يفك طلاسم الغيب: ما حقيقة ما يعرف بـ «علم الجفر»؟!

ليس لما يُسمَّى بعلم الجفر اعتبارٌ ولا يصحُّ ترتيب الأثر على نتائجه، ودعوى انتسابِه للإمام عليٍّ (ع) أو للإمام الصادق (ع) لم تثبت.

[اشترك]

الجفر الوارد أنَّه من مواريث النبوَّة:

نعم ورد في مصادرنا أنَّ من مواريث النبوَّة كتاب الجفر وهو من مختصَّات النبيِّ الكريم (ص) والأئمة من أهل بيته (ع) لا يعلمُ بمضامينه غيرُهم.

فممَّا ورد في ذلك ما رواه الكليني بسندٍ صحيح عن أَبِي بَصِيرٍ عن أَبِي عَبْدِ اللَّه (ع): ".. قَالَ: وإِنَّ عِنْدَنَا الْجَفْرَ ومَا يُدْرِيهِمْ مَا الْجَفْرُ قَالَ: قُلْتُ: ومَا الْجَفْرُ؟ قَالَ: وِعَاءٌ مِنْ أَدَمٍ، فِيه عِلْمُ النَّبِيِّينَ والْوَصِيِّينَ وعِلْمُ الْعُلَمَاءِ الَّذِينَ مَضَوْا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيل .."(1).

ومن ذلك: ما رواه الكليني بسندٍ موثَّق عن نُعَيْمٍ الْقَابُوسِيِّ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ (ع) أَنَّه قَالَ: إِنَّ ابْنِي عَلِيّاً أَكْبَرُ وُلْدِي، وأَبَرُّهُمْ عِنْدِي وأَحَبُّهُمْ إِلَيَّ، وهُوَ يَنْظُرُ مَعِي فِي الْجَفْرِ، ولَمْ يَنْظُرْ فِيه إِلَّا نَبِيٌّ أَوْ وَصِيُّ نَبِيٍّ"(2).

ومنه: ما رواه الكليني أيضاً بسندٍ صحيح أَبِي عُبَيْدَةَ قَالَ: سَأَلَ أَبَا عَبْدِ اللَّه (ع) بَعْضُ أَصْحَابِنَا عَنِ الْجَفْرِ فَقَالَ: هُوَ جِلْدُ ثَوْرٍ مَمْلُوءٌ عِلْماً، قَالَ لَه: فَالْجَامِعَةُ؟ قَالَ: تِلْكَ صَحِيفَةٌ طُولُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعاً فِي عَرْضِ الأَدِيمِ مِثْلُ فَخِذِ الْفَالِجِ، فِيهَا كُلُّ مَا يَحْتَاجُ النَّاسُ إِلَيْه، ولَيْسَ مِنْ قَضِيَّةٍ إِلَّا وهِيَ فِيهَا حَتَّى أَرْشُ الْخَدْشِ"(3).

ومنه: ما رواه الشيخ الصدوق في كتابه من لا يحضره الفقيه وكتاب الخصال بسندٍ معتبر عن عليِّ بن الحسن بن فضَّال عن أبيه عن أبي الحسن عليِّ بن موسى الرضا (عليه السّلام) قال: للإمام علاماتٌ، يكونُ أعلمَ الناس، وأحكمَ الناس، وأتقى الناس .. ويكونُ عنده الجامعةُ، وهي صحيفةٌ طولُها سبعون ذراعاً فيها جميعُ ما يحتاجُ إليه ولدُ آدم، ويكونُ عنده الجفرُ الأكبرُ والأصغرُ، إهابُ ماعزٍ، وإهاب كبشٍ، فيهما جميعُ العلوم حتى أرشِ الخدش، وحتى الجلدة ونصف الجلدة وثلث الجلدة، ويكون عنده مصحفُ فاطمةَ (عليه السّلام)"(4).

ومنه: ما رواه الكليني بسندٍ صحيح عن الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي الْعَلَاءِ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّه (ع) يَقُولُ: إِنَّ عِنْدِي الْجَفْرَ الأَبْيَضَ قَالَ: قُلْتُ: فَأَيُّ شَيْءٍ فِيه قَالَ: زَبُورُ دَاوُدَ وتَوْرَاةُ مُوسَى وإِنْجِيلُ عِيسَى وصُحُفُ إِبْرَاهِيمَ (ع) والْحَلَالُ والْحَرَامُ .. وعِنْدِي الْجَفْرَ الأَحْمَرَ قَالَ: قُلْتُ: وأَيُّ شَيْءٍ فِي الْجَفْرِ الأَحْمَرِ قَالَ: السِّلَاحُ .."(5).

ومنه: ما رواه الشيخ الطوسي في كتاب الغيبة بسنده عن سدير الصيرفي قال: دخلتُ أنا والمفضَّل بن عمر، وداود بن كثير الرقي، وأبو بصير، وأبان بن تغلب على مولانا الصادق (عليه السلام) قال: "إنِّي نظرت صبيحة هذا اليوم في كتاب الجفر المشتمل على علم البلايا والمنايا وعلم ما كان وما يكون إلى يوم القيامة الذي خصَّ اللهُ (تقدَّس اسمُه) به محمَّداً والأئمةَ مِن بعدِه (عليهم السلام) .."(6).

المستظهر من الروايات:

فالذي يظهرُ من هذه الروايات أنَّ الجفر وعاءٌ من أَدَم يعني من جلد، وفي هذا الوعاء كتبٌ مشتملةٌ على علوم النبيِّين والأوصياء، ومنها صُحُفُ إبراهيم (ع)، ومنها والتوراة التي أُنزلت على موسى (ع) والإنجيلُ الذي أُنزل على عيسى (ع) وزبورُ داود (ع)، وكذلك هو مشتملٌ على كتاب يحتوي على علوم الشريعة من الحلال والحرام، ومشتملٌ على علم البلايا والمنايا، وعلم ما كان وما يكون.

والواضحُ من هذه الروايات أنَّ الجفر ليس علماً بحدِّ ذاته وإنَّما هو وِعاءٌ أو كتابٌ فيه علومٌ متلقَّاة بواسطة الرسول الكريم (ص) عن الأنبياء والأوصياء الذين سبقوه، وبعضُها متلقَّى عن الرسول (ص) كعلوم الشريعة الإسلاميَّة، نعم لم تتصدَّ هذه الروايات لبيان كيفيَّة ضبط وكتابة هذه العلوم، فلعلَّ بعضَها مضبوطٌ بنحو الترميز. إلا أنَّ الواضح من الروايات أنَّ الجفر -بما يشتملُ عليه من علوم وبقطع النظر عن طريقة ضبطِها وتدوينها- هو مِن مواريث النبوَّة التي اختصَّ اللهُ تعالى بها نبيَّه (ص) والأئمةَ (ع) من بعده، فليس في أيدي الناس شيءٌ من هذه العلوم كما هو صريحُ رواية سدير وكما هو المستظهَر من قوله في موثقة نعيم القابوسي عن الإمام موسى بن جعفر(ع): "ولَمْ يَنْظُرْ فِيه إِلَّا نَبِيٌّ أَوْ وَصِيُّ نَبِيٍّ" وكذلك هو المستظهَر من صحيحة أَبِي بَصِيرٍ عن أَبِي عَبْدِ اللَّه (ع): "وإِنَّ عِنْدَنَا الْجَفْرَ ومَا يُدْرِيهِمْ مَا الْجَفْرُ" وثمة روايات أخرى عديدة تشتمل على ما يقربُ من هذه المضامين.

لا يصحُّ التعويلُ على ما يُسمَّى بعلم الجفر:

والمتحصَّل أنَّ ما يُسمَّى بعلم الجفر الذي يتداولُه بعضُ الناس ويزعمون أنَّه مأثورٌ عن أمير المؤمنين (ع) وعن الإمام الصادق (ع) هو شيءٌ آخر غيرُ الجفر الذي نصَّت الرواياتُ على أنَّه من مواريث النبوَّة، نعم قد يكونُ لبعض قواعد ما يُسمَّى بعلم الجفر أصلاً يرجعُ إلى الإمام أمير المؤمنين (ع) أو الإمام الصادق (ع) ويكونُ البعضُ الآخر من قواعده قد تمَّ الاختراعُ لها وابتداعُها من قِبَلِ بعض المشتغلين بمثل هذه العلوم الغريبة ثم إنَّهم أو غيرهم قد نسبوا قواعد علم الجفر بتمامِها إلى أحدِ الإمامين (ع) فالأمرُ لا يعدو الاحتمال الذي لا يُغني من الحقِّ شيئاً، ولهذا لا يصحُّ التعويل على شيءٍ ممَّا يُسمَّى بعلم الجفر لعدم إمكان التثبُّت من المقدار الذي كان قد صدرَ عن أحد الإمامين (ع) هذا لو كان قد صدر واقعاً، كيف والحال أنَّ أصل الصدور عنهما حتى لبعض هذه القواعد أمرٌ لا طريق إلى إثباته.

==============

الهوامش:

1- الكافي -الكليني- ج1 / ص239.

2- الكافي -الكليني- ج1 / ص311.

3- الكافي -الكليني-ج1 / ص241. الأديم الجلد، والفالج هو الجمل الضخم، ذو السنامين، يُحمل من بلاد السند، فمعنى الفقر هو أن عرض الصحيفة هو عرض فخذ الجمل الضخم.

4- من لا يحضره الفقيه -الصدوق- ج4 / ص419، الخصال -الصدوق- ص528، عيون أخبار الرضا (ع) -الصدوق- ج1 / ص193. الإهاب هو الجلد، وأرش الخدش معناه عوض الخدشة والذي هو الجرح الصغير والسطحي.

5- الكافي -الكليني- ج1 / ص240. والجفر الأحمر وعاءٌ فيه سلاح رسول الله (ص) كدرعه وكسيف ذي الفقار.

6- الغيبة- الطوسي- ص169.

2024/12/07

تحذير طبي: هذا النمط من الحياة خطير على الإنسان!

يشير الأكاديمي الروسي إيفان ديدوف إلى أن سوء التغذية مع نمط الحياة الخامل يمكن أن يؤدي إلى عواقب وخيمة على صحتنا. 

[اشترك]

ووفقا له، يمكن أن يخلق النظام الغذائي غير المتوازن ونمط الحياة الخامل الاستعداد للإصابة بالنوع الثاني من داء السكري.

علاوة على ذلك، تبدأ مخاطر هذا المرض في مرحلة الطفولة. 

ويقول موضحا: "مثلا، طفل عمره أربع أو خمس سنوات، يجلس ويلعب لمدة 4-5 ساعات، وفي هذه الحالة يأخذ الدماغ الغلوكوز فقط، ولكن البنكرياس لا يزال صغيرا ولا يستطيع إنتاج هذا القدر من الأنسولين". 

ويشير الأكاديمي، إلى أن 98 بالمئة من الأشخاص البالغين المصابين بالنوع الثاني من داء السكري هم من العاملين في مجال العمل الفكري.

ومن جانبها تشير الدكتورة ناتاليا موكريشيفا مديرة المركز الوطني للبحوث الطبية للغدد الصماء، إلى أن النوع الثاني من داء السكري، هو مرض استقلابي، يمكن الوقاية منه وعلاجه في مراحله المبكرة. 

وتجدر الإشارة، إلى أن عدد المصابين بداء السكري في العالم بلغ أكثر من 1.5 مليار شخص.

ووفقا للأطباء نصف هؤلاء تقريبا لا يعلمون بإصابتهم بالمرض إلا بعد حدوث مضاعفات. 

المصدر: RT

2024/12/04

ما هي شروط «تعدد الزوجات».. وهل فيه ظلم للمرأة؟!

لدي عدة أسئلة في موضوع تعدد الزوجات:

1- هل لتعدد الزوجات شروط أم أن الرجل يستطيع أن يتزوج بالثانية والثالثة والرابعة متى ما أراد حتى لو كان لمجرد شهوته الجنسية؟

[اشترك]

2- هل تستطيع أن تمنع الزوجة زوجها من الزواج بالثانية أو تمنعه من نفسها إذا تزوج، أو تُغيِّر معاملتها الأخلاقية معه؟

3- إذا كان الإسلام يسمح للرجل أن يتزوج بالثانية حتى مع عدم وجود نقص في الأولى، ألا يعد ذلك ظلما لها؟

4- النساء يعترضن على زواج الرجل من غيرهن، ويدخل على قلبهن الأذى لذلك، فهل هذا يعتبر من نقص الإيمان لأنها لم تسلم لحكم الله في هذا التشريع؟

الجواب من سماحة الشيخ محمد صنقور:

1- ليس لتعدُّد الزوجات شروط، فيجوز للرجل أنْ يتزوَّج بأكثر من زوجةٍ مطلقاً ولكنَّه إذا تزوَّج لزمه شرعاً أداء حقِّ مَن تزوجها كاملاً من النفقة والبيتوتة والعدل في المعاملة.

2- لا يجوز لها ذلك بل يجب عليها أداء حقوقه كاملةً سواءً تزوَّج عليها بزوجةٍ ثانية أو ثالثة كما يجب على الزوج الالتزام بحقوق كلِّ زوجةٍ يتزوَّجها، ولا يجوز له التفريط بشيءٍ من حقوق كلِّ زوجةٍ يتزوَّجها ولا أنْ يفضِّل واحدةً على الأخرى في المعاملة. ولو فعل ذلك كان لها حقُّ الاعتراض بل والمقاضاة.

3- إنَّ الله تعالى لا يُبيح الظلم، فلو كان التعدُّد ظلماً للزوجة السابقة لما أباحته الشريعة، قال تعالى: ﴿إِنَّ اللّهَ لاَ يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا وَلَكِنَّ النَّاسَ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ﴾(1) وقال تعالى: ﴿وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ﴾(2) فالتعدُّد ليس ظلماً لكنَّ المرأة التي ترى أنَّ الاختصاص بزوجها حقٌّ خالصٌ لها تعتبر أنَّ زواج زوجها من الثانية تعدٍّ على حقِّها، ولو أنَّها أذعنت أنَّ الاختصاص ليس من حقوقها لما شعرت بالظلم ولا بالغبن عندما يتزوَّج زوجُها بأخرى مع اِلتزامه بحقوقها المشروعة.

فشأنُ المرأة في ذلك شأنُ كلِّ أحدٍ يرى لنفسه حقاً ليس له، فهو حين لا يُعطى هذا الشيء يرى أنَّه قد مُنع من حقِّه فينتفض ويرى نفسه مظلوماً، ولو أنَّه أنصف وتحقَّق من مقدار حقوقه لطابت نفسُه ولم يطلب شيئاً ليس له، ولو طلبه كان ذلك من طلب التفضُّل وليس من طلب الحق.

4- نعم هو من نقص الإيمان وضعف التسليم بشرع الله تعالى.

==============

الهوامش:

1- سورة يونس / 44.

2- سورة الحج / 10.

2024/11/28

ما هو الفسق؟ ومن هو الفاسق؟

‏الفسق في اللغة الخروج، ويقال فسقت النواة من التمرة أي خرجت منها. وفي الاصطلاح القرآني هو الخروج عن الصراط المستقيم الذي لا بد من لزومه في كل تفاصيل الحياة الفردية والاجتماعية. وبالتالي الفسق هو المعنی المقابل للعدالة، والفاسق هو الذي يرتكب الكبيرة ولا يتوب منها.

[اشترك]

‏وردت كلمة الفسق ومشتقاتها أربعاً وخمسين مرّة في القرآن الكريم، واستعملت في موضوعات ومصاديق عدّة، منها:

‏١- في وصف انحراف فرعون وقومه: «إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ» [) سورة النمل: الآية ١٢.]٢.

‏٢- في وصف المنافقين وذوي الوجوه المتعددة: «إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ» [) سورة التوبة: الآية ٦٧.]٣.

‏٣- في وصف الذين يؤذون الأنبياء، ويتمرّدون علی أوامرهم: «قَالُواْ يَا مُوسَی إِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا... الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ» [) سورة المائدة: الآية ٢٤- ٢٦.]٤.

‏٤- في وصف الذين لا يحكمون بما أنزل الله: «وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ» [) سورة المائدة: الآية ٤٧.]٥.

‏٥- في حالة أهل الحيلة والمكر: «...بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ» [) سورة الأعراف: الآية ١٦٣.]٦.

‏٦- في وصف الذين يتركون واجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: «أَنجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُواْ...بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ» [) سورة الأعراف: الآية ١٦٥.]٧.

‏٧- في وصف الذين يرجّحون البقاء في البيوت، والتجارة، والأسرة والأقارب، والأمور الماديّة علی الجهاد في سبيل الله: «قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُم...أَحَبَّ... بِأَمْرِهِ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ» [) سورة التوبة: الآية ٢٤.]٨.

‏٨- في حالة التعبير عن الانحرافات الجنسية والسير وراء الشهوات والوقوع في أسرها (فقد أطلق الله لقب الفاسقين علی قوم لوط لارتكابهم الموبقات الجنسية علناً دون أن ينكر أحد منهم علی الآخر فعلته): «رِجْزًا مِّنَ السَّمَاء بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ» [) سورة العنكبوت: الآية ٢٤.]٩.

‏٩- في وصف الأكل من الأطعمة المحرّمة: «حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالْدَّمُ... ذَلِكُمْ فِسْقٌ» [) سورة المائدة: الآية ٣.]١٠.

‏١٠- في وصف الذين يتّهمون النساء الشريفات في شرفّهن ويفترون عليهنّ: «يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ...وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ» [) سورة النور: الآية ٤.]١١.

مقتطف من تفسير النور – الشيخ محسن قراءتي

2024/11/24

أفضل الأطعمة التي تحسّن الذاكرة وصحة الدماغ

 هل فقدت مفتاح منزلك أو نسيت المكان الذي تركت فيه مفتاح سيارتك آخر مرة؟ لا تقلق، لست وحدك من يعاني من هذه الأمور.

[اشترك]

brain-food

ونشر الموقع الإلكتروني "Cleveland Clinic" في أمريكا قائمة بأفضل الأطعمة لتحسين الذاكرة وصحة الدماغ.

وتشمل ما يلي:

الأسماك: مع مراعاة تناول أنواع السمك المحللة شرعاً (ما يحتوي منها على الفلس – القشور-)

  • سمك السلمون
  • التونة
  • الرنجة
  • السردين

التوتيات:

  • التوت الأزرق
  • التوت الأسود

الحبوب الكاملة:

  • الأرز البني
  • الكينوا
  • دقيق الشوفان
  • الخبز المصنوع من الحبوب الكاملة
  • المعكرونة المصنوعة من الحبوب الكاملة
  • الحنطة السوداء

المصدر: سي إن إن العربية

2024/11/18

كيف تحمي نفسك من السحر؟!

عن أمير المؤمنين عليه‌السلام قال : أكتب في رقّ ظبي وعلّقه عليك : بِسْمِ الله وَبِالله بِسْمِ الله ماشاءَ الله وَلاحَولَ وَلاقوَةَ إِلاّ بِاللّهِ. قالَ موسى : (ما جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ إنَّ الله سَيُبْطِلَهُ إنَّ الله لايُصْلِحُ عَمَلُ المُفْسِدينَ)، (فَوَقَعَ الحَقُّ وَبَطَلَ ما كانوا يَعْمَلونَ فَغَلَبوا هُنالِكَ وَانْقَلَبوا صاغِرينَ).

[اشترك]

أيضاً لدفع الشياطين والسحرة

روي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله اقرأ اَّية السُّخرةِ وهي : (إنَّ رَبُّكُمْ الله الَّذي خَلَقَ السَّماواتِ وَالارضِ في سِتَّةِ أيّامٍ ثُمَّ اسْتَوى عَلى العَرْشِ يُغْشي اللَّيْلَ النَّهارِ يَطْلِبَهُ حَثيثا وَالشَّمْسُ وَالقَمَرُ وَالنُّجومُ مُسَخَّراتٍ بِأمْرِهِ ألا لَهُ الخَلْقُ وَالامْرُ تَبارَكَ الله ربُّ العالَمينَ أَدْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعا وَخُفْيَةً إنَّهُ لا يُحبُّ المُعْتَدينَ وَلا تُفْسِدوا في الارضِ بَعْدَ إصْلاحِها وادْعوهُ خَوفا وَطَمَعا إنَّرَحْمَة الله قَريبٌ مِنَ الُمحْسنينَ). وفي بعض الروايات اقرأها إلى : (تَبارَكَ الله ربِّ العالَمينَ).

 

المصدر: كتاب مفاتيح الجنان للشيخ عباس القمي (قدس)

2024/11/17

لماذا سميت فاطمة (ع) بالزهراء؟

لماذا سميت فاطمة (ع) بالزهراء؟

[اشترك]

1- لأن بنورها زهرت السماوات السبع.

روى المجلسي بحار الأنوار ج43/ ص17 عن إرشاد القلوب مرفوعاً إلى سلمان الفارسي في حديث عن النبي (صلى الله عليه وآله) مخاطباً عمه العباس بن عبد المطلب في فضل أهل البيت (عليهم السلام) وفيه: (فلما أراد الله تعالى يبلو الملائكة أرسل عليهم سحابا من ظلمة وكانت الملائكة لا تنظر أولها من آخرها... فقال الله عز وجل: وعزتي وجلالي إلى أن قال:  فخلق نور فاطمة الزهراء يومئذٍ كالقنديل..

2- لأنها كانت تزهر لأمير المؤمنين (عليه السلام).

 رواه الصدوق في العلل بسنده عن أبان بن تغلب قال قلت لأبي عبد الله يا بن رسول الله لم سميت الزهراء (عليها السلام) زهراء؟ فقال: (لأنها تزهر لأمير المؤمنين (عليه السلام)  في انها ثلاث مرات بالنور....)

3- لأنها كانت تزهر لأهل السماء .

وفي (المعاني) بسنده عن جعفر بن محمد بن عماره عن أبيه قال سألت أبا عبد الله عن فاطمة (عليها السلام) لم سميت الزهراء؟ فقال لأنها إذا قامت في محرابها زهر نورها لا هل السماء كما يزهر .

نور الكواكب لأهل الارض... (مناقب آل ابي طالب ح3 ص330).

4- لأن الله خلقها من نور عظمته.

 قال الطبري وروي (انها (عليها السلام) سميت الزهراء لأن الله عزوجل خلقها من نور عظمته).دلائل الإمام ص54).

