خلف الكواليس: غرفة صغيرة في حرم الإمام الحسين (ع) تغيث آلاف المحتاجين والأيتام!

قاسم الحلفي

تصوير ــ عمار الخالدي

 

مثلما يسكن حبيب الفقراء المرجع الديني الأعلى السيد علي الحسيني السيستاني في دار صغيرة بحي متواضع وزقاق ضيق بمدينة النجف القديمة التي يسكنها الفقراء ومنه تقاد أمور الرعية والناس ويغاث الملهوف والمحتاج ويعيش العراقيون بأطمئنان لأن صمام الامان في هذه الدار لا تفغل عينه عن ابناء بلده، تجد في العتبة الحسينية المقدسة غرفة ضغيرة لا تتجاوز مساحتها تسع مترات مربعة وفيها ثلاثة منتسبين رجل دين ويساعده منتسبان.

اشترك في قناة «الأئمة الاثنا عشر» على تليجرام

هذه الغرفة المتواضعة يدخل اليها يوميا المئات من الفقراء والمتعفيين والايتام والمرضى والطلبة وكل محتاج ملهوف للعون والمساعدة، فيجد الجميع ظالتهم فيها ويتسلمون ما قسمه الله لهم من ارزاق من يد المرجعية الدينية الحنونة على شعبها، تلك الغرفة التي يستمر الدوام فيها عشر ساعات يوميا هي مكتب ممثل المرجعية الدينية العليا المتولي الشرعي للعتبة الحسينية المقدسة الشيخ عبد المهدي الكربلائي.

الفقراء والمتعففين

الشيخ مهدي المسعودي المكلف بادارة مكتب المتولي الشرعي لمساعدة العائلات الفقيرة والمتعففة قال انهم "وعلى ضوء توجيهات المرجعية الدينية العليا المتمثلة بالسيد علي الحسيني السيستاني وتوصيات واشراف المتولي الشرعي للعتبة الحسينية المقدسة الشيخ عبد المهدي الكربلائي يقومون بتوزيع المساعدة على العائلات المتعففة والفقيرة منها الثابت شهريا وهي رواتب العائلات الفقيرة والايتام بتخصيص من المتولي الشرعي للعتبة الحسينية وهي مبالغ متفاوتة تقدر بحسب حالة كل عائلة او يتيم وتتراوح مثلا من ( 100 ــ 250) الف دينار، وتصرف لهم بطاقة فيها 12 حقلا لجميع اشهر السنة وفي كل شهر يحضر المستفيد ليستلم راتبه وتؤشر في بطاقته، ويتم تجديد هذه البطاقات بعد انتهاء كل سنة ليستمر المستفيد بتسلم راتبه الشهري، ومنها مساعدات تصرف بشكل مباشر لحالات محددة".

الايتام

للايتام تخصيصات خاصة وشهرية ولهم ايضا مساعدات اضافية عينية ومالية هكذا يشير المسعودي الى فئة اخرى ويضيف ان " التوزيع يكون ضمن نظام معمول به في المكتب يقضي باصدار قيمومية شرعية تصدر من المتولي الشرعي للعتبة الحسينية وعلى ضوئها يسجل اسم اليتيم بشكل مباشر ويدخل اسمه ضمن قوائم التخصيص ويكون الراتب على عدد الايتام فهناك عائلة لها يتيم واحد واخرى اربعة او خمسة، وعدد الايتام المخصصة لهم الرواتب هو  562 يتيم وتتزايد شهريا حالها حال رواتب الفقراء والمتعففين من ذوي الدخل المحدود الذين ليس لهم راتب او مصدر معيشة اخر او يسكنون في بيوت مستأجرة، وهؤلاء يتم الكشف عنهم ميدانيا من قبل شعبة التحري في العتبة وتستكمل معلومات العائلة او اليتيم وترفع الى المتولي الشرعي وعلى ضوئها يتم منح المساعدة كمنحة مقطوعة او راتب شهري".

