محاولة الاستعمار في العصر الحديث للقضاء على الإسلام
في العصر الحديث حين دخل الاستعمار بلاد الإسلام بما لهم من قوة عسكرية هائلة، وثقافة مادية عالية، استطاعوا بها أن يجمّدوا ثقافتهم الدينية التي سادت في بلادهم قرونا كثيرة.
وكانت هي القوة الفاعلة لهم في حروبهم الصليبية في القرون الوسطى، ومع ذلك كانت الغلبة أخيراً للثقافة المادية عندهم، وبقي الحال عندهم على ذلك حتى اليوم.
وكان مخططهم في اكتساح بلاد الإسلام هو العمل على نسيان المنطقة تاريخها مقدمة لتجريدها من عقيدتها ودينها، وتوجيهها الوجهة المادية الصرفة، كما كان هو الحال في بلادهم، التي هي المتحضرة بمنظورهم المادي الذي نجح في بلادهم.
وقد نشطوا في ذلك، وأعانهم واقع المسلمين المزري في وقته.
وقد سمعنا من شيوخنا، ورأينا في مذكرات بعضهم، ما يشهد بالإحباط واليأس الذي خيم عليهم، نتيجة جهود الاستعمار الحثيثة بعد الحرب العالمية الأولى في صرف الناس عن دينهم.
فشل الاستعمار في محاولته المذكورة لكن ذلك لم يدم طويلاً حتى استعاد الإسلام حيويته وفاعليته، وبدأت مظاهر نشاطه تظهر، واتسعت حتى وصلت إلى بلاد الغرب، نتيجة الهجرة المستمرة وتيسر المواصلات ووسائل الاتصال الثقافي، حتى صار العالم كالقرية الواحدة.
من دون فرق في ذلك بين الخط الإسلامي الأصيل المعتدل، والخط الإسلامي المشوّه المتطرف الذي قد ينتهي بالإرهاب بمراتبه المختلفة.
فإن الثاني وإن خرج عن الإسلام بتعاليمه القويمة، والإسلام يبرأ منه، إلا أن ذلك يكشف عن بقاء فاعلية الإسلام - بإطاره العام - وحيويته، وإن ساء استغلالها من قبل بعض من يتبناه ويتخذه شعارا له، ليظهر في الساحة، ويستقطب به الجماهير، نظير ما حصل في عصور الإسلام الأولى من الخوارج والقرامطة وغيرهم.
المصدر: كتاب خاتم النبيين