الرجل فريسة الإغراء... يقول الغرب: تعرّي المرأة ليس خطيراً!

يقول الغرب: إنّ تعرّي المرأة ليس أمراً خطيراً، فهو وإن كان يغري الرجال ويعطيهم إيحاء خاطئاً، إلاّ أنّ الذنب هو ذنب الرجال الذين أصبحوا فريسة هذه الإغراءات، فعليهم أن يجتنبوا السعي وراء رغباتهم الشيطانية الفاسدة، وليس هناك ذنب على تعرّي المرأة.

ونقول:

إنّ في تعرّي المرأة جذباً لانتباه الرجال وفتنة لهم، وهذا ذنب قامت به المرأة، كما أنّ انجرار الرجل وراء الإغراء هو ذنب آخر مستقلّ عن الأول، فالمرأة المتعرية والرجل المنجرّ وراء من غرّه وخدعه كلاهما مشتركان في العملية الجنسية أو الاغتصاب المحرّم، لذا جعل الإسلام وقاية من الذنب الأول ستر الجسد والحشمة الكاملة، وحرّم على الرجل النظر وإن لم تستر المرأة بدنها إذا كانت هناك فتنة من نظره إليها.

ويقول أيضا: إنّ ستر بدن المرأة أو ما يطلق عليه (الحجاب) يعيق الرجل من معرفة شخصية المرأة التي يريد الاقتران بها، وهذا يقلل من فرص الاقتران للنساء، فلا بدّ من رفعه حتى يحصل الاقتران الذي هو علاقة تليق بالطرفين.

ونقول:

أ - إنّ الشريعة سمحت للمرأة أن تكشف عن بعض جسمها للرجل الذي يريد الاقتران بها، وسمحت للرجل أن ينظر إليها وإلى شعرها وصدرها وساقها، وينظر إليها قائمة وماشية، وترقّق له الثياب حتى يعرف جسمها ومفاتنها.

ب - إنّ المرأة تُعرف من خلال النظر إلى عينيها ووجهها، فإنّ الوجه يكشف عن جميع محاسن البدن.

ج - إنّ شخصية المرأة لا تفهم من خلال النظر إلى مفاتن الجسم، بل تعرف من خلال معرفة طريقة التفكير والأخلاق والمشاعر، وهي تحصل عن طريق الكلام معاً، لا من كشف البدن، فلاحظ.

ويقولون: إنّ ستر البدن على المرأة يخلق تمييزاً في المعاملة بين الرجل والمرأة، حيث إنّ الزوج لا يجب عليه ستر البدن كالمرأة، وهذا يؤدي إلى عدم المساواة بين الرجل والمرأة.

ونقول:

أ - في الحقيقة - كما تقدّم - أنّ الرجال والنساء متساوون في ستر البدن، حيث يجب عليهم الحشمة والعفة في لباسهم، فيجب على الجميع ارتداء اللباس وستر البدن، ولكن هناك اختلاف بين مقدار مساحة ما يخفى من البدن لاختلاف الجنسين في الأعضاء التي يعتبر كشفها مغرياً للجنس الآخر.

فالمرأة يمكن لها أن تغري الرجل بشعر رأسها أو بساقيها أو بعنقها وثدييها، فكانت هذه كلّها التي تعدّ من محاسن المرأة يحرم كشفها ويحرم نظر الرجل إليها، بينما الرجل فإنّه يتمكن أن يغري المرأة بكشف صدره وبطنه وفخذيه وما شابه ذلك، فحرم عليه ذلك في محيط توجد فيه النساء، كما حرم على النساء النظر إلى هذه المواضع من الرجل.

كما أنّ الغناء والرقص والخضوع في القول والإشارات والكنايات إلى الأعمال الجنسية من كلّ من الطرفين يمكن أن تغري الآخر، لذا حرّمها الإسلام على كلا الطرفين، فلاحظ.

ثمّ إنّ الرجل والمرأة متساويان في الإنسانية والكرامة والقيمة الروحية والطهارة والحقوق الإنسانية والواجبات الإنسانية، ولكنّهما يختلفان في كيفية الجسم، وهذا أمر واضح لا حاجة للخوض فيه، قال تعالى: ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْس وَاحِدَة وَّخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالا كَثِيراً وَنِسَاءً ) ([1]).

وقال تعالى: ( مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَر أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) ([2]).

وذكرت السنّة النبوية: « إنّ طلب العلم فريضة على كلّ مسلم ومسلمة »، كما تقدّم منّا جواز تقلّد المرأة أي عمل مهني وعلمي وحكومي ( إذا كان خالياً من القضاء والحكم في التنازع ) ([3])، وقد صرّح بذلك العلاّمة الطباطبائي (قدس سره) فقال: « يتقاسم كلّ من الرجال والنساء حصصاً متساوية من مواهب التفكير والإرادة التي تكون الأساس في حرية الاختيار، لذا يجب أن تكون المرأة حرة بشكل متساو مع الرجل في تفكيرها وإرادتها، ويجب أن تكون لها حرية الاختيار.

وبتعبير آخر: يجب أن تكون المرأة حرة في إدارة شؤون حياتها اليومية والاجتماعية، إلاّ إذا كان هناك سبب يفرض العكس.  وقد أعطاها الإسلام هذه الحرية وهذا الاستقلال بكلّ معاييره، وبذلك فقد أصبحت للمرأة بنعمة الله شخصيتها المستقلّة، ولم تعدّ مقيدة في إرادتها وأفعالها بما يريده الرجال، أو بما يريده من له الولاية عليها، وقد نالت ما أنكره العالم عليها على طول وجودها على هذه الأرض منذ بدء الخليقة بما لم يكن له مثيل في تاريخ المرأة يقول الله تعالى: (فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيَما فَعَلْنَ فِي أَنفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ) ([4]).

ومع أنّ المرأة تقاسم الرجل في هذه الصفات الأساسية، إلاّ أنّها تختلف عنه من طرائق أُخرى، فمتوسط المرأة يختلف عن متوسط الرجل في التركيبة الجسمانية وفي وظيفة أعضاء الجسم، كالدماغ والقلب والأوردة والأعصاب والطول والوزن، وتفاصيل هذه الحقيقة يمكن ملاحظتها في أيّ كتاب مختصّ بعلم التشريح.

ونتيجة لذلك فإنّ جسم المرأة هو أرق وأئنق من جسم الرجل الذي يكون عادة أمتن وأخشن.

أمّا العواطف الرقيقة كالحب والحنان والميل للجمال وللزينة، فهي عند المرأة أكثر مما هي عند الرجل.  ومن جهة أخرى، فإنّ القوة العقلية عند الرجل أبرز ممّا هي عليه عند المرأة.  تعيش المرأة حياة عاطفية ويعيش الرجل حياة عقلية » ([5]).

يتبع...

 

الهوامش:

[1] النساء: 1.

[2] النحل: 97.

[3] كما سوف يأتي الدليل على ذلك فيما بعد.

[4] البقرة: 234.

[5] بحث الشيخ علي الحكيم / الحجاب / النظرية القرآنية: 16 نقلاً عن الميزان في تفسير القرآن للعلاّمة الطباطبائي، الترجمة الإنجليزية 75: 4 - 78، ترجمة السيد سعيد أختر الرضوي.