كيف أصبحت ’الزهراء’ حجة على الأئمة (ع)؟

ورد في الحدث المروي عن الامام العسكري (ع) في حق جدته السيدة فاطمة الزهراء (ع) والذي قال فيه: "نحن حجج الله على خلقه وجدتنا فاطمة حجة الله علينا"(1).

 فماذا يعني أن "تكون السيدة فاطمة (ع) حجة على الائمة (ع)"؟

في الجواب يقول سماحة الشيخ محمد الصنقور دامت بركاته:

إنَّ وسائل المعرفة للأئمة (ع) متعدِّدة، فمنها القرآن الكريم وهي أثرى وسيلةٍ يعتمدها الأئمة (ع) في تحصيل العلم ثم سنَّة الرسول الكريم (ص) التي تلقَّوها بتفاصيلها ودقائقها أباً عن جد، وثمة وسائلُ أخرى يعتمدُها الأئمة (ع) ومنها ما يُعبَّر عنه بمصحف فاطمة (ع) وهو كتاب ضخم ليس فيه شيء من القرآن الكريم وإنَّما هي علوم تلقَّتها السيِّدة فاطمة بواسطة الملَك الذي كان يأتيها فيحدِّثُها كما ورد ذلك في رواياتٍ كثيرة.

فالسيدة فاطمة كانت محدَّثة من قِبل الملائكة وكان عليٌّ (ع) يكتب ما كانت تُمليه الملائكة عليها.

وليس ذلك بمستغرب فقد كانت السيدة مريم (ع) مُحدَّثة (وَإِذْ قَالَتِ الْمَلاَئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاء الْعَالَمِينَ / يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ)(2).

كما أنَّ الملائكة كانت تُحدِّث لقمان الحكيم ولم يكن نبياً.

إذا اتَّضحت هذه المقدمة نقول: إن معنى الحجَّة هو الدليل والمعرِّف على الحقائق، فأهل البيت (ع) حجَّة على الناس لأنّهم الأدلاّء على الله عزَّ وجلَّ والمعرِّفون للناس بأحكامه وتعاليمه، والسيدة فاطمة (ع) حجَّةٌ على الأئمة (ع) لأنَّها واحد من وسائل المعرفة الإلهيَّة للأئمة (ع)، فقد كان مصحفها يشتمل على الكثير من المغيَّبات والملاحم والفتن التي ستعصف بالأمة في مستقبل الزمان، فالحديث المنسوب للإمام العسكري (ع) وإنْ لم يكن نقيَ السند لكنَّ مدلوله بالمعنى الذي بيَّناه موافق لمفاد الروايات الكثيرة الواردة عن أهل البيت (ع).

الهوامش:

1- الأسرار الفاطمية -الشيخ محمد فاضل المسعودي- ص53.

2- سورة آل عمران / 42-43.