هل يحق للمؤمن جمع المال.. أم لابد أن يعيش فقيراً؟!

هناك مجموعة من الآیات القرآنیة تذم التكاثر، والظاهر أن المقصود من التكاثر هنا هو تكاثر الاموال (حتی زرتم المقابر)، ولكن في ویل لكل همزة لمزة یصفهم الذي جمع مالاً وعدده!

اشترك في قناة «الأئمة الاثنا عشر» على تليجرام

ذرني ومن خلقت وحیداً وجعلت له مالاً ممدودا، والذین یكنزون الذهب والفضة ولا ینفقونها في سبیل الله، اذاً المال الكثیر اذا لم یصرف تصریفاً شرعیاً صار وبالاً علی صاحبه مثله مثل الهواء المضغوط أنت عندما تنفخ بالوناً بالهواء إذا وصل إلى حجم معین ولم یخرج ینفجر، وبنو آدم المال له كهذا المثال إذا وصل الأمر إلى درجة یصبح المال ملهیاً یجمع المال للمال.

نحن ذكرنا هذا المعنی كثیراً، بعض كبار التجار لو أوقف تجارته ما عنده من المال لا یكفیه هو فقط وانما أجیال من بعده اولاده وأحفاده یعیشون علی هذا المال وتراه یكد ویتعب الی لحظة الاحتضار!

هذا یجمع المال لیعیش ویعیش لیجمع المال، اذاً طبیعة المال الكثیر فيها جانب الإلهاء، النبي الأكرم صلی الله علیه وآله وسلم في روایة ملفتة یحذرنا من ثلاثة أشیاء القرب من السلطان وكثرة المال وكثرة الأتباع الذین یحومون حول الإنسان ما قرب عبد من سلطان الا تباعد من الله عزوجل، وطبیعي معایشة الملوك هذه المعایشة معايشة منسیة لله عزوجل هؤلاء یغلب علیهم الترف إلا من عصمه الله، ولا كثر ماله الا أشتد حسابه، فرق بین أن تخرج مئتي دینار من ألف دینار فائض المال في السنة الخمسیة وبین أن تخرج ملیون دینار اذا كان ربحك خمسة ملایین المئتین یسهل دفعه اما الملایین فلا، اذاً إذا كثر المال اشتد الحساب اولاً من حیث الحقوق الشرعية، وثانیا هذا المال الكثیر نعمة زائدة بمقدار النعمة الزائدة رب العالمین یتوقع منك الشكر الزائد.

انسان یعیش الفقر یقول الهي لك الحمد علی كسرة الخبز، هذا شكره یكفي ولكن إنسان یمشي والمال یتقاطر من یمینه وشماله هذا لابد أن یكون شكوراً لا شاكراً ولا كثر أتباعه الا كثر شیاطینه! انسان مرة یعاشر نفسه بمعنی أنه وحید شاب أعزب هو هو، غداً یتزوج یصبح اثنان تصبح له ذریة یصبح ثلاث وهكذا ولكن مرة إنسان تعامله مع العشرات الخدم والحشم والموظفین لكل واحد شیطانه هؤلاء الشیاطین تجتمع علیه، ولهذا تری الشیطان یتجلی له من خلال فلان نحن قلنا أضعف الحلقات یأتي من خلاله الشیطان!

إنسان مؤمن حلیم یُبتلی بموظف بسائق بخادم یثیر غضبه الشیطان ینفخ فیه لیزعجك فیخرجك من طورك اذاً بمقدار الأتباع یعني الذین یحومون حول الانسان الشیاطین تكثر.

امامنا الباقر علیه السلام واقعا هذه الروایة تكشف لنا حقیقة أن طریق الكمال وبلوغ المراتب العالیة لا یختص بالمعصومین بمعنی طبعا الدرجات العلیا لهم ولكن بعض الدرجات یمكن أن نصل الیها سلمان وأبوذر ولقمان وصلوا.

