هذه أوصافه: أشخاص شاهدوا الإمام المهدي في طفولته

لقد رأى الإمام عليه السلام عدّة لا يستهان بهم منذ ولد، وهكذا رأوه في حياة أبيه وبعد موته إلى أن غاب في الغيبة الكبرى.

اشترك في قناة «الأئمة الاثنا عشر» على تليجرام

وقد ألّف علمائنا الكبار كتباً ورسائلاً فيمن فاز بلقائه عليه السلام، منهم المحدّث الكبير السيّد هاشم البحراني، وإليك أسماء بعض من شاهده عليه السلام :

١ ـ حكيمة بنت الإمام الجواد عليه السلام، وعمّة الإمام الحسن العسكري، التي زارت ابن أخيها في ليلة ميلاد الإمام المهدي عليه السلام، وطلب الإمام منها أن تبيت عنده لتحضر ولادة المهدي عليه‌السلام، فباتت تلك الليلة إلى أن ولد عليه‌السلام، ورأت جماله البهيّ[1]، وقصّتها معروفة ومشهورة.

ورأته أيضاً في اليوم الثالث من ولادته عليه السلام، كما رواه لنا الشيخ الطوسي عنها، أنّها قالت: « فلمّا كان في اليوم الثالث اشتد شوقي إلى وليّ الله، فأتيتهم عائدة، فبدأت بالحجرة التي فيها الجارية، فإذا أنا بها جالسة في مجلس المرأة النفساء، وعليها أثواب صفر، وهي معصبة الرأس، فسلّمت عليها والتفت إلى جانب البيت وإذا بمهد عليه أثواب خضر، فعدلت إلى المهد ورفعت عنه الأثواب، فإذا أنا بوليّ الله نائم على قفاه غير محزوم ولا مقموط، ففتح عينيه وجعل يضحك ويناجيني بإصبعه، فتناولته وأدنيته إلى فمي لاُقبّله، فشممت منه رائحة ما شممت قطّ أطيب منها ... »[2].

٢ ـ أحمد بن إسحاق الأشعري: «قال دخلت على أبي محمّد الحسن بن عليّ عليه السلام وأنا أريد أن أسأله عن الخلف من بعده، فقال لي مبتدئاً: يا أحمد بن إسحاق، إنّ الله تبارك وتعالى لم يخل الأرض منذ خلق آدم عليه ‌السلام، ولا يخليها إلى أن تقوم الساعة من حجّة لله على خلقه، به يدفع البلاء عن أهل الأرض، وبه ينزّل الغيث، وبه يخرج بركات الأرض.

قال: فقلت له: يابن رسول الله، فمن الإمام والخليفة بعدك ؟

فنهض عليه السلام مسرعاً فدخل البيت، ثمّ خرج وعلى عاتقه غلام كأنّ وجهه القمر ليلة البدر، من أبناء الثلاث سنين، فقال: يا أحمد بن إسحاق، لولا كرامتك على الله عزّ وجلّ وعلى حججه ما عرضت عليك ابني هذا ... »[3].

٣ ـ يعقوب بن منقوش، يقول: « دخلت على أبي محمّد الحسن بن عليّ عليه السلام وهو جالس على دكّان في الدار، وعن يميينه بيت عليه ستر مسبل، فقلت له: يا سيّدي، مَن صاحب هذا الأمر ؟

فقال: إرفع الستر، فرفعته، فخرج إلينا غلام خماسي، له عشر أو ثمان أو نحو ذلك، واضح الجبين، أبيض الوجه، درّي المقلتين، شثن الكفّين، معطوف الكريمتين، في خدّه الأيمن خال، وفي رأسه ذؤابة، فجلس على فخذ أبي محمّد عليه السلام، ثمّ قال لي: هذا صاحبكم »[4].

٤ ـ مارية خادمة الإمام العسكري وعن الشيخ الطوسي، قال: « عن نسيم وماريّة قالت: لمّا خرج صاحب الزمان من بطن اُمّه سقط جاثياً على ركبتيه، رافعاً سبّابته نحو السماء، ثمّ عطس، فقال: الحمد لله ربّ العالمين، وصلّى الله على محمّد وآله عبداً داخراً، غير مستنكف، ولا مستكبر، ثمّ قال: زعمت الظلمة أنّ حجّة الله داحضة، ولو أذن لنا في الكلام لزال الشكّ »[5].

