أموات لا يغسّلون!

أحكام الميت وغسله: (مسألة 90): الأحوط وجوباً توجيه المؤمن - ومن بحكمه - حال احتضاره إلى القبلة، بأن يوضع على قفاه وتمدّ رجلاه نحوها بحيث لو جلس كان وجهه تجاهها، والأحوط الأولى للمحتضر نفسه أن يفعل ذلك إن أمكنه.

اشترك في قناة «الأئمة الاثنا عشر» على تليجرام

ولا يعتبر في توجيه غير الوليّ إذن الوليّ إن علم رضا المحتضر نفسه بذلك ما لم يكن قاصراً، وإلّا اعتبر إذنه على الأحوط وجوباً.

ولا فرق في الميّت بين الرجل والمرأة والكبير والصغير.

ويستحبّ الإسراع في تجهيزه، إلّا أن يشتبه أمر موته فإنّه يجب التأخير حينئذٍ حتّى يتبيّن موته.

(مسألة 91): يجب تغسيل الميّت وسائر ما يتعلّق بتجهيزه من الواجبات التي يأتي بيانها على وليّه، فعليه التصدّي لها مباشرة أو تسبيباً، ويسقط مع قيام غيره بها بإذنه، بل مطلقاً في الدفن ونحوه. نعم، مع فقدان الوليّ يجب تجهيز الميّت على سائر المكلّفين كفاية، وكذا مع امتناعه عن القيام به بأحد الوجهين، ويسقط اعتبار إذنه حينئذٍ.

ويختصّ وجوب التغسيل بالميّت المسلم ومن بحكمه كأطفال المسلمين ومجانينهم، ويستثنى من ذلك صنفان:

1- من قُتل رجماً أو قصاصاً بأمر الإمام (عليه السلام) أو نائبه، فإنّه يغتسل - والأحوط وجوباً أن يكون غسله كغسل الميّت الآتي تفصيله - ثُمَّ يحنّط ويكفّن كتكفين الميّت، ثُمَّ يُقتل فيُصلّى عليه ويدفن بلا تغسيل.

2- من قُتل في الجهاد مع الإمام (عليه السلام) أو نائبه الخاصّ، أو في الدفاع عن الإسلام. ويشترط أنْ لا تكون فيه بقيّة حياة حين يدركه المسلمون، وإن أدركوه وبه رمق وجب تغسيله.

(مسألة 92): إذا أوصى الميّت بتغسيله أو بسائر ما يتعلّق به من التكفين والصلاة عليه والدفن إلى شخص خاصّ فهو أولى به من غيره.

ومع عدم الوصيّة فالزوج أولى بزوجته، وأمّا في غير الزوجة فالأولى بميراث الميّت من أقربائه - حسب طبقات الإرث - أولى بأحكامه من غيره، والذكور في كلّ طبقة أولى من الإناث. وفي تقديم الأب على الأولاد، والجدّ على الأخ، والأخ من الأبوين على الأخ من أحدهما، والأخ من الأب على الأخ من الأمّ، والعمّ على الخال إشكال، فالأحوط وجوباً الاستئذان من الطرفين في ذلك.

ولا ولاية للقاصر، ولا للغائب الذي لا يتيسّر إعلامه وتصدّيه لتجهيز الميّت بأحد الوجهين مباشرة أو تسبيباً. وإذا لم يكن للميّت وارث غير الإمام فالأحوط الأولى الاستئذان من الحاكم الشرعي في تجهيزه، وإن لم يتيسّر الحاكم فمن بعض عدول المؤمنين.

(مسألة 93): يجب تغسيل السقط وتحنيطه وتكفينه إذا تمّت له أربعة أشهر، بل وإن لم تتمّ له ذلك إذا كان مستوي الخلقة على الأحوط لزوماً. ولا تجب الصلاة عليه كما أنّها لا تستحبّ. وإذا لم تتمّ له أربعة أشهر ولم يكن مستوي الخلقة فالأحوط وجوباً أن يلّف في خرقة ويدفن.

(مسألة 94): يحرم النظر إلى عورة الميّت ومسّها كما يحرم النظر إلى عورة الحيّ ومسّها، ولكنّ الغسل لا يبطل بذلك.

