الدولة أم العشائر: من يقف بوجه ظاهرة ’الرمي العشوائي’؟!

تعد ظاهرة إطلاق العيارات النارية في مجتمعنا من الظواهر السلبية الخطيرة، كونها تشكل تهديداً لحياة الأبرياء خلال مناسبات الأفراح وحتى الأحزان، حيث يقوم عدد من الأشخاص عديمي المسؤولية بأطلاق الرصاص الحي دون تفكير وعدم مراعاة لحياة الأبرياء، فضلاً عن أن هذه الظاهرة تسبب خوفاً كبيراً للمجتمع باستثناء من يسهم فيها فلا يفكر بنتائجها، فقد يؤدي ذلك إلى تعرض حياة الناس العُزل للقتل من جراء التهور في استخدام السلاح وإطلاق العيارات النارية.

اشترك في قناة «الأئمة الاثنا عشر» على تليجرام

لذلك لا يمكن ترك الأمور إلى المجهول، ولا يجوز تعريض حياة الإنسان للخطر، والى متى يبقى هذا الوضع كما هو عليه من خطر يهدد امن وحياة الناس؟

أننا قد اعتدنا في كل يوم أن نسمع تلك الإطلاقات النارية وبكميات كبيرة جداً خصوصاً في السنين من ٢٠٠٣ وصعوداً وهنا يبرز دور الدولة في فرض النظام وحفظ الأمن وهي الموكل لها فرض وحفظ النظام في المدينة أو المحافظة فاين هي من كل هذا؟

من يحاسب هل أن الدولة قد تنازلت أو تركت مهمتها الأصلية والأساسية في حفظ النظام والأمن، فما تأسست الدولة إلا لفرض النظام وحفظ الأمن أم أنها تعلم ذلك وتغض الطرف عنه.

فما نلاحظه هو اصبح من هب ودب يعبث بالنظام وان كنا في حالة حرب فالذين يقومون بهذا الواجب المقدس هم الجيش والشرطة الاتحادية والحشد الشعبي، فأين دور الشرطة المحلية من هذا كُله وما مهمتها في حفظ الأمن المحلي؟ وما ظاهرة إطلاق العيارات النارية في المناسبات الا بسبب ضعف أجهزة الدولة الأمنية، وغضها النظر عن محاسبة أولئك الذين يخلون بالنظام والأمن العام.

ومن ناحية أخرى فإن هذه الظاهرة هي مظهر غير حضاري جداً ولا تتناسب مع التطور الحضاري والثقافي الحاصل في العالم اجمع.

أما من ناحية الدين فإن هؤلاء الذين يقومون بهذه الظاهرة يعلمون جيداً أن إطلاق العيارات النارية هو فعل محرم بالإضافة إلى انه يجب على فاعله دفع دية عن كل رصاصة يطلقها فاين إسلامهم أم انهم يدعون الإسلام فقط؟

وبما أن الدين والقانون وجميع الشرائع تنهى عن ذلك فأن ما يحدث الآن من إطلاقات نارية هو بسبب ضعف الدولة وعدم محاسبتها لهؤلاء فمن امن العقاب أساء الأدب.

إن القانون تعامل مع الوفاة الحاصلة عن الرمي العشوائي كجريمة قتل يعاقب عليها الفاعل بالسجن المؤبد وفق المادة 406 من قانون العقوبات العراقي، وان الإصابة الناتجة عن اطلاق العيارات النارية تعد شروعا بالقتل يعاقب الفاعل بالسجن سبع سنوات من القانون نفسه، كذلك من الناحية القانونية يحق لذوي الضحايا تقديم دعوى قضائية ضد مطلقي العيارات النارية حتى وان لم يتسبب بالقتل فيمكن اتهامه بالقانون العراقي من خلال العيارات الفارغة والشهود، إلى ذلك حمل وحيازة السلاح بدون رخصة جريمة يعاقب عليها وفق المادة 27 من حيازة الاسلحة وهي جناية تصل عقوبتها سبع سنوات.

وبالنتيجة كل من يطلق العيارات النارية في المناسبات عليه أن يعرف مسبقاً انه قصد ارتكاب جريمة يعاقب عليها القانون.

إن معالجة هذه الظاهرة تتطلب وقفة جادة من الدولة وشيوخ العشائر فهم لهم تأثير مهم من اجل إيقاف هذه الظاهرة، وكذلك تحتاج إلى صرامة في تطبيق القانون من اجل الشعور فعلاً بوجود دولة تحكم فعلاً على ارض الواقع.

 لو أن العقوبة طبقت على هؤلاء الذين يقومون بإطلاق العيارات النارية لقلة تلك الظاهرة بنسبة كبيرة جداً، فما دامت الدولة وأجهزتها الأمنية غاضة النظر عن تلك الظاهرة فإنها ستزداد بشكل كبير ومخيف ولا تقل أو تنعدم إلا بمعاقبة هؤلاء وتأديبهم.

*ميس الخفاجي