خمسة آلاف دولار هي كلفة الجلسة الواحدة للعلاج الإشعاعي لعلاج سرطان الرئة الذي يعاني منه "مهدي أبو حيدر" وهو رجل خمسيني من أهالي العاصمة العراقية بغداد.
وأمضى "أبو حيدر" 3 أعوام من العلاج ومكافحة مرضى السرطان الذي يهدد حياته، وأثقل كاهله بأعبائه النفسية والصحية وتكاليف العلاج الباهظة وما زال مستمراً في تلقى تلقي العلاج أملاً بالشفاء.
ومن بغداد إلى كربلاء المقدسة انتقل "أبو مهدي" حيث مؤسسة وارث الدولية لمعالجة الأورام السرطانية لتلقي العلاج ضمن مبادرة العتبة الحسينية المقدسة لمعالجة مرضى السرطان مجاناً احتفاءً بمولد النبي الكريم (صلى الله عليه وآله) والإمام الصادق (عليه السلام).
والمؤسسة هي مستشفى متكامل ومجهز بأحدث الأجهزة الطبي، وتتواجد فيه أمهر الكوادر الطبية من العراق ودول عربية أخرى، وافتتحته العتبة الحسينية المقدسة في آب/ أغسطس الماضي بشكل تجريبي.
يقول أبو حيدر في حديث تابعه "الأئمة الاثنا عشر"، إن المستشفى هي نقلة نوعية في الخدمات الطبية ومعالجة الأمراض السرطانية في العراق".
ويضيف، أن العمل في المستشفى يجري باحترافية وإنسانية، فالكادر يتعامل معنا باحترام رغم أننا كمرضى نعاني من تقلبات المزاج وصعوبات صحية ونفسية".
ويشير "أبو حيدر" الى أن تكاليف علاج السرطان أثقلت كاهله بين العلاج الإشعاعي والفحوصات الطبية والأدوية، مشيراً إلى أن "مبادرة العتبة الحسينية رفعت عن كاهله الكثير من المبالغ المالية والضغوطات المعنوية".
ويمضي بالقول، إن كلفة العلاج الإشعاعي الذي تلقاه في مستشفى وارث الدولية بشكل مجاني تبلغ تكاليفه في مستشفيات القطاع الخاص 5000 دولار أمريكي.
ألم آخر.. "أحنه بالضيم"
في ممر آخر من ممرات المستشفى ينتظر الحاج "شاكر عاتي" من أهالي مدينة البصرة في أقصى جنوب العراق دور مريض يرافقه لإجراء الفحوصات الطبية في المستشفى ضمن الحملة المجاني التي أطلقتها العتبة الحسينية المقدسة، إذ يعاني من ورم سرطاني في العين.
ويقول الحاج شاكر بلهجته العراقية الدارجة "الحمد لله والشكر المرجعية قايمين بواجبنا ويتراكضون للخدمة، ولولاهم أحنه بالضيم".
على الطرف الآخر، يصطحب "بنيامين كامل" والده المصاب بسرطان المثانة للعلاج في المستشفى قادماً من مدينة البصرة.
ويشيد بنيامين بـ "التعامل الإنساني الذي تبديه كوادر المستشفى مع المرضى"، مشيراً الى أنهم -كوادر المستشفى- "يكملون الفحوصات والإجراءات ولا يتركون المريض يكملها بنفسه".
ويوضح بنيامين، إن والده مصاب بسرطان المثانة منذ 3 أعوام، لافتاً الى أن "تكاليف علاج السرطان أثقلت كاهله وأثرت بشكل كبير على الوضع الاقتصادي لأسرته"، على حد قوله.
خدمات مجانية بأحدث الأجهزة
ويقول مدير المستشفى الدكتور حيدر حمزة العابدي، إن الحملة المجانية جاءت ضمن مبادرة العتبة الحسينية المقدسة بتقديم خدمات العلاج المجاني لمرضى السرطان بالتزامن مع الاحتفالات بالمولد النبوي الشريف وولادة الإمام الصادق (عليه السلام).
ويضيف العابدي، أن المستشفى وفرت خدمات نوعية غير متوفرة في العراق، من خدمات علاجية وتشخصية وتمريضية وفندقية لا تتوفر في مكان آخر.
