هل طاعة الوالدين مستحبة أم واجبة؟

موقع الأئمة الاثني عشر
زيارات:3737
مشاركة
A+ A A-
يعيد "موقع الأئمة الاثني عشر" نشر باقة من الاستفتاءات الشرعية من أرشيف مكتب سماحة المرجع الأعلى السيد علي الحسيني السيستاني حول "حقوق الوالدين".

اشترك في قناتنا ليصلك كل جديد

أدناه نص الاستفتاءات مع إجاباتها:

السؤال: هل يجوز للولد تنبيه الوالد على أخطائه التي تسبّب له ولأبنائه الإحراج مع الناس؟

الجواب: يجوز للولد أن يناقش والديه فيما لا يعتقد بصحّته من آرائهما، ولكن عليه أن يراعي الهدوء والأدب في مناقشتهما، فلا يحدّ النظر إليهما ولا يرفع صوته فوق صوتهما فضلاً عن استخدام الكلمات الخشنة معهما.

السؤال: هل تجب إطاعة الوالدين أم هي مستحب مؤكّد؟

الجواب: تستحب إطاعتهما، ولكن إذا كانت المخالفة موجبة لإيذائهما الناشئ من الشفقة على الولد لم تجز.

السؤال: ما مدى طاعة الولد لوالديه، فقد ينهى أحد الوالدين ولده عن بعض المستحبات أو المباحات خصوصاً فيما يتعلّق بشؤون الولد الخاصّة به، كالعمل والقيام ببعض الأمور العرفيّة والاجتماعيّة التي يراها العرف راجحة أو طبيعيّة ومن دون أن يلحق الولد ضرر منها، وبعبارة ثانية: ما هو الضابط لإطاعة الولد لوالديه؟

الجواب: تجب مصاحبتهما بالمعروف وعدم إيذائهما، فلو كانت مخالفة الأمر أو النهي الصادر من أحدهما يرتبط بالشؤون الخاصة للولد موجبة لتأذّيه الناشئ عن شفقته على ولده لم تجز المخالفة وإلّا فلا بأس بها، وإن كان الأولى ترك مخالفتهما مهما أمكن.

السؤال: طلب العلم واجب أم مستحب؟ وهل يجوز للابن مخالفة والديه إذا منعوه من الذهاب لطلب العلم؟ وهل يعتبر عاقّاً لهما إذا ذهب إلى طلب العلم وهما رافضان؟

الجواب: طلب علم الفقه والاجتهاد فيه واجب كفائي، وإذا لم يقم به مَن به الكفاية وجب على المكلّف، وليس لوالديه حينئذٍ منعه، أمّا إذا قام به مَن به الكفاية سقط وجوبه عن الباقين وأصبح مستحبّاً، وحينئذٍ إذا منعه عنه والداه فإنّ مخالفتهما فيه منافية للمعاشرة معهما بالمعروف، فتحرم المخالفة وإلّا فلا تحرم، إذ لا يجب على الولد سوى معاشرتهما بالمعروف ولا تجب عليه إطاعتهما في كلّ شيء.

السؤال: هل يجوز للوالد أن يسرق من ولده سواء من المال أو غيره؟

الجواب: لا تجوز له السرقة، نعم إذا كان الوالد فقيراً وكان ولده ممتنعاً عن الإنفاق عليه ولم يمكن إجباره جاز له أن يأخذ من مال ولده بمقدار نفقة كلّ يوم بإذن الحاكم الشرعي.

السؤال: لو أمر رجل ولده أن يطلّق زوجته، فهل يجب عليه أن يطيعه في ذلك من جهة أنّ رضا الله من رضا الوالدين؟

الجواب: لا تجب إطاعته في مثل ذلك، وإنّما تجب معاشرته بالإحسان والاجتناب عمّا يوجب تأذّيه الناشئ من شفقته على ولده.

السؤال: ما حكم من كان يريد السفر إلى خارج البلد للدراسة أو العمل أو لغيرهما من الأغراض وكان أحد أبويه لا يرضى بسفره، فهل يجوز له مخالفته في ذلك؟

الجواب: إذا كان عدم رضاه بذلك من جهة حاجته إلى وجوده بالقرب منه ليوفّر له النفقة الواجبة أو يباشر رعايته لكونه مريضاً أو كبيراً في السن ولا يوجد مَن يقوم بذلك غيره، أو كان عدم رضاه من جهة تأذّيه بفراقه مع عدم تضرّر الولد بترك السفر، أو كان عدم رضاه ناشئاً من خوفه عليه من المخاطر التي تحفّ به في الطريق أو في الإقامة في الخارج لم يجز للولد مخالفته في أيٍّ من هذه الموارد.

