عمر الأرض ملايين السنين: هل خلق الله الإنسان متأخراً؟!

أولاً: كون الأرض مخلوقة من أجل الإنسان أمر ثابت بالعيان، فالإنسان هو الكائن الوحيد القادر على تسخير الأرض بما فيها من مخلوقات، وليس هناك من المخلوقات التي تسكن الأرض من هو أحق من الإنسان في خلافة الأرض ووراثتها.

اشترك في قناة «الأئمة الاثنا عشر» على تليجرام

وقد أكد القرآن هذه الأمر في عشرات الآيات مثل قوله تعالى: (وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الْأَرْضِ وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ ۗ قَلِيلًا مَّا تَشْكُرُونَ)، وقال تعالى: (هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ ۚ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُّجِيبٌ)، وقال: (وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ بِسَاطًا * لِّتَسْلُكُوا مِنْهَا سُبُلًا فِجَاجًا)، وقال: (هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ ۖ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ).

ثانياً: هناك نسبية في موضع حساب عمر الأرض، فتارة يتم النظر لتاريخ الأرض من حيث وجودها الفعلي، وتارة يتم النظر إلى تاريخها من يحث وجود الإنسان فيها، والكلام عن قيمة الأرض ودواعي وجودها لا يمكن فهمه من خلال وجودها الفعلي وإنما من خلال وجود الإنسان فيها؛ وذلك لأن الإنسان هو الكائن الوحيد الذي يعي وجوده ويعي وجود الموجودات من حوله، بل الأشياء لا تكتسب من الوجود إلا بمقدار تموضعها في الوعي الإنساني، وعليه فإن الكلام عن قيمة الأرض يأتي وفقاً لقيمتها بالنسبة لحياة الإنسان، ومن هنا كان من البديهي أن نقول إن الأرض خلقت من أجل الإنسان لكونه الكائن الوحيد الذي يعطي لوجود الأرض قيمتها، فعندما نتساءل من أجل من خلقت الأرض؟ فإن هذا السؤال يتوجه لمن له القدرة على الوعي والاستنتاج، والإنسان هو الكائن الوحيد الذي يمكنه الإجابة على هذا السؤال، وبالتالي لا وجود لمن هو أولى منه حتى تكون الأرض خلقت من أجله وليس من أجل الإنسان، وعليه فإن وجود الأرض قبل وجود الإنسان لا يؤثر على طبيعة الإجابة على هذا السؤال طالما الإجابة عنه مرتبطة قهراً بوجود الإنسان، ولا يمنع ذلك من وجود حِكمة عند الله تعالى إلا أننا نتكلم عن الحِكمة المرتبطة بوعي الإنسان وإدراكه.

ثالثاً: قد يجيب البعض عن ذلك بوجود بشر قبل آدم (عليه السلام)، ولا يتوقف هذا الأمر على الاعتراف بنظرية التطور الداروينية، كأن يقال إن الله خلق بشراً قبل آدم وأسكنهم الأرض كما خلق آدم، وقد جاء في بعض الروايات إشارة إلى ذلك كما في رواية أمير المؤمنين (عليه السلام) (إن الله خلق ألف آدم قبل آدمكم ........)، ومع وجود مثل هذه الروايات لا يمكن الوصول إلى نتيجة قطعية، لكونها من الأمور الغيبية التي لا يصل فيها الإنسان إلى اليقين لغياب الأدلة والواضحة والصريحة.

 رابعاً: فيما يتعلق باتساع الكون لابد للإنسان أن يعترف بعجزه، فليس بمقدوره أن يحيط علماً بكل شيء وقد قال تعالى: (وَمَا أُوتِيتُم مِّنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلً)، فما يعلمه الإنسان بالجملة هو وجود ترابط بين جميع أجزاء هذا الوجود وعلى الأقل يعلم بوجود ترابط بين أجزاء المجموعة الشمسية، ولكنه لا يعمل تفصيلاً تأثير هذا الترابط على حياة الإنسان في الأرض.

خامساً: عبادة الله تعالى تمثل الحِكمة من وجود جميع البشر، وليس من شأن كل إنسان أن يضع لنفسه الحِكمة التي تناسبه، وقد تحدثنا في أجوبة سابقة عن فلسفة العبادة والحِكمة منها.