5- لأن لها قبة تزهر في أفق السماء.

فعن الحسن بن يزيد قال قلت لأبي عبد الله لم سيمت فاطمة الزهراء، قال: لأن لها في الجنة قبة من ياقوته حمراء ارتفاعها في الهواء... (مناقب آل أبي طالب ح3 ص330).

نقلاً عن مركز الأبحاث العقائدية

2024/11/13

تحذير طبي: رائحة الفم الكريهة قد تكون مؤشراً لمرض خطير!

حثّ أحد الخبراء على مراقبة الأعراض التي قد تشير إلى وجود مشكلات صحية في الفم، والتي قد تكون علامة على أمراض خطيرة تهدد الصحة العامة.

[اشترك]

 

قال الطبيب رضوان محمود، إن صحة الفم قد تكون مؤشرا مبكرا لمشاكل صحية كبيرة مثل النوبات القلبية والسكتات الدماغية.

وأوضح أنه من الضروري زيارة طبيب الأسنان مرتين على الأقل في السنة لإجراء الفحوصات الدورية والتنظيف، مشيرا إلى أهمية تحليل صحة الفم بانتظام إلى جانب العناية اليومية بالأسنان باستخدام الفرشاة والخيط.

وقال: "إذا لاحظت أي تغييرات أو ألم في فمك، يجب استشارة طبيب الأسنان أو أخصائي الرعاية الصحية على الفور".

وتابع الدكتور محمود أن هناك عدة علامات في الفم يجب أن ينتبه لها الأشخاص، وهي:

نزيف اللثة والتهابها

قد يشير نزيف اللثة أو آلامها إلى أمراض اللثة، التي قد تكون أيضا مؤشرا على مشكلات صحية أخرى.

وقال محمود: "أمراض اللثة قد تترافق مع حالات كامنة مثل مرض السكري، الذي يضعف جهاز المناعة ويزيد من خطر العدوى".

وأضاف أن مرض السكري يمكن أن يؤدي إلى جفاف الفم، ما يعزز تسوس الأسنان ويسبب تقرحات في الفم. كما أن مرض اللثة يمكن أن يسبب فقدان الأسنان ورائحة الفم الكريهة. وأشار أيضا إلى أن الأشخاص الذين يعانون من أمراض اللثة هم أكثر عرضة للإصابة بأمراض القلب والسكتات الدماغية، حيث يمكن للبكتيريا من اللثة المصابة أن تنتقل إلى مجرى الدم وتسبب التهابا في الأوعية الدموية، ما يزيد من خطر حدوث التهابات في القلب والشرايين.

ألم الفك أو عدم الراحة

في بعض الحالات النادرة، قد يكون الألم أو عدم الراحة في الفك مؤشرا على مشكلة صحية خطيرة مثل النوبة القلبية.

وقال محمود: "يمكن أن يكون ألم الفك ناجما عن إشارات ألم تأتي من القلب، حيث تتشارك الأعصاب التي تنقل الألم من القلب والفك في المسار العصبي نفسه". وبالتالي، يمكن أن يكون الألم في الفك في بعض الأحيان إنذارا مبكرا لمشاكل في القلب.

تساقط الأسنان

إذا بدأت أسنانك في السقوط، فقد يكون ذلك علامة على مرض اللثة المتقدم أو حتى هشاشة العظام، التي قد تؤثر على كثافة العظام في الفك.

وقال محمود: "لقد أظهرت الدراسات وجود علاقة بين هشاشة العظام وفقدان العظام في الفك، ما يؤدي إلى زيادة خطر تذبذب الأسنان".

تغيرات في مينا الأسنان

أوضح محمود: "إذا لاحظت أن أسنانك أصبحت متآكلة، فقد يكون ذلك نتيجة لاضطرابات في الأكل مثل الشره المرضي أو ارتداد الحمض المعدي، حيث يتسبب التقيؤ المتكرر في تآكل مينا الأسنان".

رائحة الفم الكريهة

قد تكون نتيجة لعدة أسباب، بما في ذلك جفاف الفم أو تناول بعض الأطعمة. لكن، يمكن أن تكون أيضا مؤشرا على أمراض اللثة أو مشكلات صحية أخرى.

وأضاف محمود: "رائحة الفم الكريهة قد تكون علامة على حالات أكثر خطورة مثل عدوى الجيوب الأنفية أو مرض السكري أو مشاكل في الكبد والكلى".

تقرحات الفم

يجب أن يتم فحص أي تقرحات أو كتل جديدة في الفم لدى طبيب الأسنان.

وقال محمود: "قد تكون هذه القروح نتيجة لعدوى فطرية، لكن في بعض الأحيان يمكن أن تكون علامة على أمراض خطيرة مثل سرطان الفم، الذي يبدأ غالبا كبقعة بيضاء أو حمراء صغيرة". 

ونصح محمود بضرورة متابعة أي تغيرات تحدث في الفم، فصحة الفم ليست فقط دليلا على صحة الأسنان، بل هي أيضا مرآة لصحة الجسم بشكل عام.

المصدر: روسيا اليوم

2024/11/13

لماذا خلق الله الحشرات؟

الله تعالى لم يخلق شيء من دون فائدة، فما هي فوائد الحشرات ولماذا خلقها الله؟

[اشترك]

إنّ الجواب عن الفوائد التفصيليّة للحشرات موكول إلى علم الأحياء وغيرها من العلوم المختصة، ويمكن أن نذكر على سبيل المثال أنّها تشكّل غذاءً لغيرها من الحيوانات المنتسبة الى دورة الحياة الطبيعية والتي تعود بالنفع على عالم الطبيعة ككل وعلى الانسان بشكل أساس.

وما يهمّنا من وجهة نظر دينية أن نقول إنّ الله تعالى بعلمه وحكمته وقدرته لم يوجد شيئا عبثًا أو بهدف الاضرار بل إنّ كل ما أوجده الله تعالى إنما أريد به أولا وبالذات الخير الكثير الذي فيه وإن لازمه بعض الشر.

المصدر: الأسئلة الدينية

2024/11/12

لماذا يهتم الإنسان بـ "التكاثر" و "التفاخر"؟!

‏من آيات السّورة يتبيّن أنّ أحد العوامل الأساسية للتفاخر و التكاثر و المباهات هو الجهل بجزاء الآخرة و عدم الإيمان بالمعاد. كما إنّ جهل الإنسان بضعفه و مسكنته ... ببدايته و نهايته ... من العوامل الاخری الباعثة علی الكبر و الغرور و التفاخر.

[اشترك]

و لهذا فإنّ القرآن الكريم بهدف كسر روح التفاخر و التكاثر في الأفراد، يقصّ علينا في مواضع كثيرة مصير الأقوام السالفة، و كيف إنّها كانت تمتلك كلّ وسائل القوّة و المنعة، لكنّها أبيدت بوسائل بسيطة ... بالريح ... بالصاعقة ... بالزلزال ... بالسيل ... بعبارة اخری بالماء و الهواء و التراب .. و أحيانا بالسجّيل و بطير أبابيل!! فلم- و الحال هذه- كلّ هذا التفاخر و الغرور؟! ثمّ عامل آخر لهذه الظاهرة هو الإحساس بالضعف و عقدة الحقارة الناتجة عن الفشل. و الأفراد الفاشلون من أجل أن يغطوا علی فشلهم يلجأون إلی الفخر و المباهات و لذلك‌

‏ورد عن الإمام جعفر بن محمّد الصادق عليه السّلام قال: «ما من رجل تكبر أو تجبّر إلّا لذلة وجدها في نفسه»

[اصول الكافي، ج ٢، ص ٢٣٦: باب الكبر، الحديث ١٧.].

‏وعن الإمام محمّد بن علي الباقر عليه السّلام قال: «ثلاثة من عمل الجاهلية: الفخر بالأنساب، و الطعن بالأحساب و الاستسقاء بالأنواء (طلب الماء بواسطة النجوم)»

[بحار الأنوار، ج ٧٣، ص ٢٩١.]

‏وعن أمير المؤمنين علي عليه السّلام قال:«أهلك النّاس اثنان: خوف الفقر، و طلب الفخر»

[بحار الأنوار، ج ٧٣، ص ٢٩٠، الحديث ١٢.]

‏و الحق أنّ أهم عوامل الحرص و البخل و الخلود إلی الدنيا و المنافسات المخربة، و كثير من المفاسد الاجتماعية هو هذا الخوف الوهمي من الفقر و التفاخر و التعالي بين الأفراد و الأمم و القبائل.

‏و لذا ورد عن رسول اللّه صلّی اللّه عليه و آله و سلّم قال: «ما أخشی عليكم الفقر و لكن أخشی‌ عليكم التكاثر» [الدر المنثور، ج ٦، ص ٣٨٧.]

‏«التكاثر» كما أشرنا يعني في الأصل التفاخر، و لكنّه يعني أحيانا حبّ الاستزادة من المال و جمعه، كما ورد في الحديث عن رسول اللّه صلّی اللّه عليه و آله و سلّم قال: «التكاثر في الأموال: جمعها من غير حقّها، و منعها من حقها، و شدّها في الأوعية» [نور الثقلين، ج ٥، ص ٦٦٢، الحديث ٨.]

‏هذا البحث الموسّع نختمه‌ بحديث عن رسول اللّه صلّی اللّه عليه و آله و سلّم‌ في تفسير أَلْهاكُمُ التَّكاثُرُ قال: «يقول ابن آدم: مالي مالي؛ و ما لك من مالك إلّا ما أكلت فأفنيت، أو لبست فأبليت، أو تصدقت فأمضيت»[صحيح مسلم، نقلا عن مجمع البيان، ج ١٠، ص ٥٣٤.]

‏نعم، حقّا لا يعود علی الإنسان شي‌ء من ماله الذي جمعه و عدده، و تساهل- أحيانا- في حلاله و حرامه، إلّا ما يأكل و يشرب و يلبس، أو ما ينفقه في سبيل اللّه و ما ينفقه علی الاحتياجات الشخصية قليل، فما أفضل أن يزيد حظه من ماله بالإنفاق!

المصدر: تفسير الأمثل

2024/11/09

ارتحل صبيحة اليوم.. من هو آية الله السيد علي الموسوي البعّاج؟

ارتحل صبيحة هذا اليوم الأربعاء إلى جوار ربه آية الله السيد علي الموسوي البعاج عن عمر ناهز الـ 105 عاما قضاها بالعلم والتدريس وخدمة المؤمنين.

[اشترك]

فمن هو آية الله السيد علي الموسوي البعاج؟

السيد علي بن رخت بن رعد الرضوي الموسوي البعاج، عالم جليل، ولد في ناحية الدغارة - الديوانية سنة ١٣٤١هـ الموافق 1922م ونشأ بها، كان شغوفاً بدراسة العلوم الإسلامية، وجدّ في تحصيلها.

انتقل إلى النجف الأشرف سنة ۱۳۸۰هـ ، وأكمل دراسته فيها، فقرأ سطوحه على السيد محمد حسين الحكيم والسيد مسلم الحلي، والشيخ نور الدين الجزائري، وحضر الأبحاث العالية فقهاً وأصولاً على السيد أبي القاسم الخوئي وعليه تخرج، زُود بوكالات شرعية من أعلام الدين، ومنهم : السيد عبد الهادي الشيرازي، والسيد محسن الحكيم، والسيد حسن البجنوردي، ليمثلهم.

أقام صلاة الجماعة في (جامعة النجف الدينية )، وأتم به جمع غفير من المصلين.

روى بالإجازة عن السيد حسن البجنوردي، والسيد علي السيستاني، والسيد عبد الأعلى السبزواري.

من آثاره :

ــ  مسائل وأجوبة في الصوم

ــ  شرح المكاسب للشيخ الأنصاري

ــ  تقريرات الفقه وأصوله

المصادر: المنتخب من أعلام الفكر والأدب، كاظم عبود الفتلاوي

2024/11/06

من بدر الكبرى إلى لبنان.. معركة وجود واجتثاث!

في بدرٍ الكبرى كان الإمام عليٌّ – عليه السلام – من جنود النّبي – صلى الله عليه وآله –، وأنعم به وأكرِم فهو – سلام الله عليه – وحده كتيبةٌ وكان الملائكة المُردفون من ضمن هذا الجيش وأمثال سلمان وأبي ذر وعمَّار ممن قلّ نظيرهم فيه.

[اشترك]

ورغم عظمة هذا الجيش ولكن لم يستغنوا عن دعاء النبي – صلى الله عليه وآله – وهو يدعو الله قائلاً: اللَّهمَّ أَنْجِزْ لي ما وَعَدْتَني، اللَّهمَّ إنَّكَ إنْ تُهلِكْ هذهِ العِصابةَ مِن أهلِ الإسلامِ، فلا تُعْبَدُ في الأرضِ أبدًا.

لقد كان دعاؤه – صلى الله عليه وآله – بمثابة الجزء الأخير المكمّل لسلسلة علل النَّصر على المشركين، فلولاه لم يكن من نصر.

وكانت بدرٌ حدَّاً فاصلاً بين حياة الإسلام أو موته.

معركة اليوم لا أقارنها بمعركة بدرٍ، ولا رجالها برجال تلك، ولكن لها وجه شبهٍ بتلك المعركة من جهة أنها صارت معركة وجودٍ واجتثاث، بمعنى لو خسرها المؤمنون – لا سمح الله – فالكيان الشيعي في المنطقة سيتلقَّى ضربةً قويةً جداً – لا سمح الله –  على مستوى وجوده السياسي والثقافي والعسكري والاقتصادي.

اذن التعويل على دعاء الإمام المهدي – عليه السلام – لنصر المؤمنين في منازلةٍ غير متكافئةٍ عدَّةً وعددا.

متى ما نظر إليهم وإلينا بعين رحمته ونصره فالنَّصر – إن شاء الله قريب – وبعين الله تعالى تلك الدّماء الزاكية المسفوكة، وأولئك الجرحى وما جرى على أهلينا المؤمنين هناك من تهجيرٍ وتشريد.

اللهم نسألك العفو والعافية من كلّ قصورٍ وتقصير، والنَّصر المؤزَّر عاجلاً غير آجل.

2024/10/23

أربع نصائح من السيد رشيد الحسيني لمواجهة الأيام العصيبة

كتب السيد رشيد الحسيني: في هذه الأيام العصيبة التي تكالب بها الأعداء على أمة محمد وأهل بيته الأطهار، وما يستخدمه العدو من حرب عسكرية وثقافية وإعلامية ضد أمتنا، حيث يوجب علينا ما يلي:

[اشترك]

1_الاطلاع على سيرة أهل البيت (عليهم السلام) واستلهام الدروس والعبر فيما جرى عليهم، وزيادة معلوماتنا الدينية والمعرفية بما يقوي الارتباط بهم لتجاوز جميع الأزمات والمحن التي تمر بنا.

2_اتباع علمائنا ومراجعنا وأهل العلم والمعرفة والتقوى والأيمان والابتعاد عن المتمرجعين والمتسلقين على اسم الدين الذين يظهرون بمظهر الأيمان وقلوبهم مستولي عليها الشيطان.

3_عدم الاستماع إلى المحبطين والمدفوعين الذين يحاولون كسر معنوياتنا في مواجهتنا مع العدو.

4_عدم الانغماس الشديد بالمغريات الدنيوية والكماليات التكنولوجية، ومحاولة تقوية النفس، وتهيئتها، وتقويتها، حتى يستطيع المرء أن يواجه أية مخططات غربية شيطانية، تريد تخدير وعيه، وعزله عن مهمته التي خلقه الله من أجلها .

2024/10/21

هل المؤمن يعشق قبل الزواج؟!

يقول سماحة الشيخ حبيب الكاظمي:

 

إن الذين يعيشون حالة الغرام والعشق الشديد قبل الزواج مع فتاة معينة، فإنه يتفق كثيراً أن تصيبهم حالة من النفور الشديد في بعض الحالات.. لأنه كان يعيش الوهم، كان يصور لنفسه قصراً خيالياً، وعندما دخل هذا القصر لم ير تلك الصورة الجميلة.. بينما الإنسان المؤمن إنسان واقعي، يرى كل شيء في موضعه، فالسعادة التي تأتيه من جهة الزوجة لها رافد معين، وهنالك روافد أخرى للسعادة، فلا يبتلى بحالة من حالات الإحباط أو اكتشاف أمر غير متعارف..

[اشترك]

2024/10/20

اليهود أم كفار قريش.. من هم المقصودون بآية القتال؟!

1- هناك كلام بين المفسّرين في الجماعة الذين عنتهم الآية قاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّـهُ بِأَيْدِيكُمْ‌ من هم؟! قال بعضهم: إنّ الآية تشير إلی اليهود، و إلی بعض الأقوام الذين نازلوا المسلمين و قاتلوهم بعد حين كالفرس و الرّوم.

[اشترك]

‏و قال بعضهم: هي إشارة إلی كفّار قريش.

‏و قال بعضهم: بل هي إشارة إلی المرتدين بعد إسلامهم.

‏إلّا أنّ ظاهر الآيات يدلّ- بوضوح- علی أن موضوعها هو جماعة المشركين و عبدة الأصنام الذين عاهدوا المسلمين علی عدم القتال و المخاصمة، إلّا أنّهم نقضوا عهدهم.

‏و كان هؤلاء المشركون في أطراف مكّة أو سائر نقاط الحجاز.

‏كما أنّه لا يمكن القبول بأنّ الآية ناظرة إلی قريش، لأنّ قريشا و رئيسها- أبا سفيان- أعلنوا إسلامهم- ظاهرا- في السنة الثامنة بعد فتح مكّة، و السورة محل البحث نزلت في السنة التاسعة للهجرة.

‏كما أنّ الاحتمال بأنّ المراد من الآية هو الفرس أو الروم بعيد جدّا عن مفهوم الآية، لأنّ الآية- أو الآيات محل البحث- تتكلم عن مواجهة فعلية، لا علی مواجهات مستقبلية أضف إلی ذلك فإنّ الفرس أو الروم لم يهمّوا بإخراج الرّسول من وطنه.

‏كما أنّ الاحتمال بأنّ المراد هم المرتدون بعد الإسلام، بعيد غاية البعد، لإن التأريخ لم يتحدث عن مرتدين أقوياء واجهوا الرّسول ذلك الحين ليقاتلهم بمن معه من المسلمين.

[اشترك]

‏ثمّ إنّ كلمة «أيمان» جمع «يمين» و كلمة «عهد» يشيران إلی المعاهدة بين المشركين و الرّسول علی عدم المخاصمة، لا إلی قبول الإسلام. فلاحظوا بدقة.

‏و إذا وجدنا في بعض الرّوايات الإسلامية أنّ هذه الآية طبّقت علی «النّاكثين» في «معركة الجمل» و أمثالها، فلا يعني ذلك أن الآيات نزلت في شأنهم فحسب، بل الهدف من ذلك أنّ روح الآية و حكمها يصدقان في شأن الناكثين و من هم علی شاكلتهم ممن سيأتون في المستقبل.

‏و السؤال الوحيد الذي يفرض نفسه و يطلب الإجابة، هو: إذا كان المراد جماعة المشركين الذين نقضوا عهودهم، و قد جری الكلام عليهم في الآيات المتقدمة، فعلام تعبّر الآية هنا عنهم بالقول: وَ إِنْ نَكَثُوا أَيْمانَهُمْ‌ مع أنّهم قد نكثوها فعلا.

‏و الجواب: إنّ المراد من هذه الجملة- المذكورة آنفا- أنّهم لو واصلوا نقضهم أو نكثهم للأيمان، و لم يثوبوا إلی رشدهم، فينبغي مقاتلتهم. و نظير ذلك ما جاء في قوله تعالی: اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ‌ و مفهومها أنّنا نطلب من اللّه أن يوفقنا لأنّ نسير علی الصراط المستقيم و أن تستمرّ هدايته إيانا. و الشاهد علی هذا الكلام أنّ جملة وَ إِنْ نَكَثُوا أَيْمانَهُمْ‌ جاءت في مقابل‌ فَإِنْ تابُوا وَ أَقامُوا الصَّلاةَ أي لا يخلو الأمر من أحد وجهين، فإمّا أن يتوبوا و يعرضوا عن الشرك و يتجهوا نحو اللّه، و إمّا أن يستمرا علی طريقهم و نكث أيمانهم. ففي الصورة الأولی هم إخوانكم في الدين، و في الصورة الثّانية ينبغي مقاتلتهم.

2- ممّا يسترعي الانتباه أنّ الآيات محل البحث لا تقول: قاتلوا الكفار، بل تقول: فَقاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ و هي إشارة إلی أن (القاعدة الجماهيرية) و عامّة الناس تبع لزعمائهم و رؤسائهم، فينبغي أن يكون الهدف القضاء علی رؤسائهم و أئمتهم، لأنّهم أساس الضلال و التضليل و الظلم و الفساد، فاستأصلوا شجرة الكفر من جذورها و أحرقوها. فمواجهة الكفار لا تجدي نفعا ما دام أئمتهم في الوجود، أضف إلی ذلك فإنّ هذا التعبير يعدّ ضربا من ضروب النظرة البعيدة المدی و علو الهمة و تشجيع المسلمين، إذ عدّ أئمّة الكفر في مقابل المسلمين، فليواجهوهم فذلك أجدر من مواجهة من دونهم من الكفّار.

[اشترك]

‏و العجيب أنّ بعض المفسّرين يری أنّ هذا التعبير يعني أبا سفيان و أمثاله من زعماء قريش، مع أنّ جماعة منهم قتلوا في معركة بدر، و أسلم الباقي منهم كأبي سفيان بعد فتح مكّة- بحسب الظاهر- و كانوا عند نزول الآية في صفوف المسلمين، فمقاتلتهم لا مفهوم لها.

‏و اليوم ما يزال هذا الدستور القرآني المهم باقيا علی قوته «ساري المفعول» فالكي نزيل الاستعمار و الفساد و الظلم، لا بدّ من مواجهة رؤوساء و الأكابر و أئمّة المنحرفين، و إلّا فلا جدوی من مواجهة من دونهم من الأفراد، فلاحظوا بدقة.

