كيف نحول الصلاة على النبي وآله من شعار إلى شعور؟

إذا أردنا أن نأخذ إحصائية في عالم الأذكار والأوراد، فإنه من الأذكار المتكثرة أو الشائعة في حياة المؤمنين كافة -بكل أصنافهم-، هي الصلاة على النبي وآله.

اشترك في قناة «الأئمة الاثنا عشر» على تليجرام

يلهج بها الإنسان في كل المناسبات، سواءً كان عند قبره الشريف، أو كان في أماكن بعيدة، أو في صلاته، أو في قيامه.. فسيد الأذكار التوسلية -إن صح التعبير- الصلاة على النبي وآله، كما أن سيد الأذكار التوحيدية كلمة التهليل.. ولا إله إلا الله سيد كل الأذكار، وخاصة أن هذا الذكر فيه خاصية الخفاء، فبإمكان الإنسان أن يهلل ولا يفتح شفتيه، ليكون الأمر بينه وبين ربه.

إن الصلاة على النبي وآله (ص) سنة متفشية وسارية في حياة المؤمنين طوال التأريخ، ولكن المشكلة أن الذكر أو الورد عندما يتكرر في حياة الإنسان، فإنه يفقد في بعض الحالات المغزى المعنوي، ويتحول من محطة تأمل وتدبر، إلى لقلقة لسان.. ونحن نعتقد -كما هو الاعتقاد الصحيح عند جميع العلماء- أنه الذكر من صفات القلب.. الاستغفار من صفات القلب.. في الكتاب الفقهي المعروف (العروة الوثقى)، صاحب الكتاب عندما يصل إلى الاستغفار، يقول: هذا عمل قلبي.. ويطرح فرع فقهي بعد ذلك: أنه هل حقيقة التوبة متوقفة على الاستغفار اللفظي أم لا؟ فينتهي إلى القول: إن الأحوط استحباباً أن نضم الذكر اللساني إلى التوبة، وإلا فالتوبة متحققة بمجرد الندامة والعزم على عدم العود.

فإذن، كيف نحول الصلاة على النبي وآله من شعار إلى شعور؟ الأمر يحتاج إلى حركة باطنية، حركة مع النفس.. إن الصلاة على النبي وآله شعار عظيم، وما يؤكد ذلك، أنه يستحب رفع الصوت بالصلاة على النبي (ص)، وقد ورد أن ذلك يذهب بالنفاق: قال رسول الله (ص): (ارفعوا أصواتكم بالصلاة عليّ، فإنها تذهب بالنفاق).. فهذه حركة شعارية مباركة، ولكن -كما قلنا- بشرط أن لا نُفقد هذه الحركة جوهرها الباطني.. فينبغي للمؤمن قبل أن يصلي على النبي وآله، أن يحاول أن يقف هنيئة مع نفسه، ويستجمع فكره؛ ليصلي على النبي وآله صلاة حقيقية، فيها معنى، وفيها مغزى.