في منهج أهل البيت (ع).. أربع حقائق عن الزواج ينبغي معرفتها 

موقع الأئمة الاثني عشر
زيارات:104308
مشاركة
A+ A A-
الزواج هو العلاقة المشروعة ديناً وعُرفاً وفِطرةً بينَ الرجل والمرأة، وهي الالتقاء السليم بين الرجل المُناسب بالمرأة المُناسبة من خِلال شُروطٍ يجب توافرها كالبُلوغ والموافقة بين الزوجين ووليّ أمر المرأة، فلا زواج لامرأة دونَ وليّها خُصوصاً البِكر التي لم يسبق لها الزواج من قبل، ويستحب حضور الشُهود، ويكون في هذا الزواج إشهاراً بين الناس وإعلاماً لهُم حتّى يُعرف الأمر، ويكونَ على بيّنة لأنّهُ حقّ والحقّ يكونُ تحت نورِ الشمس.

وقد حثَّ الدين على الزواج في أكثر من موطن في القُرآن الكريم، وفي السُنّة النبويّة المُطهّرة، فكانَ الزواج بذلك سُنّةً فعلها النبيّ عليهِ الصلاةُ والسلام وآله الكِرام، وكذلك من سبقَ من الأنبياء والرُسُل عليهِم السلام، وهذا ممّا لا شكّ فيه أنّهُ من الفِطرة التي فطر الله الناس عليها.

قال تعالى : وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ 

( وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله والله واسع عليم )  

وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ( النكاح سنتي فمن رغب عن سنتي فليس مني ) 

وقوله (صلى الله عليه واله وسلم) : ( من أحب فطرتي فليستن بسنتي ، ألا وهي النكاح ) 

وقوله (صلى الله عليه واله وسلم) : ( تزوجوا فإني مكاثر بكم الأمم غدا يوم القيامة) 

وقوله (صلى الله عليه واله وسلم) : ( من تزوج أحرز نصف دينه ، فليتق الله في النصف الآخر ) 

ان الزواج من ضروريات الحياة الانسانية، فالبركة تعم البيت المؤمن اذا دخلت الزوجة فيه فعن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآلة وسلم ) : ما يمنع المؤمن أن يتخذ أهلا لعل الله أن يرزقه نسمة تثقل الارض بلا إله إلا الله.

أهداف الزواج 

تتحقّق من خِلال الزواج جُملةٌ من الأهداف التي تنعكس بدورها بشكلٍ كبير على مُستوى الفرد والجماعة، نذكر بعضاً من هذهِ الأهداف على سبيل المِثال لا الحصر كما يلي: 

1ـ حُصول المودّة والسكينة والطمأنينة بين الزوجين، فالزواج سبيل للاستقرار النفسيّ بين الزوجين، حيث يجد كُلّ منهما مكاناً للحديث وإبداء الرأي والتعبير عن المشاعر والأحاسيس، وتفريغ العواطف المكبوتة طيلة فترة ما قبلَ الزواج، وكذلك يسكُن كُلّ واحد للآخر حينَ يجد فيهِ تماثلاً وتعايشاً في ظُروفٍ مُشتركة، وهذا الودّ والسكَن هوَ مرهَم نفسيّ وعِلاج فعّال من كثير من العوارض النفسيّة التي قد يتعرّض لها الإنسان 

2-  الحِفاظ على النسل من خِلال انتشار الذريّة الطيّبة التي نبتت من زواجِ شرعيٍّ نقيٍّ طاهر، واستمرار العُنصر البشريّ من خِلال الزواج هوَ هدفٌ أساسيّ للزواج، والنسل من ضرورات الحياة التي جاءَت الشريعة والقوانين جميعها للمُحافظة عليها وعلى استمرارها. 

3ـ  تكوين الأسرة التي تُعدّ النواة الأولى للمُجتمع والتي فيها الآباء والأبناء والأحفاد والتي فيها يكون التربية الصالحة والتعليم السليم ومن خِلالها يتم رفد المُجتمع بالعناصر البشريّة القادرة على بنائه وتطويره. 

4ـ  تتحقق المُشاركة الفعليّة بين الرجُل والمرأة والتي إن أحسن كُلّ منهُما لشريكَ حياته فإنَّ تغيَرات كبيرة ستطرأ عليهِما وعلى حياتهما من خِلال تحقيق الإنجازات والتطلّعات والمشاريع التي يحلُم كُلّ منهُما بفضل التعاون والتشارك الذي تمنحهُ لهُما مؤسسة الزواج العريقة

حقيقة الزواج 

للزواج حقائق ثابته وفق الرؤية الاسلامية ومنهجية أهل البيت (عليهم السلام)

الحقيقة الاولى: الخوف من الله سبحانه

بمعنى أن الزوج المؤمن يعامل زوجته من خلال الله، ومن خلال الخوف منه، ومن خلال رجاء رحمته ومن خلال تطبيق منهجه، يخافه ويرجو رحمته ويطبق منهجه، الزوج المؤمن يغفر سلبيات زوجته ويتقرب إلى الله بخدمتها ، والزوجة المؤمنة تغفر سلبيات زوجها وتتقرب إلى الله بخدمته ، فإذا كان الله بين الزوجين سعد الزوجان.