(مسألة 95): يعتبر في غسل الميّت إزالة عين النجاسة عن بدنه، ولكن لا يعتبر إزالتها عن جميع جسده قبل أن يشرع في الغسل بل يكفي إزالتها عن كلّ عضو قبل الشروع فيه. ويستحبّ أن يوضع الميّت مستقبل القبلة حال الغسل كالمحتضر.

شروط المغسل

يعتبر في من يباشر غسل الميّت أن يكون عاقلاً مسلماً بل ومؤمناً أيضاً على الأحوط وجوباً، ولا يعتبر أن يكون بالغاً، فيكفي تغسيل الصبيّ المميّز إذا أتى به على الوجه الصحيح.

ويعتبر في المُغسِّل أيضاً أن يكون مماثلاً للميّت في الذكورة والأنوثة، ويستثنى من ذلك موارد:

1- الزوج والزوجة، فيجوز لكلّ منهما تغسيل الآخر اختياراً، سواء أكان مجرّداً أم من وراء الثياب، وسواء وجد المماثل أم لا.

2- الطفل غير المميّز، والأحوط استحباباً أن لا يزيد سنُّه على ثلاث سنين، فيجوز حينئذٍ للذكر والأنثى تغسيله، سواء أكان ذكراً أم أنثى.

3- المَحْرَم، أي كلّ من يحرم عليه نكاحه مؤبّداً بنسب أو رضاع أو مصاهرة - دون المحرّم بغيرها كالزنا واللواط واللعان -، فيجوز له أن يغسّل مَحْرَمه غير المماثل. والأولى أن يكون التغسيل حينئذٍ من وراء الثوب، هذا إذا لم يوجد المماثل، وإن وجد فالأحوط وجوباً أن لا يتصدّى المَحْرَم غير المماثل للتغسيل.

(مسألة 96): إذا غسَّل المسلم غير الاثني عشري من يوافقه في المذهب لم يجب على الاثني عشري إعادة تغسيله إلّا أن يكون وليّه. وإذا غسله الاثنا عشري وجب عليه أن يغسّله على الطريقة الاثنا عشرية في غير موارد التقيّة.

(مسألة 97): إذا لم يوجد مسلم اثنا عشري مماثل للميّت أو مَحْرَم له جاز أن يغسّله المسلم المماثل غير الاثنا عشري. وإن لم يوجد هذا أيضاً جاز أن يغسّله الكافر الكتابي المماثل بأن يغتسل هو أوّلاً ثُمَّ يغسّل الميّت ثانياً. وإن لم يوجد المماثل حتّى الكتابي سقط وجوب الغسل ودفن بلا غسل.

كيفية تغسيل الميت

يجب تغسيل الميّت على الترتيب الآتي:

1- بالماء المخلوط بالسدر.

2- بالماء المخلوط بالكافور.

3- بالماء القراح (الخالص).

ولا بُدَّ من أن يكون الغسل ترتيبيّاً بأن يغسل الرأس والرقبة ثُمَّ الطرف الأيمن ثُمَّ الطرف الأيسر، ولا يكفي الارتماسي مع التمكّن من الترتيبي على الأحوط.

وإذا كان الميّت مُحْرِماً لا يجعل الكافور في ماء غسله، إلّا الحاج إذا مات بعد الفراغ من المناسك التي يحلّ له الطيب بعدها.

(مسألة 98): السدر والكافور لا بُدَّ من أن يكونا بمقدار يصدق معه عرفاً أن الماء مخلوط بهما، ويعتبر أن لا يكونا في الكثرة بحدّ يخرج معه الماء من الإطلاق إلى الإضافة.

(مسألة 99): إذا لم يوجد السدر أو الكافور أو كلاهما فالأحوط وجوباً أن يغسّل حينئذٍ بالماء القراح بدلاً عن الغسل بما هو المفقود منهما قاصداً به البدليّة عنه مراعياً للترتيب بالنيّة، ويضاف إلى ذلك تيمّم واحد أيضاً.

وإذا لم يوجد الماء القراح، فإن تيسّر ماء السدر أو الكافور فالأحوط وجوباً أن يغسّل به بدلاً عن الغسل بالماء القراح ويضمّ إليه التيمّم، وإلّا اكْتُفِي بالتيمّم.

