حرام مغفول عنه: إياك والتجرؤ بإدلاء الرأي بغير علم!

من أكثر المحرّمات المغفول عنها في وسائل التواصل، والمبتلى بها في عصرنا حتى من قِبَل بعض المؤمنين الملتزمين؛ هي: (القول بغير علمٍ..) ويتمثّل ذلك غالباً في قبول كلّ ما ينُشر بشأن الدين: حديثاً وأحكاماً وعقائد..إلخ، وتبنيها ونشرها وتداولها والترويج لها عبر وسائل التواصل من دون التحقّق منها، و التثبت من مصدرها، ومراجعة ذوي الاختصاص بشأنها!

اشترك في قناة «الأئمة الاثنا عشر» على تليجرام

وحرمة القول بغير علم مما لا كلام فيه لدى الفقهاء، بدءاً من: الكليني (ت329هـ) رضوان الله عليه، فقد بوّب في الكافي باباً عنوانه (النهي عن القول بغير علم)، ومعلوم أنّ عناوين كتاب الكافي هي فتاوى الشيخ الكليني!.. وانتهاءً بالسيد السيستاني دام ظلّه، فقد ذكر ضمن أهمّ المحرّمات في الشريعة الإسلاميّة: 21: القول بغير علم أو حجّة.(المسائل المنتخبة-الطبعة الجديدة،ص29).

كما أنّ النهي عن ذلك مستفيض عن أهل البيت، وفيما يلي ثلاثة أحاديث صحيحة سنداً، وصريحة دلالةً في حرمة القول بغير علم: قبولاً أو رفضاً، وسلباً أو إيجاباً، ونفياً أو إثباتاً:

1-عن الإمام الباقر (عليه السلام): من أفتى الناس بغير علم ولا هدى لعنته ملائكة الرحمة، وملائكة العذاب، ولحقه وزر من عمل بفتياه.

2-وعن الإمام الصادق (عليه السلام): إن الله خصّ عباده بآيتين من كتابه: أن لا يقولوا حتى يعلموا، ولا يردّوا ما لم يعلموا.

وقال عز وجل: " {أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِيثَاقُ الْكِتَابِ أَنْ لَا يَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ} [الأعراف : 169] " وقال: {بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ} [يونس : 39]

3-عن الإمام الصادق (عليه السلام) أيضاً: إياك وخصلتين؛ ففيهما هلك من هلك: إياك أن تفتي الناس برأيك، أو تُدين بما لا تعلم. (انظر الكافي، الباب المتقدم،ح2،و3و8).

عن الإمام الصادق صلوات الله عليه:

طلبة العلم ثلاثة فاعرفهم بأعيانهم وصفاتهم: صنف يطلبه للجهل والمراء، وصنف يطلبه للاستطالة والختل، وصنف يطلبه للفقه والعقل:

1-فصاحب الجهل والمراء مؤذ ممار متعرض للمقال في أندية الرجال بتذاكر العلم وصفة الحلم، قد تسربل بالخشوع وتخلى من الورع فدق الله من هذا خيشومه، وقطع منه حيزومه

2-وصاحب الاستطالة والختل، ذو خب وملق، ويستطيل على مثله من أشباهه، ويتواضع للاغنياء من دونه، فهو لحلوائهم هاضم، ولدينه حاطم، فأعمى الله على هذا خبره وقطع من آثار العلماء أثره

3-وصاحب الفقه والعقل ذو كآبة وحزن وسهر، قد تحنّك في برنسه، وقام الليل في حندسه، يعمل ويخشى وجلا داعيا مشفقا، مقبلا على شأنه، عارفا بأهل زمانه، مستوحشا من أوثق إخوانه، فشدّ الله من هذا أركانه، وأعطاه يوم القيامة أمانه.

(رواه الكليني، باب النوادر،ح5، ورواه الصدوق في الأمالي والخصال)