عيونهم على ’ المصالح’ وعيوننا على ’ أبي صالح’!

تنويه: المعلومات والآراء الواردة في هذا المحتوى تمثل رأي مؤلفها ولا تعكس بالضرورة رأي أو سياسة «الأئمة الاثنا عشر» 

أوروبا على أبواب الشتاء القارس، وأمريكا على أبواب الانتخابات الرئاسيَّة، وروسيا على أبواب توسيع رقعتها الجغرافيَّة، وإيران على أبواب استرداد أموالها المُجمَّدة في المصارف العالميَّة.

اشترك في قناة «الأئمة الاثنا عشر» على تليجرام

بعض القضايا تفقد أهميتها بالتَّقادم، تكون أول ما تلتهب شرارتُها شاغلة النَّاس، وترنيمة الفضائيات، وزينة الصحف، ثم لا يحفل بها أحد.

في الأربعينيَّات من القرن المنصرم كان هتلر حديث الصحافة والإعلام، ثم ذهب من بعد كأن لم يكن من قبل.

وفي الخمسينيات كانت الحرب الكوريَّة - الكوريَّة وشطرها إلى شماليٍّ شيوعيّ العقيدة، وإلى جنوبيٍّ غربيِّ الرؤية ترنيمة الشفاه وحكاية الألسن، حتى إذا وضعت الحربُ أوزارها، وكأن لم يقتل بالأمس رجالٌ ونساء، وشيوخٌ وأطفال، ولم تُهدَّم بيوتٌ ومصانع، ومعامل وورش، نسيت الحرب مع أول قطرة دمٍ جفَّت، وانتهى أمرها مع آخر دمعة حزنٍ أُريقت.

وفي الستينيات كانت حرب فيتنام، وأزمة الصواريخ في كوبا.

وكانت الحرب الباردة بين الولايات المتحدة وأتباعها ممن يدور في فلكها، والاتحاد السوفيتي وأشياعه ممن يلوذ به قائمةً على قدمٍ وساق، وهي حديث كل عمودٍ في مجلَّة، وعماد كلِّ خبرٍ في جريدة، وقد تأخذ الأضواء منها معركةٌ هنا، وحدثٌ هناك، حتى إذا سلخ الدهر من عمره قروناً وسنين، ومضى من دوران فلكه أيامٌ وليالٍ وصار له من العمر تسعاً وسبعين وتسعمائة وألفاً كان قيام الثورة الإسلاميَّة في إيران، ومن بعدها اندلاع الحرب بينها وبين العراق، ثم دخول صدَّامٍ الكويت، ثم تفكَّك القطب الثاني الاتحاد السوفيتي ثمَّ وثمَّ..

وكان الحدث البارز في العراق سنة 2019 حراك تشرين، والصين على الأبواب تنسج بيد قوتها الاقتصاديَّة طريق الحرير، وتُريد أن تُلبس جسد العراق منه ثوبَ رفاهيةٍ وخير، وهذا يُهدد الهيمنة الاقتصاديَّة الأمريكيَّة في المنطقة، ويحرم دول الخليج من امتيازاتٍ وفوائد وأرباح، ويجعل من قناة السويس وطريقها البحريّ غير ذي فائدة، فالتَقت مجموع هذه السياسات، مع هذا الحراك في مصالح مشتركةٍ واحدة، في العراق تغيير رئيس الوزراء لا النِّظام، فإن تغيير الأنظمة يُحتاج فيه إلى توازن قوى، وحفظ مصالح، وتطميناتٍ دوليَّة؛ لذلك كان الدَّعم بالمال، والدَّعم بالإعلام..

واليوم، ذهب طريق الحرير إلى غير رجعة، فليس هناك من تهديدٍ حقيقيٍّ للاقتصاد الأمريكيّ.

ووقَّعت بعض دول الخليج اتفاقيَّةً مع الصين لتكون جزءاً من هذا الطريق فضمنت مصالحها، وحقَّقت أهدافها.

وروسيا على وشك أن تلد شبيها للاتحاد السوفيتيّ القديم، يذكّرها بالمجد التليد فمن يشتري حراكاً لا حياة فيه اليوم؟ يوم كانت تُحرّك الجموع قياداتٍ أخذت المال في العراق، والإقامة في الخارج، والمناصب في الحكومة؟

ومن يدعم؟ ومن يهتم؟

نعم، قد يكون هناك دعمٌ محدودٌ لأهدافٍ معينة، أو تدويلٌ للقضية ولكن هذا يحتاج إلى إيمانٍ بتحقق الهدف، والعراق اليوم ليس بعراق الأمس، ولا حراك الأمس كحراك اليوم، وبعض القيادات تطلب كراسي ومناصب، وتمَّ شراء بعضها كما تنطق بذلك شفاه الكواليس، وتاريخ العراق يشهد من أيام ثورة العبَّاسيين على الأمويين لطلب الرضا من آل محمد - صلى الله عليه وآله - أن آل محمدٍ شعار الحزب الدينيّ وعينه على الكرسي، كما أن العراق شعار الحزب الوطني وعينه على المنصب.

العيون كلُّها على المصالح، ونحتاج لعين معصومٍ تكون على الصَّالح، وليس لها إلَّا أبو صالح، عليه السلام.