عيد بلا خلافات زوجية!

إيمان الحلواني
زيارات:1815
مشاركة
A+ A A-
الخلافات الزوجية أمرٌ طبيعي ومتكرّر بين كثير من الأزواج، بحكم أنهم بشر، والسبب هو اختلاف الأمزجة، ونمط التفكير والطباع بينهم.. ورغم أن فترات الأعياد والمناسبات تكون الوقت المثالي للصلح، وبدء صفحة جديدة بين الزوجين إلا أنها تحوّلت لدى البعض إلى موسم سنوي للخلافات، و«الخناقات»، حتى أصبح البعض منهم ينتظر «خناقة العيد»! ويتوقع حدوثها في أي وقت ومن دون سابق إنذار، وقد يختلف سببها من عام إلى آخر. خلاف روتيني يتكرّر كل عام للأسباب نفسها

في البداية، تؤكد الدكتورة نسرين البغدادي، أستاذة علم الاجتماع والرئيس السابق للمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية، أن العيد مناسبة سعيدة يجب استغلالها لتجديد العلاقة بين الزوجين، وحلّ أيّ خلافات، كما أنها فرصة لإنهاء المشكلات والخصام، والصلح بينهما، ولكن «للأسف، قد تنشأ بعض الخلافات الموسمية التي قد لا يكون لها سبب واضح، أو ثابت بين الأزواج والزوجات، ولكنها تتعلق بكل حالة على حدة».

وتحدد الدكتورة نسرين البغدادي أسباباً عدة، قد تكون الدافع وراء الخلافات في الأعياد والمناسبات، ومن أهمها:

1- الضغوط الاقتصادية: خاصة تلك التي تتعرض لها الأسر العربية في الوقت الراهن، في ظل غلاء الأسعار، والأزمات المعيشية، والحرص على توفير متطلبات العيد، من نفقات، وهدايا، وملابس جديدة.

2- كيفية تمضية وقت الإجازة: من أكثر الأسباب شيوعاً لحدوث «خناقة العيد» هو اختلاف رغبة الزوج ورغبة الزوجة، وخططهما لقضاء وقت الإجازة.

3- الاهتمامات المختلفة: سقف التوقعات لدى المرأة يكون عالياً، وتتوقع من زوجها مزيداً من الاهتمام، وبعض المفاجآت الرومانسية لقضاء أيام من الحب، لكن الأمور قد تختلف لدى الزوج كثيراً، ويرى أن العيد فرصة ذهبية للراحة، والنوم، وقضاء وقت مع الأسرة.

4- الزيارات العائلية: من أهم أسباب الخلافات بين الزوجين، والتي قد تتكرر كل عام، ويظلّ كل طرف فيها متشبثاً برأيه، كأنه يعيد نفس سيناريو العام الماضي، أو الأعوام الماضية.. هل تقضي الزوجة العيد عند أهل زوجها، أم مع أهلها؟

5- الأعمال المنزلية المضاعفة: التي قد تقوم بها الزوجة في الفترة السابقة للعيد من أجل تهيئة المنزل لقضاء العيد، قد تؤدي إلى الكثير من الإرهاق، بخاصة إذا كانت تقوم بهذه المهام بنفسها، وبمفردها، ما يدفعها لفقدان أعصابها وإثارة الخلافات مع الزوج.

6- الحياة الروتينية وانشغال الزوجين كل منهما بمهامه الحياتية: تجعل الاحتكاكات بينهما أقل، لكن عندما تتاح لهما الفرصة للجلوس معاً، أياماً عدّة، يؤدي ذلك إلى الكثير من الاحتكاكات والمناقشات الجدلية التي تثير الخلافات.

7- العيدية: قد ينسى الزوج أن يعايد زوجته، سواء بكلمات رقيقة أو بهدية أو عيدية، ما تعتبره بعض الزوجات تجاهلاً، وعدم اهتمام يثير لديها مشاعر الغضب، ومن هنا يبدأ الخلاف.

خطوات بسيطة للصلح وإذابة أي خلافات قبل العيد

أما الدكتور مدحت عبد الهادي، أستاذ الطب النفسي والسلوكي وخبير العلاقات الأسرية والاجتماعية، فيحذّر هو الآخر، الآباء والأمهات من إظهار أي نوع من الخلافات أمام الأبناء في فترة العيد، حتى لا يتحوّل الأمر لديهم من مناسبة سعيدة، وذكرى جميلة، إلى النقيض تماماً.

ويقترح استشاري الطب النفسي على الزوجين أن يتعاهدا على عدم الاستجابة لأي مشكلة قد تفسد جو البهجة في العيد، بل يسعيان للتصالح، وإذابة أي خلافات بينهما.

ويرى د. مدحت أن هناك بعض الخطوات التي تضمن للزوجين إجازة عيد سعيدة، منها:

1- الاعتراف بالخطأ: وهذا الأمر ينطبق على الطرفين، بحيث إذا كان أي منهما مخطئاً فلا بأس من الاعتراف بالخطأ، وتحمّل المسؤولية، فهذا في حدّ ذاته كفيل بحلّ جزء كبير من الخلافات.

2- تقديم الاعتذار المناسب: على الطرف الذي راجع نفسه ووجد أنه أخطأ في حق شريكه، أن يبادر بتقديم الاعتذار المناسب له، وعدم المكابرة في هذا الأمر.

3- تجنّب مواقف ومواضع الجدال: في استقبال يوم العيد يجب على الزوجين التوقف عن أي جدال، أو نقاش قد ينتهي بتجديد الخلافات، واستدعائها.

