أغلقوا المساجد وافتحوا المولات.. الكيل بمكيالين في زمن كورونا!

تنويه: يعبّر المقال عن وجهة نظر الكاتب وليس بالضرورة عن رأي أو سياسة «موقع الأئمة الاثني عشر»

بعد ان اجتاح العالم منطلقاً من ارض الصين ذلك الوحش المرعب الذي لم يرَ بالعين المجردة الذي سمته الصحة العالمية بفيروس كورونا (COVID-19) واعتبرته في يوم 11 مارس2020 جائحة ووباء عالمي، اتخذت دول العالم الإسلامية منها وغير الإسلامية بما تقدمه تلك المؤسسة من نصائح، إذ دعت الى منع التجمعات من إقامة المناسبات الاجتماعية والدينية وغيرها، ولأجل الحد من الانتشار المرعب لهذا الوباء استمعت الحكومات ومنها حكومة العراق لدعواتها اذ دعت الى إيقاف الأنشطة الدينية بغلق المساجد والمدارس الدينية وكذا الانشطة التعليمية بإيقاف التدريس في المدارس والمعاهد والجامعات والأنشطة التجارية بغلق الأسواق والمولات ومراكز التسويق وغيرها من القرارات التي اتخذت في حينها، ومنها فرض حظر التجوال في المدن وبين المحافظات.

واستمرت هذه الإجراءات الى ما يربوا على الشهرين بعدها اتخذت رفع القيود الجزئية على الأسواق وبعض الأنشطة الأخرى وذلك بسبب ان بعض افراد المجتمع لم يلتزم بتلك الإجراءات بعد انقضاء الشهرين الذين كانا كما اعتبرها البعض من اسوء أيام ما عاشها الفرد العراقي بحجر اجباري داخل منزله يمنع فيه من الخروج والتنقل إذ حددت حركته كلياً وان كان ذلك الاجراء قد حد من الانتشار في حينه إلا ان صبر الناس لم يطل عليه حتى كسر في كثير من المحافظات العراقية كذي قار وكربلاء بخروج جماعة تدعو الى كسر الحظر وإن كان هذا الاجراء -الحظر- في نظري أجراء مهم للحد من الانتشار لكن ما حصل لم يكن يسير حسب رغبة الكثير من الناس والى يومنا هذا وهو استمرار الحظر للحد من الانتشار المرعب الذي تسبب بزيادة اعداد المصابين بهذا المرض في المحافظات العراقية كبغداد والبصرة وذي قار وواسط والان كربلاء المقدسة كما ازدادت أعداد الوفيات جراء المرض.

كل ما حصل كان من اللازم ان يحصل قباله إجراءات صحيحة ممن بيده زمام الامر بتحديد المقررات للحد من ذلك الانتشار حتى لو بالضرب بيد -ليس من الحديد- بل بيد القانون وتطبيقه بصورة جيدة لكن وللأسف قوبل بقبول الخجل ممن بيده القرار وأخذت القرارات تتخذ بما لا يخدم حصر الوباء والحد منه بل بما يخدم انتشاره من رفع للحظر طيلة النهار وفرضه والناس نيام وفتح المولات والأسواق وغيرها كل هذا هين لو اتخذت الإجراءات الصحية في التعامل مها.

لكن ما يحير العقل ان أصحاب القرار عمدوا الى التعامل مع الأمور بالكيل بمكيالين وازدواجية في القرار إذ نلاحظ أن كل قراراتها التي اتخذت أنما تخدم أصحاب الأموال حيث أقرت فتح المولات الكبيرة وبالمقابل منعت الأسواق الصغيرة من ان تفتح أبوابها بحجة عدم التقيد بالأمور الصحية من التعقيم والتباعد وغيرها وهذا أيضاً أمر هين.

