لماذا يرفض السيد السيستاني رفع صوره؟![1]

- الآراء الواردة في هذا المقال لا تمثل بالضرورة رأي موقع «الأئمة الإثني عشر»

 قبل عشر سنوات، وصلته الأخبار الدقيقة، من شبكة المعلومات الخارقة الممتدة في كل العراق، أن بعض دوائر الدولة بدأت تعلق صورته كتعبير عن الامتنان لبناء الدولة ولسان حالهم، لولاك لا انتخابات، لا قانون، ولا دولة مؤسسات.

فكان جوابه قاطعاً: سماحته يرجو من محبيه عدم رفع صورته في الدوائر الرسمية!!

 والآن، تصله الأخبار الدقيقة، أن الفصائل المسلحة ترفع صورته في المناطق المحررة، كتعبير عن الامتنان ولسان حالهم، لولاك لا انتصار، لا وحدة كلمة، لا ثبات.

فكان جوابه قاطعاً: سماحته يرجو من محبيه عدم رفع صورته في المناطق المحررة!!

 هل هو الإخلاص؟!!!

ربما، فالرجل حتى لا يملك فضائية تنادي باسمه، أو صحيفة، أو مكتب إعلامي، ذلك (السيت) الذي لا يستغني عنه البعض، كشرط للنجاح، بل لأداء التكليف (برأيهم)!!

 هل هو التواضع؟!!

أيضاً ربما ، فالرجل لا يرى لنفسه فضلاً على أحد، فيقول ( من يقبلني فهو المتفضل)

 هل هو برنامج خاص في محاربة النفس ومخالفة الهوى؟!!

بالتأكيد، فهذا مما ينقله عنه المقربون من طلابه.

 هل هي الكياسة والحكمة في التعامل؟!!

لكيلا يقال إن الرجل أصبح يملك مؤسسات الدولة، أو يفرض نفسه على أهل المناطق المحررة؟!!

لكيلا يستفز الشارع السني، ويوجد مبررات للآخرين، أن يقنعوا السنة بوجود احتلال شيعي، يأزم الموقف، ويعمق الشقاق؟!!

ولكن، يبدو أن الأمر أبعد من هذا..

فالسنة في المناطق المحررة، لم تقصر حناجرهم عن الهتاف باسمه، والاعتزاز به، من باب (ما تشوف خيري لمن تجرب غيري).

 يبدو أن الأمر باختصار يا سادة، هو ما قاله الشيخ الكوراني عندما التقى بسماحته دام ظله:

١) إن سماحته يشعر بأن أهم شيء في حياته والذي تهون عنده كل الاعتبارات والأثمان هو (حفظ احترام وهيبة هذا المقام الالهي المؤتمن عليه وهو نيابة الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف).

٢) إن هناك من يسعى، بل الكل يسعى، لإسقاط هيبة وقداسة هذا المقام، وقد شاهدتم مكائن الإعلام، بل حتى بعض المجندين للمخابرات ( بالعمائم) صنعوا ما لا يخطر على البال ولا يصدقه الخيال، لإسقاط هيبة ومكانة هذا المقام .

٣) إن أهم وسيلة لحفظ هذا المقام هي ( الترفع) و( الزهد).

 فسماحته يريد أن يقول للعالم:

إن الذي يمثل وراثة أهل البيت عليهم السلام، يجب أن يكون متخلقاً بأخلاقهم، (عظم الخالق في أنفسهم، فصغر ما دونه في أعينهم).

فالمهم هو الإسلام، وعزته ومكانته، هكذا أراد أهل البيت من دون أن يطمعوا بشكر أو ذكر، سوى ما تركه لهم القليل من الإنصاف لدى التاريخ!!

وهل ضاق صدر علي بسرقة جهوده ونسبتها لغيره، مادام الإسلام بخير؟!

وهل ضاق صدر جعفر الصادق، عندما مرت السنتان، وتفرعن بعدهما النعمان؟!

ونحن ورثنا منهم هذا الخلق، نقدم لله، لله فقط، وسنبقى عليه، يا أهل تكريت، من كان منكم قد أجرم باشتراكه مع داعش، فعدل السماء، وقانون الدولة، سيناله عاجلاً أم آجلاً. ومن كان منكم مغلوباً على أمره، خائفاً على عائلته وعرضه، فنحن شيعة إمام الغيرة، وفتى النخوة، علي عليه السلام، نبذل دمائنا لتقر عيون المحصنات في بيوتهن، وينام الرجل مطمئناً على شرفه، فمن شكر منكم ذلك، فقد صنع المعروف لنفسه، ومن أنكره، فإنما فعلناه لله، لا نريد منكم جزاءً ولا شكورا وما جئناكم لنتأمر عليكم، ونعلق صورنا.

 هكذا، بهذا الترفع والزهد، والبذل والعطاء ستحفظ هيبة النيابة المقدسة، التي لا تريد لنفسها شيئاً، وسيعرف الناس مهما تمادت الدهور، أن الحق في هذه العصابة ( شيعة علي بن أبي طالب).

 وهذه نعمة وجود هذا العبد الصالح الزاهد، الذي لا يلبس الأنا لباس أداء التكليف، ولا حب الشهرة ثياب التصدي للوظيفة، فالحمد لله كثيراً.

 

[1] المقال كتب سنة 2015 في الحرب على تنظيم داعش الإرهابي، وبعد تحرير عدد من المناطق التي استولى عليها، حيث رفعت بعض الفصائل صور السيد السيستاني في المناطق المحررة.