3- إنّ التّعبير ب فَإِخْوانُكُمْ فِي الدِّينِ‌ الوارد في الآيات المتقدمة، من ألطف التعابير التي يمكن أن يعبّر بها في شأن المساواة بين أفراد المجتمع، و بيان أوثق العلائق العاطفية، لأنّ أجلی العلائق العاطفية و أقربها في الناس التي تمثل‌ المساواة الكاملة هي العلاقة ما بين الأخوين.

‏إلّا أنّ من المؤسف أن الانقسامات الطبقية و النداءات القومية سحقت هذه الأخوة الإسلامية التي كان الأعداء يغبطوننا عليها، و وقف الإخوان في مواجهة إخوانهم متراصين بشكل لا يصدق، و قد يقاتل كلّ منهما الآخر قتالا لا يقاتل العدوّ عدوه بمثل هذا القتال، و هذا واحد من أسرار تأخرنا في عصرنا هذا.

‏4- يستفاد- إجمالا- من جملة «أ تخشونهم» أنّه كان بين المسلمين جماعة يخافون من الاستجابة للأمر بالجهاد، إمّا لقوّة العدوّ و قدرته، أو لأنّهم كانوا يعدو نقض العهد ذنبا.

‏فالقرآن يخاطبهم بصراحة أن لا تخافوا من هؤلاء الضعاف، بل ينبغي أن تخافوا من عصيان أمر اللّه. ثمّ إن خشيتكم من نكث الإيمان و نقض العهد ليست في محلها، فهم الذين نكثوا أيمانهم و هم بدأوكم أوّل مرّة! ٥- يبدو أنّ جملة هَمُّوا بِإِخْراجِ الرَّسُولِ‌ إشارة إلی مسألة عزمهم علی إخراج الرسول صلّی اللّه عليه و آله و سلّم من مكّة (عند هجرته إلی المدينة) بادئ الأمر، إلّا أن نياتهم تغيرت و تبدلت إلی الإقدام علی قتله، إلّا أنّ النّبي غادر مكّة في تلك الليلة بأمر اللّه.

‏و علی كل حال، فإنّ ذكر هذا الموضوع ليس علی سبيل أنّهم نقضوا عهدهم، بل هو بيان ذكری مؤلمة من جنايات عبدة الأصنام، حيث اشتركت قريش و القبائل الأخری في هذا الأمر. أمّا نقض العهد من قبل عبدة الأصنام المشركين فكان واضحا من طرق أخری.

[اشترك]

‏5- ممّا يثير الدهشة و التعجب أنّ بعض أتباع مذهب الجبر يستدل علی مذهبه بالآية قاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّـهُ بِأَيْدِيكُمْ‌ مع أنّنا لو تجردنا عن التعصب لما وجدنا في الآية أدنی دليل علی مرادهم، و هذا يشبه تماما لو أردنا أن ننجز عملا- مثلا- فنمضي إلی بعض أصدقائنا و نقول له: نأمل أن يصلح اللّه هذا الأمر علی يدك، فإنّ مفهوم كلامنا هذا لا يعني بأنّك مجبور علی أداء هذا الأمر، بل المراد أنّ اللّه منحك قدرة و نية طاهرة، و بالإفادة منهما استطعت أن تؤدي عملك باختيارك و بحرية تامّة.

المصدر: تفسير الأمثل

[اشترك]

2024/10/20

صدمة كبيرة لـ "المدخنين".. دراسة تكشف تأثر العظام إلى الأبد!

خلصت دراسة علمية حديثة أجريت في بريطانيا إلى أن التدخين يؤثر على العظام، لكن الكارثة في الأمر هو أن هذه الآثار تظل باقية في عظام المدخنين إلى الأبد، وحتى بعد موتهم وتحلل أجسادهم فقد أصبح بمقدور العلماء معرفة إن كانت الرفات تعود لشخص كان مدخناً أم لا وذلك بسبب أن آثار التدخين تظل موجودة في العظام إلى الأبد.

[اشترك]

ونشر العلماء الذين أجروا هذه الدراسة صوراً صادمة لعظام وجماجم تعود لأشخاص ماتوا قبل مئات السنين، ويظهر في الصور الفرق بين عظام الشخص المدخن وعظام غيره من البشر.

وبحسب تقرير نشرته جريدة "ديلي ميل" Daily Mail البريطانية، فقد خلص العلماء إلى التحذير من أن آثار التدخين يمكن أن تظل في عظام الشخص لقرون قادمة بعد الموت.

ودرس باحثون من "جامعة ليستر" في بريطانيا بقايا بشرية مدفونة في إنجلترا بين عامي 1150 و1855 بعد الميلاد. واعتمد هذا الجدول الزمني بشكل فعال على تاريخ وصول التبغ إلى أوروبا الغربية في القرن السادس عشر.

ووجدوا أن التدخين لا يلطخ ويترك خدوشاً في أسنانك فحسب، بل إنه يترك جزيئات كيميائية صغيرة في أسنانك قد تبقى هناك إلى الأبد، كما حاول العلماء معرفة المزيد عن هذه الجزيئات والتأثير الذي قد تخلفه على صحة الإنسان في العصر الحديث.

وقالت الدكتورة سارة إنسكيب، عالمة الآثار البيولوجية، والمؤلفة الرئيسية للدراسة: "أظهر بحثنا وجود اختلافات كبيرة في السمات الجزيئية الموجودة في عظام مستخدمي التبغ السابقين وغير المستخدمين".

وأضافت: "يُظهر هذا أنه يمكننا أن نرى التأثير الذي يحدثه استخدام التبغ على بنية هياكلنا العظمية".

وبشكل عام، يمكن للعلماء معرفة بسهولة ما إذا كان شخص متوفى منذ مئات السنين كان يدخن أم لا، وذلك من خلال البقع أو العلامات على الأسنان.

وأنشأ العلماء طريقة تبحث عن آثار جزيئية لدخان التبغ في "العظم القشري"، أي الأنسجة الكثيفة التي تشكل الطبقة الخارجية من العظام وتوفر قوة العظام. وفحصوا 323 مجموعة من الهياكل العظمية المكتشفة من قبرين في إنجلترا، وقد تم تحديد أن بعضها كان يدخن التبغ.

ومن خلال تحليل بقايا الهياكل العظمية البشرية قبل وبعد إدخال التبغ إلى أوروبا الغربية، تمكن الباحثون من تحديد التغيرات العظمية "بشكل واضح".

وحدد الفريق 45 "سمة جزيئية مميزة" تختلف بين المدخنين وغير المدخنين. وعلاوة على ذلك، تمكن الفريق من تحديد ما إذا كانت الهياكل العظمية "غير المحددة" سابقاً مدخنة أم لا، من خلال تحديد أوجه التشابه الجزيئية معهم والمدخنين المعروفين.

ويقول الفريق في بحثهم المنشور في مجلة "ساينس أدفانسز": "يترك استهلاك التبغ سجلاً أيضياً في العظام البشرية مميزاً بما يكفي لتحديد استخدامه لدى الأفراد الذين لا يُعرف استهلاكهم للتبغ".

وبشكل عام، تظهر الدراسة أن استهلاك التبغ يترك سجلًا أيضياً في العظام القشرية البشرية حتى بعد مئات السنين من الوفاة. وقد يكون لهذا أهمية في فهم سبب كون تعاطي التبغ عامل خطر لبعض الاضطرابات العضلية الهيكلية والأسنان.

يشار الى أنه تم إدخال التبغ إلى أوروبا الغربية من الأمريكتين في القرن السادس عشر وكان موجوداً في إنجلترا منذ ستينيات القرن السادس عشر على الأقل.

ويُعتقد أن البحارة العائدين من رحلات عبر المحيط الأطلسي بقيادة القائد البحري الإنجليزي السير جون هوكينز أحضروا التبغ إلى ديارهم بعد رحلة إلى فلوريدا في عام 1565.

2024/10/19

متی تنتهي الحرب بين الإسلام والكفر؟!

‏سؤال أجاب عنه المفسّرون إجابات مختلفة: فالبعض- كابن عباس- قال: حتی لا تبقی و ثنية علی وجه البسيطة، و حتی يقتلع دين الشرك و تجتث جذوره.

‏و قال البعض الآخر: إنّ الحرب بين الإسلام و الكفر قائمة حتی ينتصر المسلمون علی الدجال، و هذا القول يستند إلی‌ حديث روي عن الرّسول الأكرم صلی اللّه عليه و آله و سلّم أنّه قال: «و الجهاد ماض مذ بعثني اللّه إلی أن يقاتل آخر أمّتي‌ الدجال» [مجمع البيان، المجلد ٩، صفحة ٩٨.٥.

‏البحث حول «الدجّال» بحث واسع، لكن القدر المعلوم أنّ الدجّال رجل خدّاع، أو رجال خدّاعون ينشطون في آخر الزمان من أجل إضلال الناس عن أصل التوحيد و الحق و العدالة، و سيقضي عليهم المهدي (عج) بقدرته العظيمة، و علی هذا فإنّ الحرب قائمة بين الحق و الباطل ما عاش الدجّالون علی وجه الأرض.

‏إنّ للإسلام نوعين من المحاربة مع الكفر: أحدهما الحروب المرحلية كالغزوات التي غزاها النّبي صلی اللّه عليه و آله و سلّم حيث كانت السيوف تغمد بعد انتهاء كل غزوة. و الآخر هو الحرب المستمرة ضد الشرك و الكفر، و الظلم و الفساد، و هذا النوع مستمر حتی زمن اتساع حكومة العدل العالمية، و ظهورها علی الأرض جميعا علی يد المهدي (عج).

‏ثمّ تضيف الآية: ذلِكَ وَ لَوْ يَشاءُ اللَّـهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ‌ [« ذلك» خبر لمبتدأ محذوف، و التقدير: الأمر كذلك.]٦ بالصواعق السماوية، و الزلازل، و العواصف، و الابتلاءات الأخری، لكن باب الاختبار و ميدانه سيغلق في هذه الصورة: وَ لكِنْ لِيَبْلُوَا بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ‌.

‏هذه المسألة هي فلسفة الحرب، و النكتة الأساسية في صراع الحق و الباطل، ففي هذه الحروب ستتميز صفوف المؤمنين الحقيقيين و العاملين من أجل دينهم عن المتكلمين في المجالس المتخاذلين في ساعة العسرة، و بذلك ستتفتح براعم الاستعدادات، و تحيا قوّة الاستقامة و الرجولة، و يتحقق الهدف الأصلي للحياة الدنيا، و هو الابتلاء و تنمية قوّة الإيمان و القيم الإنسانية الأخری.

‏إذا كان المؤمنون يتوقعون علی ذواتهم و ينشغلون بالحياة اليومية الرتيبة، و في كل مرة تطغی فيها جماعة من المشركين و الظالمين يدحضهم اللّه سبحانه بالقوی الغيبية، و يدمّرهم بالطرق الإعجازية، فإنّ المجتمع سيكون خاملا ضعيفا عاجزا، ليس له من الإسلام و الإيمان إلّا اسمه.

‏و خلاصة القول: إنّ اللّه سبحانه غني عن سعينا و جهادنا من أجل تثبيت دعائم دينه، بل نحن الذين نتربّی في ميدان جهاد الأعداء، و نحن الذين نحتاج إلی هذا الجهاد المقدّس.

‏و قد ذكر هذا المعنی في آيات القرآن الأخری بصيغ أخری، فنقرأ في الآية (١٤٢) من سورة آل عمران: أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَ لَمَّا يَعْلَمِ اللَّـهُ الَّذِينَ جاهَدُوا مِنْكُمْ وَ يَعْلَمَ الصَّابِرِينَ‌.

‏و جاء في الآية التي سبقتها: وَ لِيُمَحِّصَ اللَّـهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَ يَمْحَقَ الْكافِرِينَ‌.

‏و تحدّثت آخر جملة من الآية مورد البحث عن الشهداء الذين قدّموا أرواحهم هدية لدينهم في هذه الحروب، و لهم فضل كبير علی المجتمع الإسلامي، فقالت:

‏وَ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّـهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمالَهُمْ‌.

‏فلن تذهب جهودهم و آلامهم و تضحياتهم سدی، بل كلها محفوظة عند اللّه سبحانه، فستبقی آثار تضحياتهم في هذه الدنيا، و كلّ نداء (لا إله إلّا اللّه) يطرق سمع البشر يمثل ثمرة جهود أولئك الشهداء، و كلّ سجدة يسجدها مسلم بين يدي اللّه هي من بركات تضحياتهم، فبمساعيهم تحطّمت قيود المذلّة و العبودية، و عزّة المسلمين و رفعتهم رهينة ما بذلوه من الأرواح و التضحيات.

‏هذه هي أحدی مواهب اللّه في شأن الشهداء.

‏و هناك ثلاث مواهب أخری أضيفت في الآيات التالية:

‏تقول الآية أوّلا: سَيَهْدِيهِمْ‌ إلی المقامات السامية، و الفوز العظيم، و رضوان اللّه تعالی.

‏و الأخری: يُصْلِحُ بالَهُمْ‌ فيهبهم هدوء الروح، و اطمئنان الخاطر، و النشاط المعنوي و الروحي، و الانسجام مع صفاء ملائكة اللّه و معنوياتهم، حيث يجعلهم جلساءهم و ندماءهم في مجالس أنسهم و لذّتهم، و يدعوهم إلی ضيافته في جوار رحمته.

‏و الموهبة الأخيرة هي: وَ يُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَها لَهُمْ‌.

‏قال بعض المفسّرين: إنّه تعالی لم يبيّن لهم الصفات الكلية للجنّات العلی و روضة الرضوان و حسب، بل عرف لهم صفات قصورهم في الجنّة و علاماتها، بحيث أنّهم عند ما يردون الجنّة يتوجّهون إلی قصورهم مباشرة [مجمع البيان، المجلد ٩، صفحة ٩٨.٧.

‏و فسر البعض (عرّفها) بأنّها من مادة «عرف»- علی زنة فكر- و هو العطر الطيب الرائحة، أي إنّ اللّه سبحانه سيدخلهم الجنّة التي عطّرها جميعا استقبالا لضيوفه.

‏إلّا أنّ التّفسير الأوّل يبدو هو الأنسب.

‏و قال البعض: إذا ضممنا هذه الآيات إلی آية: وَ لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّـهِ أَمْواتاً [آل عمران، الآية ١٦٩.]٨، سيتّضح أنّ المراد من إصلاح البال إحياؤهم حياة يصلحون بها للحضور عند ربّهم بانكشاف الغطاء [الميزان، المجلد ١٨، صفحة ٢٤٤.٩.

المصدر:  تفسير الأمثل

2024/10/08

أنهار وفاكهة وأزواج: هل بالغ القرآن الكريم في وصف الجنّة؟!

الشيخ إبراهيم البصري: اعلم - رعاك الله - أنَّ الآيات التي صوّرت نعيم الجنّة في القرآن الكريم على قسمين:

الأوّل: فيه آيات تشير الى الأمور المادّية مثل أصناف الفواكه والحور العين ونحو ذلك، كما في قوله تعالى: {وَأَمْدَدْناهُمْ بِفاكِهَةٍ وَلَحْمٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ} [الدخان: 22].

وقوله تعالى: {لَهُمْ فِيها فاكِهَةٌ وَلَهُمْ ما يَدَّعُونَ} [يس: 57].

وقوله تعالى: {جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَها تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهارُ لَهُمْ فِيها ما يشاؤون كَذلِكَ يَجْزِي اللهُ الْمُتَّقِينَ} [النحل: 31]، وغيرها من آيات الذكر الحكيم.

والقسم الآخر: فيه آيات تشير الى الأمور المعنويّة، وهي رضوان من الله تعالى ورحمة منه، كما في قوله تعالى: {قُلْ أَأُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَأَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوانٌ مِنَ اللهِ وَاللهُ بَصِيرٌ بِالْعِبادِ} [آل عمران: 15].

وقوله تعالى: {يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَرِضْوانٍ وَجَنَّاتٍ لَهُمْ فِيها نَعِيمٌ مُقِيمٌ} [التوبة:21]، ونحوهما من الآيات القرآنيّة الكريمة، التي تشير الى اختلاف درجات الجنّة، وفقاً لطبقات المؤمنين، كما في رواية عن الإمام الباقر (عليه السلام) أنّه قال: « أمّا الجنان المذكورة في الكتاب فإنّهنّ جنّة عدن، وجنّة الفردوس، وجنّة النعيم، وجنّة المأوى » [الكافي ج8 ص100].

فإذا عرفت ذلك، فاعلم أنَّ المتتبّع لآيات الذكر الحكيم يرى أنّ كلّاً من الجنّة والنار قد وصفتا بكلا الوصفين، أيْ الأوصاف المادّية والمعنويّة معاً، وأمّا لماذا كان التركيز كثيراً على النعم المادّية؟ فمردّه إلى أنّ الذهن البشريّ يستأنس بذلك؛ إذْ من الصعب على أكثر الناس أنْ يحصلوا على المعرفة من خلال الأمور الروحانيّة والمعنويّة، فلذا يعجز الذهن البشريّ في كثير من الأحيان عن فهم وإدراك المقامات والمفاهيم المعنويّة السامية للجنّة، كما قال تعالى في كتابه الكريم: {فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِي لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْينٍ} [السجدة: 17]، كذلك ورد في الحديث النبويّ أَنَّهُ قَالَ: « إنّ الله يقول: أعددتُ لعبادي الصالحين ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر » [بحار الأنوار ج8 ص92].

فلـمّا صَعُب على البشر تصوّر النعم الروحانيّة والمعنويّة للجنّة، اعتمد الوصف القرآنيّ أسلوب التقريب من خلال الإشارة إلى النعم المادّية التي يستأنس بها الذهن البشريّ، ويفهمها كثيرٌ من الناس، وقلّل الحديث عن النعم المعنويّة والروحانيّة.

هذا، وإنّ وصف الله تعالى للجنّة في الآيات السابقة وإنْ كان لتقريب المعاني الإلهّية للنعيم والعطاء، لكنْ مع الأخذ بعين الاعتبار أنّها - أيْ الجنّة - أساساً عَرْضُها عرض السماوات والأرض؛ كما قال تعالى: {وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ} [آل عمران: 18]، وقال تعالى: {وَجَنَّةٍ عَرْضُها كَعَرْضِ السَّماءِ وَالأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ} [الحديد: 21]. وأنّ نعيمها لا يمكن للعقول إدراك وصفه، ويؤيّد ذلك ما نقله الشيخ المفيد عن الإمام الصادق (عليه السلام)، عن أبيه، عن جدّه، قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله) لعليّ (عليه السلام): « بشّر أولياءك ومحبّيك من النعم بما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر » [المزار ص244]، ومثله في [تفسير فرات الكوفي ص415]، وهكذا في [تفسير القميّ ج2 ص414]، ونقله ابن طاووس في [إقبال الأعمال ج3 ص231]، وغيرها من الروايات الكثيرة التي هي بهذا الصدد.

المقال رداً على سؤال: السؤال: أفرط الدينُ الإسلاميّ في التصوير الحسّي للجنّةِ والنار، وهو ممّا أدّى الى إغواء المستمعين، هكذا أشار المستشرق "نيكولاس ومفر بالنيه"، وجاء في دائرة المعارف الإسلاميّة: "إنَّ فكرة محمّد عن الجنّة مادّية حسيّة، يعني لا نعيم معنوي في الجنة".

2024/10/06

كيف تتخلص من التردد في اتخاذ القرارات؟!

قال علي :(عليه السلام) :(إِذَا هِبْتَ أَمْراً فَقَعْ فِيهِ، فَإِنَّ شِدَّةَ تَوَقِّيهِ أَعْظَمُ مِمَّا تَخَافُ مِنْهُ).

يقول آية الله سماحة السيد محمد صادق الخرسان:

الدعوةُ إلى زيادةِ الثِقَةِ بالنَّفسِ، وتركِ التَّرَدُّدِ الذي يؤدِّي إلى عَدمِ الاستقرارِ، واهتزازِ الشخصيةِ مِمّا يؤثِّرُ في اتِّخاِذ القَرارِ لأنَّهُ ينبغي للإنسانِ أنْ يَحسِبَ النتائجَ ويتوقَّعَ للمُستقبَلِ؛ لِئلّا يُفجَأَ بشيءٍ لم يستعدْ لَهُ، ثُمَّ يُنَفِّذُ ويَعمَلُ لأنَّهُ جاءَ أمراً مدروساً مُخطَّطاً لَهُ، ولابُدَّ ألّا تثنيهِ احتمالاتُ الفَشَلِ وتوقُّعاتِ الخَيبةِ وعدمِ النَّجاحِ وتَحَسُّبَاتُ النَّدمِ والمَلامَةِ، فإنَّ كثيراً مِن هذهِ الحالاتِ تَهزِمُ الإنسانَ مِنَ الداخِلِ ويكونُ اتِّكالياً، فلا يتعَوَّدُ الاعتمادَ على نفسهِ بل يبقى خامِلاً يُريدُ مِنَ الآخرينَ حَلَّ مُشكِلاتهِ والقيامَ بواجباتِهِ وأدوارِهِ .

وسيتحوَّلُ بالتالي إلى إحباطٍ نفسيٍّ لا يَشعُرُ الفَردُ لنفسهِ أيَّةَ قِيمةٍ يُمكِنُهُ الركونُ - مِن خِلالِها - إلى ما يُقرِّرُهُ. وهذا هوَ المحذورُ الذي حَذَّرَ مِنهُ الإمامُ – بقولِهِ : (فَإِنَّ شِدَّةَ تَوَقِّيهِ أَعْظَمُ مِمَّا تَخَافُ مِنْهُ )، لما يَجُرُّهُ مِن تأثيرٍ سَلبيٍّ على شخصيةِ الإنسانِ .

 

المصدر: كتاب أخلاقِ الإمامِ عليٍّ (عليهِ السلام)

2024/10/03

في الحروب.. 6 أوامر قرآنية للمسلمين!

‏١- يقول الله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا أي أن إحدی علائم الإيمان هي ثبات القدم في جميع الأحوال، و خاصّة في مواجهة الأعداء.

‏٢- وَ اذْكُرُوا اللَّـهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ‌.