ويمضي بالقول، إن عدد المرضى الذين تلقوا خدمات طبي في المستشفى منذ انطلاق الحملة وحتى يوم أمس السبت تجاوز 1400 مريض من متلف المحافظات العراقية.
وأضاف العابدي، إن 73 مريضاً تقرر رقودهم في المستشفى، فيما تلقى 475 مريضاً جلسات العلاج الإشعاعي".
وأوضح، إن هذا العدد الكبير من المرضى يقابله كلف علاجية كبيرة تكلفت تتحملها العتبة الحسينية المقدسة، متوقعاً أن "تتجاوز الكلف العلاجية ضمن الحملة مبلغ مليار دينار عراقي".
وتقدم المستشفى خلال الحملة المجانية الخدمات الطبية العلاجية والتشخيصية والخدمات الفندقية للمرضى بأحدث الأجهزة الطبية في العراق والمنطقة.
وبالتزامن مع هذه الحملة، أعلنت العتبة الحسينية المقدسة عن إطلاق حملة مماثلة لإجراء عمليات القسطرة القلبية والتشخيصية لجميع المرضى من مختلف محافظات العراق بشكل مجاني في مستشفى الإمام زين العابدين (عليه السلام) بدءاً من يوم (19/10/2021) ولغاية (24/10/2021).
وأعلنت العتبة الحسينية المقدسة، في وقت سابق، عن تقديم الخدمات العلاجية والتشخيصية لمرضى السرطان دون سن الـ 12 عاماً بشكل مجاني، فيما يكون علاج الفئات العمرية الأخرى بسعر الكلفة في مستشفى وارث الدولي لعلاج الأورام.
نفقات علاجية بالمليارات
وينفق مرضى السرطان العراقيون مبالغ مالية طائلة على العلاج في داخل العراق وخارجه، إذ يعادل دخل إحدى مستشفيات دول المنطقة من مرضى السرطان العراقيين فقط ما يعادل بناء كلفة مستشفى وارث الدولية لعلاج الأورام، وفقاً لمختصين في المجال الطبي.
وبحسب المختصين، فإن حكومات الدول المتقدمة لا تستطيع تغطية نفقات علاج مرضى الأورام السرطانية، اذ تتحمل الحكومة جزء من نفقات العلاج، وجزء تتحمله شركات التأمين، وجزء يتحمله المريض.
وفي الغالب، يخضع مريض السرطان لبرنامج علاجي طويل يستمر لشهور عدة يتضمن الفحص والعلاج والعملية الجراحية والجرع الوقائية والعلاج الوقائي الكيمياوي أو البيولوجي، أو العلاج الإشعاعي، وهو ما يحتاج الى بقاء المريض فترات طويلة في خارج بلده وبعيداً عن عائلته وعمله
دور مكمل
وتقول العتبة الحسينية إن دور مؤسساتها الصحية هو دور مكمل لجهود الجهات الصحية المعنية في المحافظة في تقديم أفضل الخدمات الطبية للمرضى، وفقاً للمتولي الشرعي الشيخ عبد المهدي الكربلائي في حديث له يعود لعام افتتاح مستشفى زين العابدين.
ويأتي ذلك في إطار الخدمات الطبية المجانية التي تقدمها العتبة الحسينية المقدسة للمرضى من مختلف محافظات العراق للتخفيف عن كواهلهم من تكاليف إجراء العمليات الجراحية.
وفي الـ 13 من الشهر الجاري، وافق ممثل المرجعية الدينية العليا والمتولي الشرعي للعتبة الحسينية المقدسة الشيخ عبد المهدي الكربلائي على تبني معالجة 13 مريضاً من 4 محافظات عراقية على نفقة ممثلية المرجعية الدينية العليا في كربلاء المقدسة.
وأعلنت العتبة الحسينية المقدسة إنفاق أكثر من 3 مليار دينار لمعالجة المصابين بالأمراض السرطانية في مستشفى وارث لمعالجة الأورام التابعة للعتبة بعد افتتاحه تجريبياً في الـ 8 من آب / أغسطس الماضي.
وأعلنت العتبة الحسينية المقدسة، الثلاثاء، 22 حزيران الماضي، إنها أنفقت أكثر من مليار و 200 مليون لتقديم خدمات طبية مجانية للمواطنين خلال النصف الأول من عام 2021 الحالي.