أنما يبكي العين وليس يحير العقل فقط انها في جميع بيانتها التي صدرت منها ماخلا أول بيان دعت فيه الى غلق المساجد حيث دعا وكيل الوزارة حازم الجميلي الى ضرورة إغلاق المواقع الدينية ووقف صلاة الجمعة. لإن هذه التجمعات تساعد في انتشار المرض بعد الصلوات الجماعية لأن غالباً ما يصافح المصلون ويقبلونهم.

وبعد ذلك التصريح الذي على ضوئه دعت المرجعيات الدينية من جميع الطوائف العراقية وعلى رأسها الراعي الأول لسلامة المواطنين المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني (حفظه الله) والذي بدوره سارع لإيقاف صلاة الجمعة التي كانت تعد منبر مواقفه الدينية والسياسية التي تنقل الى الشارع العراقي، وبعدها أوقفت جميع النشاطات العبادية في الجوامع والحسينيات ما (خلا) تلك التجمعات التي هبت لتلبية نداء المرجعية العليا بفتوى التكافل الاجتماعي للحد من عوز المواطنين بسب الحظر الذي فرض عليهم.

وبعد كل تلك الإجراءات التي اتخذت في أول المطاف سارع أصحاب القرار للدعوة الى التعايش مع هذا الوباء برفع الحظر بعد عيد الأضحى لكن بتوصية الالتزام بالوقاية الصحية، والتي تتمثل بلبس الكمامة والكفوف والتباعد الجسدي في الشوارع والمولات وأماكن التسوق ومراجعة الدوائر لاجل إتمام المعاملات الرسمية.

أكرر مرة أخرى لألفت انتباهكم احبتي القراءة:  "في الشوارع والمولات وأماكن التسوق ومراجعة الدوائر لأجل إتمام المعاملات الرسمية".

فهل قرأتم كلمة "المساجد" أو "الحسينيات" التي عدها الوكيل في بداية الامر موطن نقل العدوى؟

هنا بدأ الكيل بمكيالين!!!

نعم لم نسمع الى اليوم كما اسلفت ما خلا البيان الأول لوكيل الوزارة بما يخص التجمعات الدينية.

فلم تتطرق اللجنة الى المساجد والعتبات والمراكز الدينية بجميع بياناتها المتلاحقة التي إشارت بها الى السماح للأسواق والمولات بالمباشرة بالعمل وفتح أبوابها، وكأن الحرص عند الباعة في تلك المولات والتي -عمالها في الغالب من الأجانب مع قلة اليد العاملة فيها من العراقيين- أكثر منه عند إمام الجامع أو الخطيب المنبري، الذي لم نرى سواهما الى اليوم امتثال بالتعليمات الصحية في تجمعاتهم سواء كان في المجالس أو تلك التي عقدت عقب فتوى التكافل الاجتماعي، وليس ذلك إلا لانهم، هم الحريصون على تطبيق الدين قبل غيرهم، وأن دعوة المراجع الى الالتزام بمقرارت اللجنة العليا للسلامة أمر ذات أهمية لحياة الانسان، فكان لزاماً التقيد بها، لأنه تحول الى باب من أبواب الالتزام بالأمور الشرعية، لان مخالفة النظام عند العلماء حرام شرعاً، فأصبح بذلك الالتزام مادة شرعية يطبقها رجال الدين في تجمعاتهم، بخلاف بقية التجمعات التي لم تنته أبداً حتى وقت الحظر الأول الذي لربما مورس بصرامة في بادئ الامر كما قلنا.

فمع كل ذلك التحفظ ممن يرعى المساجد والحسينيات، لم تبادر الجهات المسؤولة حتى الى الإشارة لما فيه القرب من الله في مثل هكذا وقت عصيب عجز الطب في العالم أجمع ان يلغيه ويقف بوجهه، إلا أن مواطن انتشاره فتحت على مصرعيها، ومواطن رفعه بالتضرع الى الله بالدعاء والتوسل به بأن برفع هذا البلاء عن المسلمين والعالم أجمع غلقت أبوابها على أكملها.

فكونوا أصحاب نظر فيما تدعون ولا تكونوا ازدواجيين بقراراتكم.