حرب المياه وأزمة التصحر في العراق

تنويه: المعلومات والآراء الواردة في هذا المحتوى تمثل رأي مؤلفها ولا تعكس بالضرورة رأي أو سياسة «الأئمة الاثنا عشر» 

الماء ذلك السر خلف بيولوجيا الحياة على الأرض والأساس الأولي لقيام جميع الحضارات في العالم و أحد أهم أسباب الصراعات في التاريخ البشري في السعي للسيطرة على المنابع والروافد من اجل التحكم في الشعوب وقهرها سياسيا واقتصاديا وبيئيا.

اشترك في قناة «الأئمة الاثنا عشر» على تليجرام

يشهد العراق حاليا هذه الحرب حيث أنه يعتمد في تأمين المياه بشكل أساسي على نهري دجلة والفرات وروافدهما التي تنبع جمعيها من تركيا وإيران، اللذين يجريان فيه من أقصى الشمال والشمال الشرقي والتقاءً بشط العرب عند الجنوب بمحافظة البصرة، ونلاحظ اليوم انخفاض حاد في منسوب مياه النهرين بعد أن بلغت مستويات غير مسبوقة طيلة السنوات الماضية جراء السياسات المائية التي تعتمدها تركيا وإيران بتخفيض نسب الإطلاق وتغير مسارات الروافد وإقامة السدود العملاقة حيث يأتي إنشاء سد “إليسو” التركي في إطار مشروع جنوب شرق الأناضول المعروف اختصارا بـ(GAP)، والذي باشرت تركيا بتنفيذه منذ ثمانينيات القرن الماضي ، ويشمل المشروع الكبير بناء 22 سدا و19 محطة كهرومائية على نهري دجلة والفرات ويُعَد هذا السد من السدود الإملائية الركامية، وتبلغ مساحة بحيرته نحو 300 كيلومتر مربع و كذلك جففت ايران اغلب الأنهار التي كانت تجري في الاراضي العراقية عبر تغيير مجاريها نحو اراضيها. فالنهر الذي كان بالأمس القريب، يهدد بفيضاناته المدن الواقعة على ضفتيه، أصبح اليوم يحتضر، هذا وأسباب أخرى أدت لدخول العراق بأزمة تصحر وجفاف غير مسبوقة منها:

ان 90% من مساحة العراق تقع ضمن منطقة المناخ الجاف وشبه الجاف حيث يقع المناخ الصحراوي الحار والجاف في حدود منطقة السهل الرسوبي والهضبة الصحراوية الغربية ويمثل هذا المناخ حوالي 70 % من مساحة العراق الكلية.

ارتفاع درجات الحرارة في الصيف التي تصل احيانا الى أكثر من 50 درجة مئوية.

انخفاض نسبة تساقط الامطار، وتفاوت كمياتها بين 5 – 15 سم، متأثرة بنسبة التبخر العالية اذ تقل في اغلب مناطق العراق.

الرياح السائدة في العراق هي الرياح الشمالية الغربية الجافة والحارة وتعمل على نشر الغبار المحلي، وصيف حار جاف وطويل. وهذا العامل له دور مهم في حدوث التصحر في العراق .

انخفاض منسوب الماء ينذر بالتصحر والتدهور البيئي

فالتصحر عملية هدم أو تدمير للطاقة الحيوية للأرض، والتي يمكن أن تؤدي في النهاية إلى ظروف تشبه ظروف الصحراء، وهو مظهر من التدهور الواسع للأنظمة البيئية، الذي يؤدي إلى تقلص الطاقة الحيوية للأرض المتمثلة في الإنتاج النباتي والحيواني ومن ثم التأثير في إعالة الوجود البشري.

في كل ما يجري لا نلاحظ اهتمام يوافق مستوى الكارثة من قبل الحكومات العراقية لوضع خطط لبناء سدود أو بحيرات أو انظمة لخزن مياه الامطار والمياه العذبة أو إقامة معاهدات رسمية مع تركيا او ايران من أجل تحديد كميات المياه للعراق.

كما وأن التصحر أحد العوامل الرئيسية التي تعيق التنمية الاجتماعية والاقتصادية ويزيد من المشاكل الاقتصادية التي تعمل على تفاقم التدهور البيئي وهكذا نواجه حلقة مفرغة في الحفاظ على البيئة، إذ ان حالة البيئة لا يمكن فصلها عن حالة الاقتصاد، ومن هنا يتبين لنا أن التخلف الاقتصادي والتدهور البيئي يعزز كل منهما الآخر لتكريس وجودهما.

* مصطفى عليوي كاظم