تطوّر ممزوج بـ ’البربرية’: دول حضارية مارست القتل والتمييز العرقي!

الحضارة ح2

إن المشكلة البشرية تكمن في اعتماد هذه المفاهيم على أنها السبيل لتحقيق الإنسانية.

 

اشترك في قناة «الأئمة الاثنا عشر» على تليجرام

فحين يتثقف الإنسان أو تتطور حياته علميا وتكنلوجيا سيخلصه ذلك من عوالق البربرية، وهذا هو الخطأ، إن فرعون مصر في قمة التطور العلمي والتكنلوجي لمصر كان لاينفك عن قتل مئات الأطفال، وفي ذروة النضج الثقافي التي شهدته فرنسا أقدمت على قتل مليون ونصف شهيد جزائري، وبريطانيا العظمى قد تسببت بقتل الملايين من أبناء مستعمراتها لأنهم نادوا بالاستقلال والحرية، أي أن هذه الدول ذات الرصيد الحضاري العالي قامت بقتل أضعاف ماقام به التتار الهمج طوال رحلتهم الحربية من شرق آسيا الى مصر، وحتى على صعيد السلوك الإنساني نجد أن ثمة انفكاكا بين رصيد المجتمع من هذه المعايير وما يحمله أبناء المجتمع من صفات وسلوك، إذ يذكر وول ديورانت في كتابه قصة الحضارة في الجزء الأول أن آكلي لحوم البشر في مجاهيل التاريخ كانوا يمتازون جملة من الصفات الحسنة فهم يحترمون المرأة ويعيبون على المرء أن يرفع صوته اثناء الحديث.

إن اعتماد هذه المفاهيم كمعيار للقياس، قد أدى الى تكتيل الجماعات البشرية على أساس البلد أو القومية أو الجنس، ليحسب بعد ذلك صنع الحضارة، لهذا البلد أو لتلك الأمة، أي أن فارق البلد أو القومية أو الجنس يكون من صميم التمايز الحضاري، وهذا ما أدى الى أن يكون التقدم الحضاري دافعا لتعزيز حس التكتل كالقومية أو الجنس على حساب المشترك الإنساني، فالنازية مثلا جاءت كنتيجة لتصاعد الحس القومي عند الألمان تجاه الجنس الآري والأمة الألمانية وراحت تعلن حروب الإبادة على أساس عرقي، كان هذا بسبب الزهو الذي أحسه الألماني إزاء الأعداد الكبيرة التي أنتجتهم الأمة الألمانية من مفكرين وعلماء ومبدعين. ويؤدي هذا بدوره إلى مايعرف اليوم بصدام الحضارات لأنه أدى من قبل إلى التسابق على التحلي بهذه المعايير، وحتى إن تجاوزت الدولة مفهوم الصدام، وحاولت الاتصال بدول أخرى لمد أسباب الرقي فيها، فهي حين تعتمد هذه المفاهيم سيؤدي إلى نتيجة معكوسة، وكمثال ماقامت به المانيا وفرنسا من دخول إلى دول أفريقيا بمدعى أنها تنقل إليها الحضارة، فهذه المفاهيم قد عززت الحس القومي عن الالمان والفرنسيين في أنهم أصحاب حضارة وشعوب أفريقيا أقرب إلى البربرية، إضافة إلى عقيدة التمايز العرقي، فانتهى الأمر بأن قامت هاتان الدولتان بحروب إبادة لتلك الشعوب وزجت بآلاف الأفارقة في خطوط النار والموت في الحرب العالمية الأولى.