‏و لا ريب أنّ المراد من ذكر اللّه هنا ليس هو الذكر اللفظي فحسب، بل حضور القلب، و ذكر علمه تعالی و قدرته غير المحدودة و رحمته الواسعة، فهذا التوجه إلی اللّه يقوّي من عزيمة الجنود المجاهدين، و يشعر الجندي بأنّ سندا قويّا لا تستطيع أية قدرة في الوجود أن تتغلب عليه يدعمه في ساحة القتال، و إذا قتل فسينال السعادة الكبری و يبلغ الشهادة العظمی، و جوار رحمة اللّه، فذكر اللّه يبعث علی الاطمئنان و القوّة و القدرة و الثبات في نفسه.

‏بالإضافة إلی ذلك، فذكر اللّه و حبّه يخرجان حبّ الزوجة و المال، و الأولاد من قلبه، فإنّ التوجه إلی اللّه يزيل من القلب كل ما يضعفه و يزلزله، كما

‏يقول الإمام علي بن الحسين زين العابدين عليه السّلام في دعائه المعروف- في الصحيفة السجادية- بدعاء أهل الثغور: «و أنسهم عند لقائهم العدوّ ذكر دنياهم الخدّاعة، و امح عن قلوبهم خطرات المال الفتون، و اجعل الجنّة نصب أعينهم».

‏٣- كما أنّ من أهم أسس المبارزة و المواجهة هو الالتفات للقيادة و إطاعة أوامر القائد و الآمر، الآمر الذي لولاه لما تحقق النصر في معركة بدر، لذلك فإنّ الآية بعدها تقول: وَ أَطِيعُوا اللَّـهَ وَ رَسُولَهُ‌.

‏٤- وَ لا تَنازَعُوا فَتَفْشَلُوا لأنّ النزاع و الفرقة امام الأعداء يؤدي إلی‌ الضعف و خور العزيمة، و نتيجة هذا الضعف و الفتور هي ذهاب هيبة المسلمين و قوتهم و عظمتهم‌ وَ تَذْهَبَ رِيحُكُمْ‌.

‏«و الريح» في اللغة، هي الهواء. فالنزاع يولد الضعف و الوهن.

‏و أمّا ذهاب الريح، فهو إشارة لطيفة إلی زوال القوّة و العظمة، و عدم سير الأمور كما يرام، و عدم تحقق المقصود، لأنّ حركة الريح فيما يرام توصل السفن إلی مقاصدها، و لما كانت الريح في ذلك العصر أهم قوّة لتحريك السفن فقد كانت ذات أهمية قصوی يؤمئذ.

‏و حركة الرّيح في الرّوايات و البيارق تدل علی ارتفاع الرّاية التي هي رمز القدرة و الحكومة، و التعبير آنف الذكر كناية لطيفة عن هذا المعنی.

‏٥- ثمّ تأمر الآية بالاستقامة بوجه العدوّ، و في قبال الحوادث الصعبة، فتقول: وَ اصْبِرُوا إِنَّ اللَّـهَ مَعَ الصَّابِرِينَ‌.

‏و الفرق بين ثبات القدم في الأمر الأوّل، و الاستقامة و الصبر في الأمر الخامس، هو من جهة أن ثبات القدم يمثل الناحية الظاهرية، «الجسمية» أمّا الاستقامة و الصبر فليسا ظاهريين، بل هما أمران نفسيان و معنويان.

‏٦- و تدعو الآية الأخيرة- من الآيات محل البحث- المسلمين إلی اجتناب الأعمال الساذجة البلهاء، و رفع الأصوات الفارغة، و تشير إلی قضية أبي سفيان و أسلوب تفكيره هو و أصحابه، فتقول: وَ لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ بَطَراً وَ رِئاءَ النَّاسِ وَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّـهِ‌.

‏فأهدافهم غير مقدسة، و كذلك أساليبهم في الوصول إليها، و لقد رأينا كيف أبيدوا و تلاشی كلّ ما جاءوا به من قوّة و عدّة، و سقط بعضهم مضرجا بدمائه في التراب، و أسبل الآخرون عليهم الدّموع و العبرات في مأتمهم، بدل أن يشربوا الخمر في حفل ابتهاجهم، و تختتم الآية بالقول: وَ اللَّـهُ بِما يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ.

 

المصدر: تفسير الأمثل

2024/10/02

تحذير قرآني.. مخاطر التحالف مع "اليهود" و "النصارى"!

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَ النَّصاری‌ أَوْلِياءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ وَ مَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّـهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (٥١) فَتَرَی الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشی‌ أَنْ تُصِيبَنا دائِرَةٌ فَعَسَی اللَّـهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلی‌ ما أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نادِمِينَ (٥٢) وَ يَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا أَ هؤُلاءِ الَّذِينَ أَقْسَمُوا بِاللَّـهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فَأَصْبَحُوا خاسِرِينَ (٥٣).

‏سبب النّزول‌

‏نقل الكثير من المفسّرين أنّ (عبادة بن صامت الخزرجي) قدم إلی النّبي صلّی اللّه عليه و آله و سلّم بعد غزوة بدر و ذكر له أن له حلفاء من اليهود ذوي عدة و عدد، و أكّد للنبي أنّه يريد البراءة من صداقتهم و من عهده معهم ما داموا يهددون المسلمين بالحرب، و قال بأنّه يريد أن يكون حليفا للّه و لنبيه دون سواهما، أمّا عبد اللّه بن أبي فرفض التنصل من عهده مع اليهود، و اعتذر بأنّه يخشی المشاكل و ادعی أنّه يحتاج إلی اليهود. و أظهر النّبي صلّی اللّه عليه و آله و سلّم خشيته علی عبادة و عبد اللّه من صداقة اليهود مشيرا إلی أنّ خطر صداقة اليهود علی عبد اللّه أكبر من خطرها علی عبادة بن صامت، فقال عبد اللّه بأنّه ما دام الأمر كذلك فإنّه سيتخلی عن صداقته و عهده مع اليهود، فنزلت الآيات الأخيرة و هي تحذر المسلمين من التحالف مع اليهود و النصاری.

التّفسير

‏لقد حذرت الآيات الثلاث الأخيرة المسلمين- بشدّة- من الدخول في أحلاف مع اليهود و النصاری، فالآية الاولی منها تمنع المسلمين من التحالف مع اليهود و النصاری أو الاعتماد عليهم (أي أنّ الإيمان باللّه يوجب عدم التحالف مع هؤلاء إن كان ذلك لأغراض و مصالح مادية) حيث تقول الآية: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَ النَّصاری‌ أَوْلِياءَ ....

‏و كلمة «أولياء» صيغة جمع من «ولي» و هي مشتقة من مصدر «الولاية» و هي بمعنی التقارب الوثيق بين شيئين، و قد وردت بمعنی «الصداقة» و «التحالف» و «الإشراف».

‏لكن بالنظر إلی سبب النّزول و القرائن الأخری الموجودة، فإنّ المراد ليس منع المسلمين من اقامة أي علاقات تجارية و اجتماعية مع اليهود و النصاری، بل المقصود هو منع المسلمين من التحالف مع هؤلاء أو الاعتماد عليهم في مواجهة الأعداء.

‏و كانت قضية التحالف رائجة في ذلك العصر بين العرب، و كان يطلق علی ذلك «الولاء».

‏و الملفت للنظر في هذه الآية أنّها لم تعتمد تسمية «أهل الكتاب» لدی تحدثها عن اتباع الديانتين السماويتين المعروفتين، بل استخدمت كلمتي «اليهود و النّصاری» و ربّما يكون هذا إشارة إلی أنّ اليهود و النصاری لو كانوا يعملون‌ بكتابيهم السماويين، لكان اتباع هذين الدينين خير حليفين للمسلمين، لكنّهم اتّحدوا معا- لا بأمر من كتابيهم- بل لأغراض سياسية و تكتلات عنصرية و أمثال ذلك.

‏بعد ذلك تبيّن الآية سبب هذا النهي في جملة قصيرة، و تقول بأن هاتين الطائفتين إنّما هما أصدقاء و حلفاء أشباههما من اليهود و النصاری حيث تقول:

‏بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ‌ أي أنّهما يهتمان بمصالحهما و مصالح أصدقائهما فقط، و لا يعيران اهتماما لمصالح المسلمين، و لذلك فإن أي مسلم يقيم صداقة أو حلفا مع هؤلاء فإنّه سيصبح من حيث التقسيم الاجتماعي و الديني جزءا منهم، حيث تؤكّد الآية في هذا المجال بقولها: وَ مَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ‌.

‏و بديهي أنّ اللّه لا يهدي الأفراد الظالمين الذين يرتكبون الخيانة بحق أنفسهم و إخوانهم و أخواتهم المسلمين و المسلمات، و يعتمدون علی أعداء الإسلام تقول الآية: إِنَّ اللَّـهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ‌.

‏و تشير الآية التّالية إلی الأعذار التي كان يتشبث بها أفراد ذوي نفوس مريضة لتبرير علاقاتهم اللاشرعية مع الغرباء، و اعتمادهم عليهم و تحالفهم معهم، مبررين ذلك بخوفهم من الوقوع في مشاكل إن أصبحت القدرة يوما في يد حلفائهم الغرباء، فتقول الآية: فَتَرَی الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشی‌ أَنْ تُصِيبَنا دائِرَةٌ[إنّ كلمة( دائرة) مشتقة من المصدر( دور) أي الشي‌ء الذي يكون في حالة دوران، و بما أن القدرات المادية و الحكومات هي في حالة دوران دائم علی طول التّأريخ، لذلك يقال لها( دائرة) كما تطلق هذه الكلمة- أيضا- علی أحداث الحياة المختلفة التي تدور حول الأشخاص.]١.

‏و يذكر القرآن الكريم هؤلاء الضعفاء ذوي النفوس المريضة ردا علی تعللهم في التخلي عن حلفهم مع الغرباء، فيبيّن لهم أنّهم حين يحتملون أن يمسك اليهود و النصاری يوما بزمام القدرة و السلطة يجب أن يحتملوا- أيضا- أن ينصر اللّه‌ المسلمين فتقع القدرة بأيديهم، حيث يندم هؤلاء علی ما أضمروه في أنفسهم، كما تقول الآية: فَعَسَی اللَّـهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلی‌ ما أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نادِمِينَ‌.

‏و يشتمل هذا الجواب القرآني- في الحقيقة علی جانبين:

‏أوّلهما: أنّ أفكارا كهذه إنما تخرج من قلوب مريضة لأفراد تزلزل ايمانهم و أصبحوا يسيئون الظن باللّه، و لو لم يكونوا كذلك لما سمحوا لهذه الأفكار بأن تداخل نفوسهم.

‏أمّا الجانب الثّاني في هذا الجواب فهو مواجهتهم بنفس الحجة التي أوردوها لتعللهم ذلك، إذ أنّ احتمالهم لوقوع السلطة بيد اليهود و النصاری يقابله- بالضرورة- احتمال آخر و هو انتصار المسلمين و استلامهم لمقاليد الأمور، و بهذا لا يكون هناك أي مجال لتشبث هؤلاء بحلفهم مع أولئك أو الاعتماد عليهم.

‏و علی أساس هذا التّفسير فإنّ كلمة (عسی) التي لها مفهوم الاحتمال و الأمل، تبقی في هذه الآية محتفظة بمعناها الأصلي لكن بعض المفسّرين قالوا بأنّها تعني هنا الوعد الجازم من قبل اللّه للمسلمين، و هذا ما لا يتلائم و ظاهر كلمة (عسی) البتة.

‏أمّا المراد من جملة أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ‌ التي جاءت بعد كلمة (الفتح) في هذه الآية فيحتمل أنّها تعني أنّ المسلمين- في المستقبل- إمّا أن يتغلبوا و ينتصروا علی أعدائهم عن طريق الحرب أو بدونها كأن تتوسع قدرتهم إلی درجة يضطر بعدها الأعداء إلی الخضوع و الاستسلام للمسلمين دون الحاجة إلی الدخول في حرب.

‏و بتعبير آخر: كلمة (الفتح) تشير إلی الإنتصار العسكري للمسلمين، و أنّ جملة أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ‌ إشارة إلی الانتصارات الاجتماعية و الاقتصادية و ما شابه ذلك. إنّ بيان هذا الاحتمال من قبل اللّه سبحانه و تعالی، مع كونه- عزّ و جلّ- عالما بجميع ما سيحصل في المستقبل، يدل علی أنّ الآية تشير إلی الانتصارات العسكرية و الاجتماعية و الاقتصادية التي سيحرمها المسلمون في المستقبل.

‏و تشير الآية في الختام إلی مصير عمل المنافقين، و تبيّن أنّه حين يتحقق الفتح للمسلمين المؤمنين و تنكشف حقيقة عمل المنافقين يقول المؤمنون- بدهشة-: هل أنّ هؤلاء المنافقين هم أولئك الذين كانوا يتشدقون بتلك الدعاوی و يجلفون بالايمان المغلظة بأنّهم معنا، فكيف وصل الأمر بهم إلی هذا الحدّ؟ حيث تقول الآية: وَ يَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا أَ هؤُلاءِ الَّذِينَ أَقْسَمُوا بِاللَّـهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ ..[في هذه الآية تكون كلمة« هؤلاء» مبتدأ و خبرها جملة« الذين أقسموا باللّه» أمّا جملة« جهد إيمانهم» فهي مفعول مطلق.]٢.

‏إنّ هؤلاء لنفاقهم هذا ذهبت أعمالهم أدراج الرياح، لأنّها لم تكن نابعة من نيّة خالصة صادقة، و لهذا فقد أصبحوا من الخاسرين- سواء في هذه الدنيا أو الآخرة معا- حيث تؤكّد الآية هذا الأمر بقولها: حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فَأَصْبَحُوا خاسِرِينَ‌.

‏و الجملة الأخيرة تشبه- في الحقيقة- جوابا لسؤال مقدر، و كأن شخصا يسأل: ماذا سيكون مصير هؤلاء؟

‏فيجاب بأنّ أعمالهم أدراج الرياح، و ستطوقهم الخسارة من كل جانب، أي أنّ هؤلاء- حتی لو كانت لهم أعمال صدرت عنهم بإخلاص و نية صادقة- فهم لا يحصلون علی أي نتيجة حسنة من تلك الأعمال الصالحة لانحرافهم صوب النفاق و الشّرك بعد ذلك: و قد شرحنا هذا الأمر في الجزء الثّاني من تفسيرنا هذا عند تفسير الآية (٢١٧) من سورة البقرة.

الاعتماد علی الغرباء:

‏علی الرّغم من أنّ الواقعة- التي ذكرت سببا لنزول الآيات الأخيرة- تحدثت عن شخصين هما «عبادة بن الصامت» و «عبد اللّه بن أبي» إلّا أنّ ممّا لا شك فيه أنّ هذين الشخصين لا يشار إليهما باعتبارهما شخصيتين تاريختين- فحسب- بل لأنّهما يمثلان مذهبين فكريين و اجتماعيين. يدعو أحدهما إلی التخلي عن التعاون و التحالف مع الغرباء، و عدم تسليم زمام المسلمين بأيديهم، و عدم الثقة بتعاونهم.

‏و المذهب الآخر يری أنّ كل انسان أو شعب في هذه الدنيا المليئة بالمشاكل و الأهوال يحتاج إلی من يتكئ و يعتمد عليه، و أن الحاجة تدعو أحيانا إلی انتخاب الدّعم و السند من بين الغرباء بحجة أن الصداقة معهم لا تخلو من قيمة و فائدة، و لا بدّ أن تظهر ثمارها في يوم من الأيّام.

‏و قد دحض القرآن الكريم رأي المذهب الثّاني بشدّة، و حذر المسلمين بصراحة من مغبة الوقوع و التورط في نتائج مثل هذا النوع من التفكير، لكن البعض من المسلمين- و مع الأسف- قد نسوا و تجاهلوا هذا الأمر القرآني العظيم، فانتخبوا من بين الغرباء و الأجانب من يعتمدون عليهم، و قد أثبت التّأريخ أن كثيرا من النكبات التي أصابت المسلمين تنبع من هذا الاتجاه الخاطئ! و بلاد الأندلس تعتبر دليلا حيّا و بارزا علی هذا الأمر، و تظهر كيف أن المسلمين بالاعتماد علی قواهم الذاتية- استطاعوا أن يبنوا أكثر الحضارات ازدهارا في الأندلس- أسبانيا اليوم- لكنّهم نتيجة لاعتمادهم علی قوی غريبة أجنبية فقدوا تلك المكتسبات العظيمة بكل سهولة.

‏و الإمبراطورية العثمانية التي سرعان ما ذابت كذوبان الجليد في الصيف، تعتبر دليلا آخر علی هذه الدعوی.

‏كما أنّ التّأريخ المعاصر يشهد علی ما أصاب المسلمين من خسائر و مصائب‌ كبيرة بسبب انحرافهم عن رسالتهم و اعتمادهم في كثير من الأمور علی الأجانب الغرباء، و العجب كل العجب من أن هذا السبات ما زال يلف العالم الإسلامي، و لم توقظه بعد الكوارث و النكبات التي أصابته بسبب اعتماده علی القوی الأجنبية.

‏علی أي حال فإن الأجنبي أجنبي، و مهما اشترك معنا في المصالح و تعاون معنا في مجالات محدودة فهو في النهاية يعتزل عنّا في اللحظات الحساسة، و كثيرا ما تنالنا منه- أيضا- ضربات مؤثرة.

‏و ما علی المسلمين اليوم إلّا أن ينتبهوا أكثر من أي وقت مضی إلی هذا النداء القرآني و لا يعتمدوا علی أحد سوی اللّه و قواهم الذاتية التي وهبها اللّه لهم.

‏لقد اهتمّ نبيّ الإسلام صلّی اللّه عليه و آله و سلّم كثيرا بهذا الأمر، حتی أنّه رفض مساعدة اليهود في واقعة «أحد» حين أعلن ثلاثمائة منهم استعدادهم للوقوف بجانب المسلمين ضد المشركين، فأعادهم النّبي إلی حيث كانوا و لما يصلوا إلی منتصف الطريق، و امتنع عن قبول عرضهم في حين أن مثل هذا العدد من الناس كان يمكن له أن يلعب دورا مؤثرا في واقعة أحد، فلما ذا رفضهم النّبي صلّی اللّه عليه و آله و سلّم؟

‏لقد رفضهم لأنّه لم يستبعد منهم أن يخذلوه و يخذلوا المسلمين في أحرج اللحظات و أكثرها خطورة أثناء الحرب، و يتحولوا إلی التعاون مع العدوّ و يقضوا علی ما تبقی من جيش المسلمين في ذلك الوقت.

الهوامش:

‏١ إنّ كلمة( دائرة) مشتقة من المصدر( دور) أي الشي‌ء الذي يكون في حالة دوران، و بما أن القدرات المادية و الحكومات هي في حالة دوران دائم علی طول التّأريخ، لذلك يقال لها( دائرة) كما تطلق هذه الكلمة- أيضا- علی أحداث الحياة المختلفة التي تدور حول الأشخاص.

‏٢ في هذه الآية تكون كلمة« هؤلاء» مبتدأ و خبرها جملة« الذين أقسموا باللّه» أمّا جملة« جهد إيمانهم» فهي مفعول مطلق.

2024/10/02

متى يأتي نصر الله؟!

‏أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَ لَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْساءُ وَ الضَّرَّاءُ وَ زُلْزِلُوا حَتَّی يَقُولَ الرَّسُولُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتی‌ نَصْرُ اللَّـهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّـهِ قَرِيبٌ (٢١٤)

‏سبب النّزول‌

‏قال بعض المفسّرين: إنّ الآية نزلت عند ما حوصر المسلمون و اشتدّ الخوف و الفزع بهم في غزوة الأحزاب، فجاءت الآية لتثبّت علی قلوبهم و تعدهم بالنصر.

‏و قيل: إنّ عبد اللّه بن أبي قال للمسلمين عند فشلهم في غزوة أحد: إلی متی تتعرّضون للقتل و لو كان محمّد نبيّا لما واجهتم الأسر و التقتيل، فنزلت الآية

[مجمع البيان، ج ١، ص ٣٠٨.]

١.

‏التّفسير

‏الصعاب و المشاقّ سنّة إلهية:

‏يبدو من الآية الكريمة أنّ جماعة من المسلمين كانت تری أنّ إظهار الإيمان باللّه وحده كاف لدخولهم الجنّة، و لذلك لم يوطنوا أنفسهم علی تحمّل الصعاب‌ و المشاقّ ظانّين أنه سبحانه هو الكفيل بإصلاح أمورهم و دفع شرّ الأعداء عنهم.

‏الآية تردّ علی هذا الفهم الخاطئ و تشير إلی سنّة إلهية دائمة في الحياة، هي أنّ المؤمنين ينبغي أن يعدّوا أنفسهم لمواجهة المشاقّ و التحدّيات علی طريق الإيمان ليكون ذلك اختبارا لصدق إيمانهم، و مثل هذا الاختبار قانون عامّ سری علی كلّ الأمم السابقة.

‏و يتحدّث القرآن الكريم عن بني إسرائيل- مثلا- و ما واجهوه من مصاعب بعد خروجهم من مصر و نجاتهم من التسلّط الفرعوني، خاصّة حين حوصروا بين البحر و جيش فرعون، فقد مرّوا بلحظات عصيبة فقد فيها بعضهم نفسه، لكن لطف اللّه شملهم في تلك اللحظات و نصرهم علی أعدائهم.

‏و هذا الذي عرضه القرآن عن بني إسرائيل عامّ لكلّ‌ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ‌ و هو سنّة إلهيّة تستهدف تكامل الجماعة المؤمنة و تربيتها. فكلّ الأمم ينبغي أن تمرّ في أفران الأحداث القاسية لتخلص من الشوائب كما يخلص الحديد في الفرن ليتحوّل إلی فولاذ أكثر مقاومة و أصلب عودا. ثمّ ليتبيّن من خلال هذا الاختبار من هو اللائق، و ليسقط غير اللائق و يخرج من الساحة الاجتماعية.

‏المسألة الأخری التي ينبغي التأكيد عليها في تفسير هذه الآية: أنّ الجماعة المؤمنة و علی رأسها النبيّ صلی اللّه عليه و آله و سلّم ترفع صوتها حين تهجم عليها الشدائد بالقول‌ مَتی‌ نَصْرُ اللَّـهِ‌؟!، و واضح أنّ هذا التعبير ليس اعتراضا علی المشيئة الإلهية، بل هو نوع من الطلب و الدعاء.

