الحياة صعبة جداً، وفي خضمِّها العديد من الأحداث التي تؤثّر علينا بشكل عام، فالحياة أصبحت عبارة عن مجموعة مركبة من التراكمات التي تسببها العديد من العلاقات غير المجدية، والتي لا تؤثر إلّا بالشكل السلبي على حياتنا.
فلو أردت مثلاً أن تتعرف على صديقٍ جديدٍ فعليك أن تدرس أخلاقه، وتتعامل معه مرّة ومرتين وثلاثة قبل أن ينال لقب الصديق، لأنّ النفوس لم تعد نقية كالسابق، وكل أمر يخرج منك، حتى لو لم يكن عن قصد قد يعرّضك للمساءلة بشكل كبير، وربما لانزعاج من حولك، فكل ما في القلوب أصبح حقداً يميل بها الشخص على من يحيط به، والسعادة الحقيقية هي تلك التي تبنيها علاقة لنا بصديق أو رفيق اعتدناه منذ الطفولة، حتى أصبح عنواناً لحياتنا بشكل عام، وأصبح الأمر بالنسبة إلينا مريح أكثر من أي شيء آخر، ولو نظرت إلى أعمق العلاقات لوجدتها تلك التي نشأت في فترة المدرسة، في تلك الأوقات التي كانت النفوس صافية، والأطفال يحبون بعضهم، وهم لا يريدون من هذا الحب مصلحة أو سلطة أو جاه أو ما شابه، فهذه كانت أجمل الأيام، وأكثرها متعة لروحنا وحياتنا، ولو نظرنا الآن لحالنا لوجدنا الفرق الكبير الذي نواجهه في أيامنا بصفةٍ عامة.
كيف أبتعد عن المشاكل
مشاكلنا كثيرة ومتنوعة، قد تنشأ مشكلة بين زميلين أو صديقين عاشا طوال عمرهم قريبين من بعضهما، ولكن قد تتأثر العلاقة بشكل كبير من أي منعطف قد تمر به، لذلك فإن نصيحة الأمهات بأن تبقى العلاقة بيننا وبين الأشخاص إلى حد ما بعيدة حتى نتفادى الوقوع في المشكلات، والتعامل مع العلاقات بسلبية، والمشكلات أنواع، فهناك مشكلات قد يسببها حديثٌ انتقل بين شخصين ونقله آخر بصورة سلبية، أو تصرفٌ بدر منك بدون أن تشعر بأنه مضرٌ بعلاقتك بمن تحب، وفي هذه الآونة قد تخسره للأبد، فالأمر ليس هيناً كما كان في السابق، وما عادت الأمور تجري كما يعتقد البعض، فكل تصرف يصدر منا يجب أن نأخذ الحذر منه بشكل كبير، وأن نسعى لأن نفسره للموجودين أمامنا حتى لا نقع ضحية سوء الفهم الذي يكدر العلاقات ويقضي علينا، وحديثنا اليوم سيدور عن أبرز الطرق التي تساعدنا في الابتعاد عن المشاكل، وهي ما سنتطرق لذكرها بالتفصيل.
الابتعاد عن الأشخاص الذين يفتعلون المشاكل
وهناك أشخاص يحبون أن يحولوا الكلام العادي إلى مشكلات كبيرة، ويجعلوا من الأزمة مشكلة حقيقية لا حل لها، وعليه كان لا بد من تفادي هذه الفئة من الناس والتطرق إلى العلاقة على أنها علاقة سطحية، فهؤلاء الأشخاص لا يجب الخوض معهم في المواضيع الشخصية التي تتشعب بشكل كبير، أو نتحدث معهم في المواضيع المصيرية التي قد تؤثر على حياتنا بشكل عام، فهم يحاولون قدر المستطاع أن يقلبوا الطاولة فوق رأسك، ويجعلوك تبدو مذنباً مهما كانت نيتك صافية أثناء الحديث، وعندما تتحدث معهم كن لبقاً في التعامل، لأن اللباقة هي مفتاح القلوب التي تساعدك في تخفيف التوتّر بينك وبين من حولك، كما ويجب عليك أن تكون واضحاً فيما يتعلق بتفسيراتك، حتى لا يفسرها الآخرون على هواهم، ومن هذا المنطلق فلا بأس من الجلوس معهم على سبيل الزمالة فقط لا غير، ولا تجعل العلاقة تتطور بشكل عام، وأبقها في مكانها حتى تنال راحة البال التي لن تحصل عليها إن أدخلت هؤلاء الأشخاص إلى حياتك، ومن المفترض أن تتجنبهم في حال أدركتك المشاكل بسبب هذه العلاقات، فهذا أسهل عليك بكثير.
