قررها: السيد علاء العوادي
النكات التي أكد عليها القرآن الكريم وسنة النبي (صلى الله عليه وآله) وأئمة أهل البيت (عليهم السلام) (وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُواْ مِن دِيَارِكُم مَّا فَعَلُوهُ إِلاَّ قَلِيلٌ مِّنْهُمْ) ]النساء: 66[
هذه القضية تكشف الخوف من الله بحيث تجعل عند الإنسان حالة من حالات التوحية المجردة وإن كان لا يعلم وجهها نظير قضية إبراهيم (عليه السلام) حينما أمر بذبح ولده فاستسلم، هذه قوة العقيدة وقوة التسليم لله تعالى التي تحافظ على روح الدين عموماً والإسلام خصوصاً.
يروى عن الإمام الباقر (عليه السلام) قال أبي (عليه السلام) يوما وعنده أصحابه: (من منكم تطيب نفسه أن يأخذ جمرة في كفه فيمسكها حتى تطفأ؟ قال: فكاع الناس كلهم ونكلوا، فقمت وقلت: يا أبة أتأمر أن أفعل؟ فقال: ليس إياك عنيت إنما أنت مني وأنا منك، بل إياهم أردت قال: وكررها ثلاثاً، ثم قال: أأكثر الوصف وأقل الفعل؟! إن أهل الفعل قليل، إن أهل الفعل قليل، ألا وإنا لنعرف أهل الفعل والوصف معا وما كان هذا منا تعاميا عليكم) وأشار الإمام الى أن الناس على صنفين صنف أصحاب عمل وصنف أصحاب وصف وأصحاب العمل لم توقفه أي معوقات من خوف ومن شهوة ومن أي شيء آخر وإنما توجد حالة من الضعف في العقيدة.
القرآن المجيد في قوله تعالى: (وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُواْ مِن دِيَارِكُم مَّا فَعَلُوهُ إِلاَّ قَلِيلٌ مِّنْهُمْ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُواْ مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا) ]النساء: 66 [، بهذا يجعل الدين بحيوية فاعلة وقوية وهذه القلة التي حصل عليها وكانت قادرة على إبقاء الدعوة لوجود العقيدة القوية ولو لبعض الأشخاص بوصولها الى المرتبة العالية التي استطاعوا أن يقتحموا بها العقبات، فعلى المسلمين أن يعرفوا أهمية ما عندهم وعلى أهمية هذه العقيدة الشريفة ولو أرادوا أن يستعرضوا التاريخ سوف يرون أن الإسلام بقي متماسكاً، فإذا لم يكن هناك تقدم على الأقل لم يكن هناك تأخر، ومهما عظمت العواصف واكتسحت لكنها لم تستطع أن تكتسح هذه العقيدة.
ونرى الآن في العالم أن الإسلام دعوته تسمع في جميع الأرض كما أن المسلمين لهم وجودهم الواقعي المعترف به عالمياً وذلك نتيجة قوة الإسلام فعلى المسلمين أن يهتموا على تأكيد العقيدة وبتأكيد الحقيقة والاهتمام بالحقيقة للحقيقة لا لجهة أخرى من عاطفة أو تعصب أو أي شيء كان المهم الاهتمام بالحقيقة للحقيقة، وهذا الذي يثبت الحقيقة ويثبت الدعوة ويبقيها، ويجب على المؤمنين أن يعرفوا أن الله غني عن العالمين وليس بحاجة إلينا (وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُم) ]محمد: 38[، وبالفعل مرت أجيال وانقرضت أمم خرجت عن الدين وجاءت أخرى قامت بالدعوة وحملتها واستمرت بها وبقية الدعوة الى الآن، ولو لاحظنا أن الذين حملوا الدعوة لم تبقى عندهم بل تعاقبت الأمم ولم تبقى أمة واحدة هي المتمسكة بالدعوة فقط وإنما بقت الأمم متخالفة وكل أدى دوره في وقته، وعلينا أن نعرف أن فضل الله سبحانه وتعالى علينا بأن نتمسك بهذه الدعوة والاعتقاد والالتزام بها وأن نحمل هذه الرسالة الى الأجيال اللاحقة ونحاول أن نهتم بأبنائنا وأجيالنا من أجل أن نثبت هذه العقيدة للأجيال اللاحقة لنؤدي وظيفتنا ولو لا سامح الله فإن تخلفنا عن هذا فالله سبحانه وتعالى غنيٌ عنا (وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُم) ]محمد: 38[، ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفق المسلمين وأن يثبتهم بالقول الثابت وأن يجعل همهم الحقيقة للحقيقة وأن يجعلوا الله نصب أعينهم كما تقول الرواية (فإن لم تكن تراه فإنه يراك)، فإذا تجلى هذا المعنى للإنسان فإنه يستطيع أن يصمد أمام الزوابع التي تمر به، والحمد لله على هدايته لدينه والتوفيق لما دعا إليه من سبيله ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقنا الى أداء واجبه وأن يوفق جميع المسلمين على ذلك وعلى تطبيق الإسلام عملياً.
*من محاضرة للمرجع الراحل سماحة آية الله العظمى السيد محمد سعيد الحكيم (قدس سره)