‏فتقول الآية أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَ لَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْساءُ وَ الضَّرَّاءُ ....

‏و بما أنّهم كانوا في غاية الاستقامة و الصبر مقابل تلك الحوادث و المصائب، و كانوا في غاية التوكّل و تفويض الأمر إلی اللّطف الإلهي، فلذلك تعقّب الآية أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّـهِ قَرِيبٌ‌.

‏(بأساء) من مادّة (بأس) و كما يقول صاحب معجم مقاييس اللّغة أنّها في‌ الأصل تعني الشّدة و أمثالها، و تطلق علی كلّ نوع من العذاب و المشّقة، و يطلق علی الأشخاص الشّجعان الّذين يخوضون الحرب بضراوه و شدّة (بأيس) أو (ذو البأس).

‏و كلمة (ضرّاء) كما يقول الرّاغب في مفرداته هي النقطة المقابلة للسرّاء، و هي ما يسرّ الإنسان و يجلب له النفع، فعلی هذا الأساس تعني كلمة ضرّاء كلّ ضرر يصيب الإنسان، سواء في المال أو العرض أو النفس و أمثال ذلك.

‏جملة مَتی‌ نَصْرُ اللَّـهِ‌ قيلت من قبل النبي و المؤمنين حينما كانوا في منتهی الشّدة و المحنة، و واضح أنّ هذا التعبير ليس اعتراضا علی المشيئة الإلهيّة، بل هو نوع من الطلّب و الدعاء، و لذلك تبعته البشارة بالإمداد الإلهي.

‏و ما ذكره بعض المفسرين من احتمال أن تكون جملة (متی نصر اللّه) قيلت من طرف جماعة من المؤمنين، و جملة (ألا إنّ نصر اللّه قريب) قيلت من قبل النبي صلی اللّه عليه و آله و سلّم بعيد جدّا.

‏و علی ايّة حال، فإنّ الآية أعلاه تحكي أحد السنن الالهيّة في الأقوام البشريّة جميعا، و تنذر المؤمنين في جميع الأزمنة و الأعصار أنّهم ينبغي عليهم لنيل النّصر و التوفيق و المواهب الاخرويّة أن يتقبّلوا الصّعوبات و المشاكل و يبذلوا التضحيات في هذا السبيل، و في الحقيقة إنّ هذه المشاكل و الصّعوبات ما هي إلّا إمتحان و تربية للمؤمنين و لتمييز المؤمن الحقيقي عن المتظاهر بالإيمان.

‏و عبارة الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ‌ تقول للمسلمين: أنّكم لستم الوحيدين في هذا الطريق الّذين ابتليتم بالمصائب من قبل الأعداء، بل أنّ الأقوام السّالفة ابتلوا أيضا بهذه الشدائد و المصائب إلی درجة أنّهم مسّتهم البأساء و الضرّاء حتّی استغاثوا منها.

‏و أساسا فإنّ رمز التكامل للبشريّة أن يحاط الأفراد و المجتمعات في دائرة البلاء و الشّدائد حتّی يكونوا كالفولاد الخالص و تتفتّح قابليّاتهم الداخليّة و ملكاتهم النفسانيّة و يشتد إيمانهم باللّه تعالی، و يتميّز كذلك المؤمنون و الصّابرون‌ عن الأشخاص الانتهازيّين، و نختتم هذا الكلام بالحديث النبوي الشريف:

‏يقول (الخبّاب ابن الأرت) الّذي كان من المجاهدين في صدر الإسلام: قال قلنا يا رسول اللّه ألا تستنصر لنا ألا تدعو اللّه لنا.

‏فقال صلی اللّه عليه و آله و سلّم: «إن من كان قبلكم كان أحدهم يوضع المنشار علی مفرق رأسه فيخلص إلی قدميه لا يصرفه ذلك عن دينه و يمشط بأمشاط الحديد ما بين لحمه و عظمه لا يصرفه ذلك عن دينه؛ ثمّ قال: و اللّه ليتمن هذا الأمر حتّی يسير الراكب من صنعاء إلی حضرموت لا يخاف إلّا اللّه و الذئب علی غنمه و كلّكم يستعجلون».

••••••••••••••••

الهوامش:

[الدر المنثور: ج ١ ص ٢٤٣، تفسير الكبير: ج ٦ ص ٢٠.]

٢.

‏١ مجمع البيان، ج ١، ص ٣٠٨.

‏٢ الدر المنثور: ج ١ ص ٢٤٣، تفسير الكبير: ج ٦ ص ٢٠.

2024/10/01

هل يعاقب البريء بجريرة المذنب؟

شاع بين الناس المثل القائل: "الشر يعم والخير يخص" بل خرج من حدود النظرية الى التطبيق الفعلي فقد ترى المسؤول يعاقب من تحت مسؤوليته عقاباً جماعياً بسبب تصرفات آحادهم، ظناً منه أن في ذلك مصلحة، ويبرر تصرفه بهذه المقولة: "الشر يعم والخير يخص".

[اشترك]

لكن إذا عرضنا المثل على ميزان الشريعة، نجدها صريحة في مناقضته، أما اختصاص الشر بفاعله وعدم تعديته لغيره، فالنصوص فيه كثيرة، كقوله تعالى: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ)، فصلت: 46. وقوله تعالى ايضاً: (وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى)، الأنعام: 164. فلا يجازى على السيئة من لا علاقة له بها، فيختص الشر بفاعله.

وأما تعميم الخير، وأن أثره لا يختص بفاعله فأيضاً كثيرة، كالنصوص عند الفريقين في أن عمل البعض يسقط العقوبة الدنيوية عن الباقين، ففي الكافي الشريف باب «إن الله يدفع بالعامل عن غير العامل»: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن علي بن معبد، عن عبد الله بن القاسم عن يونس بن ظبيان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «إن الله يدفع بمن يصلي من شيعتنا عمن لا يصلي من شيعتنا ولو أجمعوا على ترك الصلاة لهلكوا، وإن الله ليدفع بمن يحج من شيعتنا عمن لا يحج من شيعتنا ولو أجمعوا على ترك الحج لهلكوا وهو قول الله عز وجل: (ولو لا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض ولكن الله ذو فضل على العالمين) فوالله ما نزلت إلا فيكم ولا عنى بها غيركم».

ويعلق الشيخ محمد صالح المازندراني على الحديث شارحاً:

قوله: (قال: إن الله ليدفع بمن يصلي من شيعتنا عمن لا يصلي من شيعتنا ولو أجمعوا على ترك الصلاة لهلكوا - إلى آخره) المراد بالهلاك الهلاك الدنيوي وهو الاستيصال فيدل على أن وجود الصلحاء سبب لبقاء الأشقياء ولعل الدفع والهلاك غير مختصين بفعل الواجبات المذكورة وتركها مع احتماله ولعل المراد بقوله (عليه السلام): «فو الله ما نزلت إلا فيكم» أن تنزيلها فيكم وأنكم مقصودون أولا وبالذات فلا ينافي شمول تأويلها للغير. شرح أصول الكافي ج10، ص200.

فوفق هذا الحديث يكون الخير الصادر من البعض شافعاً لسقوط العقوبة الدنيوية ـ لا الأخروية ـ عن البعض الآخر، فيعم الخير.

فإن قلت: كذلك يوجد من النصوص ما يؤيد المثل المذكور، كقوله تعالى: (وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ)، الأنفال: 25.

أجبناك: بأن في الآية الكريمة قرائتين، الأولى بجعل اللام في (لتصيبن) للقسم، وهي قراءة الإمامين السجاد والباقر عليهما السلام، وكذا قراءة زيد بن ثابت والربيع بن انس وأبو العالية على ما في تفسير مجمع البيان، فيكون المعنى واتقوا فتنة أقسم أنها لا تصيب إلا الذين ظلموا منكم. فتكون العقوبة خاصة لا عامة.

وعلى القراءة الثانية تكون الـ(لا) ناهية، بمعنى أن الفتنة والعقاب لا يختص بالظالمين، وهنا قد يُتوهم الإشكال، إلا أننا إذا عرفنا بأنها نزلت فيمن ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فصار الجميع عاصين، وبالتالي استحق الجميع العقاب إنحل الإشكال.

وبعبارة أخرى: إن جماعة ارتكبت المعاصي، ولم يقم الاخرون ممن لم يرتكبوا بنهيهم عن المنكر صار المجموع عاصين، الطائفة الأولى لارتكابهم المعصية، والطائفة الثانية لتركهم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

فشمول العقوبة لهم من باب أنهم تركوا واجباً وعصوا أمراً، لا من باب تعدية عقوبة فعل من فرد لآخر.

والخلاصة أن مقتضى العدل تخصيص العقاب بالمستحق، وعدم تحميل الآخر وزره، ومقتضى الرحمة تعميم الخير وشمول حتى غير المستحقين، على خلاف المثل السائر، فرب مشهور لا أصل له، بل لعله يخالف الأصول الدينية التي بُنيت عليها الشريعة السمحة.

2024/09/30

هل كان النّبي أميّا؟
‏هناك احتمالات ثلاثة معروفة حول مفهوم «الأمّي» كما قلنا سابقا: ‏أوّلها: أن معناه: الذي لم يدرس. الثّاني: أنّ معناه: المولود في أرض مكّة، و الناهض منها.

[اشترك]

‏الثّالث: أنّ معناه الذي قام من بين صفوف الجماهير.

‏و لكن الرأي الأشهر هو التّفسير الأوّل، و هو أكثر انسجاما مع موارد استعمال هذه اللفظة، و يمكن أن تكون المعاني الثلاثة مرادة برمتها أيضا، كما قلنا.

‏ثمّ إنّه لا نقاش بين المؤرخين بأنّ الرّسول الأكرم صلّی اللّه عليه و آله و سلّم لم يدرس، و لم يكتب شيئا، و قد قال القرآن الكريم- أيضا- في الآية (٤٨) من سورة العنكبوت حول وضع النّبي قبل البعثة: وَ ما كُنْتَ تَتْلُوا مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتابٍ وَ لا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لَارْتابَ الْمُبْطِلُونَ‌.

‏و أساسا كان عدد العارفين بالكتابة و القراءة في المحيط الحجازي قليلا جدّا، حيث كان الجهل هو الحالة السائدة علی الناس بحيث أن هؤلاء العارفين بالكتابة و القراءة كانوا معروفين بأعيانهم و أشخاصهم، فقد كان عددهم في مكّة من الرجال لا يتجاوز (١٧) شخصا، و من النساء امرأة واحدة

[فتوح البلدان، للبلاذري، ط مصر، الصفحة ٤٥٩.]

٢.

‏من المسلّم أن النّبي صلّی اللّه عليه و آله و سلّم لو كان قد تعلّم القراءة و الكتابة- في مثل هذه البيئة- لدی أستاذ لشاع ذلك و صار أمرا معروفا للجميع، و علی فرض أنّنا لم نقبل بنبوته، و لكن كيف يمكنه صلّی اللّه عليه و آله و سلّم أن ينفي- في كتابه- بصراحة هذا الموضوع؟ ألا يعترض عليه الناس و يقولون: إن دراستك و تعلّمك للقراءة و الكتابة أمر مسلّم معروف لنا، فكيف تنفي ذلك؟

‏إنّ هذه قرينة واضحة علی أميّة النّبي.

‏و علی كل حال، فإنّ وجود هذه الصفة في النّبي صلّی اللّه عليه و آله و سلّم كان تأكيدا علی نبوته حتی ينتفي أي احتمال في ارتباطه إلّا باللّه و بعالم ما وراء الطبيعة في صعيد دعوته. هذا بالنسبة إلی فترة ما قبل النّبوة، و أمّا بعد البعثة فلم ينقل أحد المورّخين أنّه تلقی القراءة أو الكتابة من أحد، و علی هذا بقي صلّی اللّه عليه و آله و سلّم علی أميّته حتی نهاية عمره.

‏و لكن من الخطأ الكبير أن تتصوّر أنّ عدم التعلّم عند أحد يعني عدم المعرفة بالكتابة و القراءة، و الذين فسّروا «الأمّية» بعدم المعرفة بالكتابة و القراءة كأنّهم لم يلتفتوا إلی هذا التفاوت.

‏و لا مانع أبدا من أنّ النّبي صلّی اللّه عليه و آله و سلّم كان عارفا بالقراءة و الكتابة بتعليم اللّه، و من دون أن يتتلمذ علی يد أحد من البشر، لأنّ مثل هذه المعرفة هي بلا شك من الكمالات الإنسانية، و مكملة لمقام النّبوة.

‏و يشهد بذلك ما ورد في الأحاديث المروية عن أهل البيت عليهم السّلام‌

[تفسير البرهان المجلد الخامس، الصفحة ٣٧٣ ذيل آيات سورة الجمعة.]

٣ أن نص الرواية و لكنّه لأجل أن لا يبقی أي مجال لأدنی تشكيك في دعوته لم يكن صلّی اللّه عليه و آله و سلّم يستفيد من هذه المقدرة.

‏و قول البعض: إنّ القدرة علی الكتابة و القراءة لا تعدّ كمالا، فهما وسيلة للوصول إلی الكمالات العلميّة، و ليسا بحدّ ذاتها علما حقيقيا و لا كمالا واقعيا فإن جوابه كامن في نفسه، لأنّ العلم بطريق الكمال كمال أيضا.

‏قد يقال: إنّه نفي في روايتين عن أئمّة أهل البيت عليهم السّلام بصراحة تفسير «الأمّي» بعدم القراءة و الكتابة، بل بالمنسوب إلی «أم القری» (مكّة).

‏و نقول في الردّ: إنّ إحدی هاتين الروايتين «مرفوعة» حسب اصطلاح علم الحديث فلا قيمة لها من حيث السند، و الرواية الأخری منقولة عن «جعفر بن محمّد الصوفي» و هو مجهول. و أمّا ما تصوّره البعض من أن الآية الثّانية من سورة الجمعة يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِهِ وَ يُزَكِّيهِمْ وَ يُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَ الْحِكْمَةَ و آيات أخری دليل علی أن النّبي صلّی اللّه عليه و آله و سلّم كان يتلو القرآن علی الناس من شي‌ء مكتوب، فهو خطأ بالغ، لأنّ التلاوة تطلق علی التلاوة من مكتوب علی شي‌ء، كما تطلق علی القراءة حفظا و من ظهر القلب، و استعمال لفظة التلاوة في حق الذين يقرءون الأشعار أو الأدعية حفظا و من علی ظهر القلب كثير.

‏من مجموع ما قلناه نستنتج:

‏١- أنّ النّبي صلّی اللّه عليه و آله و سلّم لم يتلق القراءة و الكتابة من أحد حتما، و بهذا تكون إحدی صفاته أنّه لم يدرس عند أستاذ.

‏٢- أنّنا لا نملك أي دليل معتبر علی أن النّبي صلّی اللّه عليه و آله و سلّم قرأ أو كتب شيئا قبل النبوة، أو بعدها.

‏٣- إنّ هذا الموضوع لا يتنافی مع تعليم اللّه تعالی القراءة أو الكتابة لنبيّه صلّی اللّه عليه و آله و سلّم.

المصدر: تفسير الأمثل
2024/09/01

تبرّج الجاهلية.. القرآن الكريم يخاطب النساء!
‏فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ‌ بل تكلّمن عند تحدثكنّ بجدّ و بأسلوب عاديّ، لا كالنساء المتميّعات اللائي يسعين من خلال حديثهنّ الملي‌ء بالعبارات المحرّكة للشهوة، و التي قد تقترن بترخيم الصوت و أداء بعض الحركات المهيّجة، أن يدفعن ذوي الشهوات إلی الفساد و ارتكاب المعاصي.

‏يا نِساءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّساءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَ قُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً (٣٢) وَ قَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَ لا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجاهِلِيَّةِ الْأُولی‌ وَ أَقِمْنَ الصَّلاةَ وَ آتِينَ الزَّكاةَ وَ أَطِعْنَ اللَّـهَ وَ رَسُولَهُ إِنَّما يُرِيدُ اللَّـهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً (٣٣) وَ اذْكُرْنَ ما يُتْلی‌ فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آياتِ اللَّـهِ وَ الْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّـهَ كانَ لَطِيفاً خَبِيراً (٣٤) - سورة الأحزاب.

[اشترك]

‏التّفسير

‏هكذا يجب أن تكون نساء النّبي!

‏كان الكلام في الآيات السابقة عن موقع نساء النّبي و مسئولياتهنّ الخطيرة، و يستمرّ هذا الحديث في هذه الآيات، و تأمر الآيات نساء النّبي صلّی اللّه عليه و آله بسبعة أوامر مهمّة.

‏فيقول سبحانه في مقدّمة قصيرة: يا- نِساءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّساءِ إِنِ‌ اتَّقَيْتُنَ‌ فإنّ انتسابكنّ إلی النّبي من جانب، و وجودكنّ في منزل الوحي و سماع آيات القرآن و تعليمات الإسلام من جانب آخر، قد منحكن موقعا خاصّا بحيث تقدرن علی أن تكن نموذجا و قدوة لكلّ النساء، سواء كان ذلك في مسير التقوی أم مسير المعصية، و بناء علی هذا ينبغي أن تدركن موقعكنّ، و لا تنسين مسئولياتكنّ الملقاة علی عاتقكنّ، و اعلمن أنّكنّ إن اتقيتنّ فلكنّ عند اللّه المقام المحمود.

‏و بعد هذه المقدّمة التي هيّأتهنّ لتقبّل المسؤوليات و تحمّلها، فإنّه تعالی أصدر أوّل أمر في مجال العفّة، و يؤكّد علی مسألة دقيقة لتتّضح المسائل الاخری في هذا المجال تلقائيا، فيقول:

‏فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ‌ بل تكلّمن عند تحدثكنّ بجدّ و بأسلوب عاديّ، لا كالنساء المتميّعات اللائي يسعين من خلال حديثهنّ الملي‌ء بالعبارات المحرّكة للشهوة، و التي قد تقترن بترخيم الصوت و أداء بعض الحركات المهيّجة، أن يدفعن ذوي الشهوات إلی الفساد و ارتكاب المعاصي.

‏إنّ التعبير ب الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ‌ تعبير بليغ جدّا، و مؤدّ لحقيقة أنّ الغريزة الجنسية عند ما تكون في حدود الاعتدال و المشروعية فهي عين السلامة، أمّا عند ما تتعدّی هذا الحدّ فإنّها ستكون مرضا قد يصل إلی حدّ الجنون، و الذي يعبّرون عنه بالجنون الجنسي، و قد فصّل العلماء اليوم أنواعا و أقساما من هذا المرض النفسي الذي يتولّد من طغيان هذه الغريزة، و الخضوع للمفاسد الجنسية و البيئات المنحطّة الملوّثة.

‏و يبيّن الأمر الثّاني في نهاية الآية فيقول عزّ و جلّ: يجب عليكنّ التحدّث مع الآخرين بشكل لائق و مرضي للّه و رسوله، و مقترنا مع الحقّ و العدل: وَ قُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفاً.

‏إنّ جملة فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ‌ إشارة إلی طريقة التحدّث، و جملة: وَ قُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفاً إشارة إلی محتوی الحديث.

‏«القول المعروف» له معنی واسع يتضمّن كلّ ما قيل، إضافة إلی أنّه ينفي كلّ قول باطل لا فائدة فيه و لا هدف من ورائه، و كذلك ينفي المعصية و كلّ ما خالف الحقّ.

‏ثمّ إنّ الجملة الأخيرة قد تكون توضيحا للجملة الأولی لئلّا يتصوّر أحد أنّ تعامل نساء النّبي مع الأجانب يجب أن يكون مؤذيا و بعيدا عن الأدب الإسلامي، بل يجب أن يتعاملن بأدب يليق بهنّ، و في الوقت نفسه يكون خاليا من كلّ صفة مهيّجة.

‏ثمّ يصدر الأمر الثالث في باب رعاية العفّة، فيقول: وَ قَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَ لا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجاهِلِيَّةِ الْأُولی‌.

‏«قرن» من مادّة الوقار، أي الثقل، و هو كناية عن التزام البيوت. و احتمل البعض أن تكون من مادّة (القرار)، و هي لا تختلف عن المعنی الأوّل كثيرا[طبعا يكون فعل الأمر( أقررن) في صورة كونها من مادّة القرار، و حذفت الراء الاولی للتخفيف، و انتقلت فتحة الراء إلی القاف، و مع وجودها لا نحتاج إلی الهمزة، و تصبح( قرن)- تأمّلوا جيّدا-]١.

‏و «التبرّج» يعني الظهور أمام الناس، و هو مأخوذ من مادّة (برج)، حيث يبدو و يظهر لأنظار الجميع.

‏لكن ما هو المراد من «الجاهلية»؟

‏الظاهر أنّها الجاهلية التي كانت في زمان النّبي صلّی اللّه عليه و آله، و لم تكن النساء محجّبات حينها كما ورد في التواريخ، و كنّ يلقين أطراف خمرهن علی ظهورهنّ مع إظهار نحورهنّ و جزء من صدورهنّ و أقراطهنّ و قد منع القرآن الكريم أزواج النّبي من مثل هذه الأعمال.

‏و لا شكّ أنّ هذا الحكم عامّ، و التركيز علی نساء النّبي من باب التأكيد الأشدّ، تماما كما نقول لعالم: أنت عالم فلا تكذب، فلا يعني هذا أنّ الكذب مجاز و مباح‌ للآخرين، بل المراد أنّ العالم ينبغي أن يتّقي هذا العمل بصورة آكد.

‏إنّ هذا التعبير يبيّن أنّ جاهلية اخری ستأتي كالجاهلية الاولی التي ذكرها القرآن، و نحن نری اليوم آثار هذا التنبّؤ القرآني في عالم التمدّن المادّي، إلّا أنّ المفسّرين القدامی لم يتنبّؤوا و يعلموا بمثل هذا الأمر، لذلك فقد جهدوا في تفسير هذه الكلمة، و لذلك اعتبر البعض منهم الجاهلية الاولی هي الفاصلة بين «آدم» و «نوح»، أو الفاصلة بين عصر «داود» و «سليمان» حيث كانت النساء تخرج بثياب يتّضح منها البدن، و فسّروا الجاهلية العربية قبل الإسلام بالجاهلية الثّانية! و لكن لا حاجة إلی هذه الكلمات كما قلنا، بل الظاهر أنّ الجاهلية الاولی هي الجاهلية قبل الإسلام، و التي أشير إليها في موضع آخر من القرآن الكريم- في الآية (١٤٣) من سورة آل عمران، و الآية (٥٠) من سورة المائدة، و الآية (٢٦) من سورة الفتح- و الجاهلية الثّانية هي الجاهلية التي ستكون فيما بعد، كجاهلية عصرنا. و سنبسط الكلام حول هذا الموضوع في بحث الملاحظات.

