الطبيعة قوة عمياء.. هل تخلق إنساناً سوياً؟!

اللّه والطبيعة

من أوهامهم، أن الطبيعة قد وجدت دون موجد، لأنها تحمل علة وجودها بذاتها، لا أنها مخلوقة من قبل كائن يتميز عنها بالاستقلال والقدم والكمال، أي أن الطبيعة هي اللّه، واللّه هو الطبيعة، ولا شيء غيرها. والجواب:

اشترك في قناة «الأئمة الاثنا عشر» على تليجرام

أولا: أن لازم هذا القول إن ما في الكون من نظام وانسجام، وفن وجمال، وروعة وجلال قد صدر عن قوة عمياء صماء لا علم لها ولا مشيئة، تفعل عبثا، وتترك لا لسبب موجب، ولا لحكمة وغاية، وهي مع ذلك تخلق إنساناً مستوي الخلقة تهبه العقل والعلم والشعور، وتضع كل شيء في مقره ومكانه لا تخطىء ولا تنحرف، مهما طال الزمن! وبديهة أن البرودة لا تلتمس في اللهيب، والحرارة في الثلوج.

ولذا قيل: فاقد الشيء لا يعطيه.

ثانيا: قال علماء الطبيعة: إن المادة تتلاشى وتتبخر إلى شحنات كهربائية، وإنها تفقد بذلك وزنها وطولها وعرضها وعمقها، وسائر الخصائص التي تمتاز بها، ولو كان وجودها ذاتيا وضروريا لاستحال ان تتغير وتتبدل، لأن الذي يحمل علته بنفسه لا يزول إلا بزوال علته، وزوالها يعني أنها غير ذاتية. ولذا قيل: إن ما بالذات لا يتغير، ثم إننا نرجع بعض الحوادث إلى حوادث أخرى، ونعتبرها السبب الفاعل، وإن بينهما ارتباطا وثيقا، ولو كان كل شيء يحمل علة وجوده بالذات لما كان هناك علل ومعلولات، وأسباب ومسببات.

ثالثا: إن الإنسان قد اكتشف قوى الطبيعة، وسخرها في مصالحه وسد حاجاته، وكادت تصبح أطوع اليه من بنانه. ومحال أن يكون الخالق عبداً مسخرا لغيره.

المصدر: كتاب الإسلام والعقل