كان طفلي البالغ من العمر خمس سنوات يوجه الأسئلة لي باستمرار منذ استيقاظه وحتى منامه، ولم أكن أرغب بإسكاته أو عدم الرد على أسئلته، المحرجة في بعض الأحيان، خوفا على مشاعره.
لكن، بعد بلوغه ست سنوات أصبح يعود من المدرسة ومعه ملاحظات من المعلمة حول كثرة كلامه وثرثرته ومقاطعته لها داخل الفصل، بل ويتعدى الأمر لخروجه من الصف والتوجه للطلبة في ساحة المدرسة أو الفصول الأخرى ليتكلم ويثرثر معهم، وهنا شعرت بأن الموضوع غير طبيعي وأن عليّ اتخاذ إجراء ما للسيطرة على الأمر، الذي أصبح مزعجا لنا كعائلة تود التمتع ببعض الدقائق من الهدوء، وللطفل نفسه الذي أصبح يتعرض للصراخ من المحيطين به ليتوقف عن الكلام!
أسباب كثرة الكلام أو الثرثرة لدى الأطفال
يكون السبب ناتج عن الاستعداد الوراثي جنبًا إلى جنب مع السلوكيات التي يكتسبها الطفل ويتم تشجيعها أو مكافأتها، وضع في اعتبارك أنها قد تكون أيضًا مرحلة مؤقتة، على سبيل المثال، الأطفال الدارجون وفي مرحلة النمو واكتشاف ما حولهم، أيضا عند الوصول إلى المراهقة يميل الطفل للجدال وكثرة النقاش لإثبات شخصيته أمام البالغين.
لكن، إذا كانت الثرثرة تتداخل مع أنشطة الطفل اليومية والقيام بواجباته المدرسية وطعامه وشرابه، فقد يكون التحدث المفرط مع أساليب سلوكية أخرى مزعجة ناتج عن حالات طبية مثل متلازمة أسبرجر، واضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه، وما إلى ذلك. وتجب مراجعة طبيبك لاستبعاد هذه الاحتمالات.
إيجابيات كثرة الكلام عند الأطفال
1- من مزايا كثرة التحدث عند الطفل أنك لن تحتاج إلى افتراض أو تخمين ما يمر به، لأنه سيخبرك بسهولة عن كل ما يحدث معه أو يجول بخاطره، سيكون مثل كتاب مفتوح لك.
2- لا يوجد يوم ممل مع وجود طفل ثرثار، يمكنك الاعتماد عليه في طرح الأسئلة وإثارة المحادثات للحفاظ على تفاعلكما طوال اليوم. وستجد الكثير من الخيال الإبداعي يظهر أثناء محادثاتك.
3- سيكون طفلك رفيقاً رائعاً كل يوم في المنزل أو في أي مكان تذهب إليه، لا تحتاج حتى إلى تحمل عبء البحث عن مواضيع للمحادثة.
4- التحدث يعلم طفلك كيفية التعبير عن رأيه بصراحة مثلا، هل تريد أن تعرف كيف تبدو حقًا في هذه الملابس؟ فقط اسأل طفلك وسيجيبك بصراحة.
5- يكون الأطفال الثرثارون اجتماعيين أكثر ويتمتعون بتواصل لفظي أفضل أيضا، يميلون إلى المشاركة بسهولة في الأنشطة والأحداث، والحصول على السبق نحو النجاح.
سلبيات كثرة الكلام لدى الأطفال
1- إذا كنت تتوق إلى لحظة هادئة في المنزل، فمن غير المرجح أن تجدها مع طفل ثرثار، ومن المحتمل أن يتم قصفك بالأسئلة التي يمكن أن تقتل كل دقيقة صمت من حولك، وستكون لحظة الهدوء الوحيدة التي يمكنك أن تجدها هي عندما يكون نائماً.
2- سيطرح عليك الطفل أسئلة غريبة أو محرجة، قد لا تكون متهيئاً للإجابة عنها.
3- ستضطر إلى الانتظار فترة طويلة للحصول على الفكرة الأساسية التي ترغب في الوصول إليها بعد كل هذه الأحداث التي يقوم بسردها لك.
4- سيكون طفلك منهمكاً جدًا في طرح آرائه، لدرجة أنه بالكاد يمنحك لحظة للاستماع إلى ما تريد قوله وفهمه، وقد تكون هذه مشكلة كبيرة.
5- ستكون في دوامة وسلسلة عشوائية من الأفكار، لأنك كلما حاولت إيصال فكرة إليه سيقودك قطار كلامه غير المتوقف في اتجاه تختلف أبعاده عن المكان الذي بدأت فيه.
كيفية التعامل مع الطفل الثرثار
1- لا تصف طفلك بالثرثار أو "الرغاي"، لأنك بذلك تعزز الصفة السلبية وتقلل من تقديره لذاته، بدلاً من ذلك، أظهر له أنك تقبله بكل الأحوال، وكن ممتنًا لأنك مرتاح لمشاركة أفكاره معك دوما.
2- امنح طفلك وقتًا كافيًا كل يوم للتعبير عما تريد قوله، انظر في عينيه وتحدث معه، ولا تحاول أن تظهر له أنك لا ترغب بالحديث معه لأنه يتكلم ويثرثر طوال اليوم، وأنك تود أن تستريح منه.
3- علم طفلك أنه ليس من المقبول التحدث دائما، مثلا، هناك بعض الأماكن التي يجب عليه الاحتفاظ بالهدوء قدر المستطاع، كالفصل الدراسي والمكتبة، واتفق معه على إشارة بينكما، عندما تفعلها يعرف طفلك أن عليه الهدوء.
4- اغرس عادة الاستماع في طفلك، وتعتبر اللعبة الهادئة فكرة رائعة، وفي هذه اللعبة، يخسر الشخص الذي يكسر الصمت أولاً. سيمنحه ذلك وقتًا كافيًا ليعتاد على مفهوم التزام الصمت والاستماع إلى الآخرين.
5- خذ وقتاً مستقطعاً، فقد يكون التعامل مع طفل مفرط الكلام مرهقًا، لذلك يحق لك الحصول على وقت مستقطع، استمع إلى بعض الموسيقى، أو اجعلها عادة، أو اقرأ كتابًا، أو انخرط في بعض الأنشطة حيث من المحتمل أن ينضم إليك طفلك.
* ذكرى القيسي