‏و أخير يصدر الأمر الرابع و الخامس و السادس، فيقول سبحانه: وَ أَقِمْنَ الصَّلاةَ وَ آتِينَ الزَّكاةَ وَ أَطِعْنَ اللَّـهَ وَ رَسُولَهُ‌.

‏إذا كانت الآية قد أكّدت علی الصلاة و الزكاة من بين العبادات، فإنّما ذلك لكون الصلاة أهمّ وسائل الاتّصال و الارتباط بالخالق عزّ و جلّ، و تعتبر الزكاة علاقة متينة بخلق اللّه، و هي في الوقت نفسه عبادة عظيمة. و أمّا جملة: أَطِعْنَ اللَّـهَ وَ رَسُولَهُ‌ فإنّه حكم كلّي يشمل كلّ البرامج الإلهية.

‏إنّ هذه الأوامر الثلاثة تشير إلی أنّ الأحكام المذكورة ليست مختّصة بنساء النّبي، بل هي للجميع، و إن أكّدت عليهنّ.

‏و يضيف اللّه سبحانه في نهاية الآية: إِنَّما يُرِيدُ اللَّـهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً.

‏إنّ التعبير ب (إنّما) و الذي يدلّ علی الحصر عادة- دليل علی أنّ هذه المنقبة خاصّة بأهل بيت النّبي صلّی اللّه عليه و آله. و جملة (يريد) إشارة إلی إرادة اللّه التكوينية، و إلّا فإنّ الإرادة التشريعية- و بتعبير آخر لزوم تطهير أنفسهم- لا تنحصر بأهل بيت النّبي صلّی اللّه عليه و آله، فإنّ كلّ الناس مكلّفون بأن يتطهّروا من كلّ ذنب و معصية.

‏من الممكن أن يقال: إنّ الإرادة التكوينية توجب أن يكون ذلك جبرا، إلّا أنّ جواب ذلك يتّضح من ملاحظة البحوث التي أوردناها في مسألة كون الأنبياء و الأئمّة معصومين، و يمكن تلخيص ذلك هنا بأنّ للمعصومين أهلية اكتسابية عن طريق أعمالهم، و لهم لياقة ذاتية موهوبة لهم من قبل اللّه سبحانه، ليستطيعوا أن يكونوا أسوة للناس.

‏و بتعبير آخر فإنّ المعصومين نتيجة للرعاية الإلهية و أعمالهم الطاهرة، لا يقدمون علی المعصية مع امتلاكهم القدرة و الإختيار في إتيانها، تماما كما لا نری عاقلا يرفع جمرة من النار و يضعها في فمّه، مع أنّه غير مجبر و لا مكره علی الامتناع عن هذا العمل، فهذه الحالة تنبعث من أعماق وجود الإنسان نتيجة المعلومات و الاطلاع، و المبادئ الفطرية و الطبيعية، من دون أن يكون في الأمر جبر و إكراه.

‏و لفظة «الرجس» تعني الشي‌ء القذر، سواء كان نجسا و قذرا من ناحية طبع الإنسان، أو بحكم العقل أو الشرع، أو جميعها[ذكر الراغب في مفرداته، في مادّة( رجس) المعنی المذكور أعلاه، و أربعة أنواع كمصاديق له.]٢. و ما ورد في بعض الأحيان من تفسير «الرجس» بالذنب أو الشرك أو البخل و الحسد، أو الإعتقاد بالباطل، و أمثال ذلك، فإنّه في الحقيقة بيان لمصاديقه، و إلّا فإنّ مفهوم هذه الكلمة عامّ و شامل لكلّ أنواع الحماقات بحكم (الألف و اللام) التي وردت هنا، و التي تسمّی بألف و لام الجنس.

‏و «التطهير» الذي يعني إزالة النجس، هو تأكيد علی مسألة إذهاب الرجس‌ و نفي السيّئات، و يعتبر ذكره هنا بصيغة المفعول المطلق تأكيدا آخر علی هذا المعنی.

‏و أمّا تعبير أَهْلَ الْبَيْتِ‌ فإنّه إشارة إلی أهل بيت النّبي صلّی اللّه عليه و آله باتّفاق علماء الإسلام و المفسّرين، و هو الشي‌ء الذي يفهم من ظاهر الآية، لأنّ البيت و إن ذكر هنا بصيغة مطلقة، إلّا أنّ المراد منه بيت النّبي صلّی اللّه عليه و آله بقرينة الآيات السابقة و اللاحقة[ما ذكره البعض من أنّ« البيت» هنا إشارة الی بيت اللّه الحرام، و أهله هم« المتّقون» لا يتناسب مطلقا مع سياق الآيات.]٣.

‏إلّا أنّ هناك اختلافا في المقصود بأهل بيت النّبي هنا؟

‏اعتقد البعض أنّ هذا التعبير مختصّ بنساء النّبي، لأنّ الآيات السابقة و اللاحقة تتحدّث حول أزواج رسول اللّه صلّی اللّه عليه و آله، فاعتبروا ذلك قرينة علی مدّعاهم.

‏غير أنّ الانتباه إلی مسألة في الآية ينفي هذا الادّعاء، و هي: أنّ الضمائر التي وردت في الآيات السابقة و اللاحقة، جاءت بصيغة ضمير النسوة، في حين أنّ ضمائر هذه القطعة من الآية قد وردت بصيغة جمع المذكر، و هذا يوحي بأنّ هناك معنی آخر هو المراد، و لذلك خطا جمع آخر من المفسّرين خطوة أوسع و اعتبر الآية شاملة لكلّ أفراد بيت النّبي صلّی اللّه عليه و آله رجالا و نساء.

‏و من جهة اخری فإنّ الرّوايات الكثيرة جدّا الواردة في كتب الفريقين تنفي شمول الآية لكلّ أهل بيت النّبي صلّی اللّه عليه و آله، و تقول: إنّ المخاطبين في الآية هم خمسة أفراد فقط، و هم: محمّد صلّی اللّه عليه و آله و علي و فاطمة و الحسن و الحسين عليهم السّلام و مع وجود النصوص الكثيرة التي تعتبر قرينة علی تفسير الآية، فإنّ التّفسير الذي يمكن قبوله هو التّفسير الثالث فقط، أي اختصاص الآية بالخمسة الطيّبة.

‏و السؤال الوحيد الذي يبقی هنا هو: كيف يمكن أن يطرح مطلب في طيّات البحث في واجبات نساء النّبي و لا يشملهنّ هذا المطلب؟ و قد أجاب المفسّر الكبير العلّامة «الطبرسي» في مجمع البيان عن هذا السؤال فقال: ليست هذه المرّة الاولی التي نری فيها في آيات القرآن أن تتّصل مع بعضها و تتحدّث عن مواضيع مختلفة، فإنّ القرآن ملي‌ء بمثل هذه البحوث، و كذلك توجد شواهد كثيرة علی هذا الموضوع في كلام فصحاء العرب و أشعارهم.

‏و أضاف المفسّر الكبير صاحب الميزان جوابا آخر ملخّصه: لا دليل لدينا علی أنّ جملة: إِنَّما يُرِيدُ اللَّـهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ ... قد نزلت مع هذه الآيات، بل يستفاد جيّدا من الرّوايات أنّ هذه القطعة قد نزلت منفصلة، و قد وضعها الإمام مع هذه الآيات لدی جمعه آيات القرآن في عصر النّبي صلّی اللّه عليه و آله أو بعده.

‏و الجواب الثالث الذي يمكن أن يجاب به عن هذا السؤال هو: أنّ القرآن يريد أن يقول لزوجات النّبي: إنكنّ بين عائلة بعضها معصومون، و الذي يعيش في ظلّ العصمة و منزل المعصومين فإنّه ينبغي له أن يراقب نفسه أكثر من الآخرين، و لا تنسين أنّ انتسابكنّ إلی بيت فيه خمسة معصومين يلقي علی عاتقكنّ مسئوليات ثقيلة، و ينتظر منه اللّه و عباده انتظارات كثيرة.

‏و سنبحث في الملاحظات القادمة- إن شاء اللّه تعالی- روايات السنّة و الشيعة الواردة في تفسير هذه الآية.

‏و بيّنت الآية الأخيرة- من الآيات مورد البحث- سابع وظيفة و آخرها من وظائف نساء النّبي، و نبّهتهن علی ضرورة استغلال أفضل الفرص التي تتاح لهنّ في سبيل الإحاطة بحقائق الإسلام و العلم بها و بأبعادها، فتقول: وَ اذْكُرْنَ ما يُتْلی‌ فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آياتِ اللَّـهِ وَ الْحِكْمَةِ.

‏فإنكنّ في مهبط الوحي، و في مركز نور القرآن، فحتّی إذا جلستن في البيوت فأنتنّ قادرات علی أن تستفدن جيّدا من الآيات التي تدوّي في فضاء بيتكنّ، و من تعليمات الإسلام و حديث النّبي صلّی اللّه عليه و آله الذي كان يتحدّث به، فإنّ كل نفس من أنفاسه درس، و كلّ لفظ من كلامه برنامج حياة! و فيما هو الفرق بين «آيات اللّه» و «الحكمة»؟ قال بعض المفسّرين: إنّ كليهما إشارة إلی القرآن، غاية ما في الأمر أنّ التعبير ب (الآيات) يبيّن الجانب الإعجازي للقرآن، و التعبير ب (الحكمة) يتحدّث عن المحتوی العميق و العلم المخفي فيه.

‏و قال البعض الآخر: إنّ «آيات اللّه» إشارة إلی آيات القرآن، و «الحكمة» إشارة إلی سنّة النّبي صلّی اللّه عليه و آله مواعظه و إرشاداته الحكيمة.

‏و مع أنّ كلا التّفسيرين يناسب مقام و ألفاظ الآية، إلّا أنّ التّفسير الأوّل يبدو أقرب، لأنّ التعبير بالتلاوة يناسب آيات اللّه أكثر، إضافة إلی أنّ تعبير النّزول قد ورد في آيات متعدّدة من القرآن في مورد الآيات و الحكمة، كالآية (٢٣١) من سورة البقرة: وَ ما أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتابِ وَ الْحِكْمَةِ و يشبهه ما جاء في الآية (١١٣) من سورة النساء.

‏و أخيرا تقول الآية: إِنَّ اللَّـهَ كانَ لَطِيفاً خَبِيراً و هي إشارة إلی أنّه سبحانه مطّلع علی أدقّ الأعمال و أخفاها، و يعلم نيّاتكم تماما، و هو خبير بأسراركم الدفينة في صدوركم.

‏هذا إذا فسّرنا «اللطيف» بالمطّلع علی الدقائق و الخفيات، و أمّا إذا فسّر بصاحب اللطف، فهو إشارة إلی أنّ اللّه سبحانه لطيف و رحيم بكنّ يا نساء النّبي، و هو خبير بأعمالكنّ أيضا.

‏و يحتمل أيضا أن يكون التأكيد علی «اللطيف» من جانب إعجاز القرآن، و علی «الخبير» باعتبار محتواه الحكمي. و في الوقت نفسه لا منافاة بين هذه المعاني و يمكن جمعها.

‏بحوث‌

‏١- آية التطهير برهان واضح علی العصمة:

‏اعتبر بعض المفسّرين «الرجس» في الآية المذكورة إشارة إلی الشرك أو الكبائر- كالزنا- فقط، في حين لا يوجد دليل علی هذا التحديد، بل إنّ إطلاق‌ الرجس- و خاصّة بملاحظة ألفه و لامه، و هي ألف لام الجنس- يشمل كلّ أنواع الذنوب و المعاصي، لأنّ كلّ المعاصي رجس، و لذلك فإنّ هذه الكلمة أطلقت في القرآن علی الشرك و الخمور و القمار و النفاق و اللحوم المحرّمة و النجسة و أمثال ذلك.

‏انظر الآيات: الحجّ- ٣٠، المائدة- ٩٠، التوبة- ١٢٥، الأنعام- ١٤٥.

‏و بملاحظة أنّ الإرادة الإلهيّة حتمية التنفيذ و الوقوع، و أنّ جملة: إِنَّما يُرِيدُ اللَّـهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ‌ دليل علی إرادته الحتمية، و خاصّة بوجود كلمة (إنّما) الدالّة علی الحصر و التأكيد، سيتّضح أنّ إرادة اللّه سبحانه قد قطعت بأن يكون أهل البيت منزّهين عن كلّ رجس و خطأ، و هذا هو مقام العصمة.

‏و ثمّة مسألة تستحقّ الانتباه، و هي أنّه ليس المراد من الإرادة الإلهيّة في هذه الآية الأوامر و الأحكام الإلهيّة في مسائل الحلال و الحرام، لأنّ هذه الأحكام تشمل الجميع، و لا تختّص بأهل البيت، و بناء علی هذا فإنّها لا تتناسب مع مفهوم (إنّما).

‏إذن، فهذه الإرادة المستمرّة نوع من الإمداد الإلهي الذي يعيّن أهل أهل البيت علی العصمة و الاستمرار فيها، و هي في الوقت نفسه لا تنافي حرية الإرادة و الإختيار، كما فصّلنا ذلك سابقا.

‏إنّ مفهوم هذه الآية في الحقيقة هو عين ما

‏جاء في الزيارة الجامعة: «عصمكم اللّه من الزلل، و آمنكم من الفتن، و طهّركم من الدنس و أذهب عنكم الرجس و طهّركم تطهيرا».

‏و ينبغي أن لا نشكّ بعد هذا الإيضاح في دلالة الآية المذكورة علی عصمة أهل البيت عليهم السّلام.

‏٢- فيمن نزلت آية التطهير؟

‏قلنا: إنّ هذه الآية بالرغم من أنّها وردت ضمن الآيات المتعلّقة بنساء النّبي، إلّا أنّ تغيير سياقها- حيث تبدّل ضمير الجمع المؤنث إلی ضمير الجمع المذكّر- دليل علی أنّ لهذه الآية معنی و محتوی مستقلا عن تلك الآيات، و لهذا فحتّی أولئك الذين لم يعتبروا الآية مختّصة بمحمّد صلّی اللّه عليه و آله و علي و فاطمة و الحسن و الحسين عليهم السّلام، فإنّهم اعتقدوا أنّ لها معنی واسعا يشمل هؤلاء العظام و نساء النّبي صلّی اللّه عليه و آله.

‏إلّا أنّ الرّوايات الكثيرة التي بين أيدينا تبيّن أنّ هذه الآية خاصّة بهؤلاء الأجلّاء، و لا تدخل الزوجات ضمن الآية، بالرغم من أنهنّ يتمتّعن باحترام خاصّ، و نضع بين أيديكم بعضا من هذه الروايات:

‏أ: الرّوايات التي رويت عن أزواج النّبي صلّی اللّه عليه و آله أنفسهنّ، و التي حدثن فيها: إنّ النّبي صلّی اللّه عليه و آله عند ما كل يتحدّث عن هذه الآية الشريفة سألناه: أ نحن من أصحاب هذه الآية؟ فكان يجيب: بأنكنّ إلی خير، و لكن لستنّ من أصحابها.

‏و من جملتها الرواية التي‌

‏رواها «الثعلبي» عن «امّ سلمة» في تفسيره، و ذلك‌ أنّ النّبي صلّی اللّه عليه و آله كان في بيتها إذ أتته فاطمة عليها السّلام بقطعة حرير، فقال النّبي صلّی اللّه عليه و آله: «ادعي لي زوجك و ابنيك- الحسن و الحسين-» فأتت به فطعموا، ثمّ ألقی عليهم النّبي صلّی اللّه عليه و آله كساء له خيبريا و قال: «اللهمّ هؤلاء أهل بيتي و عترتي فأذهب عنهم الرجس و طهّرهم تطهيرا» فنزلت آية التطهير، فقلت: يا رسول اللّه و أنا معهم؟ قال: «إنّك إلی خير» و لكنّك لست منهم‌[روی الطبرسي في مجمع البيان ذيل الآية مورد البحث، هذا الحديث بهذا المضمون بطرق متعدّدة عن أمّ سلمة. راجع شواهد التنزيل، للحاكم الحسكاني، المجلّد ٢، صفحة ٥٦ و ما بعدها.]٤.

‏و يروي «الثعلبي» أيضا عن «عائشة» أنّها عند ما سئلت عن حرب الجمل و تدخّلها في تلك الحرب المدمّرة الطاحنة، قالت بأسف: كان ذلك قضاء اللّه.

‏و

‏عند ما سئلت عن علي عليه السّلام قالت: تسأليني عن أحبّ الناس كان إلی رسول اللّه صلّی اللّه عليه و آله، و زوج أحبّ الناس كان إلی رسول اللّه صلّی اللّه عليه و آله؟ لقد رأيت عليا و فاطمة و حسنا و حسينا عليهم السّلام، و جمع رسول اللّه صلّی اللّه عليه و آله بثوب عليهم ثمّ قال: «اللهمّ هؤلاء أهل‌ بيتي و حامتي فأذهب عنهم الرجس و طهّرهم تطهيرا» قالت: فقلت: يا رسول اللّه، أنا من أهلك! قال: «تنحّي فإنّك إلی خير»[مجمع البيان ذيل الآية مورد البحث.]٥- إلّا أنّك لست جزءا منهم-.

‏إنّ هذه الرّوايات تصرّح أنّ زوجات النّبي صلّی اللّه عليه و آله لسن جزءا من أهل البيت في هذه الآية.

‏ب: لقد

‏وردت روايات كثيرة جدّا بصورة مجملة في شأن حديث الكساء، يستفاد منها جميعا أنّ النّبي صلّی اللّه عليه و آله دعا عليا و فاطمة و الحسن و الحسين عليهم السّلام- أو أنّهم أتوا إليه- فألقی عليهم عباءة و قال: «اللهمّ هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس و طهّرهم تطهيرا»، فنزلت الآية: إِنَّما يُرِيدُ اللَّـهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ ....

‏و قد روی العالم المعروف «الحاكم الحسكاني النيسابوري» هذه الروايات في (شواهد التنزيل) بطرق مختلفة عن رواة مختلفين‌[شواهد التنزيل، المجلّد ٢، صفحة ٣١ و ما بعدها.]٦.

‏و هنا سؤال يلفت النظر، و هو: ماذا كان الهدف من جمعهم تحت الكساء؟

‏كأنّ النّبي صلّی اللّه عليه و آله كان يريد أن يحدّد هؤلاء و يعرّفهم تماما، و يقول: إنّ الآية أعلاه في حقّ هؤلاء خاصّة، لئلّا يری أحد أو يظنّ ظانّ أنّ المخاطب في هذه الآية كلّ من تربطه بالنّبي صلّی اللّه عليه و آله قرابة، و كلّ من يعدّ جزءا من أهله، حتّی جاء في بعض الرّوايات أنّ النّبي صلّی اللّه عليه و آله قد كرّر هذه الجملة ثلاث مرّات:

‏«اللهمّ هؤلاء أهل بيتي و خاصّتي فأذهب عنهم الرجس و طهّرهم تطهيرا»[الدرّ المنثور ذيل الآية مورد البحث.]٧.

‏ج: نقرأ في روايات عديدة اخری أنّ النّبي صلّی اللّه عليه و آله بقي ستّة أشهر بعد نزول هذه الآية ينادي عند مروره من جنب بيت فاطمة سلام اللّه عليها و هو ذاهب إلی صلاة الصبح:

‏«الصلاة يا أهل البيت! إنّما يريد اللّه ليذهب عنكم الرجس أهل البيت و يطهّركم تطهيرا». و قد روی الحاكم الحسكاني هذا الحديث عن أنس بن‌ مالك‌[شواهد التنزيل، المجلّد ٢، صفحة ١١.]٨.

‏و روی ابن عبّاس أيضا هذا الحديث عن النّبي صلّی اللّه عليه و آله‌[الدرّ المنثور، ذيل الآية مورد البحث.]٩.

‏و هنا مسألة تستحقّ الانتباه، و هي أنّ تكرار هذه الأمر ستّة أشهر أو ثمانية أو تسعة أشهر بصورة مستمرّة جنب بيت فاطمة إنّما هو لبيان هذه المسألة تماما لئلّا يبقی مجال للشكّ لدی أيّ شخص بأنّ هذه الآية قد نزلت في شأن هؤلاء النفر فقط، خاصّة و أنّ الدار الوحيدة التي بقي بابها مفتوحا إلی داخل المسجد بعد أن أمر اللّه نبيّه بأن تغلق جميع أبواب بيوت الآخرين، هي دار فاطمة عليها السّلام، و لا شكّ أنّ جماعة من الناس كانوا يسمعون ذلك القول من النّبي صلّی اللّه عليه و آله حين الصلاة هناك- تأمّلوا ذلك-.

‏و مع ذلك، فإنّ ممّا يثير العجب أنّ بعض المفسّرين يصرّون علی أنّ للآية معنی عامّا تدخل فيه أزواج النّبي، بالرغم من أنّ أكثر علماء الإسلام، السنّة منهم و الشيعة، قد حدّدوها بهؤلاء الخمسة.

‏و ممّا يستحقّ الالتفات أنّ عائشة- زوجة النّبي لم تكن تدع شيئا في ذكر فضائلها، و دقائق علاقتها بالنّبي صلّی اللّه عليه و آله بشهادة الروايات الإسلامية، فإذا كانت هذه الآية تشملها فلا بدّ أنّها كانت ستتحدّث بها في المناسبات المختلفة، في حين لم يرو شي‌ء من ذلك عنها مطلقا.

