراء كانوا يعيشون التقية بأعلى درجاتها.