البناء والترميم

المسعودي اكد ان "هناك نوع آخر من المساعدات تقوم به مؤسسة الامام الرضا التابعة للعتبة الحسينية والتي تكون مهمتها الكشف الميداني على العائلات المسحوقة التي تتطلب بناء الدور او ترميم الدور الفقيرة او الآيلة للسقوط او التي تحتاج الى مرفقات تعينهم على العيش، وكذلك تجهيز العائلات الفقيرة باجهزة منزلية لمن لا يملكونها مثل الاجهزة الكهربائية او اجهزة الطبخ او الفرش والزواج وتصل الطلبات اما بشكل مباشر او عن طريق ما ينشر في مواقع التواصل الاجتماعي ويوجد في المكتب رصد لتلك الحالات وتلبيتها "، مبينا ان "المساعدات تختلف من شخص لاخر فمنهم من يصرف له مبلغ 150 الف دينار تسد حاجته وآخر يحتاج الى عربة المعاقين التي تعمل بالشحن الكهربائي وقد تصل كلفتها الى 800 الف دينار".

 تكاليف العلاج

كل تلك الانواع من المساعدات لا تساوي ( 5%) مما يصرف كمساعدات بشكل مباشر يوميا هذا ما توقف عنده المسعودي ويعلل السبب بقوله "هناك مساعدات اخرى تتمثل في موافقات صرف المساعدات الخاصة بدفع تكاليف العلاج في اربع مؤسسات صحية تابعة للعتبة الحسينية المقدسة هي مستشفى زين العابدين العام ومؤسسة وارث الدولية للاورام ومركز الاطراف الصناعية ومركز السيدة زينب للعيون وتكون التكاليف بملايين الدنانير ومنها اعفاء بشكل كامل عن التكاليف للعمليات والتدواي والعلاج وهذه تتحمل نصفها المستشفى ونصفها تتحملها ممثلية المرجعية الدينية العليا في كربلاء، وهي تصرف بشكل مباشر دون الحاجة الى تحري لانها واردة اما من خلال لقاء المتولي الشرعي بعد صلاة الظهرين والعشائين او عن اي طريق اخر، وتخفيض التكاليف يكون من نفس المستشفى والمساعدة تكون من مكتب الممثلية للمرجعية الدينية التي تصرف من قبلنا وهي حالات كثيرة جدا" لافتا الى ان "حجم المساعدات  وصلت مبالغها خلال شهري جمادي الاول وجمادي الاخر الى ( 885) مليون دينار و(129) الف دولار ومجموعها يتجاوز المليار دينار ".

اغاثة الطلبة

لم تترك المرجعية الدينية ابنائها من طلبة الجامعات من الفقراء ان يكابدوا من العوز المادي ويضطروا الى ترك الدراسة بل ساهمت بتخفيف الحمل عن عائلاتهم وعن هذه البادرة الابوية يقول الشيخ المسعودي ان "مكتب المتولي الشرعي تكفل بدفع تكاليف دراسة طلبة جامعات تابعة للعتبة الحسينية او جزء منها وباعداد كثيرة منهم من الفقراء والمتعفيين ومن فاقدي الاب او المعيل ومنهم من تم اعفائهم من القسط او السنوي واخرين لسنتين او لكل سنوات الدراسة الاربعة، وهي فرص وبارقة امل منحتها المرجعية الدينية العليا لابنائها الطلبة".

 الاف الحالات

جلس السيد سجاد الخطيب خلف حاسبته يدقق ويؤشر ويستقبل بصدر رحب العجائز والشيوخ والارامل ليسهل مهمة استلامهم للمساعدة وتحدث لوكالة نون الخبرية عن اعداد العائلات والمبالغ المصروفة لهم بقوله ان " مجموع العائلات التي صرفت لها مساعدات خلال العام الجاري 1443 هجرية لغاية الثامن من شعبان وصل الى (6377) راتب منها (4070) عائلة من المتعفيين و(1562) من الايتام والارامل و( 745) راتب فقراء، وشملت عمليات البناء والترميم والعلاج والزواج ودفع الايجار والاجهزة المنزلية، ووصلت المبالغ الكلية لمساعدة تلك العائلات الى (68) مليون و800 الف دينار ، اما رواتب الايتام فتصل الى تقريبا (131) مليون دينار ".

*وكالة نون