وأمّا إذا كان عدم رضاه بسفره من جهة رغبته في أن يبقى مساعداً له في عمله ونحو ذلك ممّا يرجع إلى مصلحة نفسه ولا يجب على الولد توفيره له فلا مانع عندئذٍ من مخالفته.

السؤال: هل يجوز للفتاة غير المتزوجة أن تقصّ شعرها من دون رضا أحد الوالدين أو كليهما؟

الجواب: لا يجوز لها مخالفتهما إذا كانت موجبة لتأذّيهما الناشئ من شفقتهما عليها.

السؤال: شخص يدور أمره بين إرضاء أهله وبين إرضاء زوجته، فهل يطلّق زوجته إرضاءً لأهله أو يعمل العكس؟

الجواب: يأخذ بما يراه أصلح لدينه ودنياه، ويراعي جانب العدل والإنصاف، ويجتنب الظلم وإضاعة الحقوق.

السؤال: إذا اطمأنّ المسلم بعدم رضا والده قلباً عن سفره إلى الخارج من دون أن يسمع المنع من لسان أبيه، فهل يجوزله السفر إذا كان الابن يرى مصلحته في ذلك؟

الجواب: إذا كان الإحسان إلى الوالد ــ بالحدود المشار إليها في جواب السؤال المتقدّم ــ يقتضي أن يكون بالقرب منه، أو كان يتأذّى بسفره شفقةً عليه لزمه ترك السفر ما لم يتضرّر بسببه، وإلّا لم يلزمه ذلك.

السؤال: ما هي حدود طاعة الأب والأم؟

الجواب: الواجب على الولد تجاه أبويه أمران:

الأوّل: الإحسان إليهما، بالإنفاق عليهما إن كانا محتاجين، وتأمين حوائجهما المعيشيّة، وتلبية طلباتهما فيما يرجع إلى شؤون حياتهما في حدود المتعارف والمعمول حسبما تقتضيه الفطرة السليمة ويعدُّ تركها تنكّراً لجميلهما عليه، وهو أمر يختلف سعةً وضيقاً بحسب اختلاف حالهما من القوّة والضعف.

الثاني: مصاحبتهما بالمعروف، بعدم الإساءة إليهما قولاً أو فعلاً وإن كانا ظالمين له، وفي النص: (وإن ضرباك فلا تنهرهما وقل غفر الله لكما). هذا فيما يرجع إلى شؤونهما.

وأمّا فيما يرجع إلى شؤون الولد نفسه ممّا يترتّب عليه تأذّي أحد أبويه فهو على قسمين:

١ـ أن يكون تأذّيه ناشئاً من شفقته على ولده، فيحرم التصرّف المؤدّي إليه، سواء نهاه عنه أم لا.

٢ـ أن يكون تأذّيه ناشئاً من اتّصافه ببعض الخصال الذميمة كعدم حبّه الخير لولده دنيويّاً كان أم اُخرويّاً.

ولا أثر لتأذّي الوالدين إذا كان من هذا القبييل، ولا يجب على الولد التسليم لرغباتهما من هذا النوع. وبذلك يظهر أنّ إطاعة الوالدين في أوامرهما ونواهيهما الشخصيّة غير واجبة في حدّ ذاتها.

السؤال: هل يجوز الإتيان بالعبادة كالصلاة والصوم والحج وقراءة القرآن وإهداء ثوابها إلى الوالدين وإن لم يكونا مسلمين؟

الجواب: لا يحرم إهداء ثوابها إليهما برجاء تخفيف العذاب عنهما.

السؤال: ما حكم والد يطلب من ابنته لبس البوشية مع العلم بأنّ البنت تقلّد مَن لا يرى إشكالاً في إظهار الوجه أمام الأجنبي؟

الجواب: لا يجوز لها مخالفة الأب إذا كانت موجبة لتأذّيه الناشئ من شفقته عليها.

