لكيلا نكون مِن أغبى الناس!

تنويه: المعلومات والآراء الواردة في هذا المحتوى تمثل رأي مؤلفها ولا تعكس بالضرورة رأي أو سياسة «موقع الأئمة الاثني عشر».

​لا يقتصر الغباء على من يضيع مالاً أو فرصةً أو علاقة مفيدة له، أو يعجز عن حل مشكلة بسيطة، بسبب قصور في تدبيره أو تفكيره.

وليست تلك الأمور أخطر أنواع الغباء رغم انها أحياناً تضيع حياة الانسان!!

بل هناك غباء يُضيّع فيه الإنسان أعز ما يملك بعد حياته، ألا وهي رصيد حسناته التي لا ينفعه غيرها يوم القيامة.. فيتعب في تحصيلها، ويستفيد منها غيره!

وأيُ غباء أكثر من ذلك؟!!

ويتساءل البعض.. كيف يضيع الانسان رصيد حسناته؟! وكيف تذهب لغيره؟

الجواب ببساطة، هو:

أي ظلمٍ يقوم به الانسان ضد إنسانٍ آخر أو جماعةٍ أو شعب، يجعل في عنق هذا الانسان الظالم لأولئك الأفراد، يجعل في عنقه ديـَــناً يحتاج أن يسدده لهم، أما في الدنيا أو في الآخرة، تاب عنه أو لم يتب.

وهذا الظلم يشمل كل الخطايا المعلقة بحقوق الآخرين، كالغيبة والبهتان والسرقة وإخسار الميزان والحكم القضائي المخالف للواقع وغمط الحقوق الشرعية المالية وعدم رد الدين وغيرها الكثير.

ومن الثابت أن التوبة عن أي ذنب تمحو كل آثاره في الدنيا والآخرة، وهي من رحمات الله علينا، ولا تتطلب إلا شرطين فقط (الندم الحقيقي عن الذنب + النية في تركه مستقبلاً)، لكن الذنوب والخطايا على نوعين:

1. ذنوب معلقة بحقوق الناس: تحتاج حين التوبة عنها تسديد تلك الحقوق.

2. ذنوب غير معلقة بحقوق الناس: لا شيئاً تحتاج حين التوبة عنها.

فإن استطاع الظالم إرضاء المظلوم في الدنيا، قبـِـل الله توبته ان تاب إليه، بإرجاع المال المسروق لصاحبه (ان كان الذنب سرقة او إخسار في الميزان او تحايل مالي وغيرها)، أو بتسديد الظالم للكفارات المعنوية، كالاستغفار للمظلوم ان كان حياً، أو طلب الرحمة له ان كان ميتاً، بالنسبة للخطايا المعنوية كالغيبة والبهتان وغيرها.

وإن لم يرض الظالم المظلوم بعد التوبة، فعليه أن يرضيه في الآخرة برصيده من حسناته عن أعماله في الدنيا، ووضع الله لذلك قواعد تساعد الانسان في التخلص من تبعات هذا الظلم ليصفى قلبه وتنظف سريرته بعد أن تبرأ ذمته.

فعلى الظالم ان يحظر من الان ما يحقق رضا المظلوم الذي لم يستطع ارضاءه في الدنيا بعد ان تاب عن ظلمه له، بأن يتصدق أو يزور عنه المشاهد المشرفة للمعصومين عليهم السلام، وغيرها من أفعال الخير التي تسجل كرصيد للمظلوم، خيراً من أن تؤخذ من رصيد الظالم فيما لو يحضر لذلك في الدنيا!

ولو علِم الله من الظالم صدق نيته في التوبة عن الخطايا المعلقة بحقوق الغير، كالغيبة والبهتان وغيرها، تكفل سبحانه بإرضاء المظلوم، ولو بتوسل الظالم بأهل بيت العصمة عليهم السلام هنا في الدنيا.

نصيحتي لنفسي ولغيري...

لا تجعلوا رقابكم رهينةً بيد غيركم، فلن تنفع أحدنا عصبيته لنفسه وفكرته، يوم نحتاج يومها للرحمة فقط، لا الانتصار لرأينا في الناس أو فيمن نحب أو نقدس من الاحزاب والشخصيات والأفكار.

تعصبنا لرأينا قد يقودنا لاتهام غيرنا شتى التهم أو فضحنا لعيوب البعض وخطاياهم بما ستره الله عن الناس منه.

عن نفسي اسامح كل من أخطأ بحقي عدا من اتهمني بأخلاقي أو شرفي، أو طعن بإخلاصي لديني وعملي، لأنهم بذلك يهدمون كيانات مقدسة ارتبطت بها، وصرت قهراً في ذهن الناس ممثلاً لها، ولست كذلك طبعاً.

ويجهل أغلب الناس يقيمون هذه البقاع وفقاً لرأي المنتمين لها، او العاملين فيها، لا بناءً عليها هي بذاتها، وبذلك فمن يتهم عاملاً فيها إنما يضر بهذه الكيانات المقدسة ويوهنها، شاء أو أبى، وسيكونون خصماء لسادتنا أهل البيت عليهم السلام، والعياذ بالله من هذه الخصومة..

هؤلاء.. نتخاصم معهم عند الحكم العدل، الشاهد على كلٍ شيء..