(مسألة 100): إذا كان عنده من الماء ما يكفي لغسل واحد فقط فإن لم يوجد السدر والكافور غسل بالماء القراح وضمّ إليه تيمّم واحد على الأحوط وجوباً، وإن وجد السدر مع الكافور أو بدونه يغسّل الميّت بماء السدر ثُمَّ يُيَمَّم مرّة واحدة على الأحوط وجوباً، وإن وجد الكافور فقط غسّل بماء الكافور وضمّ إليه تيمّم واحد أيضاً على الأحوط وجوباً.

(مسألة 101): إذا لم يوجد الماء أصلاً يُيَمّم الميّت بدلاً عن الغسل، ويكفي تيمّم واحد، وإن كان الأحوط الأولى أن يُيَمّم ثلاث مرّات، ويقصد فيها البدليّة عن الأغسال الثلاثة على الترتيب المعتبر فيها.

(مسألة 102): إذا كان الميّت جريحاً أو محروقاً أو مجدوراً وخيف من تناثر لحمه إذا غسل وجب أن يُيَمّم، ويعتبر أن يكون التيمّم بيد الحيّ، والأحوط استحباباً مع التمكّن الجمع بينه وبين التيمّم بيد الميّت.

(مسألة 103): يجوز تغسيل الميّت من وراء الثوب وإن كان المغسل مماثلاً له، بل لا يبعد أن يكون ذلك أفضل من تغسيله مجرّداً مستور العورة حتّى في الزوج والزوجة والمَحْرَم.

(مسألة 104): يعتبر في غسل الميّت طهارة الماء وإباحته وإباحة السدر والكافور.

ولا يعتبر إباحة الفضاء الذي يشغله الغسل وظرف الماء، ولا مجرى الغُسالة ولا السدة التي يُغسّل عليها، هذا مع عدم الانحصار، وأمّا معه فيسقط الغسل ويُيَمَّم الميّت، لكن إذا غسّل صحّ الغسل.

(مسألة 105): يعتبر قصد القربة في التغسيل. ولا يجوز أخذ الأجرة عليه على الأحوط وجوباً، ولا بأس بأخذ الأجرة على المقدّمات كبذل الماء ونحوه ممّا لا يجب بذله مجّاناً.

(مسألة 106): إذا تنجّس بدن الميّت أثناء الغسل أو بعده بنجاسة خارجيّة أو من الميّت لم تجب إعادة الغسل، بل وجب تطهير الموضع إذا أمكن بلا مشقّة ولا هتك ولو كان ذلك بعد وضعه في القبر على الأحوط وجوباً.

تكفين الميت

يجب تكفين الميّت المسلم بقطعات ثلاث: مئزر، وقميص، وإزار.

والأحوط وجوباً في المئزر أن يكون من السرّة إلى الركبة، والأفضل أن يكون من الصدر إلى القدم.

والأحوط وجوباً في القميص أن يكون من المنكبين إلى النصف من الساقين، والأفضل أن يكون إلى القدمين.

والواجب في الإزار أن يغطّي جميع البدن، والأحوط وجوباً أن يكون طولاً بحيث يمكن أن يشدّ طرفاه، وعرضاً بحيث يقع أحد جانبيه على الآخر.

ويعتبر أن يكون الكفن ساتراً لما تحته، ويكفي حصول الستر بالمجموع، وإن كان الأحوط استحباباً في كلّ قطعة أن يكون وحده ساتراً لما تحته.

وإذا لم تتيسّر القطعات الثلاث اقتصر في تكفين الميّت بما يتمكّن منها.

(مسألة 107): إذا لم يكن للميّت تركة بمقدار الكفن لم يدفن عارياً، بل على المسلمين بذل كفنه على الأحوط وجوباً، ويجوز احتسابه من الزكاة.