فاذا كان الزواج مبتنى على المنافع المادية، ينتهي مثل هكذا زواج بانتفاء المنفعة، وهذا ما نلاحظه جليا في مجتمعاتنا الإسلامية، فرق كبير بين زواج إسلامي مبني على أن كل طرف يعامل الطرف الآخر من خلال معرفته بالله، من خلال تطبيق منهجه، من خلال طلب جنته ، من خلال الخوف من ناره ، أما الطرف الآخر مبني على علاقة مباشرة علاقة مادية. 

قال تعالى: {ولَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ}. وهذا ما يسمى بالتعلق الدنيوي والاغترار بها: يقول الامام أمير المؤمنين (عليه السلام): وإياك أن تغتر بما ترى من إخلاد (أي ركون) أهل الدنيا إليها وتكالبهم (أي حرصهم) عليها فقد نبأك الله عنها ونعتت هي لك نفسها وتكشفت لك عن مساويها، فإنما أهلها كلاب عاوية وسباع ضارئة (أي حريصة على الطعمة) يهر بعضها بعضا ويأكل عزيزها ذليلها ويقهر كبيرها صغيرها.  

 الحقيقة الثانية: تطبيق المنهج الالهي 

قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا}  هو أنه في الزواج الإسلامي ، هناك مرجعية ، وهذه المرجعية تلغي الغالب والمغلوب ، كتاب الله وسنة رسوله (صلى الله عليه واله وسلم) بين الزوجين فإذا تنازعا في شيء ردوه إلى الله ورسوله ، إذا كان هناك تشريع من قبل الله عز وجل ، هذا التشريع هو مرجع وهذا التشريع يلغي الغلبة ، لا يوجد أحد غالب هذا أمر الله عز وجل ، فلذلك الإنسان في ظل هذا النظام الإلهي يسعد بزوجته لأن الله له أمر وله نهي ، فإذا طبقنا أمر الله عز وجل ليس هناك إنسان غُلب وإنسان غَلب ، هذه الحقيقة الثانية .  المؤمن له مرجع ، وأساساً المسلم حينما يطبق منهج ربه سبحانه وتعالى يشعر أنه في ظل الله يشعر أن الله سبحانه وتعالى معه ، يشعر أن الله متجلي عليه بالبركات والأنوار والخيرات والتوفيق والدعم من الله.

الحقيقة الثالثة: الطاعة لله سبحانه وتعالى

 أنه ما من زواج يبنى على طاعة الله في الجزئيات ولو افتقر إلى مقومات النجاح إلا ويتولى الله في عليائه التوفيق بين الزوجين ، وما من زواج يبنى على معصية الله ولو توافرت له كل أسباب النجاح إلا ويتولى الله التفريق بينهما .  يجب أن تبنى جزئيات العلاقات الزوجية ، جزئيات الحياة الزوجية على طاعة الله عز جل وأن كل إنسان يشعر أنه يطبق تعليمات الخبير يقطف الثمار يانعة ، أضيف إلى هذه الأسس في العلاقة الزوجية المرجعية ، الله بين الزوجين ، بناء تفصيلات الزواج على منهج الله عز وجل.

الحقيقة الرابعة: الامر بالمعروف والنهي عن المنكر

قال تعالى: ﴿ قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ ﴾ 

 معنى ذلك أن هذه الآية الكريمة التي احتلت مساحة من كتاب الله الذي يتلى إلى يوم القيامة لولا أنها تشير إلى أخطر حقيقة في السعادة الزوجية لما ذكرت. ما الذي يميز العلاقة الزوجية الإسلامية؟

إن الزوج المؤمن يقصر طرفه على زوجته فهي ملء عالمه، والزوجة المؤمنة تقصر طرفها على زوجها فهو ملء عالمها، فحينما تنفرد الزوجة من بين النساء بملء عالم الرجل، وحينما ينفرد الرجل من بين الرجال بملء عالم المرأة يكون الوفاق بينهما.

أما إذا تطلعت إلى غيره وتطلع إلى غيرها، والإنسان بعقله الباطن يوازن، هو يوازن وهي توازن وصار شرخ في العلاقات الزوجية، هذا معنى قول الله عز وجل:

﴿ قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ ﴾  ومن غض بصره عن محارم الله أورثه الله حلاوة في قلبه إلى يوم يلقاه ومن ملء عينيه من الحرام ملأهما الله من جمر جهنم.

مواضيع مختارة