لا فرق بين عربي وأعجمي.. هل القومية معيار للتمايز بين الناس؟!

بغض النظر عن كون القومية مجرّد شعور بالانتماء أو أنها ذات بُعد تكويني جيني أيضاً ففي كل الأحوال أقصى ما تنتجه القومية هو التمايز لكنها لا يمكن أن تكون منشأً للامتياز والتفاضل لا دينيًا ولا عقلائياً.

اشترك في قناة «الأئمة الاثنا عشر» على تليجرام

أمّا من الناحية العقلائية فلما تمّ تقريره في علمي الفلسفة والأخلاق بأنّ التفاضل والكمال لا يمكن أن يكون إلا بالأفعال والسمات الإراديّة الاختيارية، وتوضيح ذلك أنّ الإنسان لا يكون مثلاً فاضلاً قياساً بغيره بسبب لون بشرته وطول قامته وما إلى ذلك من الخصائص والأفعال التي هي خارجة عن اختياره إنما يكون فاضلاً بسماته وأفعاله الاختيارية كطلب العلم وما إلى ذلك.

وبما أنّ الانتماء إلى قوميّة معيّنة من الأمور القهرية غير الخاضعة لإرادة واختيار الإنسان فهي لا تصلح أن تكون معيارا للتفاضل بين الناس من الناحية العقلائية.

وأما من الناحية الدينية فقد تضافرت النصوص القطعية الصدور في الدلالة على أن القومية لا تصلح معياراً للتفاضل منها قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} ومنها النبوي المشهور: "لا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى".

فمن وجهة نظر الدين التقوى هي معيار التفاضل وليس القوميّة، والتقوى فعل اختياري يصح التفاضل به عقلائيّا.

إذا عرفتَ هذا يتضح حجم النشاز الثقافي عندما يتحدث بعض المثقفين عن التفاضل بالقوميّة وفق متبنيات غريبة لا تمت لطريقة العقلاء ولا للدين بصلة.