كم بقي من عمر السيستاني للعراق؟!

- الآراء الواردة في هذا المقال لا تمثل بالضرورة رأي موقع «الأئمة الإثني عشر»

قبل ثلاث سنوات وتسعة أشهر، وبالتحديد يوم الجمعة 5 / 2 / 2016 أعلنت المرجعية الدينية على لسان ممثلها السيد أحمد الصافي بأنها ستتوقف عن بيان رأيها في الشأن السياسي بعد تكرار النصيحة للسياسيين لعشرات بل مئات المرات، وتحذيرهم أن الاستمرار بتقاسم المصالح وتجاهل الشعب سيوصلنا الى الكارثة.

 قال السيستاني ذلك، بعد أن أغلق بابه لسنوات، فلم يغضب الشعب لغضبه، واستمر كل طرف يدافع عن رمزه السياسي ويهاجم بقية الأطراف، وكل جمهور يتفنن في تسقيط الجمهور الآخر على مواقع التواصل، بأقسى أنواع الاستهزاء، من دون أن يدرك الجميع، أن السفينة ستغرق بهم.

 قال السيستاني ذلك، بعد أن صدرت منه أكثر الكلمات دلالة على الألم، وهو بين قوم لا يدركون أن الرجل ابن التسعين سنة حريص على وطنهم، ويرى الخطر قادماً وهو يصرخ (بحت أصواتنا) (ولات حين مندم) ولا من مستجيب.

 بعد ذلك التاريخ دخل العراق في مرحلة التظاهرات المنفلتة، الغاضبة، الفاقدة للبوصلة، وبدل أن يستجيب السياسيون لمشاكل المجتمع، ويتداركوه قبل أن يصاب بالجنون، أكملوا الطريق بالتسقيط المتبادل، والتنافس على السلطة، والسفينة تغرق أكثر.

 يوم الخميس الموافق 26 / 12 / 2019 يتكرر الموقف، بتصريح مصدر مسؤول عن مكتب السيد السيستاني بأنه (لن تكون له خطبة سياسية يوم غد الجمعة)؟  

 ماذا تقرأ في هذا الموقف؟ 

 هل تقرأ أن السيد الذي يمثل صوت العقلاء، لم يعد يرى سوى مجانين يتكالبون على السلطة؟  ولكل طرف منهم جمهوره الذي يدفعه للمزيد؟  

 هل تقرأ أن السيد يرى كلمته تهان، ونصيحته لهم باختيار (حكومة غير جدلية) تضرب عرض الجدار؟  لأن القوم سكارى!! وعاجزون عن ترك هذا السباق على قذارة الدنيا.

 هل تقرأ أنه ملتزم بوصية جده أمير المؤمنين (لَا تُقَاوِلَنَّ إِلَّا مُنْصِفاً وَلَا تُرْشِدَنَّ إِلَّا مُسْتَرْشِداً) فليت شعري أين المنصف ليقاوله، وأين المسترشد ليرشده؟  

 لقد غضب السيستاني للمرة الثالثة (بعد إغلاق بابه وسكوته سنة 2016)، وقرر أن يصمت ثانياً، لأن السؤال الذي كان يواجهه اليوم هو نفسه ما طرحناه قبل أقل من شهر (باچر شيكتب السيستاني)؟  وماذا يقول؟  

 السيستاني غضب للمرة الثالثة، ونحن لا نرى إلا ما تريد وسائل الإعلام أن نراه، فكيف يعبر السيستاني عن سخطه إن لم يكن بهذه المقاطعة؟  

فما هو موقفنا كشعب؟  ألا نخجل أن يكون كبيرنا وعاقلنا ساخطاً على هذه الطبقة السياسية الفاشلة، ثم يستمر كل طرف بالتبرير لمواقفه البائسة؟

 أليس الجواهري يقول (سكُتُّ وصدري فيه تغلي المراجلُ وبعض سكوتِ المرءِ للمرءِ قاتلُ) فلماذا لايقتلنا هذا السكوت؟ ماذا أصابنا كشعب؟

 كم بقي من عمر السيستاني؟ والى متى سيبقى هذا الصمام؟ وهذا الكهف؟ إذا لم نتفق ونوحد كلمتنا قبل فوات الأوان؟ [1]

[1] ( كُتبت هذه المقالة بعد إعلان مكتب السيد السيستاني يوم الخميس بعدم تناول الأمور السياسية في خطبة الجمعة ٢٠١٩/١٢/٢٧ بعد أن كانت متواصلة خلال الاحتجاجات )