‏د: رويت روايات عديدة عن الصحابي المعروف «أبي سعيد الخدري» تشهد بصراحة بأنّ هذه الآية قد نزلت في شأن هؤلاء الخمسة الأطهار: «نزلت في خمسة: في رسول اللّه، و علي، و فاطمة، و الحسن، و الحسين». و هذه الرّوايات كثيرة بحيث عدّها بعض المحقّقين متواترة. و ممّا قلناه نستنتج أنّ المصادر و رواة الأحاديث التي تدلّ علی اختصاص الآية بالخمسة المطهّرة و حصرها بهم كثيرة بحيث لا تدع لأحد المجال للشكّ في هذه الدلالة، حتّی أنّه ذكر في شرح (إحقاق الحقّ) أكثر من سبعين مصدرا من مصادر العامّة المعروفة، و أمّا مصادر الشيعة في هذا الباب فتربو علی الألف‌[يراجع الجزء الثّاني، من إحقاق الحقّ و هوامشه.]١٠. و قد روی صاحب كتاب (شواهد التنزيل)- و هو من علماء الإخوة السنّة المشهورين- أكثر من (١٣٠) حديثا في هذا الموضوع‌[يراجع المجلّد الثّاني، من شواهد التنزيل، صفحة ١٠- ٩٢.]١١.

‏و بغضّ النظر عن كلّ ذلك، فإنّ بعض أزواج النّبي قد قمن بأعمال طوال حياتهنّ تخالف مقام العصمة، و لا تناسب كونهنّ معصومات، كحادثة «حرب الجمل» التي كانت ثورة و خروجا علی إمام الزمان، و التي تسبّبت في إراقة دماء كثيرة، فقد بلغ عدد القتلی في هذه الحرب- عند بعض المؤرخّين- سبعة عشر ألف قتيل.

‏و لا شكّ أنّ هذه المعركة لا يمكن توجيهها، بل إنّنا نری أنّ عائشة نفسها قد أظهرت الندم بعدها، و قد مرّ نموذج من هذا الندم في البحوث السابقة.

‏إنّ انتقاص عائشة من خديجة- و التي هي من أعظم نساء المسلمين، و أكثر هنّ تضحية و إيثارا، و أجلّهنّ فضيلة و قدرا- مشهور في تاريخ الإسلام، و قد آلم هذا الكلام رسول اللّه صلّی اللّه عليه و آله حتّی ظهرت علی وجهه الشريف آثار الغضب و

‏قال: «لا و اللّه ما أبدلني اللّه خيرا منها، آمنت بي إذ كفر الناس، و صدّقتني إذ كذّبني الناس، و واستني في مالها إذ حرمني الناس»[الإستيعاب، و صحيح البخاري، و صحيح مسلم. طبقا لنقل المراجعات صفحة ٢٢٩ الرسالة ٧٢.]١٢.

‏٣- هل أن الإرادة الإلهية هنا تكوينية أم تشريعية؟

‏مرّت الإشارة في طيّات تفسير هذه الآية إلی هذا الموضوع، و قلنا: إنّ الإرادة في جملة: إِنَّما يُرِيدُ اللَّـهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ‌ إرادة تكوينية لا تشريعية.

‏و لمزيد التوضيح ينبغي أن نذكّر بأنّ المراد من «الإرادة التشريعية» هي أوامر اللّه و نواهيه، فنعلم مثلا أنّ اللّه سبحانه يريد منّا أداء الصلاة و الصوم و الحجّ و الجهاد، و هذه إرادة تشريعية. و من المعلوم أنّ الإرادة التشريعية تتعلّق بأفعالنا لا بأفعال اللّه عزّ و جلّ. في حين أنّ الآية أعلاه تتعلّق بأفعال اللّه سبحانه، فهي تقول:

‏إنّ اللّه أراد أن يذهب عنكم الرجس، و بناء علی هذا فإنّ مثل هذه الإرادة يجب أن تكون تكوينية، و مرتبطة بإرادة اللّه سبحانه في عالم التكوين.

‏إضافة إلی ذلك، فإنّ مسألة الإرادة التشريعية فيما يتعلّق بالتقوی و العفّة لا تنحصر بأهل البيت عليهم السّلام، لأنّ اللّه قد أمر الجميع بالتقوی و التطهّر من الذنوب، و بذلك لا تكون لهم مزيّة و خاصيّة، لأنّ كلّ المكلّفين مشمولون بهذا الأمر.

‏و علی أيّة حال، فإنّ هذا الموضوع- أي الإرادة التشريعيّة- مضافا إلی أنّه لا يناسب ظاهر الآية، فانّه لا يتناسب مع الأحاديث السابقة بأيّ وجه من الوجوه، لأنّ كلّ تلك الأحاديث تتحدّث عن فضيلة سامية و هبة مهمّة خاصّة بأهل البيت عليهم السّلام.

‏و من المسلّم أيضا أنّ «الرجس» هنا لا يعني الرجس الظاهري، بل هو إشارة إلی الأرجاس الباطنية، و إطلاق هذه الكلمة ينفي انحصارها و كونها محدودة بالشرك و الكفر و الأعمال المنافية للعفّة و أمثال ذلك، فإنّها تشمل كلّ الذنوب و المعاصي و المفاسد العقائدية و الأخلاقية و العملية.

‏و المسألة الاخری التي ينبغي الالتفات إليها بدقّة هي أنّ الإرادة التكوينية التي تعني الخلقة و الإيجاد، تعني هنا «المقتضي» لا العلّة التامّة لتكون موجبة للجبر و سلب الإختيار.

‏و توضيح ذلك، إنّ مقام العصمة يعني حالة تقوی اللّه التي توجد عند الأنبياء و الأئمّة بمعونة اللّه سبحانه، لكن وجود هذه الحالة لا يعني أنّهم غير قادرين علی‌ ارتكاب المعصية، بل إنّهم قادرون علی إتيانها، غير أنّهم يعفّون أنفسهم و يجلّونها عن التلوّث بها باختيارهم، و يغضّون الطرف عنها طوعا، تماما كالطبيب الحاذق الذي لا يتناول مطلقا مادّة سمّية جدّا و هو يعلم الأخطار التي تنجم عن تناولها، و مع أنّه قادر علی تناولها، إلّا أنّ علومه و اطلاعه و مبادئه الفكرية و الروحية تدفعه إلی الامتناع إراديا و اختيارا عن هذا العمل.

‏و يجب التذكير بهذه المسألة، و هي أنّ هذه التقوی موهبة خاصّة منحت للأنبياء لا للآخرين، لكن اللّه سبحانه قد منحهم إيّاها للمسؤوليات الثقيلة الخطيرة الملقاة علی عاتقهم في قيادة الناس و إرشادهم، و بناء علی هذا فإنّه امتياز يعود نفعه علی الجميع، و هذه عين العدالة، تماما كالامتياز الخاصّ الذي منحه اللّه لطبقات العين و أغشيتها الرقيقة و الحسّاسة جدّا، و التي يستفيد منها جميع البدن.

‏إضافة إلی أنّ الأنبياء تعظم مسئولياتهم و واجباتهم بنفس المقدار الذي يتمتّعون بهذا المواهب الإلهية و الامتيازات، فإنّ ترك الاولی من قبلهم يعادل ذنبا كبيرا يصدر من الناس العاديين، و هذا معيار و تشخيص لخطّ العدالة.

‏و النتيجة أنّ هذه الإرادة إرادة تكوينية في حدود المقتضی- و ليست علّة تامّة- و هي في الوقت نفسه لا توجب الجبر و لا تسلب الإختيار و الإرادة الإنسانية.

‏٤- جاهلية القرن العشرين!

‏مرّت الإشارة إلی أنّ جمعا من المفسّرين تورّطوا في تفسير (الجاهلية الاولی) و كأنّهم لم يقدروا أن يصدّقوا ظهور جاهلية اخری في العالم بعد ظهور الإسلام، و أنّ جاهلية العرب قبل الإسلام ضئيلة تجاه الجاهلية الجديدة، إلّا أنّ هذا الأمر قد تجلّی للجميع اليوم، حيث نری مظاهر جاهلية القرن العشرين المرعبة، و يجب أن تعدّ تلك إحدی تنبؤات القرآن الإعجازية.

‏إذا كان العرب في زمان الجاهلية يغيرون و يحاربون، و إذا كان سوق عكاظ- مثلا- ساحة لسفك الدماء لأسباب تافهة عدّة مرّات، و قتل علی أثرها أفراد معدودون، فقد وقعت في جاهلية عصرنا حروب ذهب ضحيّتها عشرون مليون إنسان، و جرح و تعوّق أكثر من هذا العدد! و إذا كانت النساء «تتبرّج» في زمن الجاهلية و يلقين خمرهنّ عن رؤوسهن بحيث كان يظهر جزء من صدورهنّ و نحورهنّ، و قلائدهنّ و أقراطهنّ، ففي عصرنا تشكّل نواد تسمّی بنوادي العراة- و نموذجها مشهور في بريطانيا- حيث يتعرّی أفرادها كما ولدتهم امّهاتهم، و فضائح البلاجات علی سواحل البحار و المسابح، بل و حتّی في الأماكن العامّة و علی قارعة الطريق يخجل القلم من ذكرها.

‏و إذا كانت في الجاهلية «زانيات من ذوات الأعلام»، حيث كنّ يرفعن أعلاما فوق بيوتهنّ ليدعين الناس إلی أنفسهنّ، في جاهلية قرننا أناس يطرحون أمورا و مطالب في هذا المجال عبر صحف خاصّة، يندی لها الجبين، و لجاهلية العرب مائة مرتبة من الشرف علی هذه الجاهلية.

‏و الخلاصة: ماذا نقول عن وضع المفاسد التي توجد في عصرنا الحاضر .. عصر التمدّن المادّي الآلي الخالي من الإيمان، فعدم الحديث عنها أولی، و لا ينبغي أن نلوّث هذا التّفسير بذكرها.

‏إنّ ما قلناه كان جانبا من العب‌ء الملقی علی عاتقنا لبيان حياة الذين يبتعدون عن اللّه تعالی، فإنّهم و إن امتلكوا آلاف الجامعات و المراكز العلمية و العلماء المعروفين، فهم غارقون في و حل الفساد و مستنقع الرذيلة، بل إنّهم قد يضعون هذه المراكز العلمية و علماءها في خدمة هذه الفجائع و المفاسد أحيانا.

*مقتطف من تفسير الأمثل في كتاب الله المنزل

---------------- الهوامش: ‏١ طبعا يكون فعل الأمر( أقررن) في صورة كونها من مادّة القرار، و حذفت الراء الاولی للتخفيف، و انتقلت فتحة الراء إلی القاف، و مع وجودها لا نحتاج إلی الهمزة، و تصبح( قرن)- تأمّلوا جيّدا- ‏٢ ذكر الراغب في مفرداته، في مادّة( رجس) المعنی المذكور أعلاه، و أربعة أنواع كمصاديق له. ‏٣ ما ذكره البعض من أنّ« البيت» هنا إشارة الی بيت اللّه الحرام، و أهله هم« المتّقون» لا يتناسب مطلقا مع سياق الآيات. ‏لأنّ الكلام في هذه الآيات عن النّبي صلّی اللّه عليه و آله و أزواجه، لا عن بيت اللّه الحرام، و لا يوجد أيّ دليل علی قولهم. ‏٤ روی الطبرسي في مجمع البيان ذيل الآية مورد البحث، هذا الحديث بهذا المضمون بطرق متعدّدة عن أمّ سلمة. راجع شواهد التنزيل، للحاكم الحسكاني، المجلّد ٢، صفحة ٥٦ و ما بعدها. ‏٥ مجمع البيان ذيل الآية مورد البحث. ‏٦ شواهد التنزيل، المجلّد ٢، صفحة ٣١ و ما بعدها. ‏٧ الدرّ المنثور ذيل الآية مورد البحث. ‏٨ شواهد التنزيل، المجلّد ٢، صفحة ١١. ‏٩ الدرّ المنثور، ذيل الآية مورد البحث. ‏١٠ يراجع الجزء الثّاني، من إحقاق الحقّ و هوامشه. ‏١١ يراجع المجلّد الثّاني، من شواهد التنزيل، صفحة ١٠- ٩٢. ‏١٢ الإستيعاب، و صحيح البخاري، و صحيح مسلم. طبقا لنقل المراجعات صفحة ٢٢٩ الرسالة ٧٢.

2024/08/13

كلمات الفرج: مفاتيح النجاة في أوقات الشدّة.. تعرّف عليها
كلمات الفَرَج هي كلماتٌ يُستحب أن تُدعى بها في مواضع عديدة ، و سُميت بكلمات الفَرَج لأن الله يُفرج عن الداعي بها و عن من يُدعى له بها .

[اشترك]

المواضع التي يُستحب الدعاء فيها بكلمات الفرج هي :

قنوت صلاة الجمعة ، فقد رُوِيَ عن الامام محمد بن علي الباقر عليه السلام أنهُ قال : "‏ الْقُنُوتُ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ تَمْجِيدُ اللَّهِ وَ الصَّلَاةُ عَلَى نَبِيِّ اللَّهِ وَ كَلِمَاتُ‏ الْفَرَجِ‏ " 1.
قنوت الصلوات مطلقاً ، كما هو مذكور في أدعية القنوت في كتب الفقه و الدعاء 2.
لدفع الهم و الغم و الضيق و أنواع الشدائد ، فَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ، قَالَ : لَقَّنَنِي عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ( عَلَيْهِ السَّلَامُ ) كَلِمَاتِ‏ الْفَرَجِ‏ ، وَ أَخْبَرَنِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ( صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ ) لَقَّنَهُنَّ إِيَّاهُ ، وَ أَمَرَهُ إِذَا نَزَلَ بِهِ كَرْبٌ أَوْ شِدَّةٌ أَنْ يَقُولَ : " لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْحَلِيمُ الْكَرِيمُ ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ ، سُبْحَانَ اللَّهِ ، وَ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبِّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَ رَبِّ الْأَرَضِينَ السَّبْعِ ، وَ رَبِّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ ، وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ‏" 3. 
لطلب الغفران من الله عَزَّ و جَلَّ ، فقد رُوِيَ عن عَلِي بْن أَبِي طَالِبٍ عليه السلام أنهُ قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه و آله : "‏ أَ لَا أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتِ‏ الْفَرَجِ‏ إِذَا قُلْتَهُنَّ غَفَرَ اللَّهُ لَكَ ؟ هِيَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْحَلِيمُ الْكَرِيمُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ سُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَ رَبِّ الْأَرَضِينَ السَّبْعِ وَ مَا فِيهِنَّ وَ مَا بَيْنَهُنَّ وَ مَا تَحْتَهُنَّ وَ رَبِّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ‏ " 4 .
و بشكل خاص يُستحب الدعاء بكلمات الفرج عند المحتضر ، و كذلك تلقين الميت بها لأنها تُفَرِّجُ عن المحتضر و الميت ، فقد رُوِيَ عن الإمام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام أنهُ قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه و آله دَخَلَ عَلَى رَجُلٍ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ وَ هُوَ فِي النَّزْعِ 5  فَقَالَ لَهُ: "قُلْ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْحَلِيمُ الْكَرِيمُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ، سُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ، وَ رَبِّ الْأَرَضِينَ السَّبْعِ، وَ مَا فِيهِنَّ وَ مَا بَيْنَهُنَّ وَ مَا تَحْتَهُنَّ، وَ رَبِّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ، وَ سَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ، وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ" فَقَالَهَا .

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه و آله : "الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْقَذَهُ مِنَ النَّارِ" 6.

الاختلاف بين نصوص كلمات الفرج

قال العلامة الطريحي رحمه الله : و كلمات الفرج مشهورة أولها لا إله إلا الله الحليم الكريم و آخرها و الحمد لله رب العالمين ، و في أكثر النسخ و أصحها فيها و ما فيهن و ما بينهن بدون و ما تحتهن ، و وجه التسمية ظاهر ، و لذا يقال عند الاحتضار للميت 7 .

----------------- الهوامش:         1. من لا يحضره الفقيه : 1 / 487 .
        2. مصباح الكفعمي (جنة الأمان الواقية و جنة الإيمان الباقية): 17 ، طبعة سنة: 1405 هجرية، انتشارات رضي، قم/إيران، للشيخ تقي الدين إبراهيم بن علي العاملي الكفعمي، المولود سنة: 840 هجرية بقرية كفر عيما من قرى جبل عامل، و المتوفى بها سنة: 905 هجرية، و دفن بها.
        3. الأمالي: 622، للشيخ أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي، المولود بخراسان سنة: 385 هجرية، و المتوفى بالنجف الأشرف سنة: 460 هجرية،  طبعة دار الثقافة، الطبعة الاولى، سنة 1414 هجرية، قم / ايران.
        4. عوالي اللئالي العزيزية في الأحاديث الدينية :‏1 / 104 .
        5. النَّزْع : حالة الإحتضار و خروج الروح من البدن عند الموت .
        6. من لا يحضره الفقيه : 1 / 131 ، للشيخ أبي جعفر محمد بن علي بن حسين بن بابويه القمي المعروف بالشيخ الصدوق ، المولود سنة : 305 هجرية بقم ، و المتوفى سنة : 381 هجرية ، طبعة انتشارات إسلامي التابعة لجماعة المدرسين ، الطبعة الثالثة ، سنة : 1413 هجرية ، قم / إيران .
        7. مجمع البحرين : 2 / 322 ، للعلامة فخر الدين بن محمد الطريحي ، المولود سنة : 979 هجرية بالنجف الأشرف / العراق ، و المتوفى سنة : 1087 هجرية بالرماحية ، و المدفون بالنجف الأشرف / العراق ، الطبعة الثانية سنة : 1365 شمسية ، مكتبة المرتضوي ، طهران / إيران .
2024/08/08

كيف تحافظ على برودة منزلك دون إرهاق فاتورة الكهرباء؟
يشهد العالم درجات حرارة عالية وغير مسبوقة بسبب التغير المناخي الذي يؤثر على مختلف دول العالم، وهو الأمر الذي يعرض حياة الملايين للخطر، ويدفع شبكات الكهرباء إلى حدودها القصوى.

ومع ارتفاع درجات الحرارة تزداد الحاجة للتبريد وتشغيل مكيفات الهواء حيث تشكل أنظمة تكييف الهواء ما يقرب من خُمس إجمالي كمية الكهرباء المستخدمة في المباني في جميع أنحاء العالم، أو 10% من إجمالي استهلاك الكهرباء العالمي.

وفي البلدان الأكثر حرارة، يمكن أن يؤدي ذلك إلى ارتفاع الطلب على الكهرباء بأكثر من 50% إلى 70% في أشهر الصيف مقارنة بالأشهر الأكثر اعتدالا، وفق ما ذكرت "وكالة الطاقة الدولية".

وتشير تقديرات وكالة الطاقة الدولية إلى أنه بحلول عام 2050، سوف ينمو المخزون العالمي من مكيفات الهواء في المباني إلى 5.6 مليارات مكيف (ارتفاعا من 1.8 مليار عام 2023)، وهو ما سيؤدي إلى مضاعفة الطلب العالمي على الطاقة من مكيفات الهواء 3 مرات، وبشكل أكثر تحديدا، وخلال هذا الإطار الزمني، سوف يتم بيع 10 مكيفات هواء كل ثانية في العالم كما ذكرت منصة "كونسالتسي".

ومع ازدياد استهلاك الطاقة للتبريد تزداد فواتير الكهرباء بشكل قياسي كذلك، ففي الولايات المتحدة -على سبيل المثال لا الحصر- تشير البيانات الصادرة عن وكالة حماية البيئة ومكتب إحصاءات العمل إلى أن تكييف الهواء يضيف في المتوسط 438 دولارا إلى فواتير الخدمات العامة للأميركيين كل عام.

ولعل السؤال الذي يطرح نفسه هو: كيف يمكن أن نحافظ على برودة منازلنا وأجسامنا مع خفض قيمة فاتورة الكهرباء؟

1-  استخدم المراوح بدلا من المكيفات

تعتبر مراوح السقف خيارا رائعا لتخفيف حدة أيام الصيف الحارة، واستخدام طاقة أقل من وحدات تكييف الهواء، إذ تعمل مراوح السقف على جعل الغرفة أكثر برودة لمن يجلس فيها من خلال تدوير الهواء الدافئ لأعلى والهواء البارد لأسفل.

وتعتبر المراوح القائمة أيضا خيارا جيدا لتوزيع الهواء، وإذا كنت تريد المزيد من قوة التبريد من المروحة، يمكنك وضع دلو من الثلج أو وعاء من الماء البارد أمام المروحة، ما سيصدر رذاذا باردا مع ذوبان الثلج.

وتستهلك المراوح الكهربائية طاقة لا تذكر مقارنة بالطاقة التي تستهلكها مكيفات الهواء، وعادة ما يستخدم تشغيل المروحة بسرعة متوسطة 55 واتا في الساعة، وهو ما يعادل 0.5 كيلووات من الطاقة المستهلكة لمدة 10 ساعات من الاستخدام، وهذا أقل من نصف الطاقة التي تستهلكها مكيفات الهواء خلال ساعة واحدة فقط من الاستخدام.

2-  اضبط نظام تكييف الهواء لديك واستبدل الفلتر

إذا كان لديك مكيف هواء كهربائي، فإن عمليات الضبط والصيانة الموسمية يمكن أن تساعد في الحفاظ على تشغيل نظامك بسلاسة وتقلل من كمية الطاقة المستخدمة.

بإمكانك الاستعانة بفني مختص لتنظيف ملفات التبريد وفحص المكيف وإجراء الصيانة اللازمة له، وإذا لم تتمكن من ذلك فإن أحد الأشياء البسيطة التي يمكنك القيام بها هو تغيير مرشحات الهواء الخاصة بالنظام بنفسك، إذ يمكن أن يساعد تغيير المرشح مكيفَ الهواء في منزلك على العمل بكفاءة أكبر، مما يقلل من استخدامك للطاقة، وبالتالي التقليل من فاتورة الكهرباء في آخر الشهر.

3-  اضبط منظم الحرارة على 25 درجة مئوية

وفقا لمعهد إديسون للكهرباء، فإن رفع منظم الحرارة بمقدار درجة واحدة فقط في الصيف سيقلل من فاتورة الكهرباء بنسبة 2%؛ لذلك عندما تكون درجة الحرارة في الخارج عالية فإن ضبط منظم الحرارة على 25 درجة (78 فهرنهايتا) يوفر لك راحة من الحرارة.