(مسألة 108): يخرج المقدار الواجب من الكفن وكذا الزائد عليه من المستحبّات المتعارفة ولا سيّما اللازمة بالنسبة إلى مثله من أصل التركة، وكذا السدر والكافور والماء وقيمة الأرض التي يدفن فيها وأجرة حمل الميّت وأجرة حفر القبر إلى غير ذلك ممّا يصرف في أي عمل من واجبات الميّت، فإنّ كلّ ذلك يخرج من أصل التركة وإن كان الميّت مديوناً أو كانت له وصيّة، هذا فيما إذا لم يوجد من يتبرّع بشيء من ذلك وإلّا لم يخرج من التركة.

وأمّا ما يصرف فيما زاد على القدر الواجب وما يلحق به فلا يجوز إخراجه من الأصل، وكذا الحال في قيمة المقدار الواجب وما يلحقه فإنّه لا يجوز أن يخرج من الأصل إلّا ما هو المتعارف بحسب القيمة، فلو كان الدفن في بعض المواضع اللائقة بحال الميّت لا يحتاج إلى بذل مال وفي البعض الآخر يحتاج إليه قدّم الأوّل. نعم، يجوز إخراج الزائد على القدر المذكور من الثلث مع وصيّة الميّت به أو وصيّته بالثلث من دون تعيين مصرف له كلّاً أو بعضاً، كما يجوز إخراجه من حصص الورثة الكبار منهم برضاهم، دون القاصرين إلّا مع إذن الوليّ على تقدير وجود مصلحة تسوّغ له ذلك.

(مسألة 109): كفن الزوجة على زوجها حتّى مع يسارها أو كونها منقطعة أو ناشزة، هذا إذا لم يتبرّع غير الزوج بالكفن وإلّا سقط عنه، وكذلك إذا أوصت به من مالها وعمل بالوصيّة، أو تقارن موتها مع موته، أو كان البذل حرجيّاً على الزوج، فلو توقّف على الاستقراض أو فكّ ماله من الرهن ولم يكن فيه حرج عليه تعيّن ذلك، وإلّا لم يجب.

(مسألة 110): يجوز التكفين بما كتب عليه القرآن الكريم أو بعض الأدعية المباركة كالجوشن الكبير أو الصغير، ولكن يلزم أن يكون ذلك بنحو لا يتنجّس موضع الكتابة بالدم أو غيره من النجاسات، كأن يكتب في حاشية الإزار من طرف رأس الميّت، ويجوز أن يكتب على قطعة من القماش وتوضع على رأسه أو صدره.

شروط الكفن

يعتبر في الكفن أمور:

1- الإباحة.

2- الطهارة، بأن لا يكون نجساً ولا متنجّساً.

3- أن لا يكون من الحرير الخالص، ولا بأس بما يكون ممزوجاً به بشرط أن يكون حريره أقلّ من خليطه. والأحوط وجوباً أن لا يكون الكفن مُذهّباً، ولا من أجزاء ما لا يؤكل لحمه، ولا من جلد الميتة وإن كان طاهراً. ولا بأس أن يكون مصنوعاً من وبر أو شعر مأكول اللحم، بل لا بأس أن يكون من جلده مع صدق الثوب عليه عرفاً.

وكل هذه الشروط - غير الإباحة - يختصّ بحال الاختيار ويسقط في حال الضرورة، فلو انحصر الكفن في الحرام دُفن عارياً، ولو انحصر في غيره من الأنواع التي لا يجوز التكفين بها اختياراً كُفِّن به، فإذا انحصر في واحد منها تعيّن، وإذا تعدّد ودار الأمر بين تكفينه بالمتنجّس وتكفينه بالنجس قدّم الأوّل، وإذا دار الأمر بين النجس أو المتنجّس وبين الحرير قدّم الثاني، ولو دار الأمر بين أحد الثلاثة وبين غيرها قدّم الغير، ومع دوران الأمر بين التكفين بالمُذهّب والتكفين بأجزاء ما لا يؤكل لحمه تخيّر بينهما، وإن كان الاحتياط بالجمع حسناً.

(مسألة 111): الشهيد لا يكفّن بل يدفن بثيابه، إلّا إذا كان بدنه عارياً فيجب تكفينه.

