وفيما يلي نصّ كلمة سماحته:
لقد كان المقام العلمي للمرحوم الشيخ الأنصاري من الرفعة والسمو بحيث أنّ عدداً من كبار العلماء ومنهم الميرزا الشيرازي كان ينبّه إلى أنّه لا يمكن تجاهل آراء الشيخ الأنصاري، ونقل مؤسس الحوزة العلمية في قم المرحوم آية الله العظمى الحائري قصة عن المرحوم الميرزا الشيرازي أشار ضمنها إلى أنّ "الميرزا الشيرازي قد بادر لشرح عبارة من بحث الطهارة للشيخ الأنصاري لم نكن قد فهمناها".
وقد حضر في درس الشيخ الأنصاري كثير من جهابذة المجتهدين وقد كانوا متواضعين وخاشعين أمام مقامه العلمي.
"رسائل" الشيخ الأنصاري من الكتب الأصوليّة القيّمة، وكان المصنّف نفسه يدرس هذا الكتاب في أواخر حياته في مرحلة السطوح، وقد كانت الخصائص العلميّة الهامّة في هذا الكتاب وقيمته السامية ومقبولیّته عند المجتمع الحوزويّ أسباباً ليصبح بشكل طبيعي أحد الكتب الدراسية ومحوراً للفحص العلمي.
وكذا الأمر بالنسبة لكتاب "كفاية الأصول" إذ حظي باهتمام العلماء منذ عصر مؤلفه، سمعت من المرحوم الآقا رضيّ الشيرازي أنّ المرحوم الميرزا محمد تقي الشيرازي كان يدرس "الكفاية" في زمن حياة المرحوم الآخوند، ولا يخفى على أهل الفضل المكانة العلمية البارزة للميرزا محمد تقي الشيرازي.
وقد سمعت المرحوم الشيخ عبد الكريم الخوئيني -الذي كان تلميذاً لكلّ من المرحوم الآخوند والمرحوم شريعت الأصفهاني- يقول: "كان منزل شیخ الشریعة الاصفهاني مجاورا لمكان تدريس الآخوند، وكان يستمع إلى درس المرحوم الآخوند من على سطح منزله، وعندما كنت أذهب في الصباح إلى درس شیخ الشریعة كان يشرح موضوعات الآخوند شرحاً مبسطاً، وحينها فقط كنا نفهم كلام الآخوند"، هكذا كان يتعامل الفضلاء -کشیخ الشریعة مع ما اتصف به من الجلال والفضل- مع كلمات المرحوم الآخوند.
كما أنّ كبار العلماء الآخرين المعاصرين للمرحوم الآخوند قد أذعنوا بمكانته العلمية، حتى أنني سمعت أنّ عالم أهل المعنى الكبير المعاصر له وهو المرحوم الشيخ علي محمد النجف آبادي (المتوفى 1332) كان يرغب في يوم وفاته أن تقرأ عليه فقرات من كتاب "الكفاية" للمرحوم الآخوند.
كان السبب في صیرورة "كفاية الأصول" مقرراً دراسياً يحلّ محلّ الكتب السابقة عليه، أنّ العلماء اهتمّوا به اهتماماً خاصّاً، ولم يكن هناك حينها أيّ إلزام.
إنّ تكامل النظام التعليمي في الحوزة وتعزيزه هو أمر مفيد؛ ولكن یجب الالتفات إلى أنّه ليس من الصواب أن يحصل التغيير في النظام التعليمي بأيّ ثمن كان، بل الأمر المهمّ هنا هو تطوير النصوص التعليمية، وما لم يتمّ تصنيف كتب علميّة مقبولة في الحوزات العلمية تكون أفضل من "الرسائل" و"المكاسب" و"الكفاية" فإنّ استبدال كتب أخرى بهذه الكتب لن ينتج عنه سوى تراجع مستوى الدراسة.
من الضروري الانتباه إلى أنّ تدريس هذه الكتب القيمة ينطوي على ميزة خاصّة وهي أنّ الطلاب يمكنهم الاستفادة من خبرة سنوات طوال للأساتذة الأفاضل الذين درسوا هذه الكتب بعناية وصبر، ولديهم معرفة كاملة بجميع جوانبها وزواياها.
من جهة أخرى كانت هذه الكتب الثلاث ولسنوات طوال، محطّ اهتمام وعناية لكبار العلماء الذين درسوها وحقّقوها ودوّنوا الحواشي والشروح الكثيرة في بيان وشرح موضوعاتها، وجعلوها محوراً لدروس البحث الخارج في الفقه والأصول، وإنّ الاستعاضة عنها بكتب أخرى -التي ليس لها أي من المزايا السابقة- سوف يعني حرمان الطلاب والمجتمع العلمي من عشرات السنين من الأبحاث والدراسات العلمية مما سوف يؤدي إلى إضعاف الأسس العلميّة للحوزات وإلحاق أضرار لا تعوض بها.
المصدر: القناة الرسمية لمكتب المرجع الشبيري الزنجاني على تليجرام