الحذر من الكلام الذي يؤدي للمشكلات
ابتعد عن التدخل فيما لا يعنيك، ولا تبدي رأيك في المواضيع التي تخصّ أشخاصاً بعينهم، ولا تحاول أن تحشر نفسك في أي موضوع لمجرد إبداء الرأي فيه، لأنّ المشكلات تبدأ من هذا المنطلق، ومن الضروري جداً أن تكون واضحاً في الحديث، وأن تتكلم بصفة عامة إن طلب رأيك في مسألة قد تجعلك تخسر أحد الأطراف، وحاول أن تكون حيادياً بشكل عام، ولا تقم بتسخين طرفٍ على آخر، لأنهم إن طال الوقت أو قصر سيعودون لبعضهم وسيكون مظهرك غير جيدٍ على الإطلاق، وبغض النظر عن حجم المشكلة بين الأشخاص فلا تحاول أن تفسد الأمر أكثر، وإن كانت لديك كلمات جيدة تقرب الود بينهم فقلها، عدا ذلك تجنب الحديث بشكل عام، واحفظ لسانك لأنه سيعود عليك بالضرر إن تلفظت بكلام لا يجدي نفعا.
التقرب من الأصدقاء
والأصدقاء هم أكثر الفئات التي تتقبل منك أي تصرف قد يبدر منك، حتى وإن كنت تنوي النية السيئة قد يظهر ذلك للصديق أنك لا تقصد السوء، فإن أردت أن تبتعد عن المشاكل فحاول أن تكون على طبيعتك بين أصدقائك، وقرب منك الأصدقاء الذين تثق بهم، وابتعد عن الأصدقاء الذين تعرف أنهم يميلون إلى المشكلات أو افتعال المواقف السيئة لتوريطك في المشاكل بصفة عامة، وحاول أن تتقبل النقد من الصديق، فهو ينصحك حتى لا تقع في مشكلة أخرى، وكن عادلاً، وأحبب من يحبك، ولا تنفر من أي شخص مهما بلغ وضعه المادي صعوبة، والأجدر أن تكون متفاعلاً مع المحيطين بك، وأن تكون شخصية محبوبة بين الأشخاص الذين يحبوك، وإن أردت أبقِ مسافة بينك وبين من تعتقد أنّه يذكرك بالسوء في المجالس بدون علمك، فهناك أشخاص قد يظهرون الحب، ولكنهم يبطنون البغض والكره في قلوبهم، ويحاولون تدميرك ليكونوا أفضل منك بكثير، فهؤلاء لا يستحقون لقب الصديق على الإطلاق.
لسانك حصانك إن صنته صانك
وهو مثل قديم جدا، ومعروف عند القدماء، وقد أثبت صحته منذ زمن بعيد، ومعناه أن اللسان هو من يصونك من الأذى، ويجعلك تكون في نظر الأخرين واعٍ ومتفهم، ومن الممكن أيضاً أن يجعلك شخصاً غير موثوق به، فلا يجب أن يتحدث الناس أمامك بأي أمر قد يؤثر في حياتهم، وقد عرفنا في حياتنا الكثير من الأشخاص مهمتهم في الحياة تدمير العلاقات؛ من خلال النميمة والغيبة ونقل الكلام بين الناس، حتّى عاثوا في الأرض فساداً، وتدمرت العلاقات بسببهم، ولكن عندما عُرِفوا لم ينالوا احترام الأخرين، وأصبح الجميع ينفر منهم، فلسانك هو من أوصلك لهذه المواصل وجعلك غير ناضج بالنسبة للأخرين لا عقلياً ولا نفسياً، ومعروفٌ بأن الشخص الذي يفتعل المشكلات هو شخص مريض نفسياً ويجب أن يعالج بشكل فوري حتى لا يدمر المزيد من النفوس والعلاقات، وإن أردت أن تعيش براحة فحاول أن تبعدهم عن حياتك، فهو أفضل لك، وأفضل لك من الاختلاط بهم بشكل أو بآخر.
لا بد أن نذكر أن هناك العديد من العلاقات التي ما زالت مستمرة منذ عشرات السنين، لأنها بنيت على الاحترام والمودة المتبادلة، وكان الأصل فيها خير، وهناك العلاقات التي انتهت منذ بدايتها لأن أصحابها أصرّوا أن تكون النهاية أليمة من خلال افتعال المشكلات، وافتعال أزمات لم نحسب لها حساباً، والمعروف أنّ هناك مثل قديم يقول ابتعد عن الشر وغني له، أي أنّ الإنسان الذي يسبب المشكلات عليه أن يكون بعيداً عن الأفراد حتى يتعلم كيف يحافظ على العلاقات التي يرحب به فيها.
*فادية كراجي