٥ ـ أبو غانم الخادم، قال: « ولد لأبي محمّد عليه السلام ولد فسمّاه محمّداً، فعرضه على أصحابه يوم الثالث، وقال: هذا صاحبكم من بعدي، وخليفتي عليكم، وهو القائم الذي تمتدّ إليه الأعناق بانتظار، فإذا امتلأت الأرض جوراً وظلماً خرج فملأها قسطاً وعدلاً »[6].

٦ ـ كامل بن إبراهيم المدني، قال: « قلت في نفسي لمّا دخلت عليه ـ الإمام العسكري ـ أسأله عن الحديث المروي عنه عليه السلام: لا يدخل الجنّة إلاّ من عرف معرفتي، وكنت جلست إلى باب عليه ستر مرخيً، فجاءت الريح فكشفت طرفه، فإذا أنا بفتى كأنّه فلقة قمر، من أبناء أربع سنين أو مثلها، فقال لي: ياكامل بن إبراهيم، فاقشعررت من ذلك، واُلهمت أن قلت: لبّيك يا سيّدي.

فقال: جئت إلى وليّ الله تسألة لا يدخل الجنّة إلاّ من عرف معرفتك، وقال بمقالتك ؟ قلت: إي والله.

قال: إذن والله يقلّ داخلها، والله إنّه ليدخلها قوم يقال لهم الحقّيّة.

قلت: ومن هم ؟

قال: قوم من حبّهم لعليّ بن أبي طالب يحلفون بحقّه، وما يدرون ما حقّه وفضله، أي قوم يعرفون ما يجب عليهم معرفته جملة لا تفصيلاً من معرفة الله ورسوله والأئمّة ونحوها.

ثمّ قال: وجئت تسأل عن مقالة المفوّضة ؟ كذبوا، بل قلوبنا أوعية لمشيئة الله عزّ وجلّ فإذا شاء الله تعالى شئنا، والله يقول: ( وَمَا تَشَاءُونَ إِلاَّ أَن يَشَاءَ اللهُ )[7].

فقال لي أبو محمّد عليه السلام: ما جلوسك وقد أنبأك بحاجتك، قم، فقمت »[8].

٧ ـ أربعون نفراً من الوافدين روي الشيخ الطوسي عن جعفر بن محمّد بن مالك الفزاري البزّاز، عن جماعة من الشيعة، منهم: عليّ بن بلال، وأحمد بن هلال، ومحمّد بن معاوية بن حكيم، والحسن بن أيّوب بن نوح... قالوا جميعاً: « اجتمعنا إلى أبي محمّد الحسن بن عليّ عليه السلام نسأله عن الحجّة من بعده، وفي مجلسه عليه السلام أربعون رجلاً، فقام إليه عثمان بن سعيد بن عمرو العمري فقال له: يا بن رسول الله، أريد أن أسألك عن أمر أنت أعلم به منّي.

فقال: اجلس يا عثمان.

فقام مغضباً ليخرج، فقال: لا يخرجنّ أحد.

فلم يخرج أحد إلى أن كان بعد ساعة، فصاح عليه السلام بعثمان فقام على قدميه.

فقال: اُخبركم بما جئتم ؟

قالوا: نعم يابن رسول الله.

قال: جئتم تسألوني عن الحجّة من بعدي.

قالو: نعم.

فإذا غلام كأنّه قطعة قمر أشبه النّاس بأبي محمّد.

فقال: هذا إمامكم من بعدي، وخليفتي عليكم، أطيعوه ولا تتفرّقوا من بعدي فتهلكوا في أديانكم، ألا وإنّكم لا ترونه من بعد يومكم هذا حتّى يتمّ له عمر، فاقبلوا من عثمان ما يقوله، وانتهوا إلى أمره، واقبلوا قوله، فهو خليفة إمامكم، والأمر إليه ... »[9].

٨ ـ نسيم الخادم وعنه أيضاً قال: « وروي محمّد بن يعقوب رفعه عن نسيم الخادم ( خادم أبي محمّد عليه السلام ) قال: دخلت على صاحب الزمان بعد مولده بعشر ليالٍ فعطست عنده، فقال: يرحمك الله، ففرحت بذلك، فقال: ألا أبشّرك في العطاس ؟ هو أمان من الموت ثلاثة أيّام »[10].