4- في حالة الخصام قبل العيد: فليلة العيد هي التوقيت المناسب جداً لإرسال رسالة اعتذار، مع بعض الكلمات الرقيقة لحل الخلاف.

5- التعبير عن الحب: الطريقة الأنسب للحصول على قدر لا بأس به من السعادة في العيد، وما بعده، هي التعبير عن مشاعر الحب، والحنين، والشوق للطرف الآخر، وتناسي أيّ خلاف يعكّر صفو هذه الأيام.

وينصح الدكتور مدحت عبد الهادي الأزواج بمعاونة الزوجات في المسؤوليات المنوطة بهنّ، قبيل العيد، سواء في ما يتعلق بالأمور المنزلية، أو شراء الملابس الجديدة للأبناء، وخلافه، لأن هذا الأمر يعزز من مشاعر الحب، ويقرّب بينهما بشكل كبير، ولا يدع للمشاكل مكاناً بينهما.

وفي المقابل، يطالب الزوجة بتقدير ظروف الزوج المادية، وعدم الاثقال عليه في الأمور الاحتفالية الخاصة بالعيد، والملابس الجديدة، والتنزه، والعيدية، لأن تحميل الزوج هذه الضغوط هو الذي يولّد الانفجارات الأسرية، كما يجب التوقف عن العناد والمكابرة في ما يتعلق ببرنامج العيد، وتقسيم الوقت بما يرضي الطرفين في ما يتعلق بالزيارات العائلية، حتى لا تكون موضعاً للخلاف، وحتى تكون في كل الأحوال فرصة لصِلة الرحم بالجميع.

كيف تقضي عيداً هادئاً بلا منغّصات؟

من جهتها، تقدم الدكتورة نانسي ماهر، خبيرة العلاقات الإنسانية والعلاج الزواجي، بالقاهرة، عدة نصائح وإرشادات للزوجين، تضمن لهما عيداً هادئاً بلا مشكلات أو منغصّات، لكي يستمتعا بفترة العيد، ويتغلّبا على أي خلافات قد تنشأ بينهما، ومن أهمها:

·      من المهم أولاً أن يتفق الزوجان على أن كل ما يتعلق بخطط الأسرة يجب أن يكون بالاتفاق والتشارك بينهما، ويجب أن يكون هناك حوار بين الزوجين قبل العيد حول كيفية قضاء الإجازة.

·      عند وقوع الخلافات الزوجية في فترة العيد، يجب على الزوجين التوقف فوراً عن استدعاء الماضي، وعدم النظر للذكريات السيّئة الموجودة في الماضي، واستدعائها وقت الشجار لأن هذا الأمر يزيد من حدة الشجار وقوّته، ويأخذه في طريق مسدود. فلا داعي لفتح الملفات القديمة.

·      لا تنسوا الإحسان والفضل بينكم، من أكثر الأمور التي تثير حفيظة الأزواج هو الخلاف أمام الأهل، أو أمام الأبناء، فلا تجعلوا الجلسات المنزلية، أو الزيارات العائلية خلال فترة العيد، مكاناً لوجود أو مناقشة أيّ من أمور الخلافات بينكم. ولابد أن نحتفظ بمساحة من الودّ، ونترك خطّاً للرجعة.

·      التلامس الجسدي، وإظهار الحنين للنظر والجلوس قرب الطرف الآخر، من أكثر الأمور التي تذيب أي خلافات بين الزوجين، بخاصة في أوقات الإجازات لأنها تعيد إليهما الذكريات السعيدة وتدعم المشاعر الجميلة بينهما.

·      أحياناً يكون الانسحاب من الشجار هو الحل الأمثل لإنهائه، وحتى لا تزيد حدّته، ومدّته، فانسحاب أي من الطرفين بهدوء وإرجاء المناقشات التي أدت للخلاف إلى وقت آخر يحل الخلاف من أساسه ويضع الأمور في نصابها ولا يعطيها أكبر من حجمها.

·      التغاضي يكون له دور كبير في تقليل حدة المشكلات، فهناك مواقف عدّة لا بأس من التغاضي عنها، إذ لا يوجد إنسان كامل في الحياة.

·      تقبّل الشريك كما هو وتجنّب السعي الدائم، من كلا الطرفين، لتغيير طباع الآخر، والسيطرة عليه، وتعديل سلوكه.. لو حدث كل هذا بين الزوجين لاختفت الكثير من المشاكل، فعلينا تقبّل الاختلاف، واحترام كل طرف لرغبات الطرف الآخر.

·      تجنّب النقد الجارح والمستمر، يجب على الطرفين تقديم الاحترام والتقدير اللائق للطرف الآخر حتى لا تتفاقم أي خلافات، وتمرّ مرور الكرام.

·      التنازل، أهم سمة يجب أن تكون بين الزوجين لأنها تساهم كثيراً في الحد من المشكلات الزوجية، مثلاً إذا كان الزوج غاضباً فعلى الزوجة أن تكون هادئة، وتمتص انفعاله حتى يهدأ، وترجئ المناقشة في أسباب الخلاف لوقت آخر.

·      يجب أن يحرص الزوجان على المدح وتقدير الآخر، والبعد عن اللوم والانتقاد، فالكلمة الطيبة صدقة، وعلى الزوجين أن يحرص كل منهما على إسماع الطرف الآخر كلمات الحب والثناء، فهي على الرغم من كونها عبارات بسيطة، إلا أنها ذات تأثير سحري وقوّي في مزاجية الفرد، كما أنها كفيلة بمحو تعب العام الماضي كله.

مواضيع مختارة