خلصت أطروحة دكتوراه لتحليل الخطب السياسية للمرجعية الدينية في كلية الآداب بالجامعة المستنصرية الى ان خطاب المرجعية الدينية العليا كان خطاباً محايداً وأبوياً، تبنى جميع العراقيين ولم يكنْ منحازاً لفئةٍ على فئة، ويحترم حقوق الأقليات، ومتحرراً من السلطة والمصالح الخاصة.
[اشترك]
وناقشت الكلية أطروحة الدكتوراه الموسومة (الخطب السياسية للمرجعية الدينية العليا من 2014 إلى 2018.. دراسة في ضوء تحليل الخطاب) للباحث حسن كاظم حسين.
وتألفت الأطروحة من 3 فصول تناولت الأيديولوجية وأثرها في الخطاب، واستعان الباحث بنماذج قرآنية ودينية وغربية لتحليل الخطاب.
إبداع جديد
وقال أستاذ اللسانيات بكلية الآداب في جامعة بغداد وعضو لجنة المناقشة الدكتور محمد عبد مشكور في تصريح تابعه "الائمة الإثنا عشر" ، ان الأطروحةُ تميزت بإبداع جديد، وهو تحليل خطاب طالما شغل مركزاً مهماً بين الخطابات المصيرية في بلدنا.
وأضاف مشكور، ان الباحث اختار حقبة زمنية معقدة في تاريخ العراق السياسي والاجتماعي والاقتصادي، وهي حقبة دخول عصابات داعش، ومواقف المرجعية الرشيدة في الحد من تفشي أيديولوجيته المنحرفة، التي كان يتبنّى من خلالها الخطاب الدينيّ المتطرّف لقتل المسلمين واستباحة الحرمات.
واوضح، ان جهود المرجعية الدينية تكللت بفتوى الدفاع الكفائي التاريخية أعادت للعراق وللمؤسسة الحكومية والأمنية بالتحديد وللمؤسسة الاجتماعية الهيبةَ والطمأنينة والسلام والهدوء.
وأشار استاذ اللسانيات في الجامعة المستنصرية، الى إن الباحث قدم عملاً بحثياً مهمًّ ليقرأ داخل العراق وخارجه عن هذه الخطب، وأثرها الديني والإنساني والأخلاقي في إشاعة روح السلام وتوقيف أو تحجيم الأفكار التكفيرية المنحرفة.
وأعتمد الباحث من موسوعة خطب الجمعة الصادرة عن مركز العميد الدولي للبحوث التابع للعتبة العباسية المقدسة مرجعاً بحثياً لأطروحته.
المرجعية في مواجهة العنف والطائفية
وبعد عام 2003 عمدت المرجعية الدينية العليا في النجف الأشرف عبر بياناتها وخطبها الى إتباع منهج حماية المصالح العامة للعراقيين وضمان حقوقهم، وحماية الأقليات والدفاع عنهم وتقديم المساعدات والدعم اللازم لهم أيام المحن والشدائد، وعدم التدخل في الشأن السياسي، ودعم وتقوية مؤسسات الدولة وعدم التدخل في شؤونها.
وساهم الدور الكبير الذي لعبته المرجعية الدينية في الحفاظ على الوحدة الوطنية ونبذ العنف والطائفية، وبرز دورها في الدعوة الى الاصلاح السياسي والاجتماعي وتعزيز قيم التسامح ونبذ التطرف وقبول الآخر، وكذلك على المستوى الثقافي والاقتصادي، ودعوة القوى السياسية العراقية لتبني عملية الإصلاح، وفقاً لمراقبين للشأن السياسي.
المرجعية والتظاهرات
وخلال فترة الاحتجاجات التي شهدتها البلاد، دعت المرجعية الدينية العليا الى الحفاظ على سلميتها والابتعاد عن الصدامات بين قوى الامن والمتظاهرين، فيما دعت "لجهات التي تمسك بزمام السلطة الى تغيير منهجها في التعامل مع أزمات البلاد".
