لماذا نحزن؟ وكيف نواجه الأحزان؟!

 

إن الإنسان يحب أن يكون مستبشراً فرحاً منبسطاً، فالحزن والكآبة عملية مخالفة للمزاج.

اشترك في قناة «الأئمة الاثنا عشر» على تليجرام

ومن هنا فإن رب العالمين يبتلي عبده المؤمن بمثل ذلك، أي بالهمّ والحزن.. فعليه قبل كل شيء، أن يبحث عن السبب، إذ لعله أوجب هماً لعبدٍ، أو لأمةٍ، أو لزوجةٍ، أو لولدٍ، فابتلاه رب العالمين في المقابل بذلك الهم، لكي يكون ذلك من الكفارات للذنوب.

وقد تكون السياسة الإلهية في أن يجعل بعض الأوقات العقوبة من جنس المعصية.. فالذي يعق والديه، قد يبتلى بعقوق الأولاد مثلاً.. والذي يتجاوز على أموال الآخرين، يبتلى بالفقر المادي.. والذي يسبب ضيقاً لأحد، قد يبتليه الله سبحانه وتعالى بالضيق أيضاً.. هذا باب من الأبواب.

وكذلك من أبواب الحزن والضيق عبارة عن الأوهام، أي أن الإنسان – في بعض الأوقات – هو الذي يوجب لنفسه الهم والحزن، بلا موجب عقلائي، وخاصةً في مجال النساء.. كأن تستيقظ امرأة صباحاً، وليس هنالك ما يوجب لها الحزن، وعندما يجلس الرجل ويستمع إلى حديث قلبها، يرى بأنها مشغولة بمنام مزعج، قد رأته من خلال عناصر مخيفة.. وبالتالي، تبقى طوال النهار وهي في حالة حزن وكآبة.. وكما هو معلوم فإن المنام لا يورث اليقين، وعندما يرى الإنسان مناماً، عليه بدفع الصدقة، ويقول: يا رب!.. إن كان في هذا المنام خيراً، فعجّل لي الخير، وإن كان فيه شراً، فادفع عني الشر..

نعم، إن التقيت بأمثال يوسف الصديق، فمن المناسب أن تقول له المنام، لعله يفسره.. فإن التفسير من هبات الله عز وجل، وقد علمها وأعطاها ليوسف (ع) حيث علمه تأويل الأحاديث.. فإذاً لا داعي لأن يعيش الإنسان الضيق والهم من خلال الأوهام.

 

والخوف من المستقبل من روافد الهمّ أيضا، ما للإنسان والمستقبل؟ عليه بيومه الذي هو فيه، عليه بالاستغفار من ماضيه، وبالتعويض عن الماضي بالبرمجة للآن.. أما ما هي المقدّرات؟ ويحمل همّ عشر سنوات لاحقة، لماذا؟ إذاً قسمٌ من الحزن يأتي من باب الأوهام كالمنام وغير ذلك.

أما القسم الثالث من الحزن، وهذا – حقيقةً – قسم مقدس.. فالحزن الذي يأتي الإنسان – لعل في الروايات أيضاً إشارة إلى ذلك – لارتباط قلوب المؤمنين بعضها ببعض.. أخ مؤمن، لك معه علاقة وهنالك سنخية – من باب إن الأرواح جنود مجندة – عندما تتألم تلك الروح من الممكن أن تسري عليك.. ولا يخفى أن قلب عالم هذا الوجود من البشر، هو ذلك القلب الكبير الذي يتحمل آلام الأمة، فالإمام صاحب الأمر والزمان – روحي وأرواح العالمين لتراب مقدمه الفداء – يتألم لما يجري على محبيه وعلى المسلمين، بل وعلى المستضعفين .. فهذا القلب عندما ينقبض، وهذه العين عندما تجري بكاءً لما يحل بأمة جده، فمن الطبيعي أن القلوب المؤمنة القريبة لذلك القلب تتأثر أيضاً.. فإذا لم يكن هنالك وهم، ولم تكن هنالك معصية، ولم تكن هنالك عقوبة، فأبشر بهذا الحزن!.. فإن هذا الحزن حزن مقدس، يقربك إلى الله تعالى.. والملاحظ أن القلب الحزين من القلوب القريبة إلى الله عز وجل.. (فالمؤمن بشره في وجهه، وحزنه في قلبه).