هل الدعوة إلى احترام التخصص قمع للفكر ولحرية الرأي؟

البعض لا يريد منك أن تقول بوجود تخصص في معارف الدين والشريعة، لأنك بهذا تكون في نظره متعصباً متشدداً، تمنع حرية الناس في الحديث في أي مسألة من مسائل الدين والشريعة، مع أن الأئمة (عليهم السلام) استمعوا للزنادقة والكفار في اشكالاتهم وشبهاتهم!

وفي مقام التعليق على هذا الخبط أقول:

١- لكن يحاول أن ينظر بسلوك الأئمة (عليهم السلام) حرية أن يكلم كل فرد في كل شيء، فيجادل و يناقش أوجه هذا السؤال:

أين قوله تعالى (هَا أَنتُمْ هَٰؤُلَاءِ حَاجَجْتُمْ فِيمَا لَكُم بِهِ عِلْمٌ فَلِمَ تُحَاجُّونَ فِيمَا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ ۚ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) وهل يخالفه الامام الصادق (عليه السلام) لما ناقش الزنادقة والدهريين؟!

العقلاء يُقررون أنه لا ينبغي أن يدخل المرء فيما لا يحسن، وعليه أن يتعلم ثم يتكلم.

٢- فرق بين ابداء الرأي، وانتقاد أهل الرأي، وبين السؤال للتعلم، والثاني ليس ممنوعاً، و الشرع المقدس حث على السؤال من أجل التعلم، وحرم الحكم في ال بن بالهوى والرأي و الظنون غير المعتبرة.

٣- هل يريد المتحدث أن نتعامل معه كما يتعامل الائمة (عليهم السلام) مع الزنادقة، فنراه مجرد مشكل ملتبس عليه الأمر، وقد يكون معانداً مكابراً يركب جهله و يتبع ميله كما كان كثير من الزنادقة ؟!

وماذا نصنع نحن إذا رددنا على التوجهات المنحرفة، الا كشف جهلهم و بيان التباس الأمر عليهم، و بيان طريقة الرد العلمية، فيرجع إلى الحق العاقل المنصف، و يبقى القاصر، أو المقصر والمعاند!

٤- من إلتفت إلى الكلام الذي يدعو إلى احترام التخصص بعقل وروية أدرك أنه لم يقمع ولم يحجر ولم يمنع أحدًا من البحث و النقد وابداء الراي المخالف لأي عالم من علماء الدين، بل هو يقرر أن من يحترم عقله يعلم أن ذلك لمن يستطيع وهو المتخصص، والمتخصص من يمسك بيده خيوط لعبة البحث العلمي بمهنية، فهل اذا منع الخبّاز و الصبّاغ والشاعر و الروائي من التنظير في جعل علاج لجائحة كورونا يلزم الحجر والقمع و تكميم الأفواه ؟!

ومن يقبل من العقلاء تضليل الجهال في القضايا الطبية بعنوان حرية الفكر و عدم القمع؟!

استخفوا هؤلاء بالدين أولاً، ثم رأوا لكل متحدث التنظير فيه، فأعطوا أنفسهم الحق في الكلام في كل مسائله و نقد الفقهاء الكبار، فأرادوا قمع خصومهم حماة الدين، ليتمكنوا من الكلام كما يحبون، فاتهموهم بالإرهاب والقمع.