كما أكدت المرجعية الدينية العليا انها لا تنحاز الا الى الشعب ولا تدافع الا عن مصالحه وليس لها مصلحة او علاقة مع أي طرف، مشيرة الى ان الإصلاح الحقيقي والتغيير المنشور في إدارة البلد ينبغي ان يتم بالطرق السلمية.
كما شددت المرجعية الدينية على ان "ليس من حق أي شخص او مجموعة او جهة بتوجه معين او أي طرف إقليمي او دولي أن يصادر إرادة العراقيين، وأن امام القوى السياسية فرصة للاستجابة لمطالب المواطنين وفق خارطة طريق تنفذ في مدة زمنية محددة.
واعتبرت، ان اذا كان من بيدهم السلطة يظنون ان بإمكانهم التهرب من استحقاقات الإصلاح الحقيقي فأنهم واهمون، مجددةً التأكيد على ضرورة الإلتزام بسلمية التظاهرات وخلوها من العنف والتخريب ، وحرمة الدم العراقي.
دور المرجعية الدينية خلال الحرب ضد داعش
وأسهمت فتوى المرجع الديني الأعلى السيد علي الحسيني السيستاني بالدفاع الكفائي في بث الروح المعنوية لدى القوات الامنية ودعمها بأعداد كبيرة من المتطوعين في استعادة القوات الامنية العراقية لزمام المبادرة واستعادة الاراضي المغتصبة من التنظيم الارهابي في وقت كان ما يعرف بـ "التحالف الدولي" يتحدث عن الحاجة الى سنوات طويلة لتحرير الاراضي العراقية.
وقال ممثل المرجعية الدينية العليا الشيخ عبد المهدي الكربلائي في تسجيل فيديو حصل عليه "الائمة الاثنا عشر"، ان الفتوى المباركة جسدت في مضامينها الكثير من المبادئ التي وردت في مسيرة الإمام الحسين (عليه السلام) وعلى رأسها نكران الذات والتضحية والإيثار والدفاع عن الوطن والنفوس والاموال والاعراض.
وأضاف، ان المنهج الوطني الذي انتهجته المرجعية العليا في الفترة السابقة ودفاعها عن حقوق ومصالح جميع مكونات الشعب العراقي، ووقوفها مع جميع مكونات الشعب العراقي في التحديات والازمات والمخاطر التي يمرون بها، كان كفيلاً بتحقيق الاستجابة الواسعة من عموم المواطنين ومن مختلف الطوائف لفتوى الدفاع الكفائي المباركة.
وتابع، ان المرجعية الدينية العليا كان لديها تطابق بين بيانتها وخطبها ومنهجها العملي، لذلك في المحن والمخاطر التي مرت بها بعض الطوائف العراقية وهم ليسوا من الطائفة الشيعية كما هو الحال في موقف المرجعية من النازحين.
المرجعية والنازحين
واستذكر ممثل المرجعية الدينية العليا، موقف السيد السيستاني في توجيه معتمديه بنقل المساعدات والادوية والمواد الغذائية الى احدى المناطق المحاصرة من قبل تنظيم داعش الإرهابي وايصالها الى المواطنين المحاصرين من الطائفة السنية عبر الطائرات رغم ما فيها من المخاطر الكبيرة على حياة المعتمدين.
واستذكر سماحته ايضاً، نقل المساعدات الطبية والمواد الغذائية الى النازحين الإيزديين أثناء فترة محاصرتهم من قبل تنظيم داعش الارهابي، وتقديم الدعم والمساندة للنازحين في كربلاء ومخيمات النزوح بقطع النظر عن انتماءاتهم وطوائفهم واستقبالهم وتوفير كل الظروف والامكانات التي تشعرهم انهم ليسوا نازحين، وتوزيع المساعدات المتنوعة في مخيمات النزوح المختلفة دون تمييز.
وأكد، ان البرنامج العملي الحقيقي الذي انتهجته المرجعية الدينية العليا هي هموم الوطن والمواطن بصورة عامة، لذلك حصل تناغم وانسجام كبير بين مواقف المواطنين بصورة عامة والمرجعية الدينية، وكان المواطنين بصورة عامة يقدسون سماحة السيد السيستاني.
المصدر: شبكة الكفيل + الائمة الإثنا عشر