من المسؤول عن تجديد المناهج العلمية في الحوزة؟

من المسؤول عن فحص وتقييم المناهج العلمية في الحوزة العلمية والنظر في تجديدها مع الوقت؟

الحوزة العلمية هي مسمى عام تندرج تحته جميع المدارس المختصة بتدريس معارف وعلوم أهل البيت عليهم السلام، فهي ليست مؤسسة واحدة تخضع لإدارة واحدة، وإنما هي مجموعة من المؤسسات تخضع كل واحدة منها لإشراف مجموعة من العلماء.

ومع أن الحوزات جميعها تشترك في المواد الدراسية والمراحل التعليمية إلا أنها قد تتباين في اختيار الكتب الدراسية، فمثلاً مادة الأصول في مرحلة المقدمات تختار بعض الحوزات كتاب معالم الأصول لنجل الشهيد الثاني، والبعض الاخر يختار كتاب دروس في علم الأصول للشهيد الصدر، وهكذا يمكن لكل حوزة أن تختار الكتاب المناسب من بين عشرات الكتب التي تصلح في مرحلة المقدمات، أما في مرحلة السطوح العالي فهناك بعض الكتب التي حازت على رضا العلماء ومنز فترة طويلة مثل كتاب فرائد الأصول للشيخ الانصاري، وكفاية الأصول للشيخ الأخوند الخرساني، وفي الفقه كتاب المكاسب للشيخ الانصاري بأقسامه الثلاثة؛ المكاسب المحرمة، والبيع، والخيارات.

وعليه فإن الحوزات لها أعرافها الخاصة التي اكتسبتها بحكم التجربة وتراكم الخبرات، فمثلاً ليس في الحوزات شهادات كما هو الحال في الجامعات، وليس فيها فصول دراسية يتنقل فيها الطالب من فصل إلى فصل آخر، وإنما هناك مراحل علمية يجتازها الطالب تحت الاشراف المباشر للمشايخ والعلماء، وكذلك ليس هناك جهة محددة هي المسؤولة عن فحص المناهج وتقييمها، وإنما العرف العام للحوزات هو الذي يضع الضوابط العامة للمناهج والمواد الدراسية، فالعلم هو القيمة المحورية التي تحكم مسار الحوزات، والكتاب الذي يفرض نفسه بين العلماء هو الذي يكون عليه مدار البحث والتدريس، ففي الفقه والأصول مازالت كتب بعينها متصدرة المشهد الدراسي، وقد يستمر ذلك الحال إلى حين ظهور كتب جديدة تجذب نظر العلماء وتصبح مدار بحثهم واهتمامهم، ولا يعني ذلك أن الحوزة المعاصرة لم تنتج كتباً تستحق التدريس وإنما عرف الحوزة يفرض على الكتاب وقت طويل حتى يصبح مدار البحث والتدريس، وفي المحصلة ليس هناك جهة محددة توصي بتدريس كتاب معين وإنما الكتاب الذي تثبت جدارته وهو الذي يفرض نفسه على جميع الحوزات. 

أما في مرحلة البحث الخارج فإن الطالب يدرس على يد مجتهد، وفي هذه المرحلة لا يعتمد الأستاذ كتاب محدد وإنما يكون الدرس خارج الكتب، ولذلك سميت بمرحلة البحث الخارج، وهي المرحلة التي يتأهل فيها الطالب للاجتهاد فلا تكون آراء العلماء أو ما في الكتب سقفاً لا يمكن تجاوزه، وإنما من حق الطالب المناقشة وابداء الرأي تحت إشراف المجتهد.