الإمام الباقر وهو المعصوم یستشهد بكلام أبي ذر أين أبوذر وأين الامام الباقر؟ النسبة بینهما أي نسبه؟ نسبة الامام والمأموم نسبة الامام الحجة ونسبة التابع لو كان أبوذر في زمان الامام الباقر لقبل ید الإمام كما كان یقدر النبي الشاهد، امامنا الباقر یذكر قصة أبي ذر والقرآن ذكر قصة لقمان الأمر أعظم! أتى أباذر رجل فبشره بغنم له قد ولدت في تلك الأيام من مصادیق الثروة كثرة الأنعام غنماً جملاً حصاناً فقال یا أباذر أبشر فقد ولدت غنمك وكثرت فقال أبو ذر ما یسرني كثرتها فما اُحب ذلك، یعني هذا لیس بخبر كما یقال مفرح جداً، معنی كلام أبي ذر انا عندي عشرة غنمات مشغول الی درجة سقیها علفها الی آخره الآن زادت واحدة هذه الواحدة تأخذ من وقتي اذاً لماذا تبشرني بالغنمة الزائده؟

ولكن الجملة هكذا جملة قصیرة انا أقترح الأخوة الكسبة التجار یكتبوا هذه الروایة في متجرهم هذه العبارة رواها الامام الباقر علیه السلام عن أبي ذر عبارة جداً حكمیة ورائعة! قال فما قل وكفی أحب الي مما كثر وألها؛ بعض المؤمنین تراه یواظب الجمعة والجماعة یغیب تقول یا فلان أين أنت؟ یقول أفتتحت فرعاً أو شركة جدیدة ألهتني، هذا وبال علیه، أبوذر ما فرح بغنمة لأن هذه الغنمة قد تشغله فكیف بشركة؟

المهم! فما قل وكفى أحب الي مما كثر وألها.

أيضا من الروایات المناسبة ذكرها في هذا المجال المؤمن یعتقد بقوله تعالی یوم لا ینفع مال ولا بنون یبحث عن فراغ القلب أي شيء یوجب له التركیز هذا أحب الیه وبعبارة اخری المؤمن یبتعد عن المشغلات ولهذا اذا كانت عنده مشكلة مع صدیق ویمكن الأستغناء عنه یترك الصدیق یقاطع المجلس الذي یجلب له المشاكل واما الرحم لا یمكن مقاطعة الرحم یدفع بالتي هي أحسن. المهم یقول انا لا أريد أن أشغل بالي المثل الشعبي یقول الباب الذي یأتي منه الریح سده وأسترح اذاً لا یتحمل المشاكل حتی الزوجة اذا كانت مزعجة یرضیها بكلام طیب بهدیة كذا حتی یسكتها، هذه كلها مقدمة للرواية المباركة طلبت فراغ القلب یعني فراغ القلب هذه مزیة عظمی فوجدته في قلة المال!

المال الكثیر مشغل طبعاً لا القلة التي تحوجك إلى الناس ما قل وكفی الحالة الطبیعیة للمؤمن أن يعيش الكفاف لا هو فقر مشغل ولا هو غنیً مشغل الغنی والفقر اذا كانا مشغلین في حكم واحد.

روایة أخيرة فیها بشارة وفیها تخویف في روایة واحدة إنذار وبشاره؛ امامنا الصادق علیه السلام ما كثر مال رجل قط الا عظمت الحجة لله تعالی علیه! الحجة تتم أكثر قلنا قبل قلیل الذي یعصي ورب العالمین فتح له المال من الممكن أن یعاقب عقوبة مضاعفة یقول أكرمناك لماذا عصیتنا؟ الفقیر ضیقنا علیه الآن مضیق المال یعیش القلق والأذی والی آخره عصی أنت ما بالك أمروك متسقة لماذا عیصتنا؟ الشاهد في ذیل الروایة؛ الی هنا تخویف عظمة الحجة عليه فإن قدرتهم أن تدفعوها عن أنفسكم فأفعلوا ادفع الحجة يعني أبطل مفعول الحجیة والإدانة قیل بماذا؟ یقول الامام الصادق كیف نعوذ هذا الأمر؟ قال بقضاء حوائج اخوانكم من اموالكم! المال حجة عليك ولكن إن أنفقتها في قضاء الحوائج هذا المال تحول الی أمر مبارك هنيئاً لمن كان ماله وعمره بذلةً في طاعته.