٩ ـ إسماعيل النوبختي وعنه أيضاً بسنده عن إسماعيل النوبختي، قال: « دخلت على أبي محمّد الحسن بن عليّ عليه السلام في المرضة التي مات فيها ـ وأنا عنده ـ إذ قال لخادمه عقيد، وكان أخادم نوبيّاً قد خدم من قبله عليّ بن محمّد عليه السلام، وهو ربّي الحسن عليه السلام فقال:

 يا عقيد، اغِل لي ماءً بمصطكي، فأغلى له، ثمّ جاءت به صيقل الجارية، أم الخلف عليه السلام، فلمّا صار القدح في يديه وهمّ بشربه فجعلت يده تر تعد حتّى ضرب القدح ثنايا الحسن عليه السلام فتركه من يده وقال لعقيد: ادخل البيت فإنّك ترى صبيّاً ساجداً فأتني به.

قال أبو سهل: قال عقيد: فدخلت أتحرّى، فإذا أنا بصبي ساجد رافع سبّابته نحو السماء، فسلّمت عليه، فأوجز في صلاته، فقلت: إنّ سيّدي يأمرك بالخروج إليه إذ جاءت اُمّه صقيل فأخذت بيده وأخرجته إلى أبيه الحسن عليه السلام.

قال أبو سهل: فلمّا مثل الصبي بين يديه سلّم، وإذا هو درّي اللون، وفي شعر رأسه قطط، مفلج الأسنان، فلمّا رآه الحسن بكى، وقال: يا سيّد أهل بيته، إسقني الماء، فإنّي ذاهب إلى ربّي، وأخذ الصبي القدح المغلي بالمصطكي بيده، ثمّ حرّك شفتيه، ثمّ سقاه فلمّا شربه قال: هيّئوني للصلاة، فطرح في حجره منديل، فوضّأه الصبي واحدة واحدة، ومسح على رأسه وقدميه.

فقال له أبو محمّد عليه السلام: أبشر يا بنيّ، فأنت صاحب الزمان، وأنت المهدي، وأنت حجّة الله على أرضه، وأنت ولدي، ووصيّي، وأنا ولدتك، وأنت محمّد بن الحسن بن عليّ بن أبي طالب، ولّدك رسول الله صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله، وأنت خاتم الأئمّة الطاهرين، وبشّر بك رسول الله صلى ‌الله‌ عليه ‌وآله وسمّاك وكنّاك بكذلك عهد إليَّ أبي عن آباءك الطاهرين صلّى الله على أهل البيت ربّنا إنّه حميد مجيد.

ومات الحسن بن عليّ من وقته »[11].

١٠ ـ الرجل الفارسي روى الكليني في الكافي بسنده عن ضوء بن عليّ العجلي، عن رجل من أهل فارس سمّاه، قال: « أتيت سر من رأي ولزمت باب أبي محمّد عليه السلام فدعاني، فدخلت عليه وسلّمت، فقال: ما الذي أقدمك ؟

قال: قلت: رغبة في خدمتك.

قال فقال لي: فألزم الباب.

قال: فكنت في الدار مع الخدم ثمّ صرت اشتري لهم الحوائج من السوق، وكنت أدخل عليهم من غير إذن إذا كان في الدار رجال.

قال: فدخلت عليه يوماً وهو في دار الرجال، فسمعت حركة في البيت فناداني: مكانك لا تبرح، فلم أجسر أدخل ولا أخرج، فخرجت علَيَّ جارية ومعها شيء مغطّى.

ثم ناداني: ادخل، فدخلت، ونادى الجارية فرجعت إليه، فقال لها: أكشفي عمّا معك، فكشفت عن غلام أبيض، حسن الوجه، وكشفت عن بطنه فإذا شعر نابت من لبته إلى سرته، أخضر ليس بأسود، فقال: هذا صاحبكم، ثمّ أمرها فحملته، فما رأيته بعد ذلك حتّى مضى أبو محمّد عليه‌السلام »[12].

الهوامش:

[1] بحار الأنوار: ٥١ / ١٧.

[2] كتاب الغيبة: ١٤٣.

[3] كمال الدين: ٢ / ٣٨٤.

[4] إعلام الورى: ٤١٣.

[5] كتاب الغيبة / الطوسي: ١٤٧.

[6] كمال الدين٢ / ٤٣١.

[7] الإنسان (٧٦): ٣٠.

[8] الخرائج والجرائح: ١ / ٤٥٨.

[9] كتاب الغيبة: ٢١٧.

[10] الغيبة / الطوسي: ١٣٩.

[11] كتاب الغيبة: ١٦٥.

[12] بصرة الوليّ فيمن رأى القائم المهدي: ٥١، عن الكافي: ١ / ٣٢٩.