السؤال: ما حكم إساءة الأب معاشرة أولاده؟

الجواب: للأولاد على الأب حقوقاً عامّة ثابتة لغيرهم أيضاً من قبيل عدم إيذائهم والإساءة إليهم، ولهم حقوق أخرى خاصّة بهم من جهة صلتهم به، كما أنّ للآباء حقوقاً مؤكّدة على الأولاد كما جاء في القرآن الكريم، وإذا أساء الأب معاشرة أولاده فعلى الأولاد أن لا يقابلوه بالمثل جهد المستطاع خاصّةً إذا كبر وضعف واحتاج إلى صلتهم واعانتهم، فتلك فتنة شاء الله تعالى أن يمتحنهم به ولمن صبر وغفر، إنّ ذلك من عزم الأمور، ونسأل الله الهداية والتسديد للجميع.

السؤال: هل يجوز للإنسان المطالبة بحقّه من والديه؟

الجواب: نعم، له ذلك، ولكن عليه مراعاة الحدود الشرعيّة خاصّةً مع مثل الوالدة التي أُكّدَ في الشريعة على رعايتها.

السؤال: لي أخ يبلغ من العمر ٢٩ عاماً وهو مازال يدرس، وقد تقدّم لخطبة فتاة حديثاً (قطع المهر) والمشكلة أنّه لا يعامل أمّه كما يرضى الله، فهو يسمعها من الكلام ما يغضب الله من دون أيّ سبب، مع العلم أنّها لم تؤذّه قيد شعرة بل لها الكثير من الفضل عليه في دراسته وزواجه، وأبي لا حيلة له معه غير النصيحة ومحاولة صدّه عن إيذاء أمّه وأخيه الصغير من دون جدوى، وأنا أطلب مشورتكم فيما عليّ فعله لأنّي لا أملك غير الدعاء وخوفي على أمّي وأبي؟

الجواب: لا نعلم ملابسات القضية ولكن علي العموم:

يجب على الأولاد مراعاة المعاشرة بالمعروف مع الوالدين، فإنّ حقّهما من آكد الحقوق بشهادة الضمير الإنساني والفطرة السليمة، وقد أكّد عليها الله تعالى حيث ذكر الإحسان إلى الوالدين بعد عبادته تعالى، فقال عزّ من قائل: (وقضى ربّك ألّا تعبدوا إلّا إيّاه وبالوالدين إحساناً) وأثبت حقّهما حتّى وإن كانا كافرين رغم عظم هذه المعصية، وأنّ للمعاشرة الحسنة مع الوالدين بركات وآثاراً في الدنيا والآخرة من حيث يحتسب المرء ومن حيث لا يحتسب، كما أنّ للمعاشرة السيّئة آثاراً سلبيّة سحيقة فيهما، فعلى المرء أن يحسن إليهما ويحذر عقوقهما، نسأل الله التوفيق والتسديد للجميع.

السؤال: ١ـ إذا كان أحد الوالدين مريضاً ويطلب ما يضرّه مثل طلب الحلوى وهو مصاب بالسكر، فلو لم يلبّ الولد طلبهما حرصاً منه على صحّتهما فهل يُعتبر الولد عاقّاً أو عاصياً لهما أم لا؟

٢ـ إذا تعارض أمر الأب مع أمر الأم وكان من موارد وجوب طاعتهما لتأذّيهما من مخالفتهما وكان الفعل بحدّ ذاته مباحاً، فأيّهما يقدّم عند التعارض رضا الأب أم رضا الأم؟

الجواب: ١ـ لا يكون عاقّاً ولا عاصياً بذلك فيما خيف عليهما من ضررٍ بليغٍ يلزمهما التجنّب عنه، وكذا فيما كان الضرر معتدّاً به بحيث يكون ذلك خلاف الإحسان إليهما، لكن لا بدّ مع ذلك من مراعاة الّلين في القول والأدب معهما وإشعارهما بالعطف والرحمة، ولو اقتضى عدم تأذّيهما توفير بديل مثلاً وفّر لهما ذلك.

٢ـ يقدّم رضا الأم لتأكّد مراعاة حقّها، نعم لو كان ما يلحق الأب من الأذى أكثر ممّا يلحق الأم بمقدار كثير بحيث يصبح وجوب مراعاة حقّهما في مستوى واحدٍ تخيّر في ذلك. ولو كان ما يلحق الأب من الأذى أكثر من ذلك المقدار أيضاً بمقدار معتدٍّ به بحيث يصبح وجوب مراعاة حقّه أشدّ فإنّه يجب تقديمه على حقّ الأم حينئذٍ، والله العالم.

المصدر: sistani

مواضيع مختارة