(مسألة 112): يستحبّ وضع جريدتين خضراوين مع الميّت، وينبغي أن تكونا من النخل، فإن لم يتيسّر فمن السدر أو الرمان، وإن لم يتيسّرا فمن الخلاف (الصَّفْصَاف). والأولى في كيفيّته جعل إحداهما من الجانب الأيمن من عند الترقوة ملصقة بالبدن، والأخرى من الجانب الأيسر من عند الترقوة بين القميص والإزار.

الحنوط

يجب تحنيط الميّت المسلم، وهو: إمساس مواضع السجود السبعة بالكافور المسحوق غير الزائلة رائحته، ويكفي فيه وضع المسمّى.

ويشترط فيه إباحته، فيسقط وجوب التحنيط عند عدم التمكّن من الكافور المباح، كما يعتبر طهارته وإن لم يوجب تنجّس بدن الميّت على الأحوط وجوباً. والأفضل أن يكون الكافور المستخدم في التحنيط بمقدار سبعة مثاقيل، ويستحبّ خلطه بقليل من التربة الحسينيّة، ولكن لا يمسح به المواضع المنافية للاحترام.

(مسألة 113): الأحوط الأولى أن يكون الإمساس بالكف، وأن يبتدئ من الجبهة، ولا ترتيب في سائر الأعضاء. ويجوز أن يباشر التحنيط الصبيّ المميّز، بل وغيره أيضاً.

(مسألة 114): يسقط التحنيط فيما إذا مات الميّت في إحرام العمرة أو الحجّ، فَيُجنَّب من الكافور بل من مطلق الطيب. نعم، إذا مات الحاج بعد الفراغ من المناسك التي يحلّ له الطيب بعدها وجب تحنيطه كغيره من الأموات.

(مسألة 115): وجوب التحنيط كوجوب التغسيل، وقد مضى تفصيله في المسألة (91).

الصلاة على الميت

تجب الصلاة على كلّ مسلم ميّت وإن كان فاسقاً، ووجوبها كوجوب التغسيل، وقد مرّ في المسألة (91).

(مسألة 116): لا تجب الصلاة على أطفال المسلمين إلّا من عقل منهم الصلاة، ومع الشكّ في ذلك فالعبرة ببلوغه ستّ سنين. وفي استحباب الصلاة على من لم يعقل الصلاة إشكال، والأحوط وجوباً عدم الإتيان بها إلّا رجاءً.

(مسألة 117): تصحّ الصلاة على الميّت من الصبيّ المميّز، وتجزئ عن البالغين.

(مسألة 118): يجب تقديم الصلاة على الدفن، إلّا أنّه إذا دفن قبل أن يُصلّى عليه عصياناً أو لعذر فلا يجوز أن ينبش قبره للصلاة عليه، ولم تثبت مشروعية الصلاة عليه وهو في القبر، فالأحوط وجوباً الإتيان بها رجاءً.

كيفية صلاة الميت

يجب في الصلاة على الميّت خمس تكبيرات، والدعاء للميّت عقيب إحدى التكبيرات الأربع الأُوَل، وأمّا الثلاثة الباقية فيتخيّر فيها بين الصلاة على النبيّ (صلّى الله عليه وآله) والشهادتين والدعاء للمؤمنين والتمجيد لله تعالى، ولكنّ الأحوط استحباباً أن يكبّر أوّلاً ويتشهد الشهادتين، ثُمَّ يكبّر ثانياً ويصلّي على النبيّ وآله، ثُمَّ يكبّر ثالثاً ويدعو للمؤمنين والمؤمنات، ثُمَّ يكبّر رابعاً ويدعو للميت، ثُمَّ يكبّر خامساً وينصرف.

والأفضل أن يقول بعد التكبيرة الأولى: «أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلٰهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيْكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُوْلُه، أَرْسَلَهُ بِالحَقِّ بَشِيْراً وَنَذِيْراً بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ».

وبعد التكبيرة الثانية: «اللّٰهُمَّ صَلِّ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَارْحَمْ مُحَمَّداً وَآلَ مُحَمَّدٍ، كَأَفْضَلِ مَا صَلَّيْتَ وَبَارَكْتَ وَتَرَحَّمْتَ عَلَىٰ إِبْرَاهِيْمَ وَآلِ إِبْرَاهِيْمَ، إِنَّكَ حَمِيْدٌ مَجِيْدٌ، وَصَلِّ عَلَىٰ جَمِيْعِ الأَنْبِيَاءِ وَالمُرْسَلِيْنَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصِّدِّيْقِيْنَ وَجَمِيْعِ عِبَادِ الله الصَّالِحِيْنَ».