وإذا كنت ترتدي ملابس فضفاضة، وتشرب الكثير من الماء، وتستخدم المراوح لتدوير الهواء، فستجد أن درجة 25 مئوية هي درجة حرارة مريحة ولن تجبر مكيف الهواء على العمل لساعات إضافية، وهذا يؤدي إلى توفير فواتير الطاقة الخاصة بك.

4-  احجب الشمس بالستائر على النوافذ

يوصي المختصون بحجب حرارة الشمس من الدخول للمكان كأحد أفضل الطرق للحفاظ على برودته، وأسهل طريقة للقيام بذلك هي ببساطة استخدام الستائر.

وتلعب ستائر المنزل دورا مهما جدا في توفير البرودة داخل المنزل وخفض تكلفة فاتورة الكهرباء، وهنا ينصح باستخدام الستائر ذات الألوان الفاتحة التي تعكس أشعة الشمس بدلا من الستائر الداكنة التي تمتصها، كما ينصح باستخدام الستائر المزدوجة لتقليل كمية الأشعة الداخلة لمنزلك للحد الأدنى.

ويمكن للستائر إذا ما استخدمت بطريقة صحيحة أن تقلل من اكتساب الحرارة بنسبة تصل إلى 45% وفق ما ذكرت منصة "سمارت إنيرجي".

5-  استفد من الطبيعة

إذا كنت تعيش في منطقة حيث يكون الجو أكثر برودة في الليل والصباح (بلاد الشام مثالا) فإن فتح النوافذ خلال تلك الساعات الباردة من الليل، ودعوة الهواء البارد إلى الداخل يمكن أن يساعد في خفض درجة حرارة منزلك أثناء النهار.

 

يُمكنك استخدام مروحة النافذة لدفع الهواء البارد ليلا إلى منزلك، ومع ارتفاع درجة الحرارة في النهار، أغلق النوافذ والستائر وشغّل المراوح أو مكيفات الهواء، حيث لن تضطر الآن إلى العمل بجهد كبير للحفاظ على منزلك باردا ومريحا.

فتح النوافذ خلال الليل من أجل دخول الهواء البارد إلى بيتك يساعد في خفض درجة حرارة منزلك أثناء النهار (بيكسلز)

6-  لا تستخدم الأجهزة المولدة للحرارة أثناء النهار

قد تعيق الأجهزة المنتجة للحرارة أثناء عملها جهودك للحفاظ على برودة الهواء داخل منزلك، ومن بين أسوأ هذه الأجهزة أجهزة التلفاز وغسالات الصحون ومجففات الملابس والمواقد وأفران الطهي.

ويمكنك الانتظار حتى تغرب الشمس ويبرد الهواء الخارجي لتشغيل غسالة الصحون ومجفف الملابس، كما يمكنك محاولة تجنب استخدام الموقد تماما في الأيام الأكثر حرارة؛ وبدلا من ذلك، يمكنك تقديم السلطات الباردة المنعشة على العشاء أو الشواء في الهواء الطلق.

7-  أوقف تشغيل المراوح ومكيفات الهواء عندما لا تحتاجها

يغفل كثير من الناس عن إيقاف تشغيل المراوح والمكيفات عندما يخرجون من المنزل، وهذا إهدار للطاقة، وزيادة في تكلفة فاتورة الكهرباء أنت في غنى عنها، لهذا لا تنسَ إيقاف تشغيل هذه الأجهزة عندما لا تكون بحاجة إليها، ولا داعي أيضا لتشغيل كافة أجهزة التبريد في المنزل، استخدم المكيفات والمراوح في غرفة المعيشة أثناء النهار، وفي غرف النوم في الليل عندما تأوي أنت وأفراد العائلة إلى الفراش.

المصدر : الجزيرة
2024/07/23

ما معنى: «كل يوم هو في شأن»؟
ما معنى قوله تعالى من سورة الرحمن: ﴿يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ﴾؟

الجواب: المراد من اليوم هو الوقت والآن، فهو تعالى له تدبيرٌ في الوجود والكون -بمختلف تفاصيله وأجزائه- في كلِّ آنٍ ووقت، فكلُّ مَن في السماوات والأرض يسألُه، أي شأنُه الفقر والحاجة إلى تدبير الله تعالى وقيوميَّته فلا يَستغني مِن شيءٍ عن تدبيره ولا يمتنعُ مِن شيءٍ عما يُريدُه له أو عليه.

وفي الآية إشارةٌ إلى حضِّ العباد ودعوتِهم إلى استشعار الفقر الدائم لله تعالى وملازمةِ الرجاءِ والخوف منه تعالى، فهو كلُّ يومٍ في شأنٍ يستحدث أشياءَ ويُجدِّد أحوالًا، فيَهبُ المُلك لمَن يشأء وينزعُه عمَّن يشاء، ويُذلُّ مَن يشاء وقد كان عزيزًا، ويُعزُّ مَن يشاء وقد كان ذليلًا، ويُصيب ببلائه مَن يشاء بما يشاء وقد كان في عافية، ويُعافي مَن يشاء وقد كان مكروبًا، ويَهبُ الغنى لبعض عباده وقد يسلبُه منه، ويُعطي القوَّة ثم يستبدلُها بضعفٍ، ويمنحُ العقل ثم يُصيِّر مِن واجده معتوهًا، ويُرادِفُ بين العُسر واليُسر والشدَّة والرخاء، ويستدرجُ ويُملي ويَعفو وقد يُعاجِل بالعقوبة، فليس للعبد العاقل أنْ يطمئنَّ لحال أو يقنط من حال، فاللهُ تعالى كلُّ يومٍ هو في شأن. لا ندرى في أيِّ وجهةٍ تعلَّقتْ إرادتُه وعلى أيِّ نحوٍ اقتضتْ مشيئتُه.

وقد رُوي أنَّ أبا الدرداء رحمه الله سأل النبيَّ (ص) عن قوله تعالى: ﴿كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ﴾ فقال (ص): "من شأنه أنْ يغفر ذنبًا، ويُفرِّج كربًا، ويرفعَ قومًا، ويضعَ آخرين"(1).

وفي تفسير القمِّي قال: قال عليُّ بنُ الحسين (عليه السلام): في قوله تعالى: ﴿يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ﴾(2) قال: "يُحيي ويُميت ويرزق ويزيد ويُنقِص"(3).

وبتعبيرٍ آخر: إنَّ لله تعالى مع كلِّ عبدٍ في كلِّ آنٍ فعلٌ وتدبيرٌ قد يتشابه ولكنَّه لا يتكرر، فإحياؤه له في الآنِ الأول ليس كالإحياء له في الآن الثاني، وتمكينه في الآنِ الأول ليس كتمكينه في الآن الثاني وإن تشابه كلٌّ من التمكينين، فله تعالى مع كلِّ عبد شأنٌ في كلِّ آن، لذلك فهو لا يستغني عن تدبير الله تعالى، وهذا هو معنى قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إلى اللهِ وَاللهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ﴾(4) فالفقر لله تعالى دائمٌ ومتجدِّد لا يخلو منه آن، ولله مع كلِّ آنٍ شأنٌ وتدبير قد يتشابه، وقد يتفاوت، وقد يتباين.

فليس معنى: ﴿كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ﴾ أنَّه تعالى معرضٌ للحوادث والأحوال، فلا يطرأ عليه تعالى تغييرٌ وهو لكماله المطلق غيرُ قابلٍ للزيادة والتحوُّل، فالتحوُّل إنَّما هو بلحاظ ما يفعله تعالى بخلقه، فهو جلَّ وعلا يستحدثُ الخلائق ثم لا يمتنعُ عليه تحويلُها من حالٍ إلى حال، ولا يترتَّب عن استحداثِها استغناؤها واستقلالُها عن تدبيره، فلها في كلِّ آنٍ تدبيرٌ منه وتحويل، ولعلَّ ذلك هو ما يُشير إليه قولُه تعالى: ﴿بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ﴾(5).

=======

الهوامش: 1- مجمع البيان للطبرسي ج9 ص 338. 2- سورة الرحمن / 29. 3- تفسير القمي: ج2 ص 345. 4- سورة فاطر / 15. 5- سورة  ق / 15.
2024/06/29

اكتشاف جهاز جديد لقياس ضغط الدم تلقائياً
توصّلت دراسة جديدة أجراها عدد من الباحثين إلى استحداث جهاز يقيس ضغط الدم تلقائياً سوف يساعد الأطباء على تحديد مشاكل القلب والأوعية الدموية ورعاية ضغط الدم لدى المرضى.

وذكرت وسائل إعلام عربية تابعها "موقع الأئمة الاثني عشر" أن "دراسة جديدة أجراها أحد الباحثين من مستشفى «بريغهام والنساء» بجامعة «هارفارد» الأميركية، قامت بتقييم أداء جهاز جديد يقيس ضغط الدم تلقائياً عند المعصم، ويولد مئات القراءات في غضون أيام، مما يساعد الأطباء على تحديد مخاطر القلب والأوعية الدموية، وتحسين رعاية ارتفاع ضغط الدم".

وتسلط الدراسة التي نشرت، الأربعاء، في دورية «فرونتيرز إن ميديسين Frontiers in Medicine»، الضوء على التطورات الواعدة في تشخيص ارتفاع ضغط الدم وتقييم المخاطر وإدارتها، اعتماداً على الأجهزة من دون أكمام، وبما لا يسبب إزعاجاً للمريض.

ويستخدم الجهاز الجديد أنظمة مراقبة ترتكز على تفعيل أدوات استشعار بصرية لتسجيل ضغط الدم بشكل مستمر وفعال. ووفق الدراسة، يعد ارتفاع ضغط الدم عامل الخطر الرئيسي للوفاة في جميع أنحاء العالم، إذ يصيب واحداً من كل اثنين من البالغين. فقط ربع الأفراد المصابين بارتفاع ضغط الدم لديهم ضغط دم تحت السيطرة، مما يسلط الضوء على الحاجة إلى استراتيجيات مبتكرة لإدارة ضغط الدم.

وهو ما علقت عليه، الدكتورة نعومي فيشر، من قسم الغدد الصماء والسكري وارتفاع ضغط الدم في مستشفى «بريغهام والنساء»، وأحد باحثي الدراسة: «الإدارة الناجحة لارتفاع ضغط الدم تعتمد على قدرة المرضى على أخذ قياسات ضغط الدم بسهولة وبشكل موثوق خارج بيئة عيادة الطبيب التقليدية».

وأضافت في بيان صادر الأربعاء: «الأجهزة من دون أكمام لديها القدرة على إحداث ثورة في إدارة ارتفاع ضغط الدم. فهي توفر قراءات أكثر بكثير من الأجهزة التقليدية، خلال النهار والليل، مما يساعد في تشخيص ارتفاع ضغط الدم، وتوجيه معايرة الوصف الدقيق للدواء».

 

وتوصي الإرشادات الطبية بدمج مراقبة ضغط الدم في المنزل في تشخيص ارتفاع ضغط الدم وإدارته. وذلك لأن قراءات ضغط الدم التي يتم أخذها في عيادة الطبيب، على فترات زمنية متباعدة، قد تكون غير دقيقة.

وبالنسبة للبعض، يميل ضغط الدم إلى الارتفاع في البيئات الطبية (عند الذهاب إلى العيادة الطبية أو المستشفى)، بينما يتمتع البعض الآخر بضغط دم طبيعي أثناء الفحص على الرغم من قراءات ارتفاع ضغط الدم في المنزل (أو ما يعرف بالقراءات المقنعة).

ويعد عدد المرات التي يكون فيها ضغط دم المريض ضمن النطاق الطبيعي، مقياساً واعداً لمخاطر القلب والأوعية الدموية. لكن ذلك الأمر يتطلب قراءات أكثر تكراراً يمكن الحصول عليها من قبل المرضى الذين يستخدمون أصفاد ضغط الدم التقليدية، والتي قد تكون غير مريحة ومرهقة أحياناً للمرضى.

وتعاونت فيشر، التي صممت الدراسة وقادتها، مع باحثين من شركة «أكتيا سا» السويسرية التي تعمل في مجال التكنولوجيا الحيوية، لتحليل أكثر من 2.2 مليون قراءة لضغط الدم من 5189 شخصاً في أوروبا كانوا يرتدون جهاز مراقبة المعصم من دون أكمام.

ومن خلال حساب تلك القراءات على مدى 15 يوماً، تمكن الباحثون من تقسيم المشاركين حسب النسبة المئوية للقراءات في النطاق المستهدف ومقارنة هذه التصنيفات بتلك التي تم إنشاؤها عبر أنماط القياس التقليدية.

وباستخدام جداول المراقبة النهارية على مدار 24 ساعة أو لمدة أسبوع، وجدوا أن الطرق التقليدية أخطأت في تصنيف 26 و45 في المائة من الأشخاص، على التوالي، مقارنة بالنتائج المرجعية. وأظهرت نتائج الدراسة أن المراقبة المستمرة لمدة سبعة أيام مطلوبة للحصول على دقة بنسبة 90 في المائة أو أكثر في تصنيف مخاطر ارتفاع ضغط الدم، وهو تكرار للقياس قد يكون ممكناً فقط مع أجهزة المراقبة من دون أكمام.

وقالت فيشر: «لأول مرة، باستخدام جهاز من دون أكمام، يمكننا جمع قراءات مستمرة لضغط الدم خارج العيادات الطبية، واستخدام هذه البيانات لحساب مقياس جديد يظهر وعوداً كبيرة بوصفه متنبئاً لارتفاع ضغط الدم»، مشدّدة على أن «استخدام الأجهزة من دون أكمام يمكن أن يحدث تحولاً في نموذج مراقبة ضغط الدم وإدارته».

المصدر: الشرق الأوسط
2024/06/26

ما المقصود بقائد الغرّ المحجّلين؟
السؤال: يكثر وصف أمير المؤمنين ( عليه السلام ) بقائد الغرّ المحجّلين ، فما المقصود بذلك ؟

الجواب من السيد محمد صادق الروحاني [طاب ثراه]:

باسمه جلت أسماؤه : التحجيل بياض يكون في قوائم الفرس ، والغرّ جمع الأغرّ من الغرّة ، وهي بياض الوجه ، ومنه قول النبيّ ( صلى الله عليه وآله ) : « أُمّتي الغرّ المحجّلون » ، أي بيض مواضع وضوئهم من الأيدي والأقدام ، وقد استعار نور الوضوء في الوجه واليدين والرجلين للإنسان من البياض الذي يكون في وجه الفرس ويديه ورجليه .

وبذلك يظهر أنّ المراد من الوصف المذكور : أنّ عليّاً ( عليه السلام ) قائد للجماعة التي تكون مواضع الوضوء منهم - إذا دُعوا على رؤوس الأشهاد أو إلى الجنّة - شديدة البياض لإشعاعها بالنور .

المصدر أجوبة المسائل في الفكر والعقيدة والتاريخ والأخلاق ، ج - نقلاً عن رياض العلماء 
2024/06/24

أجزاء وأحزاب.. من رتّب القرآن الكريم؟
من المعلوم أن ترتيب السور والآيات في القرآن الكريم ليس بحسب النزول، فسورة البقرة مثلاً هي سورةٌ مدنيةٌ، تجدها في أول القرآن، بينما سورة الكوثر هي سورةٌ مكيةٌ تجدها في آخر القرآن، وهذا الترتيب يذهب الأكثر إليه - سنةً وشيعةً - على أنه توقيفيٌّ، أي من ترتيب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، ويقابله رأيٌّ آخرُ عند الفريقين أيضاٌ يقول أنه ليس بتوقيفيٍّ، وأنه من ترتيب الصحابة، ومازال الجدل قائماً من هذه الناحية.

ومن هنا قد تجد في بعض الأحيان معاني الآيات متّصلةً مع بعضها وتعطي دلالةً واضحةً بفعل هذا الاتصال يطلق عليها دلالة السياق، وفي البعض الآخر تجدها ليست كذلك.

ولكن الأمر المتفق عليه بين السواد الأعظم من المسلمين أن هذا الموجود بين الدفتين هو الكتاب المنزل من عند الله تعالى. [ انظر : بحوث في تأريخ القرآن وعلومه ، محمد مير زرندي ] 

أمّا الأحزاب والتجزئة في القرآن فهي أمرٌ اصطلاحيٌّ اجتهاديٌّ بالاتفاق ، أي ليست من النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وإنما هي من وضع الناس لغرض تسهيل القراءة لا أكثر .

والمراد بالأجزاء: هو تقسيم كل القرآن على ثلاثين قسمًا، فالجزء الواحد هو حاصل قسمة كل القرآن الكريم على ثلاثين.

والمراد بالحزب: هو نصف الجزء، وهو تقسيم كل القرآن الكريم على 60، وعليه فالقرآن كما أنه يتكون من ثلاثين جزءاً، فهو يتكون أيضا من ستين حزباً. ثمّ يتم تقسيم الحزب الواحد على نصفين فيطلق على كل نصف منهما «نصف حزب». وتستمر عملية التقسيم في ربع الحزب وثُمنه. 

قال الزرقاني في "مناهل العرفان في علوم القرآن" ، تحت عنوان " تجزئة القرآن " :

( كانت المصاحفُ العثمانيةُ مجردةً من التجزئة التي نذكرها ، كما كانت مجردة من النقط والشكل . ولما امتد الزمان بالناس جعلوا يتفننون في المصاحف وتجزئتها عدة تجزئات مختلفة الاعتبارات :

فمنهم من قسَّم القرآن ثلاثين قسما ، وأطلقوا على كل قسمٍ منها اسم الجزء ، بحيث لا يخطر بالبال عند الإطلاق غيره ، حتى إذا قال قائلٌ : قرأت جزءاً من القرآن ، تبادر إلى الذهن أنه قرأ جزءاً من الثلاثين جزءاً التي قسموا المصحف إليها .

ومن الناس من قسموا الجزء إلى حزبين ، ومن قسموا الحزب إلى أربعة أجزاء ، سموا كل واحد منها ربعا .

ومن الناس من وضعوا كلمة " خمس " عند نهاية كل خمس آياتٍ من السورة ، وكلمة " عشر " عند نهاية كل عشر آياتٍ منها ، فإذا انقضت خمسٌ أخرى بعد العشر أعادوا كلمة خمس ، فإذا صارت هذه الخمس عشراً أعادوا كلمة عشر ، وهكذا دواليك إلى آخر السورة .

وبعضهم يكتب في موضع الأخماس رأس الخاء بدلا من كلمة خمس ، ويكتب في موضع الأعشار رأس العين بدلاً من كلمة عشر . 

وبعض الناس يرمز إلى رؤوس الآي برقم عددها من السورة ، أو من غير رقم .

وبعضهم يكتب فواتح للسور كعنوان ينوّه فيه باسم السورة وما فيها من الآيات المكية والمدنية ، إلى غير ذلك .

وللعلماء في ذلك كلام طويل بين الجواز بكراهة ، والجواز بلا كراهة ، ولكن الخطب سهلٌ على كل حال ما دام الغرض هو التيسير والتسهيل ، وما دام الأمر بعيداً عن اللبس والتزيد والدخيل ، وعلى الله قصد السبيل ). انتهى[ مناهل العرفان 1: 283]

2024/06/19

هل تنجح الكتب والمقالات في مواجهة الجيوش الإلكترونية؟!
الموسوعات المطوّلة، الكتب الضخمة والثقيلة، المجلاّت والمقالات والدراسات التخصّصية التي تتكلّم بلغة علمية بحتة! هل تستطيع التأثير على صنع ثقافة دينية رصينة ووعي مذهبي متكامل لدى أفراد المجتمع المؤمن بصورة واسعة؟

[اشترك]

عندما يرى الشاب مقطعًا يبث الشبهات والمغالطات في دقائق معدودة، وبعد أن تترسّخ تلك الشبهات في ذهنه، هل سيذهب ويفتّش بين الكتب التخصّصية للعثور على الإجابة السليمة؟

وهل يتمكّن جميع أفراد المجتمع من ذلك؟

هذا، إذا أدرك المتلقّي أنّ ما سمعه كان من الشبهات!

وإذا كان عازمًا العثور على الرد والإجابة!

وإذا تمكّن من استيعاب الأجوبة المطروحة في تلك المصنّفات والمدوّنات!

ومن جهة أخرى: إنّ المقطع يجاب بمقطع، والتغريدة بتغريدة، والوثائقي بفيلم مثله، والمشروع الإعلامي بنفس أدواته.. والمسلسلات، برامج الفضائيات، الحوارات، البودكاست، الكتب المسموعة، وما ينشر على صفحات التواصل و... كلّ بمثله لا بغيره.. مع الالتزام بالموازين الشرعية والضوابط المقرّرة.

وبعبارة أخرى: هل تمكِن مواجهة الجيوش الإلكترونية وما تعمله من مشاريع إعلامية كبرى لهدم العقيدة وتحطيم الدين والمذهب، بطباعة بعض الكتب أو المقالات أو نشرها على مجموعة من الصفحات الإلكترونية التخصّصية؟

هل نمتلك منظومة إعلامية متكاملة متناسقة حديثة تعمل وفق مخطّط واضح؛ فترصد أولاً بصورة تامة، ثم تنتج لكل فئة ما يناسبها من حيث المعلومة والطرح وطريقة العرض، ثم تنشر الإنتاج بصورة واسعة؟

إن الأبحاث التخصّصية تبقى تدور في دائرة أهلها، ولا يؤثّر على المجتمع إلاّ ما يمكن أن يستوعبه ويقتنع به مختلف أصناف الناس من رؤى وأفكار؛ فلا بدّ من العمل بمهنية ورؤية واضحة بدل النياحة على الدين والمذهب ليل نهار! والتعويل على الجهود الفردية للدفاع عن منظومة المؤسسّة الدينية ومستقبلها والاكتفاء بوسم الأعداء بما يليق بهم؛ فإنّ ذلك ونحوه لا يترك أثرًا بليغًا!

نعم.. إنّ الأبحاث التخصّصية ضرورية لأهلها، وفي مجالها؛ فإنّها هي التي تبنى عليها المشاريع الأخرى من حيث المعلومات ومنهجيّتها العلمية، لكن لا يعنى ذلك أن نقتصر عليها ونترك الإعلام الديني المؤثّر على أفراد المجتمع المؤمن من أواخر الأمور التي نهتم بها! بل لا بدّ من استخدام جميع الطرق والأدوات الحديثة والقديمة لترويج العقيدة الحقّة والشرع المبين.

2024/06/13