السؤال: إذا كان الهدف من خلق البشر هو عبادة الله عز وجل -كما هو مفاد قوله تعالى: {وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون}- فلم نرى أكثرهم لا يبلغ هدفه؟ بل نرى في عدة آيات ذم الخالق تعالى للكثرة في القرآن، من قبيل:
﴿وَمَا كَانَ أَكثَرُهُم مُّؤمِنِينَ﴾
﴿فَأَعرَضَ أَكثَرُهُم فَهُم لَا يَسمَعُونَ﴾
﴿وَلَـكِنَّ أَكثَرَ النَّاسِ لاَ يُؤمِنُونَ﴾
﴿وَمَا أَكثَرُ النَّاسِ وَلَو حَرَصتَ بِمُؤمِنِينَ﴾
﴿فَأَبَى أَكثَرُ النَّاسِ إِلاَّ كُفُوراً﴾
فهذا يعني هناك خلل إما في نظام الخلق أو في الإنسان أو في التبليغ والرسالة، تعالى الله عن ذلك علوًا كبيرًا.
الجواب: حاصل ما يمكن أن يقال في الجواب عن الإشكال المذكور: إن الغاية المذكورة في الآية الشريفة (إلا ليعبدون) لا يوجد في الآية – أو خارجها – ما يدل على أنها غاية خلق الأفراد، بل الظاهر من لسان الآية أنها غاية خلق النوع، وبهذا يندفع الإشكال من أساسه؛ إذ أنه يبتني على أن الغاية من خلق كل فرد فرد بنحو العموم الاستغراقي هي العبادة، فينتقض ذلك بأن أكثر الخلق لا يعبدون، ولكن إذا بنينا على أن العبادة هي غاية خلق النوع بنحو العموم المجموعي، فهي متحققة ولو بعبادة البعض، من غير أن يكون هنالك خلل في النظام أو واضعه أو كيفية تبليغه.