وبعد التكبيرة الثالثة: «اللّٰهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُؤْمِنِيْنَ وَالمُؤْمِنَاتِ وَالمُسْلِمِيْنَ وَالمُسْلِمَاتِ الأَحْيَاءِ مِنْهُمْ وَالأَمْوَاتِ، تَابِعِ اللّٰهُمَّ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ بِالخَيْرَاتِ، إِنَّكَ مُجِيْبُ الدَّعَوَاتِ، إِنَّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيْرٍ».

وبعد الرابعة: «اللّٰهُمَّ إِنَّ هَذَا المُسَجَّىٰ قُدَّامَنَا عَبْدُكَ وَابْنُ عَبْدِكَ وَابْنُ أَمَتِكَ، نَزَلَ بِكَ وَأَنْتَ خَيْرُ مَنْزُوْلٍ بِهِ، اللّٰهُمَّ إِنَّا لَا نَعْلَمُ مِنْهُ إِلَّا خَيْرَاً وَأَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنَّا، اللّٰهُمَّ إِنْ كَانَ مُحْسِنَاً فَزِدْ فِي إِحْسَانِهِ، وَإِنْ كَانَ مُسِيْئَاً فَتَجَاوَزْ عَنْ سَيِّئَاتِه وَاغْفِرْ لَهْ، اللّٰهُمَّ اجْعَلْهُ عِنْدَكَ فِي أَعْلَىٰ عِلِّيِّيْنَ وَاخْلُفْ عَلَىٰ أَهْلِهِ فِي الغَابِرِيْنَ وَارْحَمْهُ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِيْنَ»، ثُمَّ يكبّر وبها تتمّ الصلاة.

ولا بُدَّ من رعاية تذكير الضمائر وتأنيثها حسب اختلاف جنس الميّت. وتختصّ هذه الكيفيّة بما إذا كان الميّت مؤمناً بالغاً، وفي الصلاة على أطفال المؤمنين يقول بعد التكبيرة الرابعة: «اللّٰهُمَّ اجْعَلْهُ لِأَبَوَيْهِ وَلَنَا سَلَفَاً وَفَرَطَاً وَأَجْرَاً».

(مسألة 119): يعتبر في صلاة الميّت أمور:

1- أن تكون بعد الغسل والتحنيط والتكفين، وإلّا بطلت ولا بُدَّ من إعادتها. وإذا تعذّر غسل الميّت أو التيمّم بدلاً عنه - وكذلك التكفين والتحنيط - لم تسقط الصلاة عليه.

2- النيّة، بأن يقصد بها القربة مع تعيين الميّت على نحو يرفع الإبهام.

3- القيام مع القدرة عليه.

4- أن يكون رأس الميّت على يمين المصلّي.

5- أن يوضع على قفاه عند الصلاة عليه.

6- استقبال المصلّي للقبلة حال الاختيار.

7- أن يكون الميّت أمام المصلّي.

8- أن لا يكون حائل بينهما من ستر أو جدار على نحو لا يصدق الوقوف عليه، ولا يضرّ الستر بمثل النعش أو ميّت آخر.

9- الموالاة بين التكبيرات والأذكار، بأن لا يفصل بينها بمقدار تنمحي به صورة الصلاة.

10- أن لا يكون بين الميّت والمصلّي بُعدٌ مفرط، إلّا مع اتّصال الصفوف في الصلاة جماعة أو مع تعدّد الجنائز في الصلاة عليها دفعة واحدة.

11- أن لا يكون أحدهما أعلى من الآخر علوّاً مفرطاً.

12- أن يكون الميّت مستور العورة - إذا تعذّر الكفن - ولو بحجر أو لَبِنَة.

دفن الميت

يجب دفن الميّت المسلم ومن بحكمه، ووجوبه كوجوب التغسيل، وقد مرّ في المسألة (91).

