هل الإسلام ضد الوطن؟!

موقف الإسلام حيال القومية

إن الإسلام يحترم كافة القوميات دون أن يرجح قومية على أخرى، بل ينظر إلى الجميع بعين الأخوة، ويقول: (إنما المؤمنون إخوة) ويقول أيضا: (واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا).

اشترك في قناة «الأئمة الاثنا عشر» على تليجرام

ويقول النبي صلى الله عليه وآله: "مثل المؤمنين في توادهم وتعاطفهم وتراحمهم مثل الجسد إذا اشتكى منه شيء تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى".

فهذه هي الوصفة التي كتبها الإسلام لإسعاد البشرية كافة، ومع ذلك لم يلغ القومية وإيجابياتها بل احترمها.

روى المفسرون أن النبي لما هاجر عن مكة المكرمة ووصل في طريقه إلى "جحفة" تذکر موطنه وحن إليه فامتلأت عيناه بالدمع، فنزل عليه أمين الوحي يسليه بالآية المباركة: (إن الذي فرض عليك القرآن لرادك

إلى معاد) وقد حقق سبحانه وعده، ففتح النبي (ص) مكة بعد ثمانية أعوام ودخلها من ناحية «أذاخر» وهي أعلى نقطة في مكة، ولما وقع نظره على الكعبة وبيوتات مكة هاج به الحزن، وقال مخاطباً ربوعها بأني أحبك ولولا أني هجّتر لما تركتك .

لا شك أن الإنسان إذا نشأ في ربع من الربوع وترعرع فيه منذ نعومة أظفاره وحتى بلوغه وهرمه، يجد في نفسه حباً ورغبة ووداً حياله، فذلك أمر جبلي قد فطر عليه الإنسان ولم تكافحه الشريعة التي هي دين الفطرة بل احترمته، لذا تجد أنه يحاول بكافة السبل الحفاظ على لغته الأم وثقافته، وبذل كافة الجهود في سبيل ازدهار وطنه ورفاه قومه.

فالمترقب من کل مسلم إعمار بلده واستثمار ثرواته في سبيل خدمة قومه وثقافته القومية إذا كانت متجاوبة مع القيم والمثل الإسلامية وهذا أمر مرغوب إليه من قبل الإسلام، ولكن المحظور هو جعل القومية ملاكاً للتفاخر والتفوق.

*آية الله السبحاني: مرجع شيعي معاصر من إيران له مؤلفات مميزة في علوم الكلام والتفسير والفلسفة.

المصدر: كتاب رسائل ومقالات