لماذا لا تمنع «العتبات» المسؤولين في الحكومة من حضور افتتاح مشاريعها؟

تنويه: يعبّر المقال عن وجهة نظر الكاتب وليس بالضرورة عن رأي أو سياسة «موقع الأئمة الاثني عشر»

مقال مشترك: جسام محمد السعيدي و كرار قنديل

قد يعترض أحدهم على وجود بعض المسؤولين الحكوميين مع مسؤولين من العتبات المقدسة في افتتاح المشاريع التي تنجزها العتبات مما قد يوحي برضا العتبات عن هذا المسؤول أو التزكية له، وهذا الاعتراض ليس بالجديد وقد يزداد الأمر وهماً حينما يوجه كتاب شكر للمسؤول بسبب نشاط ما لا يعلم الناس أنه قد يكون خارج واجبه.

فهل هذا النمط من التفكير صحيح؟

وكيف نستطيع تفسير هذا الأمر؟

في البدء نحاول ألا نتطرق للنصوص الدينية محل الاجتهاد، كتعامل بعض الأئمة عليهم السلام مع طواغيت في عصرهم، كتعامل الرسول صلى الله عليه وآله مع منافقين في عصره، أو تعامل الإمام علي عليه السلام مع عدد من كبار الفاسدين في عصره، أو تعامل الإمام الرضا عليه السلام مع المأمون، وهلم جرا، فنحن هنا لسنا لاستعمال الدين لوضع المبررات للموضوع، بل لطرح وجهة نظر ادارية وقانونية واخلاقية، قد تكون واضحة للكثير مسبقا، لكن مع وجود الإشكال من قبل بعض الإخوة لذا نقول:

قد لا يختلف منصفان في أن العتبات حققت على أرض الواقع منجزات للمجتمع العراقي في مجالات متعددة وبشكل ملموس، وفي عدة محافظات، بما خرج حتى عن واجبها القانوني والديني الذي وضع لها.

ونشكر كل المنصفين الذين يرون أن هذه المنجزات أمر جيد يعود بالفائدة على المجتمع.

واتضح الأمر أكثر خلال أزمة كورونا من خلال بناء ٢٣ مستشفى ومركز شفائي خلال ٣ أشهر فقط، فضلًا عن مساعداتها في حل أزمات سابقة على مدى 17 سنة ماضية.

(والمنجزات مستمرة لما بعد كتابة هذا المقال ومنها ما وجهت به العتبة الحسينية المقدسة من بناء مشاف في الموصل)

ولذا علينا الانتباه للأمور التالية:

أولا: إن إدارة العتبات المقدسة جزء من منظومة الدولة العراقية وتعمل ضمن قوانينها النافذة وفقا لقانون ديوان الوقف الشيعي.

ثانيا: إن إنجاز المشاريع التي تقدم خدماتها للمجتمع العراقي يحتاج إلى إجراءات إدارية ومقدمات عمل رسمية وموافقات وتسهيلات تقدم من الوزارات المعنية لإدارة العتبة لإنجاز المشروع الفلاني

كتخصيص قطعة أرض أو توفير كهرباء من الشبكة الوطنية أو خط ماء أو خط صرف صحي أو غيره من المتعلقات الهندسية والإدارية لإنجاز المشروع وهذا كله متعلق بالدوائر الرسمية المتخصصة في الدولة ومن باب المثال تقوم العتبة العباسية المقدسة في الوقت الحالي بإنشاء مصنع للمحاليل الوريدية فلا بد من أخذ موافقات وزارة الصحة وغيرها من الوزارات في إنجاز المشروع وقد يتطلب التعامل مع أعلى هرم في الوزارة فان هذا التعامل شيء طبيعي ومطلوب في ظل مؤسسة تؤمن بالتعامل المؤسسي مع بقية الدوائر ولا تتصرف بمفردها بمعزل عن المختصين.

وفي مثالنا أعلاه عن المستشفيات لاحظ أن أغلبها بنيت على أرض مؤسسات حكومية، وكانت مخصصة من قبل الدولة إلى العتبات، ومن غير القانوني ولا حتى الأخلاقي أن يتم افتتاحها دون حضور حكومي، كما لا يخفى عليكم.

يعني آني اريد ابني بناية خدمية بأرض شخص سمحلي ببنائها على ارضه وهو يديرها بعد الافتتاح فكيف امنعه من الحضور؟!!

بينما في الجانب المقابل هناك مشاريع نفذتها العتبة ولم يحضر فيها أي مسؤول حكومي، لأنها ببساطة لم تقم بدعوته كونه ليس طرفا في المشروع.

وقد تنفذ العتبة المقدسة مشروعا لم يقدم فيه المسؤول خدمات كبيرة لكن تدعوه للافتتاح بسبب البرتوكولات المعمول بها كما في افتتاح الشباك الشريف لابي الفضل العباس عليه السلام فهذا الحدث المهم تتعامل معه البرتوكولات الرسمية وفق معايير متعارفة.

والخلاصة ان هذا الموضوع يندرج ضمن باب البروتوكالات الرسمية انفة الذكر أن تكرم الدائرة التي تتعامل معك في تسهيل إنجاز المشاريع ودعوة بعض المسؤولين للحضور في افتتاح المشروع، فهل من أدب التعامل الرسمي أن أتجاهل الشخصيات الرسمية في افتتاح المشاريع التي تقام ضمن حدود صلاحياتهم الإدارية فضلا عن كون العتبة مستمرة في تقديم المشاريع تلو المشاريع وليس من مصلحتها خلق أعداء لها في الأوساط الرسمية مما قد يعود على مشاريعها بالسلب وبالتالي خسارة المجتمع للمشروع.

ثالثا: إن إدارة العتبة المقدسة ليست معنية بتشخيص الفاسدين فهذا شأن القضاء الذي نادت المرجعية العليا بإصلاحه، فتعامل العتبة المقدسة مع أي مسؤول في الدولة لا يعني تزكيته بل هي تتعامل مع موقعه الرسمي وقد تقدم له كتاب شكر وفق السياقات الرسمية المعمول بها في الدولة

ونكرر أن العتبة تعمل ضمن نطاق وسياقات عمل الدولة.

فعندما توجه العتبة كتاب شكر للمسؤول هذا ايضا لا يعني تزكيته فكتاب الشكر يتضمن شكرًا على جهد محدد ومعين قدمه المسؤول للعتبة لإنجاز مشروع يخدم المجتمع.

رابعا: هذه المنجزات ليست من صميم أو واجبات عمل العتبات، بل تقوم بها مساهمة منها في مساعدة المجتمع في تجاوز أزماته، وبحسب الحاجة وتوفر الإمكانيات المادية والبشرية المحدودة لديها، ووفقاً للموافقات الإدارية الحكومية.

خامسا: نعول على وعي المواطن للتمييز بين الإجراءات الإدارية للعتبات وتعاملها مع مختلف المسؤولين من توجهات سياسية واجتماعية مختلفة للتمييز بين الصالح والطالح وكذلك نعول على الطبقة الواعية لتوضيح أن ما ذكرناه من أن وجود المسؤولين في الصور مع عدد من مسؤولي العتبات لا يعني تزكيتهم للانتخابات أو لغيرها.

ونختم مقالنا ببيان من العتبة الحسينية يؤكد ذلك:

نص البيان