التشكيك بـ ’المرجعية’ و ’التقليد’.. عندما يتصدّى الجهل لفهم الدين!

في البدءْ ينبغي على هؤلاء المشككين بالمراجع والتقليد أنْ يعرفوا أمراً مهماً وهو أنه لا يحق لأي إنسان أنْ يتصدى لاستنباط الأحكام الشرعية بمجرد أنْ يفهم شيئاً من الرواية، بلْ عليه أنْ يحيط بجملة كبيرة من العلوم حتى يصل إلى درجة الاستنباط.

اشترك في قناة «الأئمة الاثنا عشر» على تليجرام

فعليه من الناحية النظرية أنْ يدرس علوم اللغة العربية والمنطق والصرف والبلاغة والرجال والحديث والأصول والعقائد والتفسير وغيرها، فالمسألة ليستْ بهذه السهولة كما يتصورها البعض، وأما من الناحية التطبيقية فالرواية الحجة التي تكون محلاً للاستنباط هي الرواية المعتبرة السند والتي لا تخالف القرآن الكريم، ولا تخالف العقل القطعي، ولا تخالف الحقائق العلمية الثابتة، ولا تخالف المسلمات في الشريعة، ولا تخالف ثوابت المذهب، ولا تكون صادرةً للتقية، ولا تكون معارضةً لرواية أخرى منْ مروياتنا، وإذا كان لها معارض هلْ هو من النوع المستقر أو غير المستقر؟ وإذا كان منْ نوع غير المستقر، هلْ يمكن جمعها جمعاً عرفياً أو لا؟، والمستقر هل توجد له مرجحات في المقام أو لا؟ فهذه المراحل كلها على الرواية اجتيازها حتى تكون حجةً ويأخذ بها الفقيه ويستنبط الحكم الشرعي منها .

هذا كله من الناحية الفنية لمنْ أراد الأخذ من المعصومين (عليهم السلام) مباشرةً.. أما من ناحية عقلائية، فالسيرة العقلائية قائمة بالرجوع إلى أهل الخبرة والاختصاص، فقدْ كان الناس يرجعون إلى أهل الخبرة والاختصاص منْ أيام المعصومين (عليهم السلام)، بلْ قبل زمانهمْ، وكان هذا الرجوع على مرأىً ومسمع منهمْ (عليهم السلام)، ولمْ يثبتْ صدور ردع عنهمْ (عليهم السلام) للناس في الرجوع المذكور، فتثبت حجية الرجوع إلى الفقهاء والمراجع لأنهمْ أهل اختصاص في فنهمْ كأي جهة أخرى.

مع إشارة أخرى نذكرها هنا بأن الأئمة (عليهم السلام) أنفسهمْ أرجعوا شيعتهمْ إلى جملة كبيرة منْ أصحابهمْ في أخذ علوم الدين عنهمْ، وقدْ كانوا (عليهم السلام) يعلمون أصحابهمْ كيفية الاستنباط واستخراج الأحكام الشرعية منْ أدلتها التفصيلية.