غفلة تجرّ إلى معصية: إهمال ’’المستحبات’’ و ’’المكروهات’’ بوابة للتهاون!

الشيخ محمد العبيدان القطيفي
زيارات:1485
مشاركة
A+ A A-

أولت الشريعة المقدسة اهتماماً بالغاً للمستحبات والمكروهات، ويظهر هذا من خلال النصوص التي تضمنت بعض مفرداتها، واللغة التي جاءت بها، سواء في بيان الآثار والفضل الذي يناله فاعلها فضلاً عن الملتزم بها في جانب المستحبات، أم العقبات والتبعات السلبية التي ترفع عنه باجتنابها وتركها في جانب المكروهات.

اشترك في قناة «الأئمة الاثنا عشر» على تليجرام

وهذا يعني أن ذكرها في الأدلة ليست الغاية منه مجرد التكميل فقط، بل بلحاظ ما لها من أهمية وأثر عملي.

ولهذا نجد إنه قد ورد التأكيد على بعضها والتشديد على أهميتها، بنحو لم يرد في غيرها من المستحبات، حتى ربما أوهم ذلك إلحاقها بالواجبات، كصلاة الجماعة مثلاً، أو الأذان والإقامة.

وبالجملة، لا ينبغي التهاون بالمستحبات والمكروهات فلا يُعتنى بهما، ولا يُلتفت إليهما كما هو الحاصل اليوم، إذ نجد عدم عناية بذلك، مع أن العناية بهما لها أكبر الأثر العملي، فمثلاً صلاة النافلة مضافاً لما يترتب على فعلها من أجر وثواب، فإنه تصلح النقص الموجود في صلاة الفريضة المانع ربما من قبولها، ذلك أن أحد اسباب قبول صلاة الفريضة إقبال المصلي بقلبه على الله تعالى، فلا تقبل منه صلاته لو لم يكن قلبه حاضراً، لكن حضور قلبه حال أدائه بعض النوافل ينفع في أن يؤخذ حضور قلبه فيها ليجعل في الفريضة فيكون ذلك سبباً موجباً لقبولها، وهكذا.

وهذه تسبيحة السيدة الزهراء(ع) وما ورد فيها من فضل وأجر وثواب، حتى جاء في بعض النصوص أن من فعلها قبل أن يقوم بحركة غفر الله له ما تقدم من ذنبه.

ولا ينحصر الأمر في خصوص المستحبات بل يجري ذلك أيضاً في المكروهات، فإن التشديد على ترك بعض الأطعمة الخاصة غايته بيان ما لذلك من أثر وضعي مترتب على أكله، ومثل ذلك اجتناب ليال خاصة في العلاقة الطبيعية بين الزوجين، أو الحذر من أوقات محددة حتى في السفر فإنها عناوين مشيرة لما يترتب على ذلك من آثار تكوينية وضعية ينبغي الحذر منها واجتنابها.

والحاصل، إن حالة الغفلة الموجودة عند كثيرين عن المستحبات والمكروهات، وعدم العناية بهما، بحيث ما عاد الناس يلتفتون إليهما، ويتم التعامل معهما كلا وجود، فلا يقوم أحد بفعل المستحبات، ولا اجتناب المكروهات، قد أوجبت حالة الجفاف الروحي الموجود في وسطنا الاجتماعي، كما أن هذا قد يكون بوابة للتجري غداً والتهاون في فعل الواجبات واجتناب المحرمات، لأن هذا يجر لذلك.

مواضيع مختارة