لماذا يُخطّئ الدين سائر الاعتقادات الأخرى؟ ... نجل السيد السيستاني يجيب

لماذا يُخطّئ الدين سائر الاعتقادات والافكار الأخرى المختلفة عنه بنحو جازم؟

لماذا لا يثقّف الدين أهله على أن يعتقدوا بأن عقيدتهم صواب يحتمل الخطأ، وعقيدة الآخرين خطأ يحتمل الصواب؟

ألم يكن في هذه الحالة أساساً متيناً للسلم الاجتماعي؟

 الجواب عن ذلك:

"من الطبيعيّ في الدين بعد افتراض حقّانيّته أن يوجّه الناس توجيهاً جازماً إلى أصول تلك الحقائق، ويمنع من العقائد المصطنعة والمجعولة والمبتدعة واتّباعها، فتلك ضرورة معرفيّة وتربويّة في مقام توجيه الناس، وليس من المتوقَّع أن يذعن الدين في خطابه وتعاليمه بكلّ طريقة واعتقاد حتّى يتفنّن الناس في جعل عقائد يبتدعونها ويكونون رأساً في الدعوة إليها، أو أن يثقّف الناس على أن يحتملوا الخطأ فيما يبلّغه الدين أو الصواب فيما يكون ضدّ ذلك؛ فإنّ ذلك أدعى للخطأ والتفرقة.

بل من شأن الدين أن يدعو إلى البحث الجادّ عن الحقيقة ثمّ الإيمان الجازم بها كما هو شأن العقلاء في سائر الحقائق التي يشهدونها مثل التعليمات المتضمّنة لقواعد السلوك الصحيح والصائب في مختلف نواحي الحياة.

وأما السلم الاجتماعي العادل فهو من جملة وصايا الدين وأصول تعاليمه، ولم يخرج عنه إلا في حالات استثنائية رعايةً لمقتضيات عادلة وحكيمة [وقد ذُكر ذلك بشيء من التفصيل في محور (الدين والعدالة) من هذا الكتاب][1].

وأما الشحناء والبغضاء بين الناس فلم يسبّبه الدين ولكن سبّبته مزاجيّات الإنسان واستغلاله للدين لإشباعها، أو إهماله وتفريطه في البحث عن الحقيقة، أو إمعانه في مضادّتها، وإنّ سوء استغلال أيّة حقيقة أو تعليم لا يقتضي التقاعس عن بيانها ولا الإعراض عن ذكر صوابها ما دام أنّ سنن الحياة وحقائقها لن تتغيّر في جميع الأحوال، فهي صائرة إلى غاياتها سائرة إلى نهاياتها".

 

[1] اتجاه الدين في مناحي الحياة، ص١٢٢- السيد محمد باقر السيستاني.