وقتي يضيع: كيف أقاوم كثرة النوم؟!

الجواب من سماحة الشيخ حبيب الكاظمي: 

أولا: لا بد من وقفة متأملة مع النفس في هذا المجال، وإقناعها بأن السعادة الابدية تتحدد بساعات العمر القصيرة، ومن المعلوم ان اللانهاية عندما تقسم على المحدود، فإن النتيجة هي اللانهاية ايضا.. ومعنى ذلك ان كل قطعة من قطع العمر- ولو على مستوى الثانية – فإنها توازيها سعادة لا نهائية، أو شقاوة كذلك، أوليس الامر مخيفا بعد هذه المعادلة؟!

ثانيا: ضرورة برمجة الحياة في قنوات مرسومة في نهاياتها وبداياتها، فإن الذي ليست له خارطة لعملية البناء الذاتي، فإنه لا يقوم له بناء ابدا، إذ أن جمع المواد الاولية على ساحة بناء من دون خارطة ومقاول ومشرف لهو امر عقيم! والغريب ان الناس يبرمجون حياتهم المادية أيما برمجة، ولكن عندما يصل الامر الى شؤون النفس، فإنهم يلقون حبلهم على غاربهم وكأنهم منكرون – في مقام العمل – حياة الروح في افق الابد!!

ثالثا: ان النوم مطلوب كوسيلة لتجديد النشاط اليومي، لا كهدف يجعله الانسان في قائمة الموضوعات المستساغة لديه، بل ان بعضهم يرى النوم هو الموت الاصغر.. وعليه، فإن هذه الساعات التي ينام فيها العبد ساعات باطلة في حد نفسها، إن لم تكن مقدمة للاستجمام والذي هو بدوره مقدمة لاستئناف نشاط جديد..

رابعا: من المناسب ان يسعى العبد للالتزام بآداب ما قبل النوم، وما بعده.. فإن البعض يتقلب في فراشه، الى ان ينام، وهو يعيش في عالم من السرحان، والتفكير الباطل: شهويا كان او غضبيا، مما يرسخ في عقله الباطني بعض الصور التي يمكن ان تكون اداة للفساد في اليقظة، ولا يخفى مدى اللطف في الدعاء الذي يدعو به العبد عند الاستيقاظ حيث يقول: (الحمد لله الذي احياني بعد اذ اماتني، وإليه النشور.. الحمد لله الذي رد الي روحي لا حمده واعبده)..

خامسا: هنالك امور تشحذ الهمة وتقوي العزيمة ومنها: الالتزام بالنوافل، وخاصة عند منافرة الطبع، وقيام الليل، والصيام، والانفاق المالي، وكظم الغيظ.. وإلا فإن ابتلاء الانسان بحالة من الاسترخاء، والتثاقل الى الارض، من موجبات حركة النفس نحو موجبات الهوى التي توافق المزاج غالبا.. ومن الملاحظ ان اغلب السالكين الى الله تعالى لهم اورادهم وعباداتهم الموزعة على الليل والنهار، لئلا تتحقق ثغرة من الثغرات ينفذ من خلالها ابليس..

سادسا: ان معاشرة ذوي الهمم العالية من موجبات انقداح الهمم، وإلا فإن العيش مع البطالين يجر الانسان الى عوالمهم.. والغريب ان سرعة انتقال الخصال السيئة من ذوي المعاشرة لا تقاس بانتقال الخصال الحسنة، فإن طبيعة النفس ميالة الى اللعب واللهو، مملؤة بالغفلة والسهو..

سابعا: لا بد من الالتفات الى ان من موجبات بعث الجدية في الحياة هو التفكير في الاجور التي لا تخطر بالبال، وعلى رأسها الرضوان الالهي الذي يمكن الوصول اليه في الدنيا قبل الاخرة!! ولا شك ان التفكير في مثل هذه العطاءات مما يزيل حالة الكسل والوهن، ومن هنا ينبغي التأمل في هذا النص المبارك المنقول عن امامنا الصادق (ع) حيث يقول: (إذا كان الثواب من الله، فالكسل لماذا ؟!)

واخيرا نستعيذ بالله تعالى من ان يتحول أحدنا الى: جيفة في الليل، وبطال في النهار، وإن كثرة النوم تدع العبد فقيرا يوم القيامة.