وكيفيّة الدفن: أن يوارى في حفيرة في الأرض، فلا يجزئ البناء عليه ولا وضعه في بناء أو تابوت مع القدرة على المواراة في الأرض، وتكفي مواراته في الحفيرة بحيث يُؤْمَن على جسده من السباع وإيذاء رائحته للناس ولو لعدم وجود السباع أو من تؤذيه رائحته من الناس أو بسبب البناء على قبره بعد مواراته، ولكنّ الأحوط استحباباً أن تكون الحفيرة بنفسها على كيفيّة تمنع من انتشار رائحة الميّت ووصول السباع إلى جسده. ويجب أن يوضع في قبره على طرفه الأيمن موجّهاً وجهه إلى القبلة.

(مسألة 120): يجب دفن الجزء المبان من الميّت وإن كان شعراً أو سنّاً أو ظفراً على الأحوط وجوباً. نعم، لو عثر عليها قبل دفنه يجب جعلها في كفنه.

(مسألة 121): من مات في السفينة ولم يمكن دفنه في البر ولو بتأخيره لخوف فساده أو غير ذلك، يغسّل ويكفّن ويحنّط ويُصلّى عليه، ثُمَّ يوضع في خابية ونحوها ويشدّ رأسها باستحكام، أو يشدّ برجله ما يثقله من حجر أو حديد، ثُمَّ يلقى في البحر. والأحوط استحباباً اختيار الوجه الأوّل مع الإمكان، وكذلك الحال في ميّت خيف عليه من أن يخرجه العدو من قبره ويحرقه أو يمثّل به.

(مسألة 122): لا يجوز دفن الميّت في مكان يستلزم هتك حرمته كالبالوعة والمواضع القذرة، كما لا يجوز دفنه في مقابر الكفّار. ولا يجوز دفن الكافر في مقبرة المسلمين.

(مسألة 123): يعتبر في موضع الدفن الإباحة، فلا يجوز الدفن في مكان مغصوب، أو فيما وقف لجهة خاصّة - كالمدارس والحسينيّات ونحوهما - وإن لم يكن مضرّاً بالوقف أو مزاحماً لجهته على الأحوط وجوباً.

(مسألة 124): إذا دفن الميّت في مكان لا يجوز دفنه فيه وجب نبش قبره وإخراجه ودفنه في موضع يجوز دفنه فيه، إلّا في بعض الموارد المذكورة في «العروة الوثقى» وتعليقتنا عليها.

(مسألة 125): إذا دفن الميّت بلا غسل أو كفن أو حنوط مع التمكّن منها وجب إخراجه مع القدرة لإجراء الواجب عليه ودفنه ثانياً بشرط أن لا يستلزم ذلك هتكاً لحرمته، وإلّا ففيه إشكال.

(مسألة 126): لا يجوز نبش قبر المسلم إلّا في موارد خاصّة تقدّم بعضها، ومنها ما لو أوصى الميّت بنقله إلى المشاهد المشرفة فدُفن عصياناً أو جهلاً أو نسياناً في غيرها، فإنّه يجب النبش والنقل ما لم يفسد بدنه ولم يوجب النقل أيضاً فساد بدنه ولا محذوراً آخر. وأمّا لو أوصى بنبش قبره ونقله بعد مدّة إلى الأماكن المشرفة ففي صحّة وصيّته إشكال.

(مسألة 127): إذا كان الموجود من الميّت يصدق عليه عرفاً أنّه بدن الميّت كما لو كان مقطوع الأطراف (الرأس واليدين والرجلين) كلّاً أو بعضاً، أو كان الموجود جميع عظامه مجرّدة عن اللحم أو معظمها بشرط أن تكون من ضمنها عظام صدره، ففي مثل ذلك تجب الصلاة عليه، وكذا ما يتقدّمها من التغسيل والتحنيط إن وجد بعض مساجده، والتكفين بالإزار والقميص بل وبالمئزر أيضاً إن وجد بعض ما يجب ستره به.

