تجارة الوهم: هل يتدّخل ’الجن’ و ’السحر’ في أرزاقنا؟!

كلّما اخترع الغرب شيئا جديدا أو قدّموا للبشريّة أمرا نافعا أعيد طرح هذا السؤال بين المسلمين وهو: لماذا تجاوزنا الغرب وتقدّموا سريعا وتردّى حال المسلمين وانحطّوا حتّى أصبحوا مضرب المثل في التخلّف عن ركب الحضارة البشريّة!

اشترك في قناة «الأئمة الاثنا عشر» على تليجرام

هذا الموضوع شغل كثيرا من المفكّرين في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين فكتبت فيه كتب كثيرة وقدّمت عدّت نظريّات لتقديم تفسير واضح لهذا الانحطاط الذي يعيشه المسلمون بحيث أنّنا نجد أنفسنا أمام عدّة أسباب حرّرتها هذه الأقلام تكشف حقيقة الحال وسبب تردّي الأوضاع.

من الأسباب المهمّة لهذه الحالة والتي لابدّ أن نعالجها بنفس جدّية الأسباب الأخرى "تجارة الوهم"

عندما يريد الإنسان أن يدبّر أمور حياته اليوميّة فإنّ العقل يحكم بأنّه ينظر إلى أمرين:

الأمر الأوّل: الأسباب الطبيعيّة الخارجيّة

الأمر الثاني: الأسباب الغيبيّة المتمثّلة في التوفيق الإلهي

المشكلة تبدأ عندما ندخل في حياتنا أمورا أخرى نعتقد أنّها تؤثّر تأثيرا مباشرا في حياتنا ونعطيها حيّزا من الاهتمام عند تدبير الأمور بل قد تعطى الجانب الأكبر من الاهتمام بحيث قد يغفل الإنسان عن الأمور المؤثرة فعلا ويهتمّ بهذه الأمور!

فمن هذه الأمور:

- قضيّة السحر وتأثير عالم الجنّ

- قضيّة العين والحسد

- وقضيّة الأحلام والمنامات

 وغيرها من الأمور التي ينظر لها على أنّها عوامل مؤثّرة في الواقع تأثيرا كاملا بحيث أصبحنا نعلّق عليها كلّ فشل وسقوط في حياتنا، فالإنسان عندما يتعثّر له موضوع في حياته إمّا اجتماعي كقضايا الأسرة أو اقتصادي كقضايا المال والأعمال فإنّ العقل والمنطق يقول بأنّه يبحث بكلّ تجرّد أو موضوعيّة في الأسباب التي أوصلته لهذا الفشل لكي يتجاوزها في المستقبل للوصول للنجاح.

لكن عندما يكون الإنسان معتقدا بالأمور التي ذكرناها فإنّها ستعميه عن التقييم الحقيقي لتجربته الفاشلة فيقوم بتعليق الفشل على السحر أو العين، أو قد يجتنب الدخول في تجربة جديدة لرؤية رآها في منامه فتصبح كلّ حياة الإنسان رهينة هذا الوهم الذي يعيشه!

والمشكلة الأعظم عندما تكون هناك فئة تعمّق هذه الأمور في المتخيّل الشعبي بتأكيدها والإصرار عليها بل باستغلال هذا الوهم الزائف في تحقيق أرباح ماديّة ضخمة، ولذلك اليوم نجد متصدّين لهذا الشأن بل نجد فضائيّات خاصّة بهذه الأمور، والأعجب من هذا أنّ لها جمهور ومتابعين يقضون الأوقات الطويلة في متابعتها بل والمشاركة في تمويلها ودعمها!

لو رجعنا إلى العرب قبل الإسلام لوجدنا أنّ لهم عادات شبيهة بهذا، فقد كانوا يستقسمون بالأزلام ويذبحون على النصب ولا يحدثون أيّ أمر إلّا بعد النظر في النجوم، وجاء الإسلام ليحارب كلّ هذه الظواهر وليعلّم الناس كيفيّة التوكّل على الله وتدبير الأمور وأنّ النجاح ليس وليد هذه الأمور بل وليد العمل الدؤوب المستمرّ كما كانت سيرة النبي وآله الأطهار عليهم السلام.

والحلّ للخروج من هذا الأمر هو القيام بحملة توعية للمجتمع للتخلّص من براثن هذا الوهم الزائف ومن كلّ من يروّجه في المجتمع، وفي المقابل تعليم الناس سنن الحياة وسنن التغيير لكي نشكّل واقعا مختلفا.