جامعات ومستشفيات: نماء العتبات المقدسة.. ما لم تفعله الدولة!

بعد سقوط النظام البعثي السابق والذي عاش العراق في ظل تسلطه على مقدرات الشعب الى الإهمال الكبير والنقص بالخدمات الصحية والانخفاض بالمستوى التعليمي الأكاديمي في المدارس والجامعات بجميع مرافقهما مما أدى الى دنو المستويات الخدمية والتعلمية في هذين القطاعين المهمين وسنتحدث هنا عنهما بما يبين حقيقة تصدي العتبات المقدسة للاستثمار فيهما وتوسعة العمل في إدامتهما خدمة للصالح العام.

اشترك في قناة «الأئمة الاثنا عشر» على تليجرام

القطاع الصحي

من خلال ما مر به العراق من توتر بعد فترة سقوط النظام السابق في عام ألفين وثلاثة من الإرهاب والأعمال التخريبية إضافة الى التجاذبات السياسية في تقديم الخدمات والتي تسببت بالنقص الحاد في الخدمات الصحية في ظل تزايد العدد السكاني للعراق إضافة الى أنه أصبح بعد سقوط الطاغية وفتح المجال لإحياء الشعائر والمراسيم الحسينية في المناسبات مقصد الملايين من عشاق الامام الحسين (عليه السلام) مما أثر ذلك بشكل واضح على تقديم الخدمات الصحية للمواطن العراقي فضلاً عن أهالي مدينة كربلاء المقدسة والزائرين الوافدين لهذه المدينة المقدسة من المحافظات الأخرى ومن خارج العراق، ومن هذا المنطلق الذي أشار إليه المتولي الشرعي للعتبة الحسينية المقدسة والذي صرح به مؤخراً في تسجيل بالصوت والصورة حيث بيّن أهمية هذا القطاع الذي له الصلة المباشرة في حياة المواطنين والزائرين وعليه فلابد أن تكون المسؤولية في النهوض في الواقع الصحي للشعب العراقي وإيصاله الى مصاف الدول المتقدمة، وعلى ضوء ذلك نشأت مستشفى السفير وهي أول مؤسسة صحية في كربلاء المقدسة تابعة للعتبة الحسينية المقدسة في عام 2010 هي عبارة عن مستشفى تخصصية في الجراحة ومن ثم عمدت الى إنشاء مستشفى زين العابدين عليه السلام في عام 2016 بسعة 120 سرير، وكان الهدف من أنشائها هو رفع عناء السفر وزيادة المصروفات التي تلزم المريض لإجراء العملية في خارج القطر، والسعي لمنع إخراج العملة الصعبة الى خارج العراق وبذلها في دول أخرى من أجل تقديم الخدمات الطبية، ومن خلال هذه الخطوة سعت العتبة الحسينية الى العمل على جلب الخبرات الطبية ذات الكفاءة العالية من خارج العراق لتقديم خدماتها الى المرضى العراقيين، بل حتى الوافدين في الزيارات المليونية الى كربلاء المقدسة، ثم توجهت بعد ذلك لوضع خطة محكمة لتوسعة العمل في هذا القطاع حيث عملت على تأسيس عدد من المستشفيات التخصصية والتي بعضها في طور التخطيط والبعض الاخر في طور البناء والبعض الأخر على أبواب البدء بافتتاحها لتقديم الخدمات للمرضى في جملة من الاختصاصات منها مستشفى الأورام السرطانية ومستشفى متخصص لكل ما تحتاجه المرأة وغيرها من المستشفيات الأخرى وكما ساهمت في بناء مراكز الشفاء والتي بلغ عددها ما يقارب 24 مركز شفاء في أربعة عشر محافظة من محافظات العراق لتقليل الزخم على المستشفيات منذ بدء جائحة كورونا التي ضربت العالم والتي انهارت أمامها كبرى النظم الطبية في الدول المتقدمة.

ولم تكن العتبة العباسية المقدسة هي الأخرى بمنأى عن هذه الحركة التوسعية في تقديم الخدمات الطبية حيث بادرت في عام 2015 الى افتتاح مستشفى الكفيل التخصصية بسعة 200سرير لتقديم خدماتها الطبية الى المواطنين العراقيين من خلال استقدامها لأطباء من خارج العراق بخبرات طبية عالية كما إنها عملت أيضا بعد انتشار فايروس كورونا ووصوله الى العراق الى بناء مراكز للشفاء في جملة من محافظات العراق.

ونشير هنا الى ما أشار إليه المتولي الشرعي للعتبة الحسينية المقدسة الشيخ عبد المهدي الكربلائي أن بناء هذه المؤسسات الطبية تقديمها الخدمات الطبية للمصابين بهذه الجائحة ولم تكن بالعرض مما تقدمه وزارة الصحة العراقية بل هي ساندة لها.

القطاع التعليمي

 أما بالنسبة للقطاع التعليم فقد شهد في الفترة السابقة تراجعاً ملحوظاً في المستوى التعليمي في المدارس والمعاهد والجامعات حتى تأخر العراق من هذه الناحية في التقييم العالمي للتعليم الجامعي، بل التعليم بشكل عام مما شكل خطراً على البنية التحتية للتعليم في العراق وبعد سقوط الطاغية اتجه العراق الى فتح باب الاستثمار في إنشاء الجامعات الأهلية في مختلف المحافظات العراقية لكن وللأسف لم يكن تقديم هذه الجامعات بالمستوى المطلوب للتعليم وبناء الجيل المتعلم الذي يحمل مبدأ الفكر والإنتاج  العلمي مما حدى ببعض من يريد الحصول على التعليم الحقيقي الذي يرفع من خلاله المستوى العلمي للسفر خارج العراق لأجل الدراسة فشكلت هذه الحركة هاجس عند المسؤولين في العتبات والتي بادرت الى العمل على إنشاء وتأسيس الصروح العلمية التي ترفع من المستوى العلمي للطلبة وتعيد للتعليم بريقه فعمدت كلاً من العتبتين الحسينية والعباسية الى إنشاء جامعات عرفت فيما بعد بالرصانة العلمية التي اكتسبت سمعة بتقدمها في التصنيف العالمي منها جامعة وارث الأنبياء وجامعة الزهراء للبنات التابعتين للعتبة الحسينية المقدسة حيث حصلت جامعة وراث الانبياء في عام 2019 على المرتبة 388 من أصل 780 جامعة مصنفة عالمياً والمرتبة 6 من اصل 44 جامعة مصنفة محلياً وفي عام 2020 حصلت على المرتبة الثالثة في التصنيفي الجامعي الأهلي في العراق وجامعتي الكفيل والعميد التابعة للعتبة العباسية المقدسة التي حصلتا على مراتب متقدمة في عام 2020 من التصنيف الجامعي الأهلي في العراق حيث حصلت الكفيل المرتبة الثامنة والعميد على المرتبة الحادي عشر.

ومن أجل تحقيق هذا المستوى والوصول الى المراكز العلمية المتقدمة فلابد من الاهتمام بالجوانب المختبرية والبحثية في هذه الجامعات، وقد أشار سماحته في خطابه عند ما زار جامعة وارث الأنبياء في تشرين الأول من عام 2020 الى ضرورة الاهتمام بالرصانة العلمية وصناعة الطالب الصناعة الصحيحة التي تجعله قادراً على خدمة المجتمع لان خصوصية هذه الجامعة بانتمائها للعتبة الحسينية المقدسة تحتم علينا ضرورة تخريج طلبة متقنين لتخصصهم وحاملين العلم في كفة والإخلاص في كفة اخرى.