وإذا كان الموجود من الميّت لا يصدق عليه أنّه بدنه بل بعض بدنه، فلو كان هو القسم الفوقاني من البدن - أي الصدر وما يوازيه من الظهر - سواء كان معه غيره أم لا وجبت الصلاة عليه وكذا التغسيل والتكفين بالإزار والقميص وبالمئزر إن كان محلّه موجوداً - ولو بعضاً - على الأحوط وجوباً، ولو كان معه بعض مساجده وجب تحنيطه على الأحوط وجوباً. ويلحق بهذا في الحكم ما إذا وجد جميع عظام هذا القسم أو معظمها على الأحوط وجوباً.

وإذا لم يوجد القسم الفوقاني من بدن الميّت كأن وجدت أطرافه كلّاً أو بعضاً مجرّدة عن اللحم أو معه، أو وجد بعض عظامه - ولو كان فيها بعض عظام الصدر - فلا يجب الصلاة عليه، بل ولا تغسيله ولا تكفينه ولا تحنيطه.

وإن وجد منه شيء لا يشتمل على العظم - ولو كان فيه القلب - لم يجب فيه أيضاً شيء ممّا تقدّم عدا الدفن، والأحوط وجوباً أن يكون ذلك بعد اللف بخرقة.

صلاة ليلة الدفن

روي عن النبيّ (صلّى الله عليه وآله) أنّه قال: «لَا يَأْتِيْ عَلَىٰ المَيِّتِ سَاعَةٌ أَشَدُّ مِنْ أَوَّلِ لَيْلَةٍ، فَارْحَمُوْا مَوْتَاكُمْ بِالصَّدَقَةِ، فِإِنْ لَمْ تَجِدُوْا فَلْيُصَلِّ أَحَدُكُمْ رَكْعَتَيْنِ، يَقْرَأُ فِيْ الأُوْلَى فَاتِحَةَ الكِتَابِ مَرَّةً وَآيَةَ الكُرْسِيِّ مَرَّةً وَ«قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ» مَرَّتَيْنِ، وَفِيْ الثَّانِيَةِ فَاتِحَةَ الكِتَابِ مَرَّةً وَ«أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ» عَشْرَ مَرَّاتٍ، وَيُسَلِّمْ وَيَقُوْلُ: اللّٰهُمَّ صَلِّ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَابْعَثْ ثَوَابَهُمَا إِلَىٰ قَبْرِ ذَلِٰكَ المَيِّتِ فُلَانِ بْنِ فُلَان...».

وفي رواية أخرى أنّه يقرأ في الأولى الحمد وآية الكرسي، وفي الثانية الحمد والقدر عشر مرّات.

غسل مسّ الميت

يجب الغسل على من مسّ الميّت بعد برده وقبل إتمام غُسْلِه، ولا فرق بين أن يكون المسّ مع الرطوبة أو بدونها، كما لا فرق في الممسوس والماسّ بين أن يكون ممّا تحلّه الحياة وما لا تحلّه كالسنّ والظفر. نعم، لا يبعد عدم العبرة بالشعر سواء كان ماسّاً أم ممسوساً.

ولا يختصّ الوجوب بما إذا كان الميّت مسلماً، فيجب في مسّ الميّت الكافر أيضاً، بل ولا فرق في المسلم بين من يجب تغسيله ومن لا يجب كالمقتول في المعركة في جهاد أو دفاع عن الإسلام، أو المقتول بقصاص أو رجم بعد الاغتسال على الأحوط وجوباً فيهما.

(مسألة 128): يجوز لمن عليه غسل المسّ دخول المساجد والمشاهد والمكث فيها وقراءة العزائم. نعم، لا يجوز له مسّ كتابة القرآن ونحوها ممّا لا يجوز للمحدث، ولا يصحّ له كلّ عمل مشروط بالطهارة كالصلاة إلّا بالغسل، والأحوط استحباباً ضمّ الوضوء إليه إذا كان محدثاً بالأصغر.

(مسألة 129): لا يجب الغسل بمسّ القطعة المبانة من الميّت أو الحيّ وإن كانت مشتملة على العظم واللحم معاً، وإن كان الغسل أحوط استحباباً.

(مسألة 130): إذا يُمِّمَ الميّت بدلاً عن تغسيله لعذر فالظاهر وجوب الغسل بمسّه.

المصدر: كتاب المسائل المنتخبة للمرجع الأعلى سماحة السيد علي السيستاني دام